الفيل يا ملك الزمان ؟؟
بقلم/ محمد راوح الشيباني
نشر منذ: 14 سنة و يوم واحد
الجمعة 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 05:53 م

في مكان ما على ظهر هذا الكوكب كان هناك ملك ، وكان لهذا الملك (( فيل )) عظيم الحجم ، يسرح ويمرح في مزارع الرعية ، يأكل مما يريد ، وينتـقي أنظر الأغصان وأغدق الأشجار ولا فرق عنده إن كانت الشجرة مثمرة أو سواها ، ومن أي حقل كان من حقول الرعية .. يلوث طرقات الناس ويملؤها بالبول والروث.. يهدم السواقي في طريقه ويدوس على الشتلات والشجيرات ويفزع الأطفال ويهلك الزرع ويفزع الحيوانات والمواشي المستأنسة.. ولأنه فـيل الملك فلا احد يجرؤا على منعه أو إخراجه من حقله أو مزرعته ، وكلما رفع احد الرعية صوته بالشكوى جاءه العسس ( الشرطة ) فاقتادوه إلى المخفر وغرموه واخذوا عليه تعهدا بعدم التعرض لفيل الملك مرة أخرى .. الفيل يأكل الزرع بمجرد اخضراره ، و( برك ) الفلاحين المخصصة للسقي يدخل فيها يلوثها ويخرب بنيانها ، ولما ضاق الناس به ذرعا دون أن يجدوا من ينصفهم ويبعده عن مزروعاتهم ، قرروا بعد تشاور بينهم أن يرفعوا شكواهم إلى الملك مباشرة .. فقد كانت له بعض المناسبات الوطنية التي يلتقي فيها مع الرعية وجها لوجه في مكان عام ، فخططوا على أن يقوم احدهم ويصرخ أمام الملك بأقوى صوته قائلا:( الفيل يا ملك الزمان ) فيقولون جميعا بعده وبصوت واحد : أخرب حقولنا وممتلكاتنا ونطالب بإبعاده عن مزارعنا وأرزاقنا ، حتى لا يستطيع العسس أن يقبضوا عليهم جميعا.. فالصوت الجماعي سيوصل رسالتهم إلى الملك وسيحميهم من بطش العسس ودسائس الحجاب ، وفي الموعد المحدد للمناسبة المنتظرة وبينما الملك جالس على كرسيه أمام الجموع قام رجل فجأة من بين الحضور وصرخ با على صوته قائلا: ( الفيل يا ملك الزمان ) وصمت ولكن لم يردد أحد بعده ما كان متفق عليه !! فانتبه الملك للرجل ، فردد الرجل بصوته مرة أخرى (الفيل يا ملك الزمان ) ولكنه لم يسمع أي صوت للرعية خلفه ، فكررها ثلاثا ولم ينفذ احد ما تم الاتفاق عليه .. وهنا صاح الملك قائلا : ماذا جرى للـفـيـل يا رجل .. تكلم ماذا به الفيل ؟؟ وتحرك العسس صوب الرجل للقبض عليه ، وعندما رأى نفسه انه سيتورط بسبب خذلان الرعية وجبنهم قال الرجل : الفيل يا ملك الزمان يعيش وحيدا في هذه المدينة ويعاني من الاكتئاب والوحدة ونريد أن تأتي له بفيل أنثى بجانبه تؤنس وحدته وتشاركه الرعي واللعب وتدخل في قلبه السرور ويعطونا المزيد من الأفيال.

هذا هو مصير الشعوب التي تسكت عن الحق أو تخاف أن تطالب به أو تؤازر من يتكلم باسمها ، والتاريخ حافل بمثل هذه المواقف الدرامية ، وليس المناضلون من اجل أوطانهم وحدهم يتعرضون لمثل هذا الخذلان ، فقد تعرض قبلهم سيد الخلق وأكرمهم الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام للأذى برميه بالحجارة حتى دميت قدميه الشريفتين يوم (( الطائف )) - ريتـني كنت فداء عنهما - وهو يدعو الناس إلى الخير وما ينفعهم .. والأنبياء منصورون بوعد الله لهم .. لكن هناك شعب في مكان ما من هذا العالم يعيش تحت سنابك (الحصان) الشديدة الوطأة عليه ، يئن و يصرخ يوميا ويجأر بالشكوى قائلا ( الحصان يا رئيس الوطن ) أهلك الحرث والزرع وعاث في الأرض الفساد ونطالب بعدالة توزيع العلف بيننا وبينه ، ولكن لا مجيب حتى الآن ويبدو انه لا أمل يرجى .. لذلك نقول للحصان ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) والعود عندما يشارف على الانطفاء يزداد دخانه وهذا ما نراه اليوم واضحا جليا ، واللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.

قبل الختام :

