حفيد الــقردعـي في مقابلة مثيرة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 19 يوماً
الثلاثاء 10 يوليو-تموز 2007 05:19 م

هناك أشخاص من حثالات الطغاة والحكم المباد في مراكز حساسة مهمتهم محاربة الثورة والمناضلين وخلق الفتن في المجتمع

* حاوره/ عبده جحيش

بصراحة لم أكن مخططاً مسبقا لإجراء هذا الحوار ولكن الصدفة وشخصية وعقلية الرجل الذي وجدته أمامي في منطقة (رحبة) مسقط رأس الشهيد العظيم علي ناصر القردعي هي التي فرضت هذا الحوار الذي لم يكتمل والحكاية أنني في الأسبوع الماضي شعرت بحالة من (الضجر) والاختناق في العاصمة صنعاء وقررت أن أخرج منها ليومين فقط بغرض تغيير الجو ليس إلا وبدون تفكير مسبق كانت وجهتي محافظة مارب التي شدني إليها الشوق لرؤية معبد بلقيس في حلته الجديدة بعد التنقيب الأثري الأخير، حيث كنت وأنا في السابعة لا أعرف إلا الستة الأعمدة فقط وسد مارب القديم. وفي مدينة مارب وجدت أحد الأصدقاء الأعزاء من أبناء المنطقة والذي عرض علي الاستضافة في قريته غير أني طلبت منه طلبا غريبا لا أدري كيف قفز من من تحت ركام الذاكرة إلى السطح.. قلت له أريد أن أعرف قرية قاهر الأسود ومقارع الطغاة الشهيد العظيم الشيخ علي ناصر القردعي.. فكر صاحبي قليلا ثم قال على الرحب والسعة.

وخلفية هذه الزيارة تكمن أني منذ كنت راعي غنم في قرية (الفرازعة) كنت قد سمعت عن شعر علي ناصر وعرفت كثيرا عن صفاته وشجاعته. وكنت أظن أن المسافة قريبة وسهلة ولكنها كانت غير ذلك فمنطقة (رحبة) تبعد حوالي 100 كيلو متر منها حوالي 40كم أسفلت وهي تمر بمديرية الجوبة.. تابعنا رحلتنا الشاقة من مفرق نجد المجمعة باتجاه مديرية رحبة في طريق وعرة وشاقة شاهدة على إهمال الدولة لدور الشهيد القردعي رحمه الله،وكنا قد مرينا بمنطقة الخليف التي كان بها أحد حصون القردعي وهدم من قبل الطاغية أحمد حميد الدين ثم مررنا بمنطقة آل جميل إحدى قبائل مراد مواصلين السير حتى مركز مديرية رحبة مسقط رأس الشهيد القردعي وأسرته المناضلة وهناك كانت المفاجأة والحسرة في آن ،فقد وجدت نفسي في مكان منسي خارج نطاق التاريخ والتغطية لا يمكن أن ينتمي إلى دولة اسمها الجمهورية اليمنية والمعلنة يوم الـ22 من مايو عام 1990م ، يقول إعلامها الرسمي إن خيراتها وصلت إلى كل قرية وسهل وجبل في هذا الوطن.. لكن العكس كان هو الصحيح في مديرية (رحبة) التي تقول أحداث التاريخ والجغرافيا إن ابنها وفارسها الجسور الشهيد علي ناصر القردعي هو بطل الثورة الدستورية الأولى في الوطن العربي عام 1948م وهو الذي نفذ حكم الشعب والثوار في الطاغية يحيى حميد الدين في منطقة حزيز خارج صنعاء وهو قائد الثورة ضد الاستعمار البريطاني في محافظة شبوة عام 1939م. فهل يكون جزاء مثل هذا النضال الإهمال والنسيان لقبيلة مراد وأسرة آل القردعي وبينما كانت هذه الأسئلة تجول في خاطري سمعت طفلا يرحب بنا مرحب الصوت ويقول: الشيخ أحمد محمد القردعي ينتظركم في البيت. وقلت لصاحبي ماذا يعني "مرحب الصوت" ابتسم وقال: سوف نكون ضيوف الشيخ أحمد القردعي هذا اليوم والذي يليه ولا مفر من ذلك. وفي منزل الشيخ أحمد محمد القردعي وجدت شخصا عظيما يتمتع بإرث حضاري عريق وعقلية شابة جمعت صفات القبيلة الجيدة وفلسفة أفلاطون الإغريقية وكان لنا معه هذا اللقاء الذي تنشر الوسط في هذا العدد الجزء الأول منه فماذا قال الشيخ أحمد محمد مسعد القردعي، سليل وحفيد الشيخ علي ناصر القردعي؟

