رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
عادة تلجأ الدول لحماية منتجاتها المحلية لاستخدام الحلول والوسائل السهلة مثل فرض رسوم جمركية عالية أو منع دخول المنتجات المماثلة للأسواق المحلية بصورة كلية طوال العام أو موسمية مثلما يحدث مع بعض المنتجات الزراعية، ولكن في ظل نظام تحرير التجارة وآلية السوق المفتوحة بصفة عامة، وفي ظل نظام واتفاقيات منظمة التجارة العالمية بصفة خاصة، تعد مثل هذه الإجراءات والسياسات شبه مستحيلة، حيث يتعذر على الدول اتخاذ أي منها، وذلك لأنها قبل أن تنظم إلى منظمة التجارية العالمية تقدم التزامات وتعهدات بالتقيد بما تمليه اتفاقيات المنظمة من مبادئ وأحكام تمنع الدول من فرض أي رسوم أو ضرائب أو وضع أي عوائق أو قيود على البضائع المستوردة تخالف ما تقرره اتفاقيات المنظمة وما التزمت به عند انضمامها، وهو ما تقرره المواد (1،2،11) من اتفاقية الجات، حيث تتقدم الدول بعروض لسقف الرسوم الجمركية التي سوف تطبقها بعد الانضمام للمنظمة، وتخوض مفاوضات صعبة مع الدول الأعضاء في المنظمة للتوصل إلى اتفاق حولها، وغالبا ما تشترط الدول الأعضاء تخفيض الرسوم إلى أدنى حد ممكن، كما أن المنظمة تشترط على الدولة طالبة الانضمام الالتزام بتعديل تشريعاتها - التي تتضمن تمييز البضائع المستوردة بأي نوع الرسوم أو الضرائب أو أي اشتراطات أو إجراءات من شأنها أن تعيق دخولها إلى الأسواق المحلية - بحيث تتوافق هذه التشريعات مع اتفاقيات المنظمة والالتزامات التي تعهدت بها قبل الانضمام، وذلك لضمان التنفيذ بآلية قانونية سليمة.
وبالتالي فإن الوسائل السهلة والسريعة التي كانت تستخدم من قبل الدول لحماية منتجاتها الوطنية لن تكون متاحة للدولة العضو في منظمة التجارة العالمية، أي أن دور الدولة أصبح محدودا ومقيدا.
وبما أن بلادنا على أعتاب الانضمام لمنظمة التجارة العالمية- كما تشير إليه التصريحات القوية لمن لهم صلة بملف الانضمام- يبرز السؤال هنا حول كيفية حماية الإنتاج الوطني في ظل تحرير التجارة ونظام منظمة التجارة العالمية؟
في هذا الصدد نوضح أن نظام منظمة التجارة العالمية تضمن اتفاقات خاصة تتعلق بالكيفية التي يمكن للدول حماية إنتاجها الوطني في حالة إغراق الأسواق بالبضائع والسلع المستوردة أو المدعومة المنخفضة الثمن أو في حالة تزايد الواردات بشكل يؤثر على ميزان المدفوعات- الاتفاق بشأن مكافحة الإغراق، الاتفاق بشأن الوقاية، الاتفاق بشأن الدعم والرسوم التعويضية الواردة في اتفاقية الجات 1994م - والذي نصت موادها على مجموعة من الضوابط والإجراءات على الدول إتباعها لكي تستطيع مواجهة أي ضرر يتعلق بإنتاجها الوطني و تتضمن هذه الاتفاقات قواعد صارمة وإجراءات معقدة وخطوات محددة يجب مراعاتها قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالبضائع المستوردة.
ولذلك فإن تطبيق هذه الاتفاقيات والالتزام ببنودها يحتاج إلى خبراء في هذا المجال لان الأمر يتطلب دراسات وإثباتات وتحقيقات تتعلق بسعر السلعة في بلد المنشأ وسعرها في البلد المتضرر ومقدار الإغراق والضرر المترتب عليه وعلاقة تزايد الواردات بميزان المدفوعات ومقدار الدعم المقدم للسلعة من الدولة المصدرة، كما إن هذه الإجراءات المعقدة تحتاج إلى وقت طويل وإمكانيات تفتقر أليها دولة اقل نموا مثل بلادنا، بالإضافة إلى إن الأمر يتطلب أن يكون للدولة تشريع ينظم الإجراءات المتعلقة بحماية المنتجات الوطنية ويكون هذا التشريع متوافقا مع مواد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، لكي تتمكن من ممارسة حقها في اتخاذ أي إجراء ضد الممارسات الضارة التي تمس اقتصادها الوطني.
