هموم ثورية ملحه
بقلم/ المحامي/عادل عبدالحافظ العبسي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 9 أيام
الثلاثاء 15 مايو 2012 04:25 م

ماذا بعد؟ سؤال يتردد في أذهان كل الناس، في كل لحظة من حياة الناس في الصباح، عند الظهيرة، وقت المساء.

أصبحنا وأصبح الملك لله، ماذا بعد؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أريد الذهاب إلى عملي، عندي حق المواصلات أم لا؟ سأذهب الآن بالباص، وعند العودة با يسهل الله؟ غلاء المواصلات صار مزعج أي باص وإن كان المشوار صغير لازم تدفع خمسين ريال طلعوها إلى خمسين بسبب ارتفاع سعر المشتقات النفطية.

سعر المشتقات النفطية وخصوصاً البنزين نزل سعره من ثلاثة ألف وخمسمائة إلى ألفين وخمسمائة و الركبة فوق الباص مكانه خمسين ما نقصاش. أنا مشاوري متعددة هذا اليوم، ولا بد أن أركب خلالها خمسة باصات، وقد لا أصل في الوقت المحدد لإنجاز العمل.

مقر العمل صار شبه معطل،هنا احتجاج، هناك مسيرة ثورية أولئك ثوار والقلة القليلة بلاطجة أين ما تشتي تروح ما بمنعك.

هذه قرارات اليوم في الصحيفة قوية وشجاعة ياريت تصدر مثلها العشرات، ويا ريت من لم تصل أعين السلطة العليا إليهم بعد، يتعظوا ويستفيدوا و يبدؤوا يسجلوا لهم مواقف شجاعة ويهتبلوا الفرصة قبل صدور قرارات.

يا شيخ روح لك أيش من قرارات هذه؟ ليش الاستفزاز؟ بالله عليك مشايخ البلاد أصحاب الفضل على أمن واستقرار الوطن تجي اليوم تقول انتهى عهد شراء الولاءات، يعني تشتي تحرمهم من مستحقاتهم التي تصرف منذ عشرات العقود، جيلاً بعد جيل وهم فلتوا التعليم من أجل الوطن، والتحقوا بعضوية اللجنة العامة وصار لهم كم من صولة وجولة، قدموا الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن النظام الجمهوري والرئيس. واليوم وبكل بساطة تشتي تقصيهم وتحرمهم من قوت عوائلهم.

يا راجل إيش من غالي وايش من نفيس وهم يشطحوا وينطحوا بالحبات وافخر الشاصات، ما يعرفوش ركبة الباصات، وما يحق لك الالتفات نحوهم كونهم مدججين بافخر السلاحات والمسلحين.

وإذا طولت الالتفاتة وجهوا نحوك فوهات البنادق و فحطوا بأبشع التفحيطات وإذا واصلت السير وراهم قد تفاجأ بحدوث اشتباك مسلح بينهم وبين مجموعة أخرى، بسبب نهب أرض والاستيلاء عليها عنوة مثلاً، طبعاً هذا الاشتباك في أحد شوارع صنعاء العاصمة، تسبب في قتل العديد من المواطنين والأبرياء إضافة إلى خلق حالة من الذعر والخوف في نفوس المواطنين، وللأسف يلوذ أولئك بالفرار وكأن الأمر لا يهمهم وليس لهم فيه علاقة.

والسلطات الأمنية علمت بالحادث ولكن لا حياة لمن تنادي هؤلاء هم المتضررين من القرارات الأخيرة حماة النظام الجمهوري والرئيس وكأن النظام الجمهوري لن يستمر إلا ببقاء تسلطهم وعنجهيتهم والذعر والخوف الذي يخلفونه في أوساط الناس والعامة هو الحماية الحقيقية للنظام الجمهوري.

ويا ليت الأمر قد وقف عند هذا الحد ولكن بمجرد أن اندلعت الثورة الشبابية الشعبية السلمية وإذا بحماة النظام الجمهوري والرئيس يحشدون الحشود الغفيرة بالآلاف بل وتفاخروا فيها عبر وسائل الإعلام الرسمية آنذاك أنها وصلت الملايين، وكل تلك الملايين كانت مسلحة وذهبت لاستباق الثوار بأيام وحجزت الساحات ونصبت الخيام وسخرت لها موارد البلاد المالية من غذاء وكساء ونفقة يومية لاقتيات القات و المئونة الحربية التي كانت تضخ في سماء اليمن بالمليارات في الليالي المشئومة بحجة الابتهاج وباعتراف القيادة السياسية والقبلية العليا وعلى مرأى ومسمع من الله والناس والعالم أجمعين.

