ماذا لو كان الفنان أيوب طارش سنحاني
بقلم/ فؤاد الحصري
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و يوم واحد
السبت 31 مارس - آذار 2012 03:47 م

كان ولايزال صوت الفنان القدير أيوب طارش يدغدغ المشاعر ويحرك الأحاسيس الراكدة ،ويوقظ أحلامنا من سبات نومها،ويحاول جاهداً وعبر أوتاره الحريرية جرنا من مستنقع الاحزان الى عالم يكتض بالأمل والتفاؤل لما هو آت،ايوب بصوته الطافح بالحزن وجسمه المثخن بالألم وصوته المغمور بالحب يحاول انتشالنا من عمق الاحداث بصوته الجميل العذب حينما يغرد بكل ثقة واقتدار وحماس بالنشيد الوطني الذي لحنه وغناه بصوته العذب الملائكي رددي أيتها الدنيا نشيدي رددي وأعيدي وأعيدي واذكري في فرحتي كل شهيدي وامنحيه حللاً من ضوء عيدي هكذا صدح ايوب بصوته الخالص لليمن وللإنسان وللأرض والزراعة والمغترب والجندي والمسافر وكان اقرب للناس البسطاء والميسورين والساسة والمثقفين ورجال المال والأعمال ليس في تعز فحسب ولكن في مختلف المحافظات اليمنية ونال نصيباً كبيراً من حب واحترام الآخرين له مالم ينله الرئيس السابق لليمن وذلك لدوره النظالي الذي جسده في اغانيه الوطنية التي أصبحت تتصدر القنوات الفضائية الرسمية والخاصة ،لقد اتفق عليه ابناء الوطن الذين فرقتهم السياسة والطائفة المذهبية فكان ايوب هو همزة وصل يتفق عليه كل الفرقاء السياسيون في مختلف مناسباتهم الوطنية وأصبح توأم للروح والجسد وتوأم لمجتمع باكلمه، لم يغفل هذا الصوت الوردي الخجول من ملامسة العقول ومسح حفنة الحزن التي تغتالنا كل لحظة وهو يسهب باغانيه الوطنية الأكثر حماسية للوطن وهبناك الدم الغالي وهل يغلى عليك دميوانثري الشهب حولنا ياسماءوقدري دوماً يد تبني غد ويد تحرس مجد الوطنوياسموات بلادي باركينا واشرقي تحت سمائي ياسيوفي ليس ذلك فحسب فلقد استصاغ عذب لحنه وشجون همسه وانسياب اوتاره ليذكرنا دائماً بالانتصارات في زمن الانكسارات وهو يغني وينشد دمت ياسبتمبر التحرير يافجر النظال ثورة تمضي بإيمان على درب المعالي تسحق البغي تدك الظلم تاتي بالمحال هناك الكثير من الأناشيد الوطنية التي لاتحصى والتي اثري بها الفنان ايوب طارش عبسي المكتبة اليمنية بالعديد من اعماله الابداعية والتي لم تقتصر على الثورة والوحدة فحسب ولكنها انتشرت لتعانق المغترب والمسافروامفارق بلاد النور وعد اللقاء حان وشاعود للخلان والاحبه شاعود يكفي شجن وغربة يامن رحلت الى بعيد قصر مسافات البعيدواطرب الوديان والتل والجبال وادي الضباب ماءك غزير سكاب نصك سيول والنص دموع الاحباب ياشماريخي وياخضرة ريفي يانثير الطل في الطل الوريفي واطرب المزارع بالحان الحقول شوار محلى شوار الارض محلى حلاك افدي جهودك واساقي زرع وادي بنا حتى العريس لم يغفل فغني له رشوا عطور الكاذية على العروس الغالية وعودوها بالنبي وادعو لها بالعافية.

أعماله التي لاتحصي ستبقى خالدة وماثلة للعيان وستظل تدغدغ مشاعرنا في كل زمان ومكان ومع كل انتصار ومع تزامن الأعياد الوطنية ،لقد أصبحت أغاني ايوب الوطنية تقاسم الوطن همومه وافراحه في مختلف المناسبات لكن صاحبها اليوم اصبح وحيداً بين اربعة حيطان وغارق بين عُلب الادوية المختلفة علها تخفف عنه المه الذي ينهش جسده ويهدد صحته، يعاني ايوب مرارة النسيان وخذلان الجهات المعنية وتنكر لأعماله التي مازلت حيه تلامس الواقع وتشارك الوطن أفراحه ومسراته في كثير من المناسبات ،ربما ايوب لا يختلف شأنه عن تلك المحافظة التي يقطنها لما تعانيه من سياسة الإقصاء والتهميش والخذلان لأنها لم تروق للنظام البائد ولان ايوب لم يتخذ من أغانيه مرتعاً لجني المال كما فعل ويفعل الكثير من الفنانين فلقد غلب على اغاني ايوب طابع الولاء الوطني ولم يرضخ ايوب في يو ما ان يدندن للرئيس او لاي من الوزراء فكان نتيجة ذلك خذلانه الكبير من قبل الرئيس السابق علي صالح الذي حكم البلاد ونهب ثرواته دونما ان يلتفت لمثل هذه القامة الفنية التي لايمكن للزمن ان ياتي بمثلها مطلقاً.

