الجيش السوداني يحقق انتصارا كبيرا على قوات الدعم السريع وينتزع أحد اكبر المدن السودانية والاحتفالات الشعبية تعم المدن انفجار مهول في أحد محطات الغاز بمحافظة البيضاء يتسبب في مقتل وجرح العشرات من المواطنين. لماذا ساعدت الصين الحوثيين سراً في الهجمات على سفن الغرب بالبحر الأحمر وماهي الصفقة بينهما .. تقرير أمريكي يكشف التفاصيل تقرير أمريكي يتحدث عن دعم الصين للحوثيين ظمن خيارات الشراكة الناشئة بين بكين وطهران ... ومستقبل علاقة الحزب الشيوعي بعمائم الشيعة الاحزاب السياسية بالبيضاء تطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بضرورة التدخل العاجل نجاة شيخ قبلي كبير من عملية إغتيال بمحافظة إب ... وانفلات أمني واسع يعم المحافظة في ظل مباركة مليشيا الحوثي حرب ابادة في الحنكة بالبيضاء.. مليشيا الحوثي تقتحم المنطقة والأهالي يناشدون الرئاسي والمقاومة وقوات الشرعية برشلونة وريال مدريد وجهًا لوجه في الجوهرة المشعة (توقيت الكلاسيكو) موقف أمريكي من هجوم الحوثيين وقصفهم منازل المواطنين بمحافظة البيضاء أول زيارة لرئيس حكومة لبنانية إلى سوريا منذ الحريري 2010
الحمد لله رب العالمين ، نشهد في أيام دهرنا معالم اصطفاء الله عز وجل للزمان والمكان، فميز الله تعالى أياماً عن غيرها مع أنه سبحانه وتعالى هو رب كل الأيام والليالي، كما ميز الله عز وجل أماكن ومواضع عن غيرها ، فميز تعالى مكة المكرمة زادها الله تعظيماً وحرمة وحفظاً، وميز المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلوات والتسليم، وميز بيت المقدس والأرض المباركة حوله، بل امتد التمييز والاصطفاء إلى بقاع في المكان الواحد كفضل المساجد على ما لاصقها من أبنية ودور، فِلمَ كل مظاهر التمييز تلك؟ وما هي الحكمة في اصطفاء الله تعالى للزمان أو المكان؟
إن المقصود بمظاهر الاصطفاء والتمييز هو الإنسان المخاطب بها، وانظر وتأمل في مدى ارتباط مظاهر الاصطفاء تلك بالإنسان ذاته، فالبيت يرفع قواعده سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وزمزم تتفجر تحت أقدام سيدنا إسماعيل عليه السلام، والسعي بين الصفا والمروة من فعل سيدتنا هاجر عليها السلام، ورمي الجمرات من أعمال الثلاثة معاً، وهكذا الأمر في كل مظاهر الاصطفاء، وكأن الحكمة أن تمييز المكان والزمان مرتبط بك أنت يا إنسان، فإن فقهت كيف تتعامل مع مكانتها ارتقيت لمرتبة تعلو الزمان والمكان، وإن أنت غفلت عنها وعن اغتنام ما بها من اصطفاء وفضل سقطت- والعياذ بالله -عن تلك الرتبة.
فإذا اندرست معالم الاصطفاء تلك في نفوس المخاطبين بها فهماً وإدراكاً واغتناماً؛ فكأني أنظر إلى ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ، يَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا ، وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، و يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ ( مسند أحمد 2/220 برقم 7052)، وكأني أرى رَاعِيَانِ يخرجان مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا( صحيح البخاري 3/21 برقم 1874).فالمزية التي كانت للمكان ارتبطت بفقه وإدراك الإنسان لتلك المزية، فإن لم يوجد من المخاطبين من يدركها فهماً ووعياً واغتناماً انعدمت قيمة المكان.
وكذلك الأمر بالقياس على اصطفاء الزمان، فلم تكن لشهر رمضان- على سبيل المثال- ثمة مزية ولا اصطفاء إلا بعد أن كتب الله تعالى صيامه وأعلمنا رسوله عليه الصلاة والسلام فضل قيامه، إذ لم يكن له من اسمه قبل البعثة النبوية سوى الرمضاء أي الحر الشديد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأشهر الحرم ، فلأن العرب كانوا يعظمون تلك الأشهر الحرم، فكانت لها قيمة تستند إلى وجود أناس يؤمنون بهذه المكانة والتحريم، فإذا انعدم من البشر من يؤمن بقيمة تميز الزمان اندرست بالتالي معالم الاصطفاء منها.
