آخر الاخبار

ترامب يخسر معركته الأولى.. الاقتصاد الأمريكي يتهاوى البنك المركزي الأوروبي يعلن عن أكبر خسارة على مدار تاريخه هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون دعم أميركي؟ توجيهات عسكرية مشددة من رئيس مجلس القيادة الرئاسي لوزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان ..تفاصيل وفد حوثي يسافر سراً للمشاركة في تشييع حسن نصر الله ووفد أخر يغادر مطار صنعاء يتم الإعلان عنه.. إستياء واسع لحلفاء المسيرة .. جناح إيران يتفرد بكل التفاصيل احتشاد قبلي مُهيب بمأرب.. قبائل مذحج وحمير تُعلن جاهزيتها الكاملة لمواجهة مليشيا الحوثي وتدعو التحالف العربي لمواصلة الدعم العسكري وتطالب الشرعية إعلان معركة التحرير بيان توضيحي عاجل لشركة الغاز اليمنية حول الوضع التمويني وحقيقة تهريب مادة الغاز إلى الخارج الشركة المالكة.لفيسبوك وواتساب وانستغرام تعلن عن نشر أطول كابل بحري بالعالم.. يربط القارات الخمس؟ خفايا وأطماع مواجهات نارية في الدور الستة عشر في دوري أبطال أوروبا قرعة دور الستة عشر للدوري الأوروبي لكرة القدم

زلزال فتح دمشق..
بقلم/ د أحمد زيدان
نشر منذ: يومين و 4 ساعات و 51 دقيقة
الأربعاء 19 فبراير-شباط 2025 08:07 م
  

وقّعت في عدد من المدن السورية التي تحررت أخيراً بعد احتلال داخلي دام نصف قرن، كتابي الجديد (زلزال فتح دمشق) والذي وثّق الرواية مبكراً التي قادت للتحرير. سهرت الساعات الطوال من أجل توثيق سريع لهذه المرحلة، والتي أعتقد أنها دين برقبتنا للشهداء والذين ضحوا من أجل هذا اليوم، يوم الثامن من ديسمبر الذي صحا فيه الشعب السوري على بلده محرراً من عصابته حكمته لعقود، نشعر فيه لأول مرة أنه بات لنا وطن، ننتمي إليه، ونضحي من أجله، ونبادله الاحترام، بعد أن تحوّل في ظلال حكم البعث وآل الأسد إلى مزارع، ومنابع قلق للسوريين والجوار والعالم كله.

 

الكتاب الذي تحدث عن خلفيات عملية ردع العدوان، وسير العملية بدءاً من غرفة العمليات في شمال إدلب، إلى فتح دمشق وتداعيات الزلزال على المنطقة والعالم كله، نظراً لموقع سوريا الجيوسياسي المهم والحساس والحيوي والمتداخل مع العربي والإقليمي والدولي، مع عمق المشاكل التي رسخها العهد البائد بوجوده، فكان مصدر قلق واضطراب للمحيط والعالم من خلال سياساته وممارساته، ولذلك نرى هذا الإقبال العربي والإسلامي والعالمي على عاصمة الأمويين، من خلال زيارات وفود عربية وغربية، وذلك لحجز مقعد لها في سوريا المستقبل، والمنطقة بشكل عام.

 

* كانت التساؤلات كثيرة مع نشر الكتاب، أولها التسمية والإصرار على فتح وليس تحرير، وباعتقادي أن كلمة الفتح هي أبلغ، وأدق من كلمة التحرير، ما دام الفتح قد حصل بشكل غير متوقع، وهو أقرب إلى المساعدة والمساندة والدعم الرباني المذهل والمدهش، الذي أدهش غير السوريين قبل أن يدهشهم أنفسهم، والذي فاجأ كثيراً من السياسيين العرب والغربيين، بسرعة انهيار هذه العصابة التي تحكمت في الشام والمنطقة لعقود، وفوق هذا كله فتح داخلي بحيث لم ترق فيه الدماء، كما كان يتصور ويتخيل الكثيرون، بحيث سار الشخص إلى جانب قاتل قريبه دون أن ينتقم منه، تاركاً أمر المساءلة والمحاكمة لقضاء عادل بإذن الله قريب، وفوق هذا فتحٌ، بحيث انهار كل شيء دون مقاومة، وهو ما أذهل الجميع، حيث الكل كان يتوقع شلالات دم، ومقاومات وتحصن في الجبال، وأخيراً فتح على المستوى العربي والإسلامي والعالمي من حيث التعامل مع العهد الجديد دون إصر الماضي الثقيل.