وبما أن بلادنا لا تمتلك أي شيء مما سبق ذكره فإنه لن يبقى أمامنا سوى اقتراح بعض الوسائل التي هي في متناول أيدينا لحماية منتجاتنا الوطنية، الوسيلة الأولى تتمثل في سلوك المستهلك حيث يمثل خط الدفاع الأول لحماية المنتجات المحلية ودعم الاقتصاد الوطني من خلال إقباله على شراء المنتجات الوطنية، ولن أكون مثاليا وأطالب المستهلك بشراء المنتج الوطني ولو كان أعلى سعرا من المنتج المستورد _ وان كان هناك من يفعل ذلك في بعض الدول للحفاظ على قيمة العملة المحلية وإيجاد فرص عمل ودعم الاقتصاد الوطني- ولكن اقل ما يمكن فعله هو شراء المنتج الوطني الذي سعره مساو أو اقل من المنتج المستورد وبخاصة إذا كان أعلى منها جودة أو على الأقل مساويا لها، ففي هذه الحالة يجب أن يكون المنتج الوطني هو الخيار الأول، ويستفزني البعض عندما أراهم يقبلون على شراء البضائع المستوردة التي سعرها أعلى من المحلية وفي ذات الوقت اقل جودة منها ، مثل بعض أنواع المياه المعبأة في زجاجات وبعض أنواع العصائر والبسكويت وعلب التونة وبعض الفواكه مثل العنب والبرتقال، والسبب في ذلك يعود إلى الهوس بالمستورد أيا كان جودته أو نوعه، وعدم الثقة بالمنتجات الوطنية والنظر إليها جميعا نظرة واحدة وعدم التفريق بين الجيد والرديء منها، ويستفزني أكثر موقف بعض الجهات الحكومية عندما أراها في بعض المناسبات الرسمية تقدم منتجات مستوردة للحاضرين، مع وجود البديل المحلي.
الوسيلة الثانية تتمثل في تفاعل المنتجين المحليين وهي لا تقل أهمية عن دور المستهلك، والمنتجين المحليين من المفترض أن يكونوا هم خط الدفاع الأول ويكون لهم الدور الأكبر- كما نرى مواقفهم في بعض الدول النامية من خلال معارضتهم القوية لأي إجراءات تمليها سياسات تحرير التجارة وتمس بالمنتجات المحلية- ولكني تجاوزتهم وركزت على المستهلك بالدرجة الأولى لأني من خلال متابعتي وجدت سلبية مفرطة من قبل المنتجين تجاه ما يدور في كواليس المفاوضات وما يتعلق بها من تعديلات تشريعية تمس المنتج المحلي، ولكن اقل ما يمكن هو أن يكون لهم دور في الترويج لمنتجاتهم وإعادة ثقة المستهلك بها، الذي لو وجد بضاعة محلية جيدة وعروض جذابة وتسويق ناجح فلن يتردد في شرائها، مع أن الأصل أن يبدأ المنتجين المحليين في الاستعداد للاستفادة منة فتح الأسواق الخارجية أمامهم بالتفكير والتخطيط لكيفية غزوها بمنتجاتهم لا أن يقفوا موقف المدافع فقط.
نخلص من كل ذلك إلى:
أولا: أن للدولة دور أساسي في حماية المنتجات الوطنية يتمثل في إيجاد بنية تشريعية لحماية الإنتاج الوطني تتوافق مع متطلبات تحرير التجارة من خلال إصدار (قانون حماية الإنتاج الوطني) وكذلك تشكيل (جهاز مكافحة الإغراق) وتزويده بالكوادر والخبرات القادرة على التعامل مع القضايا المتعلقة بالممارسات الضارة على صعيد التجارة الدولية، وإذا لم يتم الاستعداد بوضع سياسات واضحة وحلول واقعية للتعامل مع الوضع المستقبلي لمواجهة الآثار المحتملة الناجمة عن تحرير التجارة، فإن الوضع سيكون كارثيا حيث من المؤكد أن مصانع كثيرة ستغلق ومشاريع عديدة ستفشل ومعدل البطالة سيتضاعف.
ثانيا: دور المستهلك مهم وأساسي في تشجيع ودعم المنتجات الوطنية من خلال الإقبال عليها وخاصة عندما تكون مماثلة أو أعلى جودة من المنتجات المستوردة.
ثالثا: المنتجين المحليين هم المتضرر الأول من أي ممارسات ناتجة عن سوء استغلال لتحرير التجارة وآلية السوق المفتوحة، لذلك من المفترض أن يكونوا أكثر ايجابية وتفاعل مع ما يدور حولهم، ويحاولوا الاستفادة من المتغيرات القادمة لصالحهم.
رابعا: إذا قام كل من الدولة والمستهلك والمنتج بدوره فذلك سيؤدي إلى انتعاش الاستثمارات والمشاريع المحلية، وستكون قادرة على الصمود أمام التحديات المتوقعة، وسيؤدي ذلك إلى زيادة معدل التنمية وبالتالي سينعكس ايجابيا على مستوى دخل الفرد وتعزيز الاقتصاد الوطني ، ويستفيد من ذلك الجميع منتجين ومستهلكين.
*خبير في التحكيم التجاري والتشريعات المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية.
Sami4441@gmail.com