صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن
مأرب برس - خاص
هل انتهت حرب صعدة ؟ الحقيقة لا أحد يستطيع أن يجزم بأن تلك المعركة والتي استمرت سنوات طويلة واستنزفت أموالا وأرواحا قد حسمت لصالح أحد الطرفين أو تكون قد انتهت إلى غير رجعة وخاصة أن بنود الاتفاق الأخير الذي تم عقده في العاصمة القطرية هي بنود سرية لا أحد يعلم عنها شيئاً حتى اللحظة ، إلا أنها لن تكون مختلفة كثيرا عن الاتفاقية السابقة والتي نصت على مغادرة بعض الحوثيين البلاد واستقرارهم في الدوحة ووقف العمليات العسكرية وإعادة أعمار ما تم تخريبه والسماح لهم بممارسة عملهم السياسي عبر حزب سيتم ترخيصه لاحقا.
لا أحد يريد لهذه الحرب أن تعود من جديد ، وخاصة أن الدولة اضعف من أن تحسم معركة مثل هذه ، وأيضا لا نريد لهذه الحرب أن تعود لأن المتضرر الوحيد منها هو المواطن العادي في صعدة و من حمل السلاح وقاتل بصفوف المتمردين ، و النتيجة التي نراها الآن هي تأمين حياة أسرة يحي الحوثي والقريبون منه وسفرهم خارج البلاد بينما ظل الباقون في مناطقهم دون أية ضمانات أو حصولهم على أية نتائج إيجابية من هذه الحرب الضروس ، كما أن الأرواح التي أزهقت من الطرفين لا بواكي عليها فهم مجرد حطب لنار لا احد يفهم لماذا اشتعلت وكيف أطفئت .
أهم ما تم ذكره في تلك الاتفاقية التي أبرمت مؤخرا هي الترخيص لمن حمل السلاح وقاتل الدولة بإقامة حزب سياسي ليعبروا به عن آرائهم وتوجهاتهم بشكل سلمي ومدني وينخرطوا بالعمل السياسي القائم على التعددية في اليمن ، والحوثييون _ أستخدم هذا الاسم لأنه لا يوجد لهم تعريف آخر _ بحزبهم القادم سيحملون أفكار الشباب المؤمن الذي رفعوا شعاراته وخاضوا حربا من أجله ، بمعنى تحويل المقاتل الذي قام بقتل الآخرين لأجل ما يؤمن به إلى سياسي يقيم الندوات ويطلق صحيفة باسمه ويختلط مع الناس ، وهذا أخطر ما في الأمر .
من أسوء ما يمكن أن يصيب الحياة المدنية في البلاد هي إطلاق الجماعات الدينية والسماح لها بدخول المعترك السياسي ، ويقع مكمن الخطر بهذا التوجه ، بأن هذه الأحزاب العقائدية تؤمن بأن نهجها الذي تتبعه لا يقبل المعارضة أو التشكيك به إطلاقا ، لأن هذا التشكيك ينعكس بشكل أو بآخر في نظرهم على المرجعية الأم التي هي القرآن والشريعة الإسلامية ، وأيضا هذه الأحزاب الدينية تمتلك خطابا تستطيع من خلاله التفوق على الجميع لو أطلقت لنفسها شهوة عنان التكفير والتشكيك بعقائد الآخرين وعلنا مررنا بتجارب عميقة في اليمن حيث أنه من السهل أن يقف أمام مسجد شبه أمي على المنبر ويهدد بإغلاق أبواب الجنة على شخص أو حزب أو جماعة بكل سهولة ، والحوثييون حين يقوموا بتشكيل حزبهم فهم ولا شك سيكونون حزبا دينينا قائما على أسس مذهبية وحتما متطرفة لأن الحرب في صعدة لا تخبرنا بشيء آخر غير التطرف .
النظام السياسي في اليمن ربما لديه رؤية أخرى تختلف عما قد نراه ، فهو وعلى غرار سياسته المعروفة قد يرى في هذا الحزب " الحوثي " دعامة توازن أمام التجمع اليمني للإصلاح والذي هو تقريبا مهيمن على الساحة السياسة ، كما أن أي محاولة تقريبية بين هذان الحزبان من الصعب أن يكتب لها النجاح ، فكل حزب لديه عقائده والتي يرى أن المساومة عليها والتنازل عن بعضها لأجل العمل المشترك مع الحزب الآخر هي أعمال محرمة ولا يمكن القبول بها .
ربما للتجميع اليمني للإصلاح بعض من المرونة أكتسبها من خلال تقلبات السياسة والضربات الموجعة التي تلقاها من حلفائه السابقين وجعلته يتفهم بأن الفضاء السياسي يتطلب منه في بعض الأحيان عمل أشياء ليس بالضرورة أن يكون مؤمن بصوابيتها مادامت ستؤدي في النهاية إلى الهدف المطلوب ، بينما وفي الوقت الحالي أو على المدى القريب لا يمكن حدوث هذه البرغماتية مع أنصار الحوثي في حال قيام حزبهم ، ولا احسب أن النظام سيفوت هذه الفرصة ، بل أني أعتقد أنه في كامل جهوزيته للتعامل مع المرحلة القادمة ، فهو لا يسعى لاستقطاب الحوثيين بقدر رغبته في الزج بهم في مهاترات طائفية قد ينجح من خلالها في تحجيم سطوة الإصلاح في بعض المناطق اليمنية .
انتشار الأحزاب الدينية وتكاثرها كالفطر أمر يصيب الديمقراطية في مقتل ولو بعد حين ، ويقضي على الحياة المدنية ويحيل المجتمع إلى لون واحد ولغة واحدة ونمط من التفكير موحد لا يخرج عن أسلوب التلقين والإنصات ، مما يعني قتل الإبداع والتجديد والحداثة ، ويعود بالبلاد إلى ثقافة متخلفة ترفض الكثير من الأمور بحجة معارضتها للشريعة وللمفاهيم الإسلامية ، والنظام الحاكم إذ يبيح لهذه الأحزاب بالعمل السياسي أنما هو يدق مسمار آخر في نعش البلاد ، وكأن إثارة النعرات القبلية والتغاضي عن أعمال الثأر وضرب القبائل ببعضها لم يكفيه حتى يدخلنا في سعير الاحتراب الديني والطائفي لحسابات ضيقة لا تعود بفائدتها على الوطن .
أتمنى فعلا أن يتم إلغاء فكرة إقامة حزب سياسي حوثي ، وأن يقوم الإصلاحييون بإعادة النظر في نهجهم الحالي والتخلي عن عباءة الدين وخوض العمل السياسي ضمن أجندة مدنية واضحة لا تقبل التأويل أسوة بباقي الأحزاب في البلاد ، لأن التاريخ علمنا بأن أسوء الفتن والحروب هي تلك التي تقوم على أسس دينية أو مذهبية .