تقرير أخير لخبراء مجلس الأمن يفضح الحوثيين.. علاقتهم بالقاعدة وحقيقة التصنيع العسكري المحلي وملفات أخرى شائكة العليمي يدعو لزيادة الجهود الأميركية لمواجهة شحنات الأسلحة الإيرانية الحوثيون ينعون اثنين من قياداتهم في صنعاء تزايد النشاط الحوثي في تعز بالصواريخ والطائرات والدبابات ومصادر تكشف التفاصيل صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني
مأرب برس – بروكسل – خاص
لقد تيقنت الولايات المتحدة أخيرا بأن سياساتها التي رسمتها وطبقتها في العراق جاءت بالكارثة عليها، وتيقنت بأن من حصد النتائج من غزو العراق هي دول أخرى وفي مقدمتها إيران ، وكذلك تيقنت بأن معظم زبائنها ( العملاء) العراقيين قد تنكروا لها إذ إنقسموا الى الأقسام التالية:
1. القسم الزئبقي:
هو القسم الذي فضّل الهروب من العراق ضمن إستراتيجية خذ الجمل بما حمل ، و بعد أن خان الأمانة الوظيفية والسياسية، وسرق ما سرق، فعاد الى أوربا مليونيرا بل مليارديرا وأخذ يقوم بالإستثمار في بعض الدول الأوربية وحتى في الولايات المتحدة، ومنهم من كوّن له إمبراطورية ماليّة في إحدى الدول العربية التي تعيش على غسيل الأموال، وبعد أن قاموا بشراء جوازات السفر من هذه الدول وبأسماء أخرى، وأن قسما منهم إحتمى بشراكات مع بعض الأميركيين والبريطانيين والأوربيين، وبعض العرب من اصحاب النفوذ من أجل أن يحتموا بهم من القوانين والمحاكم..
2. القسم ذو الولاء المزدوج ( إمبدوبل):
هو القسم الذي مثّل على الولايات المتحدة بأنه المخلص الأمين والوديع لها، ولكن بعد أن تمكن سياسيا وماليا قفز نحو العِرق الذي يحرك دمه وعروقه، والذي هو غير عربي ليعود الى قومه الأصليين ،ويكون إبنهم ويعمل من أجل مصالحهم في العراق والمنطقة، وعلى حساب العراق والشعب العراقي، ومن خلال النصب والإحتيال على الولايات المتحدة، أي بإمكاننا أن نطلق على هؤلاء تسمية القسم الذي تحركه القوى التي تعادي الولايات المتحدة وتعادي العراقيين.
3. القسم الإنتهازي:
هو القسم الذي لا زال يغازل بعض القوى الإقليمية سراً، ويقيم معها العلاقات والترتيبات السرية والإستباقية وبطرق مباشرة أو عن طريق أطراف ثالثة ( شخصيات نافذة ، وشركات عملاقة، وأركان لبعض الأنظمة) قامت بهذا الدور مقابل عمولات ضخمة، وصفقات إقتصادية وتجارية في العراق، وبنفس الوقت أن هذا القسم يعلن أنه الحليف القوي الى الولايات المتحدة، وأنه لن ينسى وقفتها إتجاه الشعب العراقي في عملية إسقاط النظام السابق من وجهة نظر الناس الذين يمثلهم هذا القسم، بمعنى إن ذهب أحدهم الى طهران لبس الخواتم بأصابعه، وإقتنى المسبحة الطويلة، وترك ذقنه لإسبوعين بلا حلاقة ، وإرتدى القميص المختنق (أبو القفيص) أو الجبّة أم القفيص، ولكن عندما يذهب صوب واشنطن تراه يقتني أربطة العنق الفاقعة والحمراء والبدلات الأجنبية ووضع الكريمات و ( الجل) على الشعر وترى أحدهم كأنه نجما من نجوم هوليوود.