* شيخ أحمد لنبدأ حوارنا بآخر ما أتحفتنا به الفضائية اليمنية في مسلسل نجوم الحرية.. هل كان الدور الذي ظهر به الشهيد القردعي يتناسب ودوره الحقيقي وهل رد للشهيد اعتباره؟

- إن دور الشهيد البطل علي ناصر القردعي لا يمكن أن يجسده إلا عظماء منصفون أما ما أظهروه في مسلسل نجوم الحرية فإن ذلك ليس إلا عمل مرضى متعمدين تشويه وتحقير الدور النضالي للقردعي وغيره.. متى كان الشهيد القردعي جمالاً وهو زعيم قبلي مناضل هو وأسرته وقبائله مراد الأبية.. لو كان الشهيد القردعي الذي نفذ حكم الله وحكم الشعب والثوار من غير مراد لكانوا "ألهوه" ولكانوا العاصمة صنعاء ولو كانت قبيلة غير مراد التي قامت بذلك العمل البطولي لكانوا اليوم أوصياء على الثورة والشعب.. أنت تعرف أنه ما من أسرة أو بيت في قبيلة مراد إلا ولها شهيد أو أكثر وهدمت حصونهم وأهدرت دماؤهم وأموالهم وأراضيهم، لقد عانوا قبل ثورة 1948م وبقيت معاناتهم بعدها مدة أربعة عشر عاما وحتى اليوم لا زالت منسية. فهل هناك ظلم أكثر من هذا؟

*يقال إن دور مشائخ المناطق الشرقية انحصر في البحث عن المصالح الشخصية والتقرب من السلطة؟

- أولا إن مشائخ المناطق الشرقية يختلف وضعهم عن وضع مشائخ المناطق الغربية والشمالية والوسطى، حيث أن المشائخ في هذه المناطق لهم حصص قائمة من الدولة ولهم نصيب أيضا فيما يكتسبه رعيتهم حتى من عائدات المغتربين ومع تقديري واحترامي لهم هم إن استفادوا وإلا ما غرموا مع قبائلهم وهذا عكس مشائخ المناطق الشرقية وقبائلهم، حيث بيوتهم مفتوحة ليل نهار، يخدمون الضيف هم وأبناؤهم ويغرمو من حر مالهم الذي يأتي بعرق الجبين ومن شيمهم أن لا يكلفوا قبائلهم بشيء ما داموا قادرين ومثل هؤلاء من المفروض أن تدعمهم الدولة.

أما البحث عن المصالح فالكل يبحث عنها ولو كان هناك ديمقراطية وحكم محلي في كل منطقة لكانت المصلحة العامة هي التي يتم البحث عنها من خلال المجالس المحلية وعند ذلك سيجد المشائخ حرجا في البحث عن مصالحهم الشخصية وترفع الدولة الحرج عن نفسها ولو استكمل الوعي الديمقراطي وعزز الحكم المحلي لأصبح الاختيار الأفضل الذي يحمل هموم المواطنين ويغلب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية.. وإذا كنت أطالب المشائخ أن يتركوا الفرصة في الحكم المحلي للقيادات الشابة فإنه لا يجب أن يهمشوا واللازم توظيف جهود المشائخ وخبراتهم ويكونوا مرجعية الحكم المحلي في مناطقهم، كونهم خيرة القوم ولهم مكانتهم.

* وماذا عن الشيخ أحمد محمد القردعي هل هو من المتمصلحين من السلطة أم أنه مغيب؟

- شوف يا عزيزي احنا آل "قرادعة" روضنا الوحوش وقاومنا الطغاة ونفذنا فيهم حكم الشرع والشعب والثورة ولذلك لنا اسمنا ومكانتنا ورصيدنا الوطني ولذلك فعلاقتنا مع جميع أبناء الشعب وقبائله ومشائخه مميزة ومع ذلك فهناك من لا يريد الإنصاف لنا، ففضلنا بقاءنا في ديارنا وبين إخواننا، لأننا لم نجد من أصحاب القرار من يثمن دورنا وتضحيات آبائنا وأجدادنا وقبيلتنا.

