الثورة السورية ونقطة التحول في المنطقة !
بقلم/ يوسف الدعاس
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 8 أيام
السبت 15 يونيو-حزيران 2013 04:36 م

منذ انطلاقة الثورة السورية منذ ما يربو على العامين وهي تواجه القمع والضرب والاستهداف والترويع والإرهاب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة و بمختلف أساليب الإذلال والقهر من ذبح للأطفال واغتصاب وقتل للنساء من قبل النظام والذي رغم كل ذلك لم ينجح في القضاء على الثورة أو حتى إخماد جذوتها التي لا تزال متقدة ، وتملك كل مقومات الاستمرار والصمود وبأنها ثورة شعبية خالصة تدحض كل الافتراءات أو المزاعم التي تدعي وقوف إطراف دولية ورائها وبات من الظاهر والمشهود به بأن هذه الثورة تملك من النبل ومن القيم والمبادئ ما يجعل منها من أعظم الثورات في التاريخ الحديث إذ مع كل تلك التضحيات الجسيمة ، وقوافل الشهداء التي تزفهم كل يوم وآلاف الجرحى والمشردين ومع ذلك تمضي غير ابهه بكل ما تواجهه ولا تراجع للوراء رغم أنواع التحالف والدعم الذي يتلقاه النظام من قبل النظام الإيراني وحزب الله وكتائب الموت القادمة من العراق والدعم العسكري المباشر واللوجستي والسياسي من قبل الصين وروسيا والذي تواجهه الثورة بثبات منقطع النظير وتخلي وتخاذل الدول العربية والمجتمع الدولي باستثناء القليل من الدعم المادي والذي لا يتجاوز توفير الغذاء والدواء وحملات الإغاثة الإنسانية بشكل غير رسمي أما غيره فما هو إلا دعم لوجستي أكثر منه مادي .

مثلت هذه الثورة نقطة تحول في المنطقة وعلى صخرتها تكسرت معاول المشروع الفارسي الطائفي وأظهرت حقائق كانت خافية بعد أن كشفت الأقنعة عن أنظمة طائفية بامتياز كحال النظام السوري والنظام العراقي ، وحقيقة الممانعة التي كانت تتدثر بها الأنظمة والجماعات المرتبطة لتغطي عورة مشاريعها الطائفية وبأنها ليست سوى حارس أمين لحدود الدولة الصهيونية الذي لم تقتل من أبناء الدول العربية في كل حروبها السابقة منذ 48م وحتى اليوم ما يساوي نصف من قتلهم النظام السوري من أبناء شعبه ولا يزال هناك من يدافع ويدعى بقومية النظام وعدم شرعية الثورة بأنها ضد النظام الممانع الوحيد ولا نملك لهم القول آن مثل النظام السوري المقاوم كمثل راعي الغنم الذي يبيد ويقتل كل قطيعه بحجة حمايته من الذئاب ، والحقيقة بان هذه الأنظمة لا تملك أي مشاريع مقاومة وإنما عبارة عن مناورات سياسية وبروفات مسبقة للسيطرة على السلطة والانفراد بها كما صنع حزب الله في لبنان وحصوله على الأكثرية في البرلمان ومؤسسات الدولة.

موقف المجتمع الدولي لا يزال في مربع المناورة والمماطلة وقد يصل حد التواطؤ ضد الثورة السورية كون توجهات ثوارها أسلامية وطنية وليست باتجاه البيت الأبيض ولا الكرملين في الشرق وهذا هو سر الخذلان ألأممي لها وإحجامه عن التدخل وقد لاحظنا قرار إدراج اسم جبهة النصرة على قائمة الإرهاب الدولي لتقليص الدعم للثورة السورية ولقطع الطريق أمام حصول المعارضة السورية على أسلحة نوعية كان سيقلب الموازين على الأرض لصالح الثورة ولجعل الثورة تتحرك في محيط ضيق بينما الجماعات المسلحة القادمة من لبنان وإيران والعراق كأنما أتت في نزهة ورحلات استجمام إلى سوريا مما يجعل مبادئ المجتمع الدولي ومجلس الأمن والتزاماته التي قطعها على نفسه في اتفاقية جنيف والإعلان العالمي لحقوق الإنسان على المحك ، بما يجعل من استخدام مصطلح الإرهاب ورقة ضغط وابتزاز سياسي لا أكثر ضد الدول العربية والحركات الإسلامية التي تملك مشروع وطني نهضوي بعيد عن هيمنة الدب الغربي .