4. القسم الذي يحمل مشروعا آلهيا:
وهو القسم الذي يعمل ضمن إستراتيجية مبدأ التقيّة، والتي تستند على الثقافة الميكافيلية، أي الغاية تبرر الوسيلة وهي الغاية التي تصدر من أجلها الفتاوى والفرمانات والبيانات مادامت تخدم مصالح الأصنام الذين يرتدون الرداء الكهنوتي الديني، فهؤلاء يداهنون جميع الدوائر الأميركية الخاصة والعامة ، والعلنية والسرية ويعتبرونها نوعا من الذكاء والفن السياسي ،وفي قرارة أنفسهم وضمائرهم هم يكنّون الكراهية والحقد الدفين على هذه الدوائر، وعلى الإدارة الأميركية والشعب الأميركي وعلى الشعوب الأوربية، ويعتبرون أن ما يقوم به الرئيس الأميركي جورج بوش وأفراد إدارته بما فيهم نائب الرئيس ديك تشيني هو خدمة لهم و لمشروعهم الآلهي، وضمن تسخير ربّاني من أجل بسط مشروعهم الآلهي، والذي يمهد لعودة الإمبراطورية التي تحمل راية الإسلام لأسباب براغماتية وسياسية وبأدوات روحانية وعاطفية، أي أنهم يتحركون ضمن الغيبيات ونشر ثقافات الإستحمار والإستغفال.
5.القسم الكامن:
هو القسم الذي يعمل بحذر مع الأميركيين وبنفس الوقت مع القوى الوطنية، وفي قرارة نفسه أنه الحصان الرابح في آخر المطاف، لهذا تراه يتكلّم بلسانين، وهو على نوعين، النوع الذي أصبح إمبراطورا ماليا ولكنه غير مستعد لترك الساحة السياسية، ولديه مشروعا ضد أصحاب المشروع الآلهي، وحتى ضد قسم الولاء المزدوج، أما القسم الآخر وهو الذي لا يمتلك المال، بل يمتلك فن المتاجرة بالقبيلة والأسم والتأثير الإجتماعي والديني والطائفي من أجل أن يكون رمزا بدعم أميركي أو بدعم أي طرف دولي أو إقليمي.
6: القسم الذي ربط مصيره بالأميركيين:
هو القسم الذي إرتبط أفراده مع الدوائر الأميركية بــ (دورات تدريبية ، ترجمة، عقود عمل ، دورات خاصة ، تعيين مؤقت ودائم في الدوائر الأميركية في العراق، وتجارة وصفقات مشتركة مع الأميركيين ، وأعمال وخدمات خاصة) فهؤلاء يعيشون هاجس الخوف والتوجس، لأن مصيرهم مرتبط بالمصير الأميركي في العراق، ففي حالة هروب الولايات المتحدة من العراق وتركهم سيكونوا فريسة لأصحاب المشروع الألهي وللمنظمات والحركات التي تعادي الإحتلال، وإن بقيت الولايات المتحدة فلن يكون هؤلاء بفائدة جيدة لها لأنهم سيكونوا سجناء مقراتهم والآليات التي تنقلهم من مكان لآخر، وهناك إحتمال دمجهم مع التيارات التي تحمل لواء الإسلام الأميركي في العراق ليكونوا ضمن تشكيلاتها مادام هؤلاء لديهم عقود عمل مع الدوائر الأميركية ، وهذا فيما لو طُبقت الخطة ( خطة التفاهم بين واشنطن وتنظيمات القاعدة ومن معها) التي سنتكلم عنها إدناه.