* ولكن لماذا هذا الموقف تجاهكم من صناع القرار؟

- هذا الموضوع ليس وليد اليوم وليس لدينا شك أن حثالات الطغاة والحكم المباد لا زالوا في مراكز حساسة لمحاربة المناضلين وأسرهم وخلق الفتن في أوساط المجتمع اليمني بأساليب انتقامية قذرة وأحيانا يريدون خلق عنصرية وهم من بعد قيام الثورة ينظمون أنفسم في المراكز الحساسة ولا زالت رقاب المجتمع تحت رحمتهم وأنا أحملهم مسئولية الثأر والانتقام والسطو على حقوق المواطنين.

* هل يمكن أن توضح من هم هؤلاء؟

- هم ظلمة الشعب مع احترامي وتقديري لشرف القضاء وكل من ركب على رأسه عمامة وهو يحمل الأمانة والمسئولية من الهاشميين وغيرهم.. ومن ينكر أن أقلامهم تكتب وأصواتهم تتعالى على الثورة والثوار والمناضلين حتى بلغ بهم أن قالوا وكتبوا في صحيفة الثورة و26 سبتمبر إن الثوار بغاة وقتلة بينما أي مناضل لا يجد من ينصفه، إنهم يريدون خلق عنصرية وأحيانا يريدون خلق طائفية.. ولكن لن يكون للاثنين مكان في اليمن.

* جاء على لسان رئيس الدولة أنه سوف يتم تعويض أسرة آل حميد الدين.. ما هو موقفكم من ذلك؟

- لقد فوجئنا بهذا القرار وكان لنا موقف أن أرسلنا رسالة للأخ/ الرئيس تحت توقيع الشيخ حسين أحمد ناصر القردعي وتوقيعي ونحن على ذلك الموقف وإننا محتفظون بحقنا الخاص أن يعوض المظلوم قبل الظالم لأننا آل القردعي حوربنا وشردنا ودمرت حصوننا وأهدرت كل ممتلكاتنا في عهد الطاغية يحيى حميد الدين أولا وفي عهد الطاغية أحمد يحى حميد الدين ثانيا وإذا كان قرار الرئيس بتعويض آل حميد الدين قراراً إنسانياً فلن نعترض عليه لأن هذه من صفاته وسماته المميزة أنه رجل سموح وعفو ولكني كما قلت سابقا نطالب بتعويض المظلوم قبل الظالم ومع كل ذلك لن ننثني عن واجبنا الوطني في الدفاع عن الثورة ولا زال أبناء قبيلة مراد يسجلون أروع ملاحم النضال بدمائهم الزكية في كل سهل وجبل حتى هذه اللحظة.

* من أهم مشاكل محافظة مارب قضية الثأر.. كيف ينظر الشيخ أحمد إلى ذلك؟

- الثأر مشكلة ويجب علينا أن نفرق بين المسميات ونبحث عن الأسباب وصولا إلى إيجاد وسائل للقضاء على المشكلة. الثأر يعني الانتقام .. أن يأخذ حقه بيده بدلا من القانون وهو بذلك يرتكب الخطأ والجرم ولكن ما هو السبب؟ يحدث هذا عندما تغلق أمام الإنسان المظلوم جميع الطرق لاستعادة حقه المسلوب وهذا يحدث في غياب دولة النظام والقانون وفقدان العدل والإنصاف ووجود الروتين الممل في النيابات والمحاكم وأؤكد -وأنا مسئول عن كلامي- أن أكثر من يلجأ إلى النيابات والمحاكم هم المبطلون وسنة تجي وسنة تروح وقد يضطر صاحب الحق إلى أن يحل مشكلته بأسلوبه (فما حيلة المضطر إلا ركوبها) وهو الثأر وقد يضطر بعض أصحاب الحق إلى الارتماء في حضن آخر يحميه.

* إذا ما هي المعالجات لمسألة الثأر؟

- نعود إلى السبب ويتمثل في: 1- عدم تحمل الأجهزة الأمنية مسئولياتها. 2- عدم وجود العدل والإنصاف في الأقسام والنيابات والقضاء. 3- انتشار الرشوة والوساطات والتدخلات من مراكز القوى في السلطة. فإذا تم القضاء على هذه الأسباب ووجد العدل بحيث يصبح الجميع سواسية أمام القانون فإنه يمكن الحد من مشكلة الثأر تدريجيا ثم القضاء عليها نهائيا وكل هذه الشروط يتوقف نجاحها في الاختيار السليم للمسئولين في أجهزة القضاء والأمن وأن يكون الاختيار نزيها ومن أصحاب الضمائر الحية.