والمؤسف جداً أن أولئك النفر والذين لا يزالون مغتصبين لتلك المواقع تحت ذريعة حماية النظام الجمهوري والشرعية الدستورية والرئيس وبقاء الرئيس، لا ندري ما هي الأسباب الحقيقية وراء بقاءهم هناك فالهدف الذي وجدوا من أجله انتهى ومن سعوا إلى فدائه بأرواحهم ودمائهم قد غادر المنصب بجريه وراء المبادرة والتوقيع عليها.

و لم يعد له أي سلطة أو صلاحية على احد من خلق الله فملكه قد نزع، وولايته انتهت، أما آن الأوان أن يعرفوا أنهم سخروا لقتل الأبرياء في مسيراتهم السلمية؟ وأن لعنة الله وغضبه ستلحقهم وعذاب جهنم مثواهم الأبدي.

أما آن الأوان أن تعرف السلطات المختصة هوية أولئك النفر الذين يتجمعون في الساحات العامة من العاصمة كالتحرير وعصر وجبال فج عطان؟ ولماذا يحملون السلاح؟ وما لزوم بقاءهم هناك؟ ومن أين يأتهم التمويل؟ ولو تأكدت اللجنة العسكرية من هوية كل واحد منهم لعرفت الجهة العسكرية التي ينتمي إليها.

فبالعودة إلى القنوات الفضائية اليمنية التي كانت تبث حميم الطغيان سنلاحظ التصاريح التي كانت تصدح بها الزعامات والقيادات لتلك المجاميع المسلحة والتي كانت تتبجح وتسخر من إرهاصات الثورة وهدير الثوار في أرجاء الوطن فتلك الزعامات والقيادات هي ذاتها من تتقطع وتخرب الممتلكات العامة في البلاد، هي ذاتها من تروع الآمنين، هي ذاتها من تفجر أبراج الكهرباء بالألغام، هي من تزايد وتفتعل المشكلات اليومية جراء منجزات الثورة المتلاحقة فالثورة الشبابية الشعبية السلمية هي من نزعت ملك الرئاسة وسلمته إلى الرئيس الشعبي السلمي الجديد المنصور من عند الله الهادي.

وها هي الثورة صاحبة الفضل في كشف الحقائق وتمييز المؤمنين بحب الوطن وترابه من أولئك المزايدين ومصاصي الدماء وثروات البلاد والعباد.

ويا ليت ثورتنا كانت قد اشتعلت باكراً لكنا اليوم قد أنجزنا الكثير والحمد لله ها هي تسير وأهدافها تتحقق ولكن هناك لا يزال الكثير. فهل ثورة القضاء أتت أكلها؟ وهل ثوارنا في الساحات استوعبوا الدرس؟ واستشعروا دورهم الثوري في مؤازرة القضاة في ثورتهم؟

وهل فكر الثوار؟ بل هل فكر أفراد المجتمع من غير الثوار بمؤازرة القضاة في ثورتهم؟ وهل إعلامنا أعطى تلك الثورة حقها؟ وباعتقادي أنه قد آن الأوان لأبناء شعبنا أن يعوا و يفهموا دورهم في هذه الثورات، ومنها ثورة تصحيح القضاء والحمد لله أن القضاة ورؤساء المحاكم قد بادروا إلى إشعال ثورتهم و التي تمثل مناسبة طيبة لأبناء الشعب في مساندتهم حتى يصلوا إلى أهدافهم ومنها استقلال القضاء الذي يعول عليه في شتى بقاع الأرض وأنه الملاذ الوحيد لاسترداد حقوق الشهداء والجرحى واليتامى والمساكين وكل من لحقه ضرر جراء تسلط الجهلة والفاسدين على أجهزة الدولة، وباعتقادي أيضاً أن الفرصة الحقيقية لأبناء هذا الوطن هي نصرة الثورة القضائية حتى يتحقق استقلالها في وقت مبكر وحتى يتمكن القضاة الأجلاء والمخلصين والمؤمنين بواجبهم الديني والإنساني من أداء دورهم في محاكمة القتلة والمفسدين وفق شرع الله وإنزال العقوبة الرادعة فيهم قبل التفكير باللجوء إلى القضاء الدولي الذي لا يمت إلى شرعنا الإسلامي بصلة ومن هنا فإنني أوجه كل شكري وتقديري واحترامي لكل أولئك القضاة الشرفاء الذين استشعروا دورهم الإنساني والوطني في النهوض و إيقاظ النائمين بما يجب عليهم من واجب تجاه الوطن والمواطن وبما يجنبهم غضب رب العباد وعلى ما حل بالوطن من ظلم وفساد كما أوجه شكري واحترامي وتقديري لكل من سعى وساهم في دعم تلك الثورة الفريدة في تاريخ اليمن خصوصاً وأن السلطة القضائية في بلادنا طيلة ثلاثة عقود ظلت بعيدة عن هموم الوطن والمواطنين ومشغولة في نظر ملايين القضايا الكيدية التي كان النظام السابق بكافة أجهزته يبتكرها لإشغال المواطنين و إلهائهم عن التفكير في التنمية والتطور في المجالات الأخرى.