خطة جلد العراقيين وتخويف الأنظمة بسوط القاعدة
تسربّت بعض المعلومات السرية من داخل العراق، ومن بعض المراكز الإستراتيجية في أوربا بأن هناك خطة سريّة جدا ومحكمة ، وضعت على أساس الخطة الأميركية التي تم تطبيقها من قبل الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية في الثمانينات من القرن المنصرم في أفغانستان ضد الجيش الأحمر الروسي ( الإتحاد السوفيتي السابق) هناك، والتي بموجبها تم تجميع المجاهدين،ومن مختلف الدول العربية والإسلامية وإرسالهم الى أفغانستان ،وبدعم مالي ولوجستي كبيرين من الولايات المتحدة تحت حجة مساعدتهم بتحرير أفغانستان من الغزو أو الإحتلال السوفيتي، والتي على أثرها تم تشكيل تنظيم القاعدة بدعم وتدريب وتسليح من الولايات المتحدة ودوائرها الخاصة وفي مقدمتها وكالة المخابرات المركزية ( سي أي أيه) ، والتي أفرزت بعد تحرير أفغانستان إعدام الرئيس الأفغاني نجيب الله ،ومن ثم ولادة حكومة طالبان من رحم وبدعم تنظيم القاعدة ذات التأسيس الأميركي، ولقد كان لهؤلاء حلما آلهيا أيضا بتأسيس دولة الخلافة الإسلامية، ومن خلال إستغلال الولايات المتحدة وبتسخير رباني من وجهة نظرهم ،ولكن النهاية كانت جحيما أميركيا ولا زال، ولهذا يُطرح السؤال : هل سنكون على موعد وقريبا مع الجحيم الأميركي ضد أصحاب المشروع الذي يعتقدونه آلهيا في العراق، والذين هم حلفاء و أصدقاء إيران؟
فمن هذا المنطلق، وبعد أن تيقنت الولايات المتحدة بأنها لن تحرز نصرا عسكريا في العراق نتيجة التخطيط الخاطىء هناك، وكذلك نتيجة المقاومة والصمود العراقي، إضافة الى الكذب الذي مورس معها من قبل بعض المعارضين العراقيين المهمين والذين كانوا يُحسبون على أدق الدوائر الأميركية، ولكن بعد ظهور التقارير الأميركية والغربية ثبت أن هؤلاء كانوا يمارسون الكذب على الولايات المتحدة، وبتخطيط من إيران ومن أطراف دولية وإقليمية اخرى من أجل توريط الولايات المتحدة، ولكن بعد الغزو والتورط في الوحل العراقي جاءت التقارير لتثبت عدم وجود علاقة للرئيس العراقي صدام حسين مع تنظيم القاعدة، وكذلك لا توجد في العراق أسلحة دمار شامل، ولكن التقارير الأكثر خزيا هي التي ظهرت أخيرا و التي أثبتت بأن الرئيس الأميركي جورج بوش إستخدم وثائق مزورة للحرب على العراق ، فلقد قالت صحيفة واشنطن بوست أخيرا ( إن عشرات المقابلات التي أجرتها مع مسؤولين في المخابرات الأميركية وصناع السياسة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا أظهرت أن إدارة بوش أغفلت معلومات أساسية كانت متوفرة في حينها تشير الى أن المزاعم المتعلقة بصفقة العراق ــ النيجر لشراء اليورانيوم كانت محل شك كبير).
ولو كان أي عاقل مكان الرئيس الأميركي جورج بوش لجرّد معظم السياسيين العراقيين، والذين كانوا في المعارضة العراقية ومارسوا الكذب والتزوير من مناصبهم الحالية، وحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة ، والإصرار على إنشاء محكمة خاصة شبيهة بالمحكمة التي تأسست لمحاسبة أركان النظام العراقي السابق كي ينالوا الجزاء العادل نتيجة كذبهم وتزويرهم للحقائق، وبسبب توريطهم لدولة كبرى بحرب إستندت على التزوير والأخطاء، ومن ثم تسببوا بإنهيار دولة كاملة وهي العراق، حيث إعادوها الى عصر ما قبل الدولة، و بعد أن مزقّوا أوصالها الجغرافية والإجتماعية والمذهبية والتراثية والحضارية، وقاموا بنهب ثرواتها وخزائنها وعلى حساب تضحيات الشعب العراقي ودماء الجنود الأميركيين ومن معهم، وبالمقابل محاسبة السياسيين الأميركيين الذين إنغمسوا مع هؤلاء باللعبة وورطوا بلدهم بحرب بُنيت على الكذب والتضليل، لذا فالسؤال :
هل جاء الرئيس بوش بالولايات المتحدة لتكون أداة لخدمة هؤلاء الفاشلين والدول التي خلفهم، وعلى حساب دماء الأبرياء من العراقيين ودماء الجنود الأميركيين؟
أنه الفشل والتخبط، ولقد شهد على ذلك كبار الساسة، ورجال العسكر في الولايات المتحدة أخيرا ،ومنهم المخضرم هنري كيسنجر وهو وزير الخارجية الأميركي السابق، والذي قال لوكالة أسوشيتد برس في 3/ 4/2007 ( إن إنتصار القوات الأميركية بالعراق مستحيل ، وأن الصراع مرشح للإستمرار سنوات طويلة)، وهذا يعني إقتراب الشبح الفيتنامي من مكاتب وغرف نوم أصحاب القرار الأميركي من السياسيين والعسكريين، ولقد تنبأ بذلك رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال (ريتشارد مايرز) قبل سنتين ونصف عندما قال ( كلما نمت أحلم بأن هناك حرف V يقترب ويكبر ويكبر وهو الحرف الأول من فيتنام) وكان الرجل صائبا.
