مأرب برس - خاص
لا نستغرب سلوك البعض ممن يمارسون الرذيلة السياسية في بيوت الدعارة الأمريكية أو بيوت المتعة الصفوية، وارتضوا لأنفسهم ان يكونوا مطية يركبها ويسيرها الأمريكان والفرس لتحقيق نزواتهم التوسعية والسادية لتدمير العراق ونهب ثرواته، وفي الوقت الذي قل فيه المرود الدموي من اقتتال العراقيين بعضهم مع بعض لأسباب طائفية ومذهبية بدأت هذه المرة إشعال جذوة حروب جديدة لم يعهدها التأريخ القديم والحديث وهي حروب المساجد والأضرحة، وكانت الخطوة الأولى في هذا المسار تدمير العتبات المقدسة في سامراء في عصر إبراهيم الجعفري الأسود وكانت العملية مفبركة بطريقة اقرب للسذاجة منه للفطنة ولا بأس من الرجوع قليلاً للخلف لاستذكار بعض الأمور التي قد تضفي بعض الشعاع على التفجيرات اللاحقة في سامراء فيبدو أن الجريمة واحدة والمجرم واحد والطريقة واحدة والمؤامرة واحدة والتحذيرات المسبقة نفسها وتجاهلها تم بنفس الأسلوب؟ كانت التفجيرات السابقة أشبه بلعبة فك الإلغاز تتضمن مربعات فارغة تحتاج الى القليل من الفطنة والتفكير ليتم التوصل الى اختيار الكلمة المناسبة وحل اللغز، أولها في يوم ما خرج العديد من الرجال الوطنيين كالشيخ حارث الضاري وعدنان الدليمي لينبهوا العراقيين الغيارى والعرب والمسلمين من وجود مؤامرة تحاك في ليل دامس ضد أبناء الطائفة السنية، وأنها ستؤدي الى حمامات من الدماء، وطالبوا الحكومة البائسة برئاسة الجعفري والشرفاء في العالم لينتبهوا لهذه المؤامرة البشعة ونتائجها الكارثية ؟ ولكن الجعفري وحكومته بتقصد وسبق إصرار أعطى الأذن الطرشاء لهذه الدعوات الشريفة وحدث ما كان في الحسبان؟ وهذا يعني أن الأمر مبيت له والكلمة المناسبة للفراغ"الضلوع" وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع التفجيرات الثانية فقد تبين إن جهاز المخابرات أعلم حكومة المالكي بأن هناك عملية تستهدف تدمير المرقدين الشريفين في سامراء لكنه قلد توأمه الجعفري متخذا نفس الموقف لغاية في قلب يعقوب؟ فقد ذكر مصدر في جهاز المخابرات العراقية بأن الجهاز قدم تقريرا سريا مدعما بالوثائق والمعلومات عن تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء وهجوم آخر على مرقد الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله في البصرة واحتلاله لمدة وجيزة وتفخيخه قبل الانسحاب منه وتم تعميم هذه المعلومات الخطيرة على الرئاسات الثلاث وقيادة القوات المشتركة بكتاب سري وشخصي وطلب اتخاذ الإجراءات الاحترازية خشية إشعال فتنة طائفية؟ وهذا ما حدث بالضبط؟ ويستغرب المصدر نفسه من " رد الفعل اللامبالي واللامجدي من قبل المسئولين الأمنيين اتجاه المعلومات التي تمس أمن وسيادة العراق والمواطن؟ وهذا يعني أن الرئاسات الثلاثة والقوات المشتركة والأجهزة الأمنية مسئولة بشكل مباشر عن التفجيرات ؟ ويفترض بالبرلمان التحقيق معهم؟ والأمر الغريب أن الحوزة العلمية في النجف الأشراف أكدت وجود نفس هذه المعلومات لديها دون أن تفتينا بكيفية الحصول عليها أو تقدم تفسير عن سبب السكوت عنها؟ أو توضح أسباب عدم اتخاذها ما يلزم يصددها بما في ذلك حث الحكومة على اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لمنعها؟ فقد تحدث الكربلائي ممثل السيد السيستاني في خطبة يوم الجمعة في الصحن الحسيني بأن السلطات المسئولة كانت لديها معلومات كافية بأن مسلحين سيستهدفون مرقد الإمامين العسكريين مرة أخرى؟ ولننتقل إلى الفراغ الثاني من اللعبة فقد كان هناك حظر تجوال في سامراء قبل التفجيرات الأولى وقد انسحبت القوات الأمريكية من المنطقة قبل إنتهاء الحظر بدون سابق إنذار وبطريقة غريبة، وصاحبها في نفس الوقت إنسحاب القوات العراقية من حراس العتبات المقدسة والذين عددهم (50) حارس، تاركين خمس منهم فقط لحراسة المراقد، بحجة التناوب و وزعت واجبات الحراسة بطريقة جاهلة لا يمكن أن تقوم بها العصابات البسيطة بأن يغادر (45) حارس، وقد تكرر الأمر في التفجيرات اللاحقة فقد حدثت مع انسحاب القوات الأمريكية القريبة من المرقدين وفي فترة تناوب الحراسات بين الوجبة السابقة واللاحقة؟ ومن المعروف أن مدينة سامراء قبل التفجيرات الأخيرة كانت محاصرة من قبل القوات الأمريكية والعراقية بشكل خانق ولم ترخ هذه القوات قبضتها رغم لدعوات التي قدمها شيوخ العشائر والسكان لقوات الاحتلال وربيبتها حكومة المالكي، كما أن تدابير الأمن كانت في اعلي مراحل استعداها ؟ لذلك ليس السهولة استيعاب لقمة دخول الإرهابيين إلى الضريحين الشريفين بهذه السهولة وتفجيرهما والهروب بهذه السرعة فهي لقمة أكبر من الفم ولا يمكن بلعها مطلقا؟ وهذا يعني أن الكلمة المناسبة في الفراغ " التواطؤ"؟ نستذكر جميعاً تصريحات وزير الداخلية السابق باقري صولاغي بعد تفجيرات سامراء الأولى بأن الفرق بين نصب المتفجرات وإنفجارها كان عشر ساعات؟ وكان التفجير الأول أقل قوة وضرراً من التفجير الثاني؟ وهذا يجرنا إلى مراجعة علم الحساب قليلا فأن كان التفجير الأول احتاج إلى(10) ساعات فكم من الوقت يحتاج الإرهابيون لتفجيره بهذه الطريقة المدمرة؟ وإذا افترضنا أنها ما بين(15-20) ساعة فأين كانت القوات العراقية والأمريكية خلال هذا الوقت؟ وكيف تم نصب التفجيرات بهذه السهولة دون مراقبة أو رصد؟ أعتقد أن الكلمة المناسبة في هذا الفراغ هي " التنسيق"!
لقد أعاد التأريخ نفسه في ردة الفعل السريعة ففي التفجير الأول انهالت الخطابات التحريضية لتأليب الشيعة على الانتقام من النواصب والتكفيريين وهذا ما حصل فعلاً، فقد طالب السيد السيستاني الخروج بتظاهرة عارمة رغم أن الموقف كان يتطلب تهدئة النفوس والخواطر وطمأنتها وحسن التدبير وأعلن عمار الحكيم بكل رباط جأش " انهم يريدنا ان نبقى في بيوتنا وهم يدمرون مراقدنا المقدسة" مطالباُ بالثأر ولكن الثأر ممن فالفاعل ما يزال مجهولا؟ وتمكن سماحة السيد السيستاني وهو المنزوي في ركنه أن يستكشف بان المتظاهرين سيدمرون الجوامع السنية، ولم يكن قد طرأ هذا الفعل حينها، مطالباً شيعته بعدم تدميرها ولكنهم لم يقتدوا بمرجعهم ودمروا جوامع السنة ؟ وفي التفجير الثاني أنطلق تصريحات محرضة أيضا لكن هذه المرة بالإيماء واللمز؟ وبدأت عمليات حرق الجوامع السنية ففي بابل أحرقت مساجد المصطفى والبشير وجامع عبد الله الجبوري ومسجد حطين وجامع الإسكندرية الكبير وفي البصرة دمر مرقد الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله ومكتبته التاريخية العامرة بطريقة تدل على مدى استغفال الحكومة للمواطنين بحكايات تذكرنا بحكايات جدتي ؟ فقد ذكر اللواء علي الموسوي بأن أشخاصا جاءوا إلى المرقد متظاهرين بأنهم مصورين وطلبوا السماح بتصوير المرقد من الداخل وبعد دقائق من مغادرتهم دوى انفجار ضخم؟ الغريب أن هذا الفريق الإعلامي كما يفترض يكون قادماً بسيارات خاصة وركب عليها أجهزة تصوير وليس سيارات شرطة؟ كما يفترض أن يكون قدومهم كما هو معهود في وقت مناسب وليس السادسة فجراً؟ ولنفترض إنهم فريق تلفزيوني أليس من المفروض أن يتم تفتيشهم قبل دخول المرقد؟ وكيف تسنى لهم تفخيخ المرقد بهذه السهولة دون أن بصحبهم احد من الحراس؟ وكم الوقت الذي استغرقوه لنصب المتفجرات؟ ثم لم يفسر لنا الموسوي لماذا لن يتخذ تدابير وقائية عد التفجير فمع حالة حظر التجوال دمرت في البصرة جوامع العثمان والحسنين والكواز وحدثت مواجهات حادة في مرقد الأمام مالك؟ ومع هذا لم تتمكن الشرطة الباسلة وضرغامها الموسوي من ألقاء القبض على فاعل واحد ولو واحد فقط احتراماً لمواطنيها؟؟؟ في منطقة الزبير ومسجد العشرة المبشرة توسعت مظاهر التدمير لتشمل (20) جامعا للسنة؟ ويخرج تنظيم جديد يحمل أسم ( كتائب الجنوب العراقي) ليعلن حربه على أولئك الأوغاد الذين لا يحترمون قيم السماء والأرض، محملين جيش المهدي والحرس الوثني مسؤولية تدمير المساجد في البصرة الفيحاء في خطوة تمهيدية لاحتلال الجنوب عند انسحاب القوات البريطانية والأمريكية وذكرت الكتائب بأن رجال الشرطة كانون مشاركين أو متفرجين على عمليات تدمير المساجد، وأكد هذه الحقيقة إقالة المالكي لرئيس شرطة البصرة بسبب تقاعسه و فشلة في الوقوف اتجاه العابثين رغم أن الكل بما فيهم المالكي يعرف أن نسبة الميليشيات في قوات الشرطة تصل إلى حوالي 70% ويذكرنا هذا الآمر بحديث للرسول الكريم أخرجه أبو داود في سننه " ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المسلمين؟ فإذا كان آخر الزمان جاء بني قنطوراء قوم عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينزلوا على شط النهر فيفترق أهلها بثلاث فرق، فرقة تأخذ بأذناب البقر والبرية وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلون وهم الشهداء" وأظن أن الكلمة المناسبة لهذا الفراغ هي" التحريض".
