منذ ما قبل الثورة في شمال الوطن والاستقلال في جنوبه والألسن تلهج بالوحدة والأفئدة والعقول ترنو وتتطلع للوحدة بين شطري الوطن الغالي بالرغم من الاختلافات الأيدلوجية والمشارب الفكرية والصراعات المسلحة بين النظامين آن ذاك ولكن الكل مجمعون على أهمية التوحد ولم الشمل لبناء دولة قوية وحديثة تلبي متطلبات وأحلام وتطلعات الشعب حتى تحقق ذلك في 22 مايو من عام 90 فتنفس اليمنيون الصعداء وأصبحت القيادة وعلى رأسها الرئيس علي عبد الله صالح رمز من رموز الوطن القلائل الذين حققوا مالم يحققه الأوائل ودخل التاريخ من أوسع أبوابة كصانع للوحدة وباني اليمن الحديث .
ومما زاد من ترسيخ هذه المكانة والانجاز هو تثبيت الوحدة في 94 فدانت اليمن شمالها وجنوبها شرقها وغربها لحكم واحد وتحت نظام سياسي واحد وتحت سلطة واحدة وهو انجاز عظيم بكل ماتحمله الكلمة من معنى لان هذا الحلم ظل يراود اليمنيون قرون طويلة فتحقق أخيرا على يديه.
وبعد 94 دخل اليمن مرحلة جديدة على أمل بناء الدولة اليمنية الحديثة التي يسود فيها القانون والعدالة والديمقراطية والحرية والمساواة وإصلاح ما أفسده التناحر الحزبي بين شريكي الوحدة بعد أن أصبح القرار والسلطة والقوة بيد واحدة وإخضاع جميع ابنا الوطن لسلطة القانون والعدالة.
ولكن ماحصل بعد ذلك كان مخيب للآمال فانتشر الفساد في كل مفاصل الدولة وأطلقت أيادي الفاسدين فنهبت الأراضي واستباحت ممتلكات الآخرين وغيب القانون وسلطة الدولة وظهر بدلاً منها قانون الغاب ، انتشرت الرشوة والمحسوبية والتسيب المالي والإداري فعمت الفوضى في البلاد ،اعيدت النعرات القبلية والطائفية والمناطقية وبصورة قبيحة فنشبت الصراعات بين القبائل والمناطق والأفراد في ظل غياب تام لسلطة الدولة والقانون بل أصبحت الدولة في أحيان كثيرة لاتختلف عن بقية القبائل المتصارعة فبدلا من بسط نفوذها وسيطرتها وتطبيق القانون وجدناها في أحيان كثيرة تمارس الحكم والعرف القبلي فتقوم بتحكيم القبائل وتسوق رؤؤس الأبقار لإرضاء هذه القبيلة أو تلك في منظر يضحك ويبكي في نفس الوقت وما حصل مؤخراًًًً من اتفاق امني بين قبيلة الدولة في شبوة والحكومة خير دليل على ذلك.
كل هذا جعل الآخرين ينظرون إلى الدولة باستخفاف وعدم مبالاة مما أغراء الكثيرين إلى مقارعة الدولة ومواجهة سلطة القانون بإقامة مناطق نفوذ وتحكم ، بذلك بدأت اليمن في مرحلة التقسيم الذي طالما سمعنا عنه الكثير منذ زمن بعيد بأن هناك مخطط لتقسيم اليمن إلى سبعة أقاليم اودويلات أو إمارات سمها ماشئت.
في تلك الفترة كان الناس ينظرون إلى تلك المقولات بأنها نوع من المبالغة والتخويف لشحذ الهمم.ولكن من ينظر إلى الخريطة الجيوسياسية في اليمن وطبيعة الصراعات الدائرة وبتحليل بسيط وبنظرة عقلانية متجردة يرى شيء مخيف وإرهاصات وملامح إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية وبما يتوافق مع تلك المقولات التي نبهت إلى أن هناك مخططاً لتقسيم اليمن إلى سبع دويلات .
فإذا ما قمنا بمسح للخارطة اليمنية نجد أن تلك الأقاليم أو الإمارات أصبحت ملامحها لاتخطئها العين المجردة وهي كما يلي :-
1- إقليم أو إمارة الحوثيين والذي يمتد من صعده إلى الجوف وحجة وجزء كبير من عمران حيث أصبحت الدولة مغيبة تماماً عن تلك المناطق وأصبح الحوثيون يمارسون كل مهام الدولة والسلطة المحلية في تلك المناطق .
