اخراج المسار السياسي من قبره بلا عقوبات دولية
بقلم/ منى صفوان
نشر منذ: 6 سنوات و 9 أشهر و 4 أيام
الجمعة 26 يناير-كانون الثاني 2018 06:38 م
 

منخفض سياسي يلوح في الافق، الطقس العام يخرج ورقة الابتعاث السياسي، مع تغيرات اممية وحكومية في الوجوه والاسماء، وربما القرارات الدولية، غير ان التركيبة ذاتها في الارض، قوى مسلحة متنافرة ترسم حدودها بالدم، تمول خارجيا، مع وجود شبح لحكومة غير مؤثرة ، وسط كومة الكارثة الانسانية، التي يفرض ان يكون لمعالجتها الاولوية.

فاليمن لايحتاج المساعدات الانسانية بقدر ما يحتاج الى انقاذ وانعاش ومعالجة الاقتصاد، من خلال سياسيات اقتصادية حقيقة وجادة، وتوفير فرص عمل، وصرف المرتبات لموظفي الدولة المتاخرة من اشهر، ووضع نظام حماية اقتصادي ومنع العملة من التدهور.

المعالجات الاقتصادية لها الاولوية على المساعدات الانسانية، وعلى احياء مسار المفاوضات السياسية، التي لايراد منها غير ترسيم حدود التقسيم اليمني او “نظام الاقاليم” الذي تريده دول الخليج، وهنا تدخل روسيا كأحد رعاة العملية السياسية في اليمن، بفرض تواجد الحليف الشمالي “الحوثيين+المؤتمر” في حصة اقاليم الشمال.

روسيا لاترى في الحوثيين حليفا لايران بقدر ما تراهم القوة التي يمكن الاتكاء عليها في الشمال ، برغم غضبها من قتلهم لصالح، الا انها تريد للتحالف الشمالي ان يستمر مع حزب المؤتمر الشعبي العام ، فليس مسموحا ان ينفرد الحوثي بحكم الشمال وحده ، لذلك تم اعادة تشكيل التحالف مع حزب المؤتمر بعد مقتل رئيسه علي عبد الله صالح، بتحالف جديد بين حزبه وقتلته، مشهد يفرضه اللاعب الدولي والانحياز المحلي، الذي يريد لهذه الرقعة من اليمن ان تدار بهذه الطريقة، لذلك لم يتم الاعلان عن اي نسخة “مؤتمرية” اخرى في ارجاء الشرعية وتحالفاتها الاقليمية- الخليجية.

والمرحلة القادمة التي ستشهد تواجدا روسيا في ردهات الكواليس السياسية، قد تشير الى تغييرات او الغاء للقرار 2216 وكان هذا القرار هو ايقونة الحرب الذي بموجبه فرضت عقوبات دولية على الحوثيين وعائلة صالح، ولعل مرحلة ما بعد صالح هي مرحلة بلا عقوبات. ولحد الان لاحديث اطلاقا عن اي ثار لمقتل صالح، او تحقيقات او ادانات، لقد اغلق هذا الموضوع نهائيا، وطويت صفحة صالح على الاقل مؤقتا لحين تثبين مسار سياسي، وفرض تقسيم الاقاليم.

روسيا ما زالت غاضبة من طريقة الحوثيين الهمجية والوحشية بقتل صالح ، صالح الذي ارسلت له روسيا فريقا طبيا لعلاج عينيه من المياه البيضاء وحافظت على سلامته، نظرا لاهمية تواجده في المسار السياسي والتوازن القبلي في الشمال، حيث يمنع ان تنفرد جماعة لوحدها بالسيطرة عليه

 لكنها برغم غضبها تحتاج للحوثيين الان، وفرض عقوبات او حوادث انتقامية امر قد لاتشجعه روسيا، التي تهمها هذه المنطقة الاستراتيجية في جنوب الجزيرة العربية حيث باب المندب . والتي تفرض فيها القوى الدولية تواجدها لاسيما الولايات المتحدة.

الخلاف الان على الساحل الغربي وعلى ميناء الحديدة هل يبقى بحوزة الحوثيين كمنفذ مائي لهم، ام يسلم لجهة محايدة ” الامم المتحدة” لضمان عدم ايصال اي دعم لحركة الحوثي من خلاله، بعد قطع الشريط البري الذي كان يمتد اليه من شبوه والبيضاء.