لهذا لم يبق أمام الولايات المتحدة إلا فرصة جدولة الإنسحاب من العراق، والذي من أجله تفجر الصراع السياسي بين الرئيس بوش ونائبه ومن معهم من جهة، وبين الأكثرية الديموقراطية ومعهم بعض النواب من الحزب الجمهوري في الكونغرس، وأن الطرف الأخير بدأ يطالب بجدولة الإنسحاب العسكري من العراق حفاظا على سمعة وهيبة الولايات المتحدة في العالم والمنطقة، وكي لا يغرق الرئيس الأميركي القادم وخصوصا إذا كان ديموقراطيا بالوحل العراقي وبإخطاء الإدارة الحالية.
ولكن الرئيس بوش يتحّجج بأن الإنسحاب يعني إعطاء العراق الى إيران وسوريا ، وسوف يعلن بن لادن العراق عاصمة للخلافة الإسلامية حسب أقوال الرئيس بوش، وهنا يناقض نفسه ويناقض أقوال مساعديه عندما قالوا بأن تنظيم القاعدة عراقيا بنسبة 90% وأنه لا يهدد الولايات المتحدة، فالحقيقة هو تخبط وضياع للبوصلة، ومن هنا بالضبط تبلورت فكرة خطة ( جلد العراقيين عن بعد) والتي من أجلها وعلى ما يبدو تم تأسيس الخلايا والتنظيمات السرية في العراق ، وكذلك بعض الخلايا الإسلامية الأميركية التي سُخر لها الإعلام الألكتروني والفضائي من خلال بث الأشرطة والبيانات، لأن المنطق يقول لو كانت الولايات المتحدة جادة و تريد تعقيب وملاحقة هؤلاء لعرفت عنوان ومكان الشركات (السيرفرات) التي تبث مواقعهم على شبكة الإنترنيت على أبسط تقدير، ولعرفت طريقة وصول الأشرطة الى الصحفيين والمراسلين والمحطات الفضائية ( فالرجاء عدم إستغفال الناس والرأي العام ).
ولكن على ما يبدو أرادتها الولايات المتحدة لوقت الشدة، خصوصا عندما نجحت في شق معظمها نحو بلورة خطوط داخلها تعمل ضمن الأجندة الأميركية، ولأجل هذه الخطة قالت صحيفة ــ الواشنطن بوست ــ بتاريخ 24/3/2007 وعلى لسان بعض كبار المسؤولين في الإستخبارات الأميركية ما يلي ( القاعدة في العراق لا تهتم بإمبراطورية بن لادن الإسلامية ولا خطر منها على أميركا) فما دامت لا تشكل خطرا على أميركا، فهذا يجيز التعامل معها حسب منطق المصالح الأميركية ، وبما أنها تمتلك أجندة خاصة في العراق، فيمكن إستعمالها كمخلب قط لتحقيق وحماية المصالح الأميركية ، ويمكن إستعمالها ضد التغلغل الإيراني في العراق، ومن خلال ملاحقة الخلايا الإيرانية المتسللة في داخل العراق صعودا نحو المليشيات العراقية التابعة للأحزاب العراقية الشيعية التي توالي إيران في العراق، و من أجل قصقصة أجنحة إيران وأذنابها في العراق سيتم دعم تنظيم القاعدة / فرع العراق وان المعلومات أيدت هذا التوجه وأصبح على أرض الواقع.