2- إقليم أو إمارة القاعدة والذي يمتد من مأرب إلى شبوة وأبين وهذه المناطق قامت باحتضان هذا التنظيم وأصبح يصول ويجول فيه بكل حرية فبعد أن كان هذا التنظيم يعمل بشكل خلايا متخفية إذا به الآن يمارس أعمالة على مرءا ومسمع من الدولة بل وصل به الأمر إلى المواجهة العسكرية المباشرة مع الدولة كما حصل في مأرب في وادي عبيدة ومؤخراً في مديرية لودر.
3- إقليم أو إمارة الحراك الانفصالي والذي يمتد وينشط بشكل كبير في محافظة الضالع ولحج (لودر والحبيلين) وجزء من أبين فلا يمر يوم ألا ويقتل فية جنود أو مواطنون شماليون وترفع فيه الأعلام التشطيرية والمظاهرات والاعتداء على المراكز الأمنية ونقاط التفتيش وأصبحت الدولة في تلك المناطق في وضع المدافع ليس إلا.
4- وبحكم الصراعات المسلحة والحراك الذي فرضته الأقاليم الثلاثة السابقة ظهرت أو بدأت تظهر كنتيجة طبيعية لهذا الفرز ألمناطقي والمدعوم بمرجعيات فكرية وبتطلعات سلطوية إقليم حضرموت وإقليم المناطق الوسطى .فإقليم حضرموت يمتد من حضرموت إلى المهرة والذي لايخفى على احد بان هناك تطلعات لهذا الإقليم للاستقلال وإقامة دولة حضرموت التي تطمح لان تكون كإحدى أمارات الخليج بحكم ما تملك من ثروات طبيعية وما يشتهر به أبناؤها من امتلاك للثروات والتجارة العالمية .
5- إقليم أو إمارة المناطق الوسطى والذي يمتد من تعز إلى البيضاء مروراً بإب ونعلم لما لهذه المنطقة من سوابق في التمرد على سلطة الدولة منذ السبعينات من القرن الماضي وبما يشتهر بة أبناؤها من مستوى فكري وحزبي طويل وما حصل مؤخراً في تعز من إنشاء لمجلس حراك المناطق الوسطى خير دليل على تلك التطلعات . فهل سيكون إمارة للتيار الإسلامي المعتدل والمتمثل في حركة الإخوان المسلمين ( التجمع اليمني للإصلاح) لما له من حضور لافت فيها.
6- من خلال هذا التقسيم نجد أن الدولة أصبحت لاتسيطر بشكل فعال إلا على صنعاء وذمار والمحويت والحديدة وريمه وهو الإمارة السادسة.
7- هذه هي الإمارات الست التي أصبحت بعضها واقع على الأرض وبعضها واضحة الملامح والحدود ولم يتبقى إلى الإمارة السابعة التي حتى ألان لم تتبلور ولم تتضح معالمها بشكل جلي . فهل سيكون للشريط الساحلي الغربي دور في ذلك ربما. أم سيكون لعدن وباب المندب وبدعم دولي أمريكي واوربي على وجه الخصوص لإقامة منطقة آمنة لحماية طرق الملاحة الدولية البحرية من الصراعات والقرصنة التي بدأت في خليج عدن وبحر العرب دور في تشكيل الإمارة السابعة ربما.
أم أن الأمر سيصل إلى العاصمة صنعاء وتتشكل فيها الإمارة السابعة فتنقسم صنعاء من شارع الزبيري جنوباً إلى ذمار إمارة ويكون مركز القرارفي شارع الستين.
وإمارة أخرى حدودها من شارع الزبيري شمالاً إلى عمران ومركز القرار في الحصبة ربما.
فكل شيء أصبح وارداً بعد كل ما نرى من تداعيات وانفلات رهيب يعصف بالبلاد .
بعد كل هذا المشهد المأساوي لما آلت اليه الامور هل سيكون لرئيس الجمهورية دور في اطفاء نار الفتنة التي بدأت تنخر في الجسم اليمني من اجل المحافظة على المكانة التاريخية التي اكتسبها بتحقيق الوحدة ام سيمحي ذلك الانجاز بتفتيت البلاد الى دويلات وامارات لن تقوم لليمن بعدها قائمة وهل سيصغي الى انين وجراحات الوطن لتفويت الفرصة على الأعداءوالحاقدين واصحاب النفوس المريضة ام سيظل يستمع لبطانة السوء التي ستلوث تاريخة وتخرجه من صفحات التاريخ كما خرج من قبلة من التاريخ لمجرد الدعوة للانفصال ,
آمل ان يسمع لصوت العقل وان يقدم مصلحة الوطن على المصالح الضيقة وان يحافظ على منجز دولة الجمهورية اليمنية بدلاًمن الانجرار الى ما يمكن تسميته الامارات اليمنية المتناحرة
آمل ذلك..
hamoty72@hotmail.com