مخاوف مشروعة ؟!
بقلم/ محمد الاحمدي
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 11 يوماً
الأحد 27 مارس - آذار 2011 04:03 م

لدى اليمنيين، بمن فيهم شباب الثورة أنفسهم، مخاوف مشروعة من أي محاولات التفاف على ثورتهم المباركة.. يزيد من حدة هذه المخاوف محاولات بقايا النظام السابق إثارة الشائعات حول الأفواج القادمة للالتحاق بركب الثورة، ومحاولة زرع الشقاق في صفوف شباب التغيير في الساحات والميادين من خلال التشكيك في نوايا مختلف مكونات هذه الثورة وتياراتها السياسية والفكرية والاجتماعية التي جسدت بصمودها وتلاحمها، رغم أعمال القمع والبلطجة، أروع معاني السلم والوحدة والحب والولاء الوطني.

وبذات القدر من الفرحة التي اعتلت وجوه اليمنيين بإعلان أبرز القيادات العسكرية والأمنية والسفراء ومسؤولي الدولة انضمامهم إلى مطالب ثورة الشباب، شهدت ساحات التغيير والحرية ومواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" جدلاً واسعاً حول هذا التحول الجديد وانعكاسه على مسار الثورة، سيما وأن العديد من هذه القيادات التي أعلنت انضمامها للثورة ليست نظيفة اليد تماماً من الفساد وربما الدماء أيضاً..

العديد من رواد التغيير أبدوا بالفعل امتعاضهم ومخاوفهم من هذه الخطوة، بل صرح البعض باسم القائد اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع، والذي بانضمامه إلى صفوف الثورة السلمية، أحدث زلزالاً كبيراً داخل نظام الحكم، وأضفى تحولاً بارزاً على المشهد اليمني برمته، تسارعت معه وتيرة السقوط الوشيك لنظام علي صالح.

الكثير من المخاوف لا تزال قائمة، والكثير منها لا يمكن تجاهلها، وهي تنمّ بالتأكيد عن وعي كبير لدى شباب التغيير والمجتمع اليمني عموماً، ولكن متطلبات هذه اللحظة التاريخية تستدعي إرجاء هذه المخاوف قليلاً، على اعتبار أن الثورة اليوم هي الملاذ الآمن لكل اليمنيين، بمن فيهم أولئك الذين لا تزال ذاكرتنا تحتفظ لهم بالعديد من قضايا الظلم والفساد والنهب.

إن هذه الثورة السلمية التي يتفانى اليمنيون، اليوم، في صناعتها كالتوبة تجبُّ ما قبلها، وإنه ليس بوسعنا أن نحاسب التائبين على خطاياهم، طالما أنهم يبحثون عن سبيل للتخلص من أوزارهم، ما لم تتعلق تلك الخطايا بحقوق الآدميين فإنه والحالة هذه لا بد للتائب أن يبادر فوراً إلى إعادتها لذويها، وتلك هي التوبة النصوح..

على أن هذا لا يعني بأية حال التغاضي عن جرائم انتهاكات حقوق الإنسان أو قضايا الفساد التي أضرت باليمنيين ودمرت حياتهم، ولكن أعتقد أن الحديث عنها الآن سابق لأوانه، وإن على شباب الثورة ان يستحضروا دائماً تلك المعاني النبيلة التي جسدها الرسول الكريم في فتح مكة، بقوله لقومه: "إذهبوا فأنتم الطلقاء".

إن أمامنا كيمنيين حاجة ماسة لتعميق روح الإخاء والمسؤولية، واضعين نصب أعيننا الولاء لهذا الوطن الذي ظلمه المستبدون كثيراً، متخلين عن سياسة الإقصاء التي تجرعنا مرارتها، فالوطن يتسع للجميع حقيقة لا شعاراً.

وعلى جميع القادمين إلى ساحات التغيير والحرية أيا كانت مواقعهم في النظام السابق أن يعلموا جيداً بأن اليمن بعد الثورة غير اليمن التي كان يحكمها علي عبدالله صالح، وأن هذه الثورة ليست عملاً ترفياً أو حدثاً عابراً، بل هي شيء آخر، إنها مسيرة بناء وكفاح، حتى يقف اليمن على أعتاب عهد جديد، تحكمه دولة مدنية حديثة، دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان.

أيها اليمنيون.. إن الطريق أمامنا طويل وإن القيم السامية التي بذل لأجلها شباب الثورة دماءهم الزكية في ميادين الحرية وساحات التغيير، كفيلة باستلهام معاني الوفاء لهم، والسير قدما في تحقيق أحلامهم في التغيير.. التغيير الحقيقي وليس الادعاء.. التغيير الذي يبدأ من النفوس أولاً، وعلى كل من يلتحق بركب الثورة أن يتماهى بصدق في قيمها وأهدافها السامية وأن نستحضر جميعنا أن اليمن وطننا جميعاً ويستحق منا الكثير.