وكي تنطلي اللعبة على الرأي العام عادت الولايات المتحدة لتعطي صفة العرقنة الى تنظيم القاعدة في العراق ،لهذا نشرت صحيفة ــ الواشنطن بوست ــ قائلة (إن تنظيم القاعدة فرع العراق تنظيم عراقي الى حد كبير فيحتمل أن يركز أهدافه على الصراع ضد الأغلبية الشيعية في العراق / وفقا لما قاله مسؤولون إستخباريون أميركيون ) وهذا بحد ذاته بندا من بنود الحوار والإتفاق ونوع من التثقيف على الخطة، وهي خطة جلد العراقيين عن بعد في حالة الإنسحاب المفاجىء أي جعل العراقيين تحت رحمة تنظيم القاعدة ومن معه من تشكيلات أخرى وبدعم أميركي ومن خلال تعريق الخطة الأفغانية القديمة ، والهدف الآخر هو تطبيق الأرض المحروقة ضد إيران وعملائها في العراق، وعن طريق تنظيم القاعدة فرع العراق في حالة بقاء القوات الأميركية أي الحرب بالإنابة وخصوصا عند الصدام بين واشنطن وطهران، أي أن من سيحمي الظهر الأميركي من الإيرانيين في العراق هو تنظيم القاعدة الأميركي ومن معه، والقسم الآخر سيخوض المعارك ضد الذين يوالون إيران من العراق ، وهكذا سيحمون الولايات المتحدة من الفصائل المقاومة.
لذا فلو راقبنا التصريحات الأخيرة التي أصبحت تصدر في الصحافة الأميركية فجميعها تؤكد على تثقيف الناس بأن تنظيم القاعدة في العراق هو تنظيما بأغلبية عراقية، وهذا بحد ذاته يفند التصريحات الأميركية والعراقية التي كانت تصدر طيلة السنوات السابقة بأنه تنظيم من الإرهابيين العرب القادمين نحو العراق، ويفند معظم الإتهامات السابقة التي ساقتها الولايات المتحدة والحكومات العراقية ضد بعض الشخصيات والفصائل العراقية، وضد بعض الدول المجاورة للعراق مثل سوريا وتحت تهمة الإرهاب ومساعدة وإيواء تنظيم القاعدة.
فلقد نشرت صحيفة ــ الواشنطن بوست ــ وعلى لسان مسؤول كبير في مجال مكافحة الإرهاب قائلا ( إن العراقيين يشكلون ما يصل الى 90 في المائة من مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق الذين يبلغ عددهم عدة آلاف ) علما أن هذا التنظيم لم يكن موجودا في العراق، ولكنه توسع رويدا رويدا في العراق، وكانت الماكينة الإعلامية الأميركية تخدمه طوال الوقت وهي التي وفرت له الملاذ والعملقة في العراق، فلقد قال الدكتور ــ بروس هوفمان ــ الخبير في الإرهاب والإستاذ في جامعة جورج تاون ( ليس هناك جهاديون محليون في العراق قبل أن نذهب الى هناك والآن يوجد تنظيم القاعدة).
وكأختبار لنوايا هذه الأطراف تم تحريك الخطة السرية بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة / فرع بلاد الرافدين فشن تنظيم القاعدة بعض الهجمات الشرسة أخيرا على بعض الرموز والقوى الوطنية في العراق وخصوصا التي ترفض الإحتلال وتعارض العملية السياسية في العراق ،ومنها الهجوم الواسع على مضارب قبيلة زوبع في مدينة أبو غريب حيث تم أغتيال نجل شقيق الشيخ حارث الضاري والمجموعة التي كانت ترافقه قبل أيام قليلة، ولم يكتف هؤلاء بهذا بل عادوا فشنوا هجوما واسعا قبل أيام على بيت ومضيف ومضارب الشيخ حارث سليمان الضاري وهو الشخصية القبلية والأكاديمية والإسلامية المعروفة في العراق، فهو يمثل شيخ مشايخ قبيلة زوبع ورئيس هيئة علماء المسلمين والطرف المهم والمعارض للإحتلال، وعادت نفس خلايا التنظيم لتقوم بإغتيال شيخ مشايخ قبيلة طي المرحوم الشيخ ( الحنش) وهذا يعني الضرب على تحريك الصدام القبلي، والشروع بالمعركة إستباقيا في العراق ، وكي يثبت تنظيم القاعدة ومن معه بأنهم اليد الطولى في غرب العراق وشمال العاصمة بغداد .