إذا كان ( الديمقراطيون ) في محاولتهم كسب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس قد احتاجوا إلى مسرحية الطرود المفخخة والتضحية باليمن وهو حليف مهم في ( لعبة الإرهاب ) الأمريكية ، ترى ماذا ستحضر لنا (خالة ) أمريكا في الانتخابات الرئاسية لكي يفوز أوباما بفترة ثانية ؟؟ لكن ما لم يعلمه الكثيرين أن هناك في داخل جهاز ألـ( سي آي آ ) يوجد قسم شديد السرية والتكتم اسمه ( dirty tricks ) أو الأعمال القذرة ، ولهذا القسم كافة الصلاحيات في حياكة المؤامرات والاغتيالات بما فيها إسقاط الحكومات والدول وخلق المبررات والأعذار لاحتلالها ومسموح له استخدام كافة الوسائل والتقنيات بما فيها الحرب الجرثومية ، ومن أشهر أعماله منذ تأسيسه ، اغتيال أمين عام الأمم المتحدة ( داج همر شولد ) فوق الكونجو في الخمسينات واغتيال زعيم الكونجو الوطني ( باتريس لوممبا ) واغتيال الجنرال (ضياء الحق ) في باكستان والانقلاب على حكومة الدكتور /محمد مصدق في إيران واغتيال الزعيم العربي الأشهر/ جمال عبد الناصر عن طريق تسميم ( القهوة ) بواسطة اقرب أصدقائه ( السادات ) ، وهو المسئول عن كارثة ( بهـوبال ) في الهند عبر شركة( لوكهيد ) للكيماويات لتجريب سلاح كيماوي جديد ، وهو المسئول عن التضحية بكامل ركاب الطائرة الكورية الجنوبية وبينهم أمريكيين عام 83م لتصوير قاعدة (سخالين ) السوفيتية في المحيط الهادي ، وهو من قام بوضع وتجريب فيروس ( ابيولا) القاتل في مياه الشرب في الكونجو وهو المسئول عن الانقلابات العسكرية المتكررة في إفريقيا ودول أمريكا الجنوبية ، وهو من قام بوضع طرود ما يسمى بالجمرة الخبيثة والسارس وأنفلونزا الطيور والخنازير ، وهو المصمم الرئيسي لعملية اغتيال الشهيد/ رفيق الحريري بتـنفيذ إسرائيلي لإخراج سورية من لبنان ( فالطرود هي من تأليف وتصميم هذا القسم حيث أرسلت من الولايات المتحدة إلى ( السفارة ) في صنعاء بعد أن تم التأكد من أن كافة أجهزة الفحص في المطارات لا تكتشفها وهي تقنية عالية ولا يقدر عليها سوى بعض الدول الكبرى لأنها تحتاج إلى تجارب عملية للتأكد من نجاحها وقد تم اختبارها على مختلف أجهزة الفحص في المطارات الأمريكية واجتازتها بنجاح ثم أرسلت إلى صنعاء وتم تسليم الطرد لمكتب الشحن ( fedex ) عبر إحدى العميلات مستفيدين من حكاية اللثام في اليمن ، وتم استخدام اسم الفتاة البريئة على اعتقاد أن صاحبة الاسم متوفاة أو بواسطة بطاقة شخصية مفقودة لها أو انه مجرد اسم عشوائي من السجل المدني من الكمبيوتر ولديهم وسائلهم في ذلك ، ومن المؤكد أنهم لا يعرفوها ابد ، ثم إن الطريقة التي تم الكشف بها عن الطرود متطابقة مع تفكير الذين يتخذون من ( الحمار ) شعارا لهم .. فكانوا اسم على مسمى حيث توافق الشعار مع المضمون .. أما الزج باسم ( السعودية ) فـيـقينا أنها لا علم لها بأي شيء ولا تستطيع النفي لأسباب نفهمها وهذه أفلام أمريكية تذكرنا بفيلم ( موت أميرة ) في مطلع الثمانينات.. والرئيس أوباما مجرد أداة في لعبة يقودها من خلف الستار كبار رجال الماسونية بقيادة إمبراطور الإعلام العالمي ( روبرت مردوك ) أما الادعاء أن الطرود كانت موجهة لتدمير معبدين يهوديين في أمريكا فالغرض منها كسب أصوات اليهود ورفع شعبية أوباما حيث ارتفعت 12 نقطة بعد هذه المسرحية البلهاء.. وعلى الجميع في هذا الوطن التمييز جيدا بين حماقة الحكومة وغبائها وهي تقودنا من نكبة إلى كارثة وبين سمعة الوطن أرضا وشعبا وهوية وما يحاك له من محاولات لاحتلاله وتقسيمه إلى كانتونات مذهبية ، لذلك على الذين يستصرخون علينا الشيطان بخيله ورجله لاحتلال الوطن أن يتعضوا جيدا من الدرس العراقي .. فلا يعمينا كرهنا لحكومة الحصان عن رؤية ما هو أسوأ وأدهى وأمر.. فهناك الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي ينتظران الدخول والاحتلال ومعهما عجوز الغابرين ( بريطانيا ).

آخر السطور :

ما تعرضت له الطالبة / حنان محمد احمد السماوي من ترويع تسبب في اقتحام منزلها دون وجود أي من أقاربها وتشويه سمعتها بسبب (مسرحية الطرود المفخخة ) الأمريكية تأليفا وإخراجا وتنفيذا ، يجب إعادة الاعتبار لهذه الأسرة الكريمة التي روعت، ولا ندري كيف فاتت رجال الأمن أن من يرتكب جريمة بهذا الحجم ليس من الغباء أن يترك اسمه الحقيقي ورقم هاتفه على الجريمة ، وكان يمكن إحضار الفتاة بطريقة أكثر آدمية وتحضر من الطريقة التي أحضرت بها وبدون ضجة إعلامية وشوشرة ، فلم يكن هناك أي داع لكل تلك القوة العسكرية التي استخدمت ولا الطريقة التي نفذت بها ، حتى لا يصدق فينا قول شاعر اليمن العظيم (( البردوني )) :

حكامنا إن تصدوا للحمى اقـتحموا

وان تصدى له المستعـمر انسحـبـوا

هم يفرشون لسيف الغزو أعينهم

ويدعون وثوبا قبل أن يثبـوا

الحاكمون وواشنطن حكومتهم

واللامعين وما شعـّـوا وما