 الصراع المسلح سوف يستمر، حتى بعد احياء المسار السياسي، لان هناك مصالح سياسية لبعض القوى لم تتحقق بعد، والتنسيق البريطاني – العُماني يحدد شروطه مسبقا، باهمية وجود مسقط كطرف عربي قادر على التواصل الايجابي مع الحوثيين ” الجهة الاكثر قوة وسيطرة في الشمال لحد الان”

الفوضى الحادثة في اليمن ، تترجمها ارقام الكوارث الانسانية المتلاحقة، التي لم توقف الحكومة عن نهب وتبذير ارقام بالمليارات، وكان دولة الفساد عادت في خضم الحديث عن “استعادة الدولة”

نحن نتحدث عن فرض مشروع التقسيم “او الاقاليم” على كل الاطراف التي رفضته في مؤتمر الحوار، خاصة الحوثيين وبعض فصائل الحراك الجنوبي ، كليهما لايعترف لا بشرعية هادي ولا شرعية مخرجات الحوار، والتي كانت سببا اخيرا للحرب، وليس سببا وحيدا.

حيث يرى دعاة مشروع الاقاليم انه الحل الانسب للبيئة اليمنية المعقدة، وهو يتم برعاية امريكية صرفة. روجت له مع مؤتمر الحوار بوجوه يمنية، واقليمية، واصبح مشروع الرئيس هادي الشخصي.

غير ان قانون الارض، من خلال بسط نفوذ الجماعات المسحلة، والمسيسة كلٌ على منطقته، وقف ضد طريقة التقسيم وليس فقط عرقل مشروع الاقاليم، وتم ذلك بدعم خارجي ايراني للحوثيين، للوقوف امام مشروع التقسيم الامريكي.

 قانون الارض او سلطة الامر الواقع، يجعل الخارج يتفاوض حول مشروع التقسيم وكيف يكون، لان النفوذ الحقيقي هو نفوذ للدول المؤثرة وعلى راسها المملكة السعودية، الامارات، ثم تاتي الولايات المتحدة، روسيا، وايران.

تماما كما فرضت خارطة التقسيم في سوريا، حيث يجتمع الحلف الثلاثي الروسي- تركي- ايراني لبحث الامور وكيفية مواجهة الجماعات الكردية او الجهادية مع الولايات المتحدة الامريكية، في وجود صوري لما بات يعرف بالنظام السوري الذي لايبسط كامل سلطته على الاراضي السورية.

هاهي الحكومة اليمنية منذ اكثر من عامين تقوم ان 80% واقعة تحت سيطرتها، وهي مازالت حكومة منفية خارج اليمن، يأتي بعض وزرائها في زيارات خاطفة لليمن، لكن من يدير الامور على الارض هي الجماعات المسلحة بدعم خارجي – اقليمي.

لاتوجد دولة، ولن توجد على المدى القريب، ولكن العمل الان على محاولة خلق توازن بين مشروع الدويلات الوليدة، ومشروع الدول الخارجية، هذا مختصر ما يحدث، اما الدولة المركزية فقد سقطت في حدث درامي يصعب توصيفه ، حيث كانت هناك موافقة في الداخل وتواطؤ من الدولة نفسها بما يشبه مشهد الفوضى الذي افقد الانقلاب من مضمونة والتمرد من مفعولة ، والثورة من القها.

مشهد الفوضى هو مشهد المجاعة، التي لم تعد الدول الغنية والكبرى والامم المتحدة والمجتمع الدولي قادر ان يحد منها، ليلحق بهم جميعا وصمة “عار اليمن”.

وصمة عار اليمن هي التي تحرج وتحرك بريطانيا الان لمنع وقف الاسلحة وبعدها المانيا وقبلها الاتحاد الاوروبي، فكما هناك حديث عن منع وصول الاسلحة الايرانية الى الحوثيين، يتحدث الاوربيون عن منع بيع الاسلحة الى التحالف والسعودية خصوصا، بحسب قانون اقره البرلمان الاوربي قبل اشهر. وتؤكده المانيا اليوم. فمنع السلاح يجب ان يكون من الجانبين منع ايران من ايصاله للحوثيين، ومنع امريكا واوروبا، من ايصاله لدول التحالف العربي. امنعوا السلاح، وارسلوا المساعدات، واغلسوا عاركم في اليمن. نداء استغاثة اخير من اليمن .

كاتبة يمنية

* نقلا عن موقع رأي اليوم