أما من الجانب الآخر فلقد دأب تنظيم القاعدة على تخوين بعض الشخصيات و الفصائل العراقية المقاومة للإحتلال ،وطرح بعض الفلسفات الدينية والفقهية التي ليس لها أسس دينية ولا إجتماعية في العراق، مما سبب هذا التنظيم إحتقانا وسط المجتمع العراقي، وإحتقانا وسط الطيف المقاوم للإحتلال، مما دفع بــ ( الجيش الإسلامي) أن يصدر بيانا جريئا جدا ،ويُحسب له تاريخيا ووطنيا حيث وضع النقاط على الحروف عندما كشف الأسرار المشينة لهذا التنظيم وعملياته المنافية للإسلام والأخلاق حيث القتل والخطف وأخذ الفدية وتكفير الناس، والتي كلها تخدم بقاء وإدامة الإحتلال في العراق وناشد الجيش الإسلامي أسامة بن لادن أن يتدخل لمنع هؤلاء من التمادي ضد الأبرياء والممتلكات، والتمادي في تشويه الدين الإسلامي.
أما فيما يخص مسألة تصعيد سلاح غاز ( الكلور) أخيرا والذي يصب في قلب هذه الخطة، والذي ربما يشكل بداية لحرب كيمياوية تشجع بإنسحاب القوات الأميركية من المناطق الساخنة أي تكون حجة للإنسحاب، فلقد قامت السلطات الكمركية العراقية في 9/4/2007 بضبط وحجز 12 شاحنة زنة الواحدة 25 طنا محملة باسطوانات تحوي على غاز الكلور وعلى معبر طريبيل الحدودي/ الحدود العراقية الأردنية وكانت مستوردة من الأردن لصالح وزارة البلديات والأشغال العامة، ولقد جاءت أوامر الحجزاستنادا الى تعليمات من وزارة الداخلية بعد تعرض عدد من هذه الشاحنات الى عملية نهب وسلب على الطريق الدولي السريع الذي يؤدي الى الأردن , وتكمن خطورة الموضوع بأن عدة تفجيرات قد حصلت في الأيام الماضية و باستخدام شاحنات محملة بغاز الكلور في مدينتي الرمادي والفلوجة، وكذلك في مدينة تلعفر في الأيام الماضية، وادت الى مصرع وتسمم العديد من الأشخاص، ولقد توزعت الإتهامات بين القاعدة والخلايا التي توالي إيران ، ولقد نشر تقريرا مهما بأن بعض الخلايا التابعة لإيران هي التي وراء عملية تسميم أهالي مدينة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية الشيعية، ويقول التقرير بأن مدير شرطة تلعفر كان ضالعا بهذه العملية، ولقد تم تهريبه الى إيران ( حسب التقارير التي نشرت بالمواقع العراقية وبعض المواقع العربية الإلكترونية) وتؤشر بعض المعلومات أن الغاية هي التسفير الإجباري للشيعة التركمان من مدينتهم تلعفر نحو الجنوب و بصفقة سرية بين الأكراد في الحكومة وبعض الشيعة في الحكومة أيضا.
ولكن لو جئنا للوزارة التي قامت بإستيراد الغاز فهي وزارة بإدارة كردية ضمن نظام المحاصصات في العراق ،وعلينا عدم إهمال هذه النقطة المهمة ، ثم نسأل السؤال الفني وهو منذ متى والأردن يصدر الغازات والمشتقات النفطية ،ومشتقات الغاز نحو الدول ومنها العراق، وكيف عرفت الجهات التي نهبت هذه الشاحنات أسرار الصفقة، وموعد تسليمها وقدومها نحو العراق ، ومالفائدة المدنية من غاز الكلور لو فرضنا أن الذي قام به هذه العملية مجموعة من قطاع الطرق ( وهذا مجرد تخمين ضعيف جدا!!) فهل هي عملية توريط للأردن ، أم أن الأردن مخترق ومن الداخل ، وما صلة التقرير الذي نشره مركز إستراتيجي مقره لندن وممول من الأحزاب الإيرانية في العراق وقبل حدوث هذه الأحداث الإرهابية، ويشرح فيه بأن ميناء العقبة أصبح ممولا للإرهابيين بالأسلحة والغازات وبعلم السلطات الأردنية، فهل جاء هذا التقرير صدفة أم أن القضية محبوكة سلفا؟.