لم يعد هناك من آمال يمكن التعويل بها على المجتمع الدولي الذي أصبح ستار للأقوياء ولم يعد رداء للضعفاء كما كان الهدف من هيئاته والمسئولية الآن تقع على عاتق الشعوب العربية التي يجب عليها أن تنتفض وتعلن عن موقفها وتكسر حاجز الصمت تجاه ما يجري في ارض سوريا وأمام الخطر الماحق الذي يواجه الآمة في وجودها وعقيدتها وليس الثورة السورية فحسب إذ انه يبدو أن هناك سيناريو طائفي فارسي يتم إعداده لكل بلد على حده لإحياء الإمبراطورية الفارسية في المنطقة من جديد والتي سقطت قبل 1400 عام على أيدي الفاتحين المسلمين وتحديدا الفاتح الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو من يحمل له البغض والكره حد اللعن علماء الشيعة اليوم حين يقرأون عبر التاريخ ويستحضرون الأدوار التي قام بها الفاروق ودوره في أفول حضارتهم

اليوم لا من وضع النقاط على الحروف والتحرك الجاد والسريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان والدوران مع دورة التاريخ التي استدارت لصالح المنطقة من جديد بانبثاق ميلاد الربيع العربي وبدعم الثورة السورية وإنجاحها بكل الوسائل المتاحة إذ أن المنطقة على أعتاب محاولات اجتثاث لتاريخها ولمجدها يبلغ أوجه اليوم في سوريا ومشروع الثورة السورية هو مشروع ألامه بأجمعها ونجاحها نجاح للربيع العربي حتى لا يتوقف قطاره هناك وتتعثر خطواته التي بدائها في تونس ومصر وليبيا واليمن والعراق.

وأحسن علماء الأمة صنعا اليوم في مؤتمرهم المنعقد في القاهرة لنصرة الشعب السوري كخطوة لها ما بعدها ولو أنها جاءت متأخرة ولكنها ضرورة وتحمل في طياتها بوادر جمعة للكلمة حين ضمت مختلف الجماعات والهيئات والمنظمات الإسلامية التي كان يعتبر اجتماعها من المستحيلات في عهد الأنظمة البائدة وهذا المؤتمر ثمره من ثمار الربيع العربي .

باعتقادي انه بنجاح الثورة السورية نجاح للمشروع العربي أن ينهض بشكل مستقل بعد أن خبر عن واقع خطر المشروع الفارسي الذي يسعى لإجهاض الربيع وتحويله إلى خريف بالتحالف مع المشروع الصهيوني والذي كان نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الوحيد الذي استشعر مبكرا خطر النفوذ الإيراني وما يحمله من مشروع طائفي ومخاطرة على المنطقة العربية ومع سقوطه فتح باب الشر على المنطقة رغم التحفظ و كل المآخذ التي كانت تؤخذ على النظام العراقي إلا أنه كان يحمل بوادر مشروع عربي مستقل وبعد سقوطه لاحظنا كيف أن الامبريالية العالمية سلمت العراق على طبق من ذهب للمشروع الفارسي بما يوضح تكامل الأدوار والأمر يسحب نفسه على سياسة واشنطن في اليمن اليوم و هجمات الطائرات بدون طيار التي تستهدف مدنيين وأفراد مسلحين بعدد أصابع اليد وعلى رؤوس الجبال وغض الطرف عن جماعات مسلحة تمارس الإرهاب العلني وتواجه المجتمع وسلمه بدون إبداء أي موقف تجاهه رغم استهدافه تقويض العملية السياسية مما يظهر حقيقة الاتفاق الغير معلنه للمشاريع الدولية الجديدة التي تستهدف المنطقة العربية والسيطرة على منابع النفط والثروات فيها.