تأتين يا تعز نقطة آخر السطر.. لا يختم الكلام إلا بك ولا تنتهي الحكاية إلا بذكر اسمك في الختام..
تأتين يا تعز بسملة في بداية التلاوة، نتلوا بك عزنا وفخرنا، ونتلوا حزننا وجرحنا، ونتلوا خيبات الذين لم يكونوا رجالا وسقطوا عند قدميك الطاهرتين..
بك يا تعز.. يا أبهتي ومجدي، أجثوا فاغرة القلب، أنت مذهلة كما كنت، شاهقة وعاشقة، أقرؤك بداية السورة، ثم أدعو الكفرة لدينك الجديد، يا نبيتي آمنت بقرآنك وكفرت بكل أصنامهم، وبكل أحقادهم، وبكل خياناتهم، آمنت بك وحدك، لا مدينة إلا أنت، بك تكتحل عيوننا، وبك نطوف يا كعبتنا وبك نغيب في نورك ونارك فنتطهّر من أوزارنا وأرقنا وأوجاعنا، يا سورة الوجع الذي لا ينتهي..
لا مدينة إلا أنت تستيقظ جائعة فتمضي تطعم الجوعى من فؤادها.. تنام على جراحها بعد أن تضمّد جراح المعذبين.
لا مدينة إلا أنت تعاقب لأنها أرسلت الضوء لكل العيون..
تحملين النور، فيدحرجون على ظهرك صخور جهلهم ونكرانهم، وأنت يا نبيتي تشعين كالشمس. هم يحترقون، وأنت خالدة في كل العالمين.
يا فقيرتي ثوبك المرقع غالٍ.. يا أميرتي تاجك من شوك.. قد كسرتِ جبين الغزاة. أنت خارقة وجائعة.. وهم ساقطون ومندحرون..
أنت ظامئة ومخذولة.. وهم تدهسهم سماؤك بحذائها فلا يرفعون رؤسهم المجرمة.
لا مدينة إلا أنت ومن لم يؤمن بك فقد كفر بك.. ومن لم يسقِكِ اليوم فقد دنّس معبده، ومن أشاح بوجهه عنك، فقد بصيرة قلبه وسقط في التيه..
يا سيدة المدن المبجّلة، يا أيقونتي وصلاتي.. مسحولة القلب بدون ضحكتك المجلجلة.. يا أبتي الجبل، يا أمي الوديان الخضراء.. كم ثقب في جسدك المقدس!
فكم وردة تكفي لتضميد جراحاتك المنثورة.. وكم قبلة يا صبيتي تغمر روحك باليقين..
كم غنوة تستعيدين بها نايك يا مدينة..
الرعاة والحقول والنساء الملونات الثياب كالزهور و"المشاقر"..
قديستي المحاصرة.. ليت أوردتي أنهارا تصب في قلبك.. وليت قلبي لقمة أضعها في فمك فتنامين هانئة وتحلمين..