هذا بالإضافة إلى التصاق السلطة القضائية بالقيادة العليا للقوات المسلحة والأمن والتي تهتدي بهديها وتأتمر بأوامرها وانعدام التحديث والتطوير في الآليات القانونية التي كانت ولا تزال تستخدمها ومنها القوانين السارية في البلاد والتي لا تتواءم والتطورات على مدى ثلاثة عقود وأكثر بل وانعدام النصوص القانونية المجرمة لأفعال السلطات العليا في البلاد والقيادات العسكرية والأمنية وإن وجدت بعض الإشارات والتلميحات لبعض أولئك ولكنها عقيمة ولم تنفذ على أرض الواقع وعليه وكون ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية قد شارفت على السنة والنصف من عمرها بصمود أبناءها ورباطهم واستبسالهم الأسطوري أدى إلى وصول سيلهم إلى بوابة وزارة العدل في البلاد، و أيقظ شرارة الثورة القضائية هناك وهذا انجاز ولا ينبغي تجاهله، فقيادة البلاد وإن كانت لفترة انتقالية ينبغي أن تستشعر الواجب الديني أمام الله وتلتفت إلى هذه الثورة وتلبي أهدافها لأن بقاء السلطة القضائية على هكذا حال سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه فحقوق البلاد والعباد لن تصان وشريعة الغاب ستكون هي الملاذ كما هو في أبين، وحان وقت العمل يا فخامة الرئيس لأن الله سيسألك عن مصير الوطن خلال فترة ولايتك وأنت يا باسندوه و وزرائك فحي على الفلاح. واعلموا أن العدل إذا لم يكن موجوداً في بداية حكمكم فلن يكون موجود آخره لأن العدل أساس الملك وإن كنتم كما وعدتم لا تريدون لنهاية عهدكم السياسي أن يكون غير مشرف، فها هي اللحظة الحاسمة والمناسبة لكم في نصرة حقوق الله وشريعته قد جاءت إليكم فاعملوا لآخرتكم اليوم قبل الغد حتى تنالوا أجركم الجزيل من مالك الملك وتتركوا للتاريخ صفحات الحكمة اليمانية تتلى ويتفاخر بها الأجيال. والقيادة السياسية الحالية و الحكومة التي سارعت إلى ابتكار قانون الحصانة من الملاحقة القضائية تطبيقا للمبادرة الخليجية و قرار مجلس الأمن رقم 2014 المؤيد لها و تقديمه إلى مجلس النواب أنا ذاك و الاستعجال في إصداره و غيره من القوانين الأخرى فهي قادرة أيضا اليوم قبل الغد إن تسارع إلى إجراء التعديلات القانونية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية و عرضها على مجلس النواب في أقرب وقت ممكن ليتم إقرارها و بما من شأنه إنقاذ ملايين البشر من الهلاك و الانزلاق إلى دهاليز الفوضى و الاقتتال. و هؤلاء الملايين أحق بتكاتف الجميع من قيادات البلاد في الوقوف إلى جانبهم و استصدار القوانين التي توفر لهم الحصانة من انتهاك حقوقهم القانونية في شتى مناحي الحياة اليومية.