* حرب صعدة أوشكت أن تحط أوزارها بعد تدخل قطر .. كيف ينظر الشيخ القردعي لهذه الحرب ومخلفاتها ومسئولية طرفي الصراع فيها؟

- حرب صعدة أو المشكلة الحوثية كما يروج لها المستفيدون من الحرب هي فتنة مفتعلة ولن تكون لها جذور كما يروج المغرضون، لأن اسمها فيها (حوثية) وسنوات تاريخها وتاريخ الشباب المؤمن تتجاوز عدد أصابع اليدين بقليل وكانت بدايتها في ضحيان ومؤسسوها لا زالوا أحياء، منهم محمد يحيى عزان ومحمد بدر الدين وعبد الكريم جذبان وغيرهم وكان عدد أول طلبتها لا يتجاوز ثمانية أشخاص ومع ذلك فإن من راودتهم أفكار موجهة ودخيلة وانحرفوا هم قلة أيضا والذي يهمنا في اليمن أن الفتنة لا تقوم على أساس طائفي. ولن تكون مشكلة يمنية لأننا في اليمن على مر التاريخ كجسد واحد وإن وجد فينا من يضم ويسربل ويقول آمين سرا أو علنا فكلنا مسلمون وإن وجد اسم زيدي وشافعي فكلنا نصلي في مسجد واحد ويؤمنا إمام واحد، سواء كان زيديا أو شافعيا والمفتون في الإذاعة الأم (صنعاء) أكثرهم من أئمة الزيدية وهناك مفتي شافعي وأحيانا قد نجد إمامين في مجلس واحد ويأخذ جميع أبناء اليمن بهذه الفتاوى وإلى ذلك فلنا دولة ودستور وقانون وقضاء والمشرعون لهذا وذاك من اليمن ولن نبحث عن مذاهبهم حتى في النضال الثوري كنا جميعا ضد الطاغي والظالم والمستعمر أيا كان وظلم حكم بيت حميد الدين شمل حتى الأحرار من الهاشميين.

إذا فماذا يريد دعاة الفتنة من اليمن الموحد وأبناء اليمن الإخوة؟ ومن متى سمعنا بعيد الغدير في اليمن أو الاثنا عشرية أنها أشياء دخيلة وعلى الذين يحنوا إلى العهد القديم وللعرش والخلافة نقول لهم قد غويتوا الطريق ونقول لهم ما هكذا تورد الإبل يا عمرو.

* في ظل هكذا وضع أمني وفساد مالي واقتصادي.. اليمن إلى أين؟

- علينا أن نكون متفائلين وأن تكون لنا آمال بقدر طموحاتنا.. ولكن إذا التزمت السلطة بواجباتها ووعودها المقطوعة على لسان فخامة الرئيس وطبق مبدأ الثواب والعقاب وتم إقصاء الفاسدين والفاشلين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب والتف الأوفياء والمخلصون حول الثورة والوحدة وقيادة الرئيس علي عبد الله صالح وأن يستشعر ذلك الجميع سلطة ومعارضة فذلك سيكون أساس النجاح للخروج من المأزق الراهن ولا بد من تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.

* محافظة مارب من المحافظات الواعدة بالاستثمار.. كيف تنظرون إلى ذلك؟

- الاستثمار مطلب اقتصادي مهم حيث انه يمد البلدان الفقيرة بثروات بلدان أخرى وخبرات اقتصادية ناجحة ومن أهم الضمانات لنجاح الاستثمار في بلدنا أو غيرها أن يوجد الأمن والاستقرار وهذا غير متوفر حاليا ومع الأسف أن الذين بأيديهم التسهيلات هم من يقفوا حجر عثرة أمام الاستثمار، حيث يفرضون أنفسهم كحماية أولا ثم شركاء ثانيا وأخيرا قد يسيطرون على المشروع ويطردون المستثمر وهذا الأسلوب شوه صورة الاستثمار في بلادنا ويجب على الدولة أن تتعامل مع المستثمرين بطريقة حضارية تستوعب شروط الاستثمار وتحميه من مصادر القلق وتوفر البيئة والأرضية الآمنة ليخدم وطناً ومواطناً وليس محافظة مارب وأهلها فقط وكذلك الحال في بقية المحافظات.

* في سؤال سابق ربطت بين الفساد وهروب الاستثمار.. من هم الفاسدون؟

- أنا لم أربط بين الفساد وهروب الاستثمار ولكل سؤال جواب وقد سبق مني جواب حول الاستثمار أما من هم المفسدون فالفساد والمفسدون حقيقة قائمة بذاتها وتكفينا شهادة الرئيس والمرؤوس، والذين يفرضون الفساد هم المحتكرون للمسئولية والمحتكرون للمال وقد نرى هذه الأيام شخصية واحدة يحمل هاتين الصفتين والمفروض عليهم الفساد هم أصحاب الدخل المحدود وعامة الناس من الجيش والأمن والموظفين وغيرهم. لقد أوصلوا الناس إلى حالة مزرية وعلى سبيل المثال لو ندرس حالة واحدة لرب أسرة له مرتب نفترض أنه 20000 ريال وله أسرة تتكون من ثمانية أفراد ولو قارنا بين الدخل والنفقات الضرورية لحياة كريمة وهي هدف من أهداف الثورة سنجد الإجابة أن راتبه لا يفي بـ20% مما هو ضروري ناهيك عن الإنفاق في غير ذلك، فمن أين يأتي بتسديد العجز لميزانيته المعيشية المطلوبة .. ماذا سيحدث؟! وهذا هو أحد أسباب الفساد يذهب الموظف ليعمل في أعمال أخرى أو يمد يده للرشوة أو يذهب ليرتكب الجريمة وهذا عين الفساد.

* لكن الدولة أعلنت عن إنشاء هيئة لمكافحة الفساد وغيره.. ما رأيكم؟

-نأمل من هذه المؤسسات أن تحقق إنجازات في ما أنشئت من أجله ونجاح تلك الهيئات يتوقف على حسن اختيار المسئولين فيها، بأن يكونوا من المواطنين والنزيهين لأن الوضع يتطلب الجدية وإيقاف العابثين، كما أرجو أن لا يتكرر ما حدث في لجنة مكافحة الثأر حيث تم اختيار ناس من مصادر القلق ومنشأ الثأر وكيف يعالج مشاكل الناس من هو أساس مشاكلهم وينطبق هذا على بقية الهيئات الأخرى.

*وماذا عن هيئة الأمن القومي؟

- هذه هيئة يعول عليها الجميع وإذا كان هناك طموح لنجاحها فيجب أن يستقطب فيها من جميع أفراد المجتمع اليمني وشرائحه ومحافظاته وذلك من أجل تظافر الجهود لمكافحة الانحرافات وحماية الأمن الوطني والقومي وبسط نفوذ دولة النظام والقانون بأسلوب وطني عادل لإعادة الثقة في كل المجالات العملية.

* ما هي رؤية الشيخ القردعي للمعارضة؟

- تقدم الشعب وتطوره مسئولية جميع أبناء الشعب سلطة ومعارضة وذلك أساس النجاح وعلى الجميع الالتزام بأسس العمل الديمقراطي ومبدأ التداول السلمي للسلطة وعلى المعارضة أن تعطي فرصة للسلطة أن تعمل وتتحمل مسئولياتها وتنفذ خططها بدون صنع العراقيل والمشاحنات الغير منطقية لأننا أبناء وطن واحد وشعب واحد والأفضل منا من عمل بإخلاص لهذا الوطن والشعب الموحد وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية وذلك عين العقل والمسئولية.

* أنت هنا تجامل الرئيس والسلطة وتحمل المعارضة مسئولية هي بعيدة عنها؟

- لا .. لا .. وقبل أن أجيب عن السؤال أقول إن موقفي من الرئيس ووفائي له ينبع من وفائي وإخلاصي للثورة والجمهورية والوحدة وللمبادئ وللأهداف التي من أجلها ضحى وناضل كل يمني غيور وبقائها وتعزيزها يبقى على عاتق فخامة الرئيس ومسئولية الأمناء والمواطنين أن يلتفوا حول حامل الراية وأن يجعلوا المصالح العامة فوق المصالح الخاصة.

ومع هذا فإن ذلك لا يمنعني أن أقول كلمة الحق وأحمل طرفاً دون آخر مسئولية الفساد وتردي الأوضاع ولكني أقول إن فخامته قد وعد وقال: لن أبقى مظلة للفساد..الخ. فأقول لماذا لا نساعد الرئيس سلطة ومعارضة لتنفيذ برنامجه ووعد الحر دين عليه. ولعلمك يا أستاذ عبده لن أكون أبدا من المتمصلحين الذين يقولون للسيد الرئيس كل شيء تمام كذباً وزوراً.

* كيف علاقتك بالرئيس علي عبد الله صالح؟

- في الحقيقة لي معرفة بفخامة الرئيس منذ عام 1976م يوم كان قائدا للواء تعز وكنت أنا طالباً في المركز الحربي ثم مدرساً برتبة نقيب وبعد توليه رئاسة الجمهورية أصبحت المعرفة أقوى ولا زالت وستبقى. وللرئيس ذاكرة قوية ومعرفة ولديه خلفية أكثر مما لدي أو لديك عن دور آل القردعي ونضالهم وهو لا يحتاج إلى توضيح.

* هل تطالبون برد الاعتبار للشهيد علي ناصر القردعي من خلال المساحة والدور الذي ظهر به في مسلسل نجوم الحرية؟

- إن دور واعتبار الوالد الشهيد لم يسلب حتى يرد واسمه وتاريخه النضالي أشهر من نار على علم في أحلك الظلم خصوصا في عيون المنصفين الوطنيين وعامة المجتمع اليمني وهناك شرذمة من مرضى النفوس الذين هم حثالة مخلفات حكم الطغاة آل حميد الدين أو من الذين هم أقزام أصلا ويرون قياسهم مع العظماء شيئا صعبا ولذلك لا نهتم لهم.

* الزائر لمنطقتكم (مديرية رحبة) لا يلمس فيها مشاريع حديثة وخاصة الطريق لماذا؟

- المشاريع الأولية مثل المدرسة والمستوصف توفر مثل أي منطقة أخرى ولكن هناك ما هو أهم وهي الطريق لأنها عصب الحياة وقد سبق أن وجه الأخ/ الرئيس بأمر في ثمانينات القرن الماضي بشق وسفلتة طرق الجوبة/ رحبة/ رداع ولكن لأن هذه الطريق تمر بمنطقة مسقط رأس الشهيد القردعي لم يتم التنفيذ لغرض في نفس يعقوب مع العلم أن هذه الطريق لو نفذت لقدمت خدمة لسكان ثلاث محافظات حيث أن منطقة رحبة ترتبط وتتصل بمحافظة صنعاء من جهة الشمال الغربي وبمحافظة ذمار من جهة الغرب وبمحافظة البيضاء مديرية رداع من جهة الجنوب ومن مميزات هذه الطريق: 1- أنها الأسهل في الشق. 2- أنها الأقرب التي تقف على مفترق طرق ثلاث محافظات. 3- أنها الأقرب لربط العاصمة بالمحافظات الجنوبية والشرقية.

كما أن هناك توجيهاً آخر من فخامة الرئيس بسرعة العمل في طريق ذمار- بينون/ مارب سوف تمر بمنطقة رحبة وتخدم ثلاث محافظات أيضا وهي تستحق أن تكون طريقاً استراتيجية ولكننا سمعنا أن هناك من يخطط لأنتنحرف إلى جحانة ثم تتجه نحو سلسلة جبلية تشبه سلسلة جبال الهملايا ثم تعود لتنحرف كي لا تمر بمركز مديرية رحبة.. لماذا؟ لأنها مسقط رأس الشهيد القردعي ونفس الغلط موجود في طريق رداع/ مارب وكان هناك إصرار على أن تمر هذه الطرق شمال ويمين مركز مديرية رحبة وهذا انحراف غريب لا يقبله عقل او منطق.. ولكن ماذا نقول لمن أعماهم الحقد وإن كان لا زال لدينا أمل في الأخ/ الرئيس ونقول له: إن الذين لا ينفذون أوامره هم عصابة الفساد في هذا الوطن.

* شيخ أحمد تكرر ذكر الفساد.. وحتى الرئيس علي عبد الله صالح يعترف بالفساد وكذلك رئيس الوزراء والوزراء والمحافظون فمن هم الفاسدون؟ هل الشعب هو الفاسد؟

- الفساد تجاوز كل الوصف والبلد متجه إلى مستقبل مجهول والجميع مشاركون في الفساد بنسب متفاوتة ومنهم من فرض الفساد ومنهم من فرض عليه. ولكي لا نظلم أحداً أو نتيه ونتيه الموضوع بتعميم النقد نقول: إن هناك من يستغل الأخطاء فيرمي بها ليقضي على غيره لغرض في نفس يعقوب ويحاول أن ينزه نفسه وهذا أسلوب المعارض مع أنهم شاركوا في الفساد عندما كانوا في السلطة والآن كونهم بعيدين عن السلطة يحملونها المسئولية بعذر أن ليس بأيديهم شيء لتسيير الأمور وقد يكون معهم حق الآن ولكن أين كانوا يوم شاركوا في السلطة وشاركوا بقوة في الخراب والفساد والفيد وعلينا جميعا أن نتحمل النقد والنقد الذاتي وعلى سبيل المثال أنا مؤتمري صحيح ولكن بطني نظيف والحمد لله شأني شأن الكثير من المؤتمريين وأبناء الشعب اليمني، كلنا مهضومون مظلومون في شمال اليمن وجنوبه.. شرقه وغربه والفاسدون عصابة معروفة وإذا توفرت نية الإصلاح يمكن تساقطهم كأوراق الخريف وإذا ما تم ذلك في عهد الرئيس فإنه سيضيف منجزاً جديداً إلى منجزاته السابقة.

* يقال إن هناك أولوية في المنح الدراسية والعسكرية لأبناء الشهداء كم كانت حصة آل القردعي وقبيلة مراد؟

- وهل ترك الفساد فرصة لابن شهيد أو مواطن وعندما نتعمق في الفساد ومواقعه واسبابه نجد أنه فساد منظم ومدروس الأهداف. وهذا أمر خطير جدا .. فمثلا نرى في الجانب التعليمي الذي يعول عليه الجميع لبناء العقل البشري، جيل يتحمل مسئولية صنع مستقبل أفضل وهذا التفكير لا يوجد في بلادنا، فالوضع والأسلوب التعليمي مخيف وكأن هناك إعداد لمجتمع (أسياد وعبيد) وهذا لا يليق بمن يقود مسيرة الثورة والجمهورية ذات الأهداف العظيمة. لماذا يجهلون أن توجيه الشعوب للرقي والتقدم يكون بالعلم وعكس ذلك الفقر والجوع والمرض. إذا كيف يتجاهلون ما يحدث في الجانب التربوي والتعليمي ابتداء من بناء شخصية المعلم التي يجب انتقائها من حيث العقل والدين والأخلاق والثقافة.. إن الناس تتهافت على درجات التربية طمعا في الراتب وليس هناك معيار محدد لشخصية المدرس ومؤهلاته وقدراته ولم نعد نفكر في منح دراسية لأبناء الشهداء ولكن تفكيرنا أصبح يهتم بما يحدث في مناهج التربية والتعليم كون ما هو حاصل لا يبشر بخير.

* هل من توضيح لهذا الذي لا يبشر بخير؟

- كيف ونحن نسمع أن الدرجات تباع لمن يدفع أكثر وأن موعد الامتحان يأتي وبعض المدرسين لم يغطوا جميع مواد المنهج الدراسي، كما أن بعض الكتب المدرسية لم تصل إلى المدارس فيقوم موظفو التربية بإعطاء درجات للطلبة في هذه المواد ليغطوا تقصيرهم وفشلهم.. هل رأيت أكثر من هذا فساداً وغشاً وزوراً وبهتاناً رسمياً. هل أصبح الغش مادة يتعلمها الطالب؟

من هنا يربى ويترعرع الفساد.. إن المسئولين في التربية غير مهتمين بجيل المستقبل، هم مهتمون بتقاسم المنح الدراسية يوزعونها على أبنائهم وأسرهم وأبناء المسئولين أمثالهم.. إنهم غير مهتمين بالعملية التعليمية كون أولادهم لا يدرسون في مدارس أبناء الشعب إنهم يدرسون في مدارس خاصة وبعدها يبعثون للدراسة خارج الوطن ثم يعودون مسئولين على أبناء الشعب.

ولذلك فسياستهم أن يتركوا أبناء هذا الشعب يضلون الطريق وإلا كيف نفسر أن للثورة ما يقارب نصف قرن ولا زالت البنادق والرشاشات تزمجر بين أبناء القبائل سعيا في رحلة تيه لا نهاية لها تسمى الأخذ بالثأر وهو ليس كذلك إنه الجهل يا سادة القرن العشرين.