تعز: مقتل جندي وإصابة آخرين في قصف مدفعي حوثي بجبهة الدفاع الجوي اليمن تبحث عن فوزها الأول في كأس الخليج اليوم أمام البحرين وحكم اماراتي يدير اللقاء المرأة اليمنية.. كيف توفق بين الأدوار الأسرية والمهنية؟ عاجل: تحسن في أسعار الصرف بعد الإعلان عن تحويل نصف مليار دولار كدعم سعودي لليمن ''الأسعار الآن'' واتساب تطلق برنامج وأدوات ذكاء اصطناعي قوية للشركات برنامج الغذاء العالمي يعلن تعليق الرحلات إلى مطار صنعاء واتساب يطلق خدمة جديدة ومذهلة .. إمكانية البحث مباشرةً عن الصور على الويب الفوز مطلب البحرين واليمن.. في مبارة هي الأقوى اليوم الحوثيون ينفذون حملات هستيرية و عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء تحذير أممي من مساعي إسرائيل لتعطيل مطار صنعاء وميناء الحديدة
يتندر التونسيون هذه الأيام بنكتة تقول إن حافظ قايد السبسي نجل رئيس الدولة والمدير التنفيذي لحزب «نداء تونس» لم يعد يتلو في صلواته مؤخرا سوى آية وحيدة هي «أقتلوا يوسف أو إطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم»… أما يوسف المقصود هنا فهو يوسف الشاهد رئيس الحكومة الذي دخل في صراع علني مع حزبه في أعقاب مطالبة حافظ قايد السبسي رئيس حزبه برحيله وإصراره هو على البقاء وتحميله للأول مسؤولية ما آل إليه هذه الحزب من صراعات شتت صفوفه.
قد تكون الأزمة السياسية الحالية في تونس مختزلة في نظر البعض في عملية عض الأصابع بين الشاهد، ومن يساند بقاءه على رأس الحكومة إلى غاية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خريف العام المقبل، وبين قايد السبسي الابن الذي تعاظم دوره في الفتـرة الأخيرة. وقد يراها آخرون محصورة في مسألة واحدة ومحددة هي بقاء الشاهد رئيسا للحكومة من عدمه في بلد عرف سبعة رؤساء حكومات منذ الإطاحة بحكم بن علي في كانون الثاني/يناير 2011، في حين أن عنوانها العريض الأبرز هو مستقبل صيغة التوافق الوطني القائمة منذ انتخابات 2014 بين الحزبين الأبرز «النهضة» و»النداء» إلى درجة القول إن تونس باتت محكومة بـ»شيخين» راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي.
هذا التوجه نحو الصيغة التوافقية في الحكم الذي تقر أغلبية الطبقة السياسية أنها الأمثل لضمان الأمن والاستقرار في البلاد، رغم عيوبها الكثيرة لا سيما سياسة الترضيات المتبادلة بين الطرفين، تكرس بشكل واضح في ما عرف بوثيقة «اتفاق قرطاج» الموقعة في 13 يوليو/تموز بين كل الفرقاء السياسيين حول «أولويات حكومة الوحدة الوطنية» التي جاءت وقتها بالشاهد رئيسا لها. وتكمن أهمية هذه الوثيقة في اتفاق الأطراف الداعمة لها حول «ضرورة الوحدة الوطنية في فترة تعرف فيها تونس أزمة حقيقية» بما أوصل إلى الإقرار بــــ «أهمية تكوين حكومة وحدة وطنية» و»رسم طريق لتجاوز الأزمة التي تعيشها البلاد تمهيدا للدخول بها إلى طور جديد من التنمية يفتح أبواب الأمل أمام شبابها».
المشكل الآن أنه بعد أقل من سنتين من الاتفاق على هذه الوثيقة، تجد هذه الأطراف نفسها، وبمبادرة جديدة من رئيس الدولة الذي رعى الأولى، تخوض في وثيقة جديدة سميت «اتفاق قرطاج 2» التي علقها الرئيس مؤخرا بسبب عدم الاتفاق على كل بنودها رغم أن الجميع اتفق على 63 نقطة ولم يختلفوا إلا على النقطة الأخيرة الـــ 64 وهي التي تتعلق برئاسة جديدة للحكومة حيث تبناها البعض وأراد البعض الآخر تقديم تصور آخر لها لا يشمل ذهاب الشاهد وحكومته.
النقطة الــ 64 وهي «العقدة في المنشار» قسمت في النهاية الذين اتفقوا على مجمل النقاط التي سبقتها مما أعطى الانطباع، عن حق أو باطل، أن إشكالية الحكم في تونس ما زالت مرتهنة للاعتبارات الشخصية المحضة مع أن القضية أعقد من ذلك بكثير. وهنا أطلت برأسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل فكيّــفت طبيعة التعامل مع قضية بقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة أو رحيله.
الشاهد الذي رشحه بقوة الرئيس قايد السبسي، رغم تشكيك البعض فيه وفي السياق الذي جاء فيه بعد إسقاط حكومة الحبيب الصيد، في أجواء ليست بعيدة جدا عن ذات الصراعات الحالية، بات اليوم عنوان الأزمة ولكنه ليس لبها. هنا إختلف قطبا التحالف الحاكم: وقف حزب «نداء تونس» بزعامة حافظ قايد السبسي مع ضرورة الإتيان بــ «حكومة سياسية برئيس حكومة جديد غير معنية بالترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة لحمايتها من التجاذبات السياسية والحزبية»، واصطف معه بالخصوص الاتحاد العام التونسي للشغل. أما حركة «النهضة» فترى الشيء نفسه ولكن ليس بالضرورة برئيس حكومة جديد مقترحة أن يقع إجراء بعض التعديلات فقط واصطف معها بالخصوص اتحادا أرباب العمل والفلاحين.
هذا الاختلاف بين «النداء» و»النهضة» جر إلى تصعيد سياسي بين الطرفين دون أن تنفلت الأمور بالكامل لكن الكلمة التلفزيونية التي ألقاها يوسف الشاهد و»بق فيها البحصة»، كما يقول اللبنانيون، حمّـلت مباشرة حافظ قايد السبسي مسؤولية التعثر الحالي ومسؤولية أوضاع الحزب نفسه، مما يعني الآن أن لا انفراج للأزمة إلا بتراجع «النهضة»، أو «النداء» أو تدخل رئيس الدولة شخصيا لضرب عصفورين بحجر واحد من ناحية «لجم» إبنه لضمان استمرار التحالف الحكومي خاصة وقد تكثفت التمرات منه من كل صوب، ولم لا الاستجابة لدعوات «التخلص» منه بعد أن بات جالبا لوالده تهمة «التوريث الديمقراطي» لرئاسة البلاد كما سماه البعض.
أما إذا تردد الرئيس قايد السبسي أو امتنع، فإن الكلمة الفصل كانت وستبقى للبرلمان التونسي الذي يملك وحده دستوريا حق تثبيت الشاهد أو سحب الثقة منه، علما وأن أصوات من هذا البرلمان بدأت ترتفع لتظهر تبرمها من محاولات حسم الأمور خارجه طالما أن الكل سيعود إليه في النهاية للحسم، راغبا أو مرغما.
كاتب وإعلامي تونسي