ولكن الحقيقة ومن وجهة نظرنا أن ما حصل له علاقة بالخطة المتفق عليها والتي نحن بصدد تسليط الضوء على جزء من أسرارها، ولكن القضية لم تنته عند هذا الحد بل قابل ذلك التصعيد بالكلام عن الحرب الكيمياوية, وتصعيدا في التصريحات التي تؤكد بأن إيران أوصلت الى الخلايا الإيرانية العاملة في العراق، والى بعض المليشيات الحزبية التي توالي الأحزاب الموالية لإيران بعض الأسلحة والمعدات المتطورة، فلقد قال المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية الأميركية الكابتن ــ أريك كلارك ــ بتاريخ 22/3/2007 ( إيران منحت الإرهابيين تكنلوجيا أسلحة متطورة) وبالمقابل هناك تغطية إعلامية كبيرة غربية وعربية لأخبار غاز الكلور، علما أن مدينة تلعفر وعلى سبيل المثال تعرضت لحملات أبشع من ذلك ولم يُسلط الضوء عليها ،خصوصا وأن الحزبين الكرديين يعتبرانها سكينا في خاصرة ما يسمى بكردستان، ولهذا يخطط الأكراد لأكردتها وبأي طريقة وبالتواطؤ مع الأحزاب الإيرانية في العراق وضمن صفقات ( هات وخذ)، وعلينا عدم نسيان هذا الأمر أو هذه النقطة أيضا.
وأن من يظن بأن هناك أخلاقا باقية في الحرب الدائرة في العراق وتعيق الأعمال الشائنة فيجب أن نخبر من يظن بذلك بأن الأخلاق تبخرت و منذ الحرب الفيتنامية (1962 ــ 1972) عندما تم إستعمال الأسلحة الكيماوية ضد الثوار والمحليين الفيتناميين العزل واليكم هذه الشهادة ومن كتب التاريخ (فعمد الجيش الأمريكي إلى استخدام طائراته لرش الأشجار والغابات ببعض المركبات الكيميائية العالية السمية والتي تعمل على تساقط أوراق الأشجار والقضاء على الغطاء النباتي في تلك الدولة ، ولإنجاز هذه المهمة استخدم مبيد فتاك يتكون من مركب D-2,4 و مركب T-2,4,5 والذي يعرف باسم العامل البرتقالي.
لقد دلت الأبحاث العلمية أن هذا المبيد القاتل يحتوي على أحد أهم وأخطر المركبات الكيميائية السامة وهو TCDD ( تترا كلورو داي بنزو دايوكسين ) وأن هذا المركب يتسبب في حدوث بعض الأمراض القاتلة لدي من يتعرض له ، كالسرطان والتشوهات الخلقية والجنينية ، وأن فترة تأثيره تمتد إلى عشرات السنوات) والأخلاق تبخرت ما قبل فيتنام أي في اليابان فالجميع يعرف مآساة مدينتي هيروشيما و ناغا زاكي في آب/ أغسطس 1945 .
لذا فكل ما تقدم يعني تبلور المعركة التي تريدها الولايات المتحدة في العراق في حالة إنسحابها، وأن من سيقوم بها هو تنظيم القاعدة / فرع العراق، والذي ستكون من حصته كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة المتطورة والتي ستتركها له الولايات المتحدة في حالة خروجها من المناطق الساخنة كخطوة أولى، ومع القاعدة هناك بعض التنظيمات السلفية المزدوجة، ومعها الخلايا التي أسسها الإحتلال وبعض الأحزاب العراقية التي تعاملت و تتعامل مع الولايات المتحدة، حينها ستكون الولايات المتحدة الحامي والراعي لهذه المعركة وعن بعد ،ومن خلال تمثيلها السياسي و الدبلوماسي والعسكري في العراق والمنطقة مع محاولة حصر المعركة في العراق فقط لكسر ما تبقى من شوكة العراقيين ،وتحت مبدأ معاقبة وجلد العراقيين الذين أفشلوا المخطط الأميركي في العراق والمنطقة، والذين قاوموا الإحتلال الأميركي، ومن الجانب الآخر ملاحقة التغلغل الإيراني في العراق وبواسطة القاعدة وهذه الخلايا.