منذ فترة طويلة والفنان ايوب طارش عبسي يعاني الأمرين تقاعس الجهات المعنية له وسيطرة المرض الذي أصبح ينتشر في جسده الطاهر وأصبح هذا الفنان الكبير عاجز عن سفره للخارج لتلقي العلاج المناسب بسبب ظروفه المادية القاهرة التي اجبرته على الاستسلام للمرض بدلاً من ان يمد يديه لوطنه الذي غنى له منذ عهد شبابه وحتى اشتعل الراس شيبا فكان نتيجة ذلك الجحود والتنكر والتهميش الذي قوبل به، منذ فترة وفنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي يعاني من وعكة صحية اصبحت تهدد حياته في اقرب لحظة ممكنه في ظل غياب الجهات المعنية ممثلة بوزراتي الثقافة والاعلام والتي لم تحرك ساكن ايزاء مايتعرض له ايوب من مشاكل صحية ومادية وتهميش من قبل الجهات المعنية واصبح مغيباً بل منسياً من قائمة الفن والوطن الذي غنى له بكل اللكنات واللهجات والالوان الفنية التي لامست قلب كل يمني ومثل اليمن في اكثر من مهرجان محلي ودولي وصدح بحنجرته الذهبية التي أصبحت عالقة في ذاكرتنا حتي اللحظة ،اليوم هذا الرجل المسكين والمغلوب على امره وصاحب الصوت الجهوري الذي يأسر القلب قبل العين يرقد طريح الفراش ينتظر لفته كريمة ولمسة حانية تزيل عنه غبن المه وحزنه المرير مع المرض والتهميش الذي عانه منذ فترة طويلة وباع حينها كل مايملك من اجل سفره للخارج لتلقى العلاج المناسب والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح شديد ماذا لو كان ايوب طارش –مثلاً-مثلاً- سنحاني بامتياز هل كانت الأمور ستصل به الي هذه الدرجة وهذا الموقف الذي لايحسد عليه ؟ هل كان سيظل ايوب حبيس الجدران وطريح الفراش يعاني من وعكته الصحية ومن نسيان الدولة والمسؤلين له ؟هل كان سينتظر احد التجار او فاعلي الخير يطرق بابه ويمنحه بضع من المال ؟ بالتأكيد لو كان ايوب سنحاني ولو كان مدلساً اومطبلاً للرئيس لكان الان قد تم سفره الى أفخم مستشفيات العالم ولكان ايوب ليس مجرد فنان بل مسؤل كبير يعتلي منصب مرموق في هرم الدولة لكن الاقدار شاءات ان يكن هذا الفنان تعزي حتى النخاع ليعاني الإجحاف والتهميش وخذلان الوطن الذي احبه فلفظه قبل ان تلفظه انفاسه.

اقسم لكم يمين بالله العظيم باني ومنذ ولادتي وبعد تعلي الرئيس السابق لسدة الحكم وحتى اللحظة لم اسمع ولو حتى همساً بان فنان من غير تعز مد يده لطلب المساعدة اوباع بيته او سيارته من اجل السفر الى خارج الوطن للعلاج لكن فنانو تعز هم عرضه لبيع بيوتهم وسياراتهم واثاثهم ولنا عبرة بالفنانة القديرة المرحومة منى علي التي عانت كثيراً من امراض عدة وبعد ان باعت كل ماتملك من حلى ومجوهرات عرضت منزلها للبيع من اجل ان تسافر الى بريطانيا لتلقي العلاج لكن قدرة الله كانت اقرب من حبل الوريد فلفظت انفاسها قبل ان تبيع منزلها ورحلت مكسورة الخاطر ومجروحة الفؤاد ولسان حالها يقولاذكروني بالدعاء فلقد خذلني الوطن ،كذلك حال الفنان ايوب طارش لا يختلف شأنه عن الراحلة منى علي فلقد باع أشياء ثمينة وغالية عليه ، وفي ظل هكذا صمت مريب من قبل الدولة ربما قد يعرض ايوب الفنان منزله للبيع ويصبح بين فينة واخرى فنان اليمن الكبير ممرمط في شوارع الحالمة تعز باحثاً عن سكن يلملم جراحه هو وأفراد عائلته.

سأقترف جرماً لايطاق اذا قلت لكم باني احببت الوطن لله في الله او من خلال تصريحات وبهرجات الرئيس السابق صالح او من خلال الساسة والمثقفين بقدر ما احببت الوطن من خلال ايوب الذي جلعني مهووس بحب الوطن منذ ان كنت طفلاً صغيراً وأصبحت شاباً يافعاً حتى غاص حب الوطن في أعماقي وتمكن من احتلال أحاسيسي وكياني ومازلت اتذكر حينما كنت اقف في طابور الصباح لاستمع للنشيد الوطني الذي جعلني مبهور بالوحدة وبالوطن بحلوه ومره وبكل طقوساته ومشاكله وفقره ،بل جلعني ذلك النشيد الوطني أفاخر باني يمني وحفظت ذاك النشيد ومعظم أغانية بكل سهولة ويسر،أنه مدرسة عظيمة ،وشخصية متزنة ، استطاع بان يستخدم رسالته الفنية بطريقة مبسطة ومقبولة أفضل من شيخ يعتلي منبر ليهذي بكلام غثاء كغثاء السيل ولم يستفيد منه احد بل انه يكاد بحديثة يزرع كرهاً لايطاق ،يحتاج الفنان ايوب طارش لارتال من الحب والاحترام لانه استطاع ومن خلال رسالته الفنية ان يقدمها بشكل متزن وبصورة أكثر قبولاً ،لأيوب كل الحب والتقدير ،لأيوب الصحة وطول العمر ،ولانامت أعين الجبناء.