الالتفاف على إرادة اليمنيين برئاسة فخرية غير دستورية
بقلم/ علي محسن حميد
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 17 يوماً
الأحد 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:45 م

تعددت مناورات التهرب من الالتزام بتنفيذ المبادرة الخليجية وآخر ما صدر عن الناطق الرسمي اليمني أن الرئيس صالح لايريد السلطة وسيكون رئيسا فخريا حتى عام 2013. لقد كان يعني مايقول ولم يكن يهرف بما لايعرف أو يجس النبض أوردود الأفعال.هذا القول لم يهتم به أحد نتيجة تعدد تمنيات ورغبات ومراوغا ت الرئيس صالح منذ قبوله للمبادرة الخليجية التي تطلب منه التنحي النهائي والشامل عن السلطة وقطع أي صلة بها.

نحن في ساعة مصير وفي الساعات الأخيرة الحاسمة من عمر ثورة نبيلة وسلمية طال انتظارها وأكملت في 11 نوفمبر شهرها التاسع.لذلك لايمكن القبول مطلقا بأي التفاف على الثورة وإفراغها من مضمونها النهضوي والوطني كما أفرغ الرئيس ثورة سبتمبر والوحدة من كل قيمة ومعنى. الناطق يحاول سبر الأغوار لعل عسى أن ينجح الرئيس الذي لايتخيل نفسه خارج دار الرئاسة وصولجان السلطة وهيلمانها ولو في نطاقها الشكلي. وليس من المستبعدأن يصاب الرئيس بانتكاسة عقلية بعد خروجه من السلطة نتيجة توحد شخصه مع السلطة وهزيمة مشروعه في البقاء الأبدي في السلطة ثم توريث الجمهورية لإبنه . الرجل لايدرك أن الزمن تغير والفاعلون تغيروا وما كان لعبة سلسةا لتزوير الإرادة الشعبية بالأمس تحت راية الديمقراطية والشرعية والدستور أصبح لعبة بالية وسقيمة اليوم .

لقد استفز الملايين في اليمن ما قاله المتحدث عن رغبة الرئيس صالح السالفة الذكر الذي تعددت تسويفاته وتهرباته من استحقاق حتمي كمخرج وحيد يعيد لليمن استقراره ويضعه على طريق النمو والسلم الاجتماعي واستجابة لرغبة يمنية وعربية ودوليةعارمة تحثه على التنحي السريع طبقا لمبادرة قبلها وسعى إليها هو شخصيا و تعززت وتدولت بقرار مجلس الأمن رقم 2014. لقد تعددت الحيل ولكن الهدف واحد.

وفي هذا المضمار تفوق الرئيس حتى على إبليس .كثير من العرب يقارنون بين مايجري في اليمن وسوريا وماجرى في ليبيا بمصر وتونس ويمدحون مبارك وبن علي لأنهما عندما شعرا بكير الثورة وسخونته غادرا السلطة بخسائر محدودة وبدون تدمير للمساكن والمنشئات وتبني سياسة العقاب الجماعي النازية كقطع الكهرباء والغاز والماء وخلق أزمة تموينية وقصف المنشئات الصحية واحتلال بعضها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية كما هو حاصل في تعز وتشريد المواطنين إلى الكهوف كما هو حادث في أرحب.كل ذلك مجرّم بحكم القانون الدولي ويخضع الفاعل للمساءلة أمام محكمة الجنايات الدولية كضيف عند اوكامبو كمجرم حرب أوأمام محكمة وطنية. الرئيس ورهطه ظلوا يدوشون الشعب والرأي العام العربي و الدولي بالحديث عن الشرعية الدستورية واحترام الدستور وإرادة الناخبين الذين زيفت إرادتهم عام 2006 وفي كل الانتخابات السابقة بدون استثناء.

الرئاسة الفخرية انتهاك صارخ للدستور من قبل من يرفض التنحي إلا طبقا للدستور لأنه لايوجد نص دستوري يسوغ هذا التحايل على الإرادة الشعبية.

وليس لذلك من تفسير سوى أن الرئيس يريد البقاء في القصر ليحيك المؤامرات ضد الثورة ولإفشال تنفيذ المبادرة الخليجية على الأرض بعد التوقيع عليها ولوأد النظام الهجين القادم مستندا إلى حماية القوات العسكرية والأمنية التي يسيطرعليها إبنه وإبني أخيه والتي أظهرت الثورة الشعبية أنها هي كل مامعنا وأنه لايوجد جيش وطني حقيقي وقوى أمنية وطنية وأن مئات الألاف من هؤلاء موجودين فقط في كشوفات المرتبات التي تذهب إلى جيوب خاصة يعرفها الرئيس الذي رفض مقترحات البنك الدولي لإصلاح مالي في القوات المسلحة .حروب صعدة الستة بين الأعوام 2004 و2010فضحت من جانبها مزاعم االسلطة عن قدرات الجيش وفاعليته. الرئاسة الفخرية مساومة خاسرة يراد منها القفز على دستور لم يعمل به ولم يحترم طوال عهد صالح وهي تعكس عقلية حاكم مطلق يتصور أنه مالك الدستوروكل السلطات . الرئيس يعي جيدا عدد المرات التي تلاعب بها بنصوص وروح الدستور وداسه تحت أقدامه ولم يعلي من شأنه إلا عندما وظفه لخدمة أهدافه. لاشك أنه واهم لأن هذه الرغبة لاتملك ذرة من النجاح الأن لأنها غير دستورية ومرفوضة جملة وتفصيلا من جمهور الثائرين على النظام ودستوره الذي انتهكه طوال عقدين من الزمن بالتعديلات "لتعزيز المشاركة الشعبية" التي لم نعرفها طوال فترة حمكه أو "لتعميق الممارسة الديمقراطية" وهذه هي مفرداته ومبرراته عندما عدل الدستور مرتين في غضون سبع سنوات ليكون منصب الرئاسة سبع سنوات بدلا من خمس ثم خمس سنوات في تعديل ثان. وكانت الفضيحة الدستورية العظمى هي تعديل المادة 112 في يناير من هذا العام التي سبقتها تصريحات حزبية من المؤتمر الشعبي العام امتلكت الثقة والجرأة على انتهاك قدسية الدستور بعد تزوير الانتخابات البرلمانية في مصر بكسرعداد الفترة الرئاسية ثم تصفيره ليبقى الرئيس رئيسا إلى الأبد. الرئيس تراجع عن هذه التعديلات بعد أن أقرها برلمانه في يناير من هذا العام بعد يوم واحد من خطاب الرئيس السابق مبارك في 1 فبراير بأنه لن يرشح نفسه ولن يورث السلطة لإبنه.

الرئيس وصف من سعى إلى هذه التعديلات بالمحبين وبذلك أثبت أنه يحبهم أكثر من حبه للدستور وبرهن أن هذه التعديلات لم تكن بعيدة عن رغبته . وليعلم الرئيس المعتمد على ممارسة شرعيته على القوة الباطشة والاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين وليس للشرعية الدستورية أنه لم يعد في مقدوره أن يناور وينجح لأن الملايين من الشباب له بالمرصاد حتى لو قبل المشترك والمجلس الوطني بهذا الاقتراح غير الدستوري. إن كل مناورة لاتقود سوى إلى تطويل أمد الأزمة وزيادة معاناة الناس ليس في المدن الثائرة وحدها وإنما في كل أنحاء اليمن. صحيح أن الرئيس لم يكن يهمه أمر الشعب في الظروف الطبيعية وبالتالي لن يرق قلبه لحاله في هذه الظروف الكارثية التي حذرت من عواقبها الوخيمة منظمات دولية عديدة لايولي الرئيس برغم مسئوليته الدستورية أدنى اهتمام لما تقول.

لقد حنث الرئيس بالقسم الدستوري تسع مرات وهو يقسم على المصحف في المرات التسع بأنه سيحترم الدستور ويرعى مصالح الشعب التي اختزلها ووحدها مع مصالحه وأهوائه الخاصة. لقد حنث الرئيس بقسمه على المصحف مرات عديدة وعندما كان يواجه بعتاب لهذا الحنث كان يرد هذه سياسة وأنتم لاتعرفون السياسة. السياسة لديه تعلو على كتاب الله وعلى الدستور وكل القيم وهذا هو فهم وإدراك الرئيس للسياسة الذي كان من المحرضين في 1993 على التظاهر لتكون الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وليس الأساسي. الرئيس هو الحاكم المطلق الأول في الوطن العربي و الثاني بعد لويس الرابع عشرالذي ثار ضده الفرنسيون في 1798 وأنشأوا على أنقاض نظامه الملكي جمهورية تعثرت لسنوات ولكنها بمرور الوقت استعادت زخمها وروحها. جمهوريتنا عليلة وسقيمة منذ 1962 وعلى وجه الخصوص منذ أن سطى هذا الرئيس على السلطة بالاغتيال والمال العام وحولها إلى إقطاعية أسرية ومناطقية وعسكرية ولكن شعبنا سيعيد لها الروح والثقة فيها. لذلك حذار من قبول لعبته الجديدة بقبوله رئيسا فخريا .إن الرئاسة الفخرية لايطلبها صاحبها وإنما تمنح له طواعية وعن رضا تقديرا لخدماته وهي في حالة صالح معدومة تماما لأنه لم يحترف طوال رئاسته سوى سياسات الخراب والإفقار والتجهيل . من البراهين أن عشرات الألاف من اليمنيين يفدون إلى مصرسنويا للعلاج المفقود في وطنهم وأن طائرة الخطوط اليمنية عندما تصل إلى مطار القاهرة تسمع من يقول عنها وصلت " طائرة العيانين".

وفي 23 مايو من عام 2010 بثت قناة الجزيرة تقريرا عن بيع اليمنيين تحت ضغط الفقر لكلاهم في مصر والقرنيات في مصر والأردن. هذا هو يمن صالح عديم المنجزات.

وهذا طبيعي لرئيس لم يكن رئيسا إلا لحفنة من اليمنيين لذلك فاليعقلها ويتوكل ويترك للشعب تدبير أحواله بعيدا عنه وعندها ستأتيه أخبارا طيبة من النوع الذي لم يكن يريد سماعه وهو في سدة السلطة. إن الشعب الذي يقتل أبناءه يوميا قرر مصيره بالدم والمعاناة والجوع ولم يخضعه أو يضعفه العقاب الجماعي ولن يقبله بعد اليوم ولن يتراجع . لأن لم يوجد شعبا قال لقاتله وناهب خيراته المحدودة نحن نحبك ونقبلك حاكما مطلقا ؟. لقد شب الشعب اليمني عن الطوق.

الرئيس الإسرائيلي السابق موشى كتساف حكم عليه بسبع سنوات سجن لتحرشه بسيدة .أما هو فقد اغتصب إرادتنا وليس فقط تحرش بها لمدة   33عاما ويوم الحساب قريب وليس بعيد وعسير وليس يسير وبحسب شرع الله الذي ضاع  في عهده.

حادث الدكتور المتوكل:

أصاب حادث موتور سيكل في 3 نوفمبر الدكتور محمد عبدالملك المتوكل عضو المجلس الوطني في رأسه وتسبب بكسر في الجمجمة وفقدانه الوعي. وزارة الداخلية تسرعت بتبرئة الجاني ووصفت الحادث بالمروري. وظل الرجل عشرة أيام في صنعاء المريضة بدون عناية طبية مناسبة. الحادث بحد ذاته فضيحة طبية لسلطة لايوجد في عاصمتها مستشفى واحدة مكتملة التجهيزات ومالكة لكفاءات طبية وطنية وتفتقر إلى رعاية طبية لائقة لمثل هذه الحالات. ومن جهة ثانية لم يكلف الرئيس نفسه الاهتمام بقائد وطني بارز ويأمر في الوقت المناسب بنقله إلى الخارج للعلاج على نفقة الدولة.

أمور مثل هذه تكون في نطاق سلطة وزير الصحة وليس رئيس الدولة ولكن في دول السلطة المطلقة كل شيئ بيد رجل واحد.ولهذا السبب انتظرت أسرة الدكتور المتوكل عشرة أيام حتى تم نقله إلى الأردن وفي العشرة الأيام هذه تدهورت حالته وربما كان هذا هو المراد.

الأهم بجانب تمنياتي وكل محبي الدكتورله في كل اليمن بالشفاء العاجل هوأن يتذكر اليمنيون حوادث اغتيال نجحت وأخرى فشلت وشخصيات وطنية اختفت وأن يضعوا علامة استفهام مؤقتة حول هذا الحادث.