وهذا يعني تطبيق الخطط الأميركية التي كانت في أفغانستان، والتي تم تطبيقها في أواخر القرن المنصرم وبالإعتماد على الأحزاب والحركات التي ترفع لواء الإسلام سياسيا وتجاريا وبراغماتيا، وعلى هذا الأساس فنحن نتوقع أن في حالة الإنسحاب الأميركي المفاجىء ستكون المعركة بين ثلاث جبهات( جبهة ما يسمى بالقاعدة ووراءها أميركا وأموال الأنظمة الخليجية بأوامر أميركية، جبهة القوى الوطنية المقاومة للإحتلال وحينها سيكون وراءها بعض الميسورين العرب والإمكانيات الذاتية للعراقيين، وجبهة التنظيمات العراقية التي توالي إيران ووراءها إيران وأموال النفط العراقي المهرب) وستكون سمات المعركة هي الكر والفر وعلى الطريقة الصومالية، وستكون طاحنة لجميع الأطراف، وستتبلور منها إمارات سياسية متناحرة شبه ثابتة، وبالمقابل سوف يُستفاد من الهجرة العراقية ( السنيّة) الحالية في بعض الدول العربية والأوربية، وعلى غرار الإستفادة من الهجرة العراقية (الشيعية) عام 1991 والهدف هو تكوين بعض الأحزاب والحركات السنية المعارضة وعلى الطريقة الأميركية لتعود بعد سنوات مثلما عادت الأطياف الكرزائية بزعامة حميد كرزاي الى أقغانستان من أجل طرد طالبان والقاعدة وأمراء الحرب، أي سيعود السنة العراقيين تحت شعار تحرير العراق من المنظات الإرهابية السلفيّة والشيعية معا، وكذلك من أجل إيقاف الفوضى التي سيتحكم بها أمراء الحرب والمال والمخدرات.
الحل المقترح
لهذا فالحل هو من خلال مؤتمر دولي عام تحضره جميع الفصائل التي تمثل النسيج العراقي، وبشرط حضور الأطياف المعارضة، وأطياف المقاومة العراقية مع التعهد بحماية قادتها، ويكون المؤتمر على غرار مؤتمر باريس الذي كان خاصا بالقضية الفيتنامية، وبالإستفادة من مؤتمر الطائف اللبناني ومؤتمر روما الأفغاني ليتم الإتفاق على إعادة النظر بالعملية السياسية كلها، بشرط قبر نظام المحاصصات البغيض، وقبر المشاريع الطائفية والإثنية، والحفاظ على وحدة العراق جغرافيا وإجتماعيا، والشروع بخطة إعمار الحجر وإصلاح البشر والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للدولة العراقية وعن الأضرار التي لحقت بالبنية الإجتماعية والبشرية، وهذا يحتم تجسير الفجوات مع القوى المعتدلة في الولايات المتحدة، والتعهد بالحفاظ على المصالح الأميركية وحياة الأميركيين والغربيين العاملين والدبلوماسين في العراق، لهذا فأن المرحلة تتطلب القفز على العقد المزمنة إتجاه الولايات المتحدة وعلى العقد المزمنة التي جعلت العراقي خارج العالم والزمن، فالحقيقة المرّة أن العراق بحاجة للعالم لأنه يحتضر ولهذا لابد من العمل الدؤوب كي يتم المحافظة على العراق وشعبه ولن يتم ذلك إلا من خلال مؤازة العالم ووضع النقاط على الحروف.
وإذا لم يُقرر هذا المؤتمر، فنحن ذاهبون الى تطبيق الخطة السرية الذي جاء من أجلها هذا المقال، وحينها سيغرق العراق في الصوملة ورائحة الموت والبارود، وستجلس المنطقة على بركان يغلي ولا يعلم أحد بموعد إنفجاره المدمر، وسيكون تنظيم القاعدة هو السوط والسيف بيد الدوائر الأميركية الخاصة ضد جميع الأنظمة والدول والجماعات التي تريد رأسها مجموعة المحافظون الجُدد في الإدارة الأميركية....!!
. فهل هناك عقلاء وحكماء في الأرض ليسارعوا نحو نجدة الأبرياء والثروات والأوطان والحضارات قبل تدميرها؟
فمن غير الإنصاف أن نترك مجموعة المحافظون الجُدد يتسببون بقتل آلاف الأبرياء في العراق والمنطقة، ويتسببون كذلك بقتل مئات الجنود الأميركيين والغربيين، ويجعلون العالم ساخنا بالحروب والصدامات والكراهية، فيجب العمل على إيقاف هذه المهزلة السياسية والأخلاقية وبسرعة ......!.
كاتب ومحلل سياسي
مركز الشرق للبحوث والمعلومات