فإذا اتفقنا على هذه النقطة، وأن الإنسان هو محور ومقصد وغاية اصطفاء الزمان والمكان خطاباً و فهماً وإدراكاً واغتناماً، ينبغي علينا أن نرجع إلى فهم حقيقة الاصطفاء في الليالي العشر التي نحن في بركة اصطفائها، وأن قيمتها الحقة بالنسبة لك أنت على قدر انتفاعك منها وبها.
فالأيام والليالي التي نحيا بروحانياتها من أعظم أيام وليالي الاصطفاء في الزمان والمكان، ففي الحديث الصحيح :" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ - يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ - قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ( مسند أحمد 1/224 برقم 1968)، فإلى هذا الحد ارتفعت قيمة تلك الأيام والليالي مع ما فهمه ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من أن الجهاد ذرورة سنام الإسلام؟ وقد ورد في شعب الإيمان عن أحد الصحابة قوله :" اخْتَارَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْبِلَادَ، فَأَحَبُّ الْبُلْدَانِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْبَلَدَ الْحَرَامَ، وَاخْتَارَ اللهُ الزَّمَانَ فَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللهِ الْأَشْهُرَ الْحُرُمِ، وَأَحَبُّ الْأَشْهُرِ إِلَى اللهِ ذُو الْحِجَّةِ، وَأَحَبُّ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْه"ُ ( شعب الإيمان 5/302 برقم 3465)
فما قيمة الأمر عندك أنت أيها المخاطب به؟ ذلك لأن قيمة المؤمن ومكانته عند ربه عز وجل تكون على قدر معرفته ومراعاته واغتنامه لقيمة تلك الأيام والليالي التي ميزها الله تعالى، وانظر ما حال من يأتيه التنبيه من الله عز وجل ورسوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام باصطفاء ومزية تلك الأيام؛ ثم لا يستشعر لها فضلاً وإنما يجعلها تمر عليه كغيرها من الأيام والليالي ؟ إن تجاهل الإنسان لمبدأ الاصطفاء الذي أبرزه الله تعالى للمكان والزمان إنما هو نزعة سيئة في نفسه، قريبة من نزعة إبليس الذي كان رفضه لمبدأ الاصطفاء سبب شقائه، وعليه أن يبادر بالتخلص منها واغتنام لحظات الاصطفاء التي نحياها في العشر الأول من ذي الحجة وغيرها.
ومن ثم يأتي السؤال حول أين إدراكنا لتلك الليالي العشر وماذا عن فهمنا واغتنامنا لها؟ وقد جاء في بعض الروايات أن صوم يوم واحد من أيامها وهو يوم عرفة " يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ "( صحيح مسلم 3/167 برقم 2804 مسند أحمد 5/8 برقم 2262 ،سنن أبي داوود 2/297 برقم 2427)، بل وكان عدد من الصحابة والتابعين يحرصون على صيام التسع الأول من ذي الحجة طلباً لهذا الفضل العظيم ، كما قد ورد عند الترمذي وابن ماجة "أن قيام ليلة منها بقيام ليلة القدر" ( الترمذي 3/13 برقم 758 وابن ماجة 1/551 برقم 1728)، ويؤخذ في فضائل الأعمال بالضعيف إن لم يشتد ضعفه، فهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
ذلك لأن موسم الحج ليس وقفاً لمن وفقهم الله تعالى للوقوف بساحة فضله ورضوانه بمكة المكرمة، بل يتسع الشهر ببركته ليشمل كل المخاطبين به بالإكثار من الذكر والتلاوة والتهليل والتحميد والتكبير، وقد يكتب الله لك أجر الحج والعمرة وأنت في مكانك، ولك أن تتأمل قول نبيك عليه الصلاة والسلام لما قفل من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال:" إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"( صحيح البخاري 6/8 برقم 4423).أي أن قلوبهم كانت متعلقة بالجهاد لكن لا تسمح لهم إمكانياتهم بذلك.
ولهذا فقد يكتبنا الله عز وجل بفضله ومنته من الحجيج إذا ما تعلقت قلوبنا مع أهل الموسم، عسى أن يكتبنا تعالى في عداد حجاج بيته الحرام في العام القادم بإذن الله تعالى، فاللهم بلغنا حج بيتك الحرام وزيارة نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام برحمتك يا أرحم الراحمين.