 

كان السؤال المطروح في الندوات التي عقدناها خلال حفل توقيع الكتاب، وما أثاره البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي شكلت لنا إشارات لمزاج القراء، وهو أمر مهم ليتعامل معه الكتاب والمؤلفون، وهو السؤال عن كيف تم تأليف مثل هذا الكتاب في وقت قصير، وهو وقت ليس بقصير لكل من اعتاد التأليف، لاسيما إن تحدثنا عن جلسات تمتد لست ساعات وربما ثماني ساعات متواصلة في عملية التأليف، فضلاً عن كون الصحافي هو صاحب المسوّدة الأولى للتاريخ، ولذلك فمهنته هي المتابعة والرصد المستمرين، وهو ما كنت أقوم به ليس منذ اندلاع عملية ردع العدوان، وإنما من بداية حياتي المتمردة على عصابات أسد المجرمة، مما جعل عملية التأليف سهلة في هذا الوقت القصير الذي يراه البعض، بينما لا يراه المؤلفون الذين اعتادوا على العمل الطويل والدؤوب والمستمر، فضلاً عن عمل الصحافي الذي هي مهنته، كما هي مهنة أصحاب المهن الأخرى.

 

الكتاب هدف بشكل أساسي إلى معالجة رواية وسردية الشهداء والمقاتلين، وهي الرواية الحقيقية التي تابعتها ورصدتها وعايشتها لحظة بلحظة، بحيث تنسف رواية من نسب الفتح أو التحرير وسقوط عصابات أسد، إلى مؤامرات دولية واقليمية، وتدخل دول إقليمية ودولية ساعدت في عقد وإبرام صفقات من أجل إسقاط عائلة الأسد، بينما رأينا تماماً كيف أن هذه الدول كانت تعارض أي عمل ضد العصابة الأسدية أولاً، وثانياً كيف أن هذه الدول في غالبيتها كانت تدعو الأسد إلى التفاوض واللقاءات، والاجتماعات، وتسعى إلى تعويمه، لكن إرادة الله وفضل الله، ثم إصرار الثوار على انتزاع النصر من أشداق الضباع والوحوش العالمية، كانت لهم بالمرصاد، فنجحت في تحقيق فتح دمشق.

 

لذلك أقول إن هذا الفتح، هو فتح، بطعم نهر الفيجة، ونهر بردى ونهر الفرات والعاصي، ولا منّة لأحد فيه، وإنما هو كفالة الله تبارك وتعالى للشام، وهي الكفالة التي لا تقبل الشريك، فكان الفتح بفضل الله سورياً بامتياز، وإن كان ذلك لم يمنع من استغلال ظروف دولية وإقليمية تحدثنا عنها في ثنايا الكتاب.

 

أخيراً بكل تأكيد فإن هذا الكتاب ليس نهاية مطاف الحريصين على ثورة الشام وتوثيقها، فنأمل أن يكون باكورة من بواكير كتب أعتقد جازماً ستبدأ في رواية وسرد كل ما جرى على أيدي أبطال الفتح، وهي دعوة لكل من يرى في نفسه القدرة على الكتابة، من أجل توثيق الحاضر، فنحن مبتلون بتزييف وتزوير وتضليل التاريخ، فلننطلق جميعاً من أجل توثيق هذ الحاضر، حفاظاً على ذاكرة الشعوب والأمم، فهي أمانة الشهداء وأمانة المعذبين والمشردين، والمعتقلين الذين قضوا في جمهوريات صيدنايا، وقبل هذا كله هو عصمة من تكرار ومعاودة ما جرى لنا للأجيال المقبلة، أو لغيرنا من شعوب.

 

لعل البودكاسات التي أبدع فيها أصحابها وضيوفهم خلال فترة الثورة السورية، شكلت التاريخ الصوري للثورة السورية، وللفتح، وهي محاولات وتجارب لا أعتقد أنها شهدت زخماً كما شهدته في فترة الفتح والتحرير السوريين، وهي دعوة أيضاً إلى كل صاحب بودكاست أن يضيء على جوانب معتمة من تاريخ هذه الثورة، أو من جوانب هذا الفتح، لعلها تكتمل الصورة والمشهد للأجيال من بعدنا، فالتذكر وفاء، فلنتذكر جميعاً، ولنواصل عملية التذكر من أجل مستقبل يعصمنا من تكرار ما جرى