مقاومة الظلم متعة لا يدركها الحمقى والمغفلين، فهم يعيشون حياة الخوف من الموت ومن انعدام الرزق، ومن نقص الغذاء والهواء، حياتهم هلع ووجل وسلبية لأنهم استسلموا للهواجس والظنون ، وصدقوا إعلام الحوافيش القادمين من الموت للحياة طلبا لفرصة بقاء معدومة، الجبناء هم موتى وكيف لميت ان ينعم بالحياة او يستمتع بها؟
ولذا استمتعوا بالحياة في ظل قيم الحرية والمساواة والعدالة التي لم تحققها الدولة للمجتمع، مسكين ومهموم ومكتئب من لا يعرف المقاومة في حياته، ولا مقاومة بعد الموت، هي فرصة لا تتكر في العمر القصير، فمن اراد السعادة فليقاوم الخوف والموت والظلم والكهنوت والسلالة والعهر.
لو قارنا مثلا بين وجه المقاوم الاسمراني الصديق وليد الفانوس، وبين وجوه كل قناديل الكهوف المظلمة، لغلبهم نوره الذي يضيء الدرب نحو الحرية التي يختطها يوميا برشاشه، ينجو من موت محقق في قصر الشعب ويخرج يلتقط سلفي وهو مبتسم وسعيد، بينما "شهداء الهضبة" ممنوع عنهم استخدام التلفون، فهم مجرد خراف جاهزة للذبح، وكل صورهم المنشورة قديمة، ولا علامة للسعادة في ملامحهم، لا متعة في الدنيا وفي الاخرة هم قتلة ومعتدين.
اكثر المدن اليمنية حياة وحيوة ونشاطا هي مدن المقاومة، أما مدن "لن ننجر" تعيش الإنتظار المجهول وهو موت بطئ مكفهر ممل وقاتل، إسألوا مثلا سكان اب وذمار وحجة عن حياتهم كيف تمر هذه الأيام، وبنظرة سريعة للواقع نجد ان الحرب في تعز والبكاء والعزاء والخوف في صنعاء، راجعوا ما ينشره السكان هناك على وسائل التواصل الإجتماعي.
لو قارنتم بين ما ينشره سكان مدن لن ننجر وبين سكان مدن المقاومة، لوجدتم العجب، مازال أصدقائي المقاومين في جبهات تعز مثلا يكتبون عن الأمنيات والحب ويغنون ويستمعون لايوب طارش، وينشرون قصائد لدرويش والفضول والمحضار، يربطون الأحجار على بطونهم من الجوع ويتقدمون في الميدان حفاة ويحدثونك عن رسائل حبيباتهم، احدهم كل فترة يتسلل خارج تعز لينعم بهواء المدينة التي تعيش فيها حبيبته، وكلما زدته انا لعنا وشتما زاد تبسما، انا خايف يمسكونه عبيد السيد ماوكلي وهو يلهج باسمها ، لا احد "اعكرني" مثله..
الظروف الاستثنائية كما يبدو لها دور في إشعال حرائق الحب عند صعاليك الله في تعز، اتحدى اليوم ان يكون هناك عاشق لا ينتمي لتعز ولا المقاومة في تعز، ولا أشك ان نزار كان يقصد فعلا صعاليك الله عندما قال:
" إنني أسكن في الحب
فما من قبلة أخذت أو أعطيت
ليس لي فيها حلول أو حضور "
الحياة تمر استمتعوا بكل لحظاتها، لا تنتظروا المستقبل لتستمتعوا بحياتكم فيه ، المستقبل يعني تحقيق حلم انتم تبشرون به، بل وتصنعونه بأيديكم ان سلكتم طريق المقاومة، وليس شرطا ان تعيشوه انما هو للأجيال القادمة التي نرجوا لها أن تعيش سعيدة مستمتعة بحياتها ، ولأجل تلك الأجيال القادمة في المستقبل وجدت المقاومة اليوم، وهذا حساب زمني فلسفي ليس سهلا تقبله ممن هم خارج إطار المقاومة.
الحياة متعة ، او كما جاء في القرآن الذي وصفها ب"متاع" .. والا ارجعوا قولوا اني لم اقل لكم ذلك، ولم ادعوكم للمقاومة والاستمتاع بالحياة.