ضربة أمريكية تسحق قيادات حوثية بارزة والمليشيات تتكم غروندبرغ في سلطنة عمان يناقش الحوثيين ومسقط عن الأزمة الاقتصادية في اليمن ويطالب وفد المليشيا بالتنفيذ الفوري بغير شروط لأحد مطالبه الحوثيون يعلنون استهداف أهدافا أمريكية حساسه وواشنطن تلتزم الصمت حتى اللحظة معارك ترامب القادمة في المنطقة كيف سيتم ادارتها وتوجيهها .. السياسة الخارجية الأمريكية في رئاسة ترامب الثانية عن مستقبل حماس في الدوحة.. قراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة وفد من مكتب المبعوث الأممي يصل جنوب اليمن ويلتقي بمكتب وزير الدفاع عضو مجلس القيادة يبحث مع ولي العهد الاردني الملفات المشتركة بين البلدين ورشة تدريبية حول مفاهيم العدالة الانتقالية بحافظة مأرب أول المستفيدين من فوز ترامب.. بيتكوين تقفز إلى نحو 90 ألف دولار اليمن يستعد لخليجي26 بمباراتين في قطر بقائمة تضم 28 لاعباً ''الأسماء''
يدور هذه الأيام جدل واسع في الساحة السياسية والدينية اليمنية حول منح الرئيس علي عبد الله صالح وأركان نظامه حصانة ضد الملاحقات القضائية. والجدل ذاته يدور أيضا خارج اليمن بين الدوائر الحقوقية والسياسية الدولية في واشنطن ونيويورك ولاهاي.
في الداخل الشيخ محمد الحزمي، وهو عضو حزب التجمع اليمني للإصلاح ذي التوجه الإسلامي، ذكر أن قانون الحصانة «مفسدة صغرى» وذهاب اليمن إلى حرب أهلية في حال عدم إنفاذ القانون «مفسدة كبرى» حسب التعبير الكلاسيكي في الفقه الإسلامي، وعليه فإن دفع المفسدة الكبرى أهم من مترتبات المفسدة الصغرى، حسب الشيخ الحزمي الذي قال: «إن كلمة الحق ينبغي أن يسمعها على السواء الحاكم الجائر والشارع الثائر». وهذا هو رأي رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة الرجل الذي لسجله الناصع قاد حكومة الوفاق في اليمن رغم عدم انتمائه إلى أي من أحزابها، حيث ذكر في لقاء له مع قناة «العربية» أنه لا مناص من إنفاذ القانون، لأن البديل هو الحرب الأهلية، وذلك توجه حكومة الوفاق بشكل عام. وملخص هذا التوجه أن قانون الحصانة حالة استثنائية أجبرت الضرورة على الأخذ به. هذه وجهة نظر يقابلها أخرى تتحدث عن دماء الشهداء والوفاء لها، ومعاناة المصابين والقصاص لهم، والتعاطف مع أسر الضحايا، وضرورة عدم مكافأة الرئيس صالح بالحصانة، ومخالفة القانون لأساسيات حقوق الإنسان، والقوانين الدولية، وغير ذلك من مسوغات لا خلاف عليها. والخلاف في الرؤيتين يختصر الخلاف بين «السياسي» و«الحقوقي»، فإذا كانت السياسة هي فن الممكن، أو بعبارة أخرى فن «ما هو كائن» فإن القضاء هو فن «ما ينبغي أن يكون»، وبين الرؤيتين خلاف في الوسائل وإن ظهر اتحاد الغايات.
وعلى الصعيد الدولي هناك أيضا رؤيتان: واقعية سياسية ومثالية حقوقية؛ الأولى تتمثل في المبادرة الخليجية التي لم تعد مبادرة إقليمية وحسب بعد أن أصبحت مدعومة بالشرعية الدولية ممثلة بالقرار 2014 الصادر عن مجلس الأمن، وقد نصت المبادرة على ضرورة إعطاء الرئيس صالح والعاملين معه حصانة من الملاحقات مقابل تنحيه عن الحكم. وقد عبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند عن ذلك عندما قالت: «البنود المتصلة بالحصانة تم التفاوض في شأنها في إطار اتفاق مجلس التعاون الخليجي بهدف تنحي صالح» وأكدت على ذلك بقولها: «ينبغي أن تدرج في قانون». وهذا هو ملخص الموقف الدولي. وعلى الجانب الحقوقي دعت منظمة العفو الدولية الاثنين الماضي البرلمان اليمني إلى رفض مشروع قانون منح الحصانة للرئيس اليمني وأقاربه، وأكدت الناطقة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن القانون غير شرعي. ولكن إذا كان الحقوقيون ينظرون من زاوية حقوق الإنسان، وهي بالطبع أمر مقدس، غير أن السياسيين لهم مقارباتهم المختلفة إلى حد ما لهذه القضية مع عدم الاختلاف حول جوهرها بين الحقوقي والسياسي، ففي الوقت الذي يرى الحقوقيون أن قانون الحصانة إجحاف في حقوق الإنسان اليمني، وتهاون أمام الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون السلميون، فإن السياسيين يرون في القانون ذاته حفاظا على حقوق الإنسان بمنع المزيد من القتل والانتهاكات.
أنا شخصيا مع القانون لعدة أسباب؛ أولا هذه ثورة شعبية وليست ثأرا قبليا، ثانيا دماء الشهداء لم تذهب هدرا إذا أنجزت التغيير السياسي، ثالثا المطالبون بالمحاكمات في معظمهم أناس ليسوا من ذوي الشهداء ولم يقدموا تضحيات، وإنما هم من أهل الصفوف الخلفية في المظاهرات والمسيرات، هذا على افتراض أنهم يشاركون في هذه المسيرات، أما معظم ذوي الشهداء والضحايا فهم على قدر كبير من الوعي بطبيعة الأهداف التي ضحى أبناؤهم من أجلها، وهم أوسع أفقا من كثير من المزايدين باسمهم سياسيا وإعلاميا، ورابعا أن جرائم موازية حدثت للطرف الآخر مثل جريمة مسجد الرئاسة وجرائم كثيرة راح ضحيتها عدد من أفراد القوات المسلحة والأمن سواء المؤيدة للثورة أو الموالية للرئيس، وبالتالي فإن التركيز على جريمة دون غيرها عمل لا يدخل في دائرة الإنصاف، وخامسا أن بعض المعارضين للحصانة لا يعارضونها لأنهم يريدون رأس صالح، بل يعارضونها لأنهم يريدون رأس اليمن، وذلك لأنهم لا يعيشون إلا على وجود حالة من الصراع داخل الصف الوطني الذي سينشغل عن مشاريعهم الصغيرة التي يسعون لتحقيقها بمزيد من الصراع ومزيد من الفرقة، والحوثيون أوضح مثال لهؤلاء، وسادسا أن الرئيس صالح لم يكافأ بهذا القانون كما يطرح البعض، بل إن المبادرة الخليجية جعلت الحصانة مقابل التنحي عن الحكم، وليس في ذلك مكافأة، بل إن فيه التزاما من الرئيس نفسه ومن المجتمع الدولي بتنحيه وتخليه عن مسؤوليات الحكم، لأن الحصانة مع الاستمرار في الحكم لا معنى لها، وسابعا أن الموقف الدولي الذي كان عاملا حاسما لجهة إنجاح الثورة اليمنية ومنع القضاء عليها يؤيد منح الحصانة، والمزايدة بالدعوة إلى غير ذلك تضع أصحابها أمام الرعاة الدوليين والإقليميين للمبادرة الخليجية، وثامنا أن التلكؤ في تمرير القانون سيعطي المبرر للنظام للانسحاب من المبادرة التي قبلها بعد جهود مضنية من الداخل والخارج، وتاسعا وعاشرا أن اليمن يستحق أن يضحى لأجله والمصالحة الوطنية تقتضي ذلك، وما دامت الثورة نجحت في إحداث التغيير المنشود، أو على الأقل بدأت في السير على طريقه فإنها ستصل للهدف الكبير، المتمثل في الدولة المدنية الديمقراطية.