وكما حصل في التفجيرات السابقة عندما وجهت التهمة إلى السنة دون أن تبدأ أول خطوات التحقيق جرى نفس الأمر في التفجيرات اللاحقة فقد وجهت للتكفيريين والسلفيين وأزلام البعث ويراد بهم جميعاً الطائفة السنية مسئولية التفجيرات؟ في الوقت الذي لم يحمل الشيعة وزر تفجير الحضرة الكيلانية أو مرقد الصحابي ابو حنيفة الذي تنهال عليه القنابل والصواريخ يوميا ومرقد الصحابي الجليل طلحة أو جامع العشرة المبشرة وغيرها؟ وكما طلب آنذاك الصدر جماعته بتظاهرة حاشدة وجمع توقيع مليون من أنصاره لأعاده تعمير المرقدين في التفجيرات الأولى قام بتحريض جيشه وإتباعه للقيام بمسيرة إلى سامراء في خطوة وصفها المراقبون السياسيون بأنها أشبه بمن يعطي لطفل بندقية محشوة بالرصاص ليلعب بها؟ ومن الغريب أن تتزامن مع هذه الدعوة عملية العثور على جثث فريق التايكواندو بعد مرور سنة كاملة على اختفائهم على أيدي جيش المهدي؟ والأغرب انه تم العثور عليهم في محافظة الانبار ومن محاسن الصدف أنها الجثث الوحيدة المعلومة الهوية فقد كانت وثائقهم الرسمية موجودة بصحبة جثثهم بطريقة سليمة والجهة التي عثرت عليهم هي الشرطة العراقية البطلة؟؟؟الكلمة المناسبة لهذا الفراغ هي " المؤامرة".
وكما ضيع الجعفري خيوط اللعبة سيعمل المالكي على نفس المنوال فقيامه بطرد رئيس شرطة البصرة و(300) من ضباطه لا يغني عن قيام لجنة تحقيقيه لمتابعة الموضوع ومعرفة الجناة! ولكن ليس من المؤمل أن يتحقق ذلك في هذا العقد أو القرن فاللجنة الماضية لم تتمكن من التوصل إلى معرفة الجناة وكشفهم أمام الرأي العام؟ أو ربما تم التستر عليهم لغاية ما؟ لذلك ليس من المتوقع أن تسفر التحقيقات القادمة عن كشف الجناة المعروفين للعالم كله باستثناء الأجهزة الأمنية العراقية؟ أليس من الأجدر بالحكومة العراقية التي فشلت في التحقيقات السابقة المتعلقة بتدمير المرقدين السابقين في سامراء و التحقيق في موضوع سجن الجادرية واختفاء رئيس وأعضاء اللجنة الأولمبية وغارة وزارة الداخلية على وزارة التعليم العالي وعشرات الآلاف من حوادث القتل والتدمير والسلب والخطف والحرق أن تتنحى عن الموضوع وتستعين بلجنة تحقيقيه من الأمم المتحدة كما جرى في اغتيال الحريري في بيروت؟ أم أن الموضوع واضح لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء والفطنة؟ لقد تضافرت بطريقة غريبة الجهود الدولية لتعمير المراقد فرئيس قوات الاحتلال أعلن عن رغبته بتعمير المرقدين واليونيسيف وقعت اتفاقا لتعميرهما والمالكي عبر عن رغبته بإعادة أعمارهما بالرغم من تكرار هذه الدعوة منذ التفجيرات السابقة في سامراء وكنه لم يفعل على الأرض شيئاً؟ يبدو أن حرب المساجد والأضرحة ستستمر لفترة طويلة طالما أن هناك من يغذيها بالمال والسلاح والفكر الضال! ولكن الذي لم تدركه حكومة الاحتلال الرابعة بعد هي أن تعمير القلوب والعقول كفيل بتعمير المساجد والعراق كله والأسبقية للإنسان فهو القيمة العليا في الحياة؟ الم يذكر الرسول (ص) بأن تهدم الكعبة حجرة حجرة أهون عليه من سفح دم مسلم.
في السبت 23 يونيو-حزيران 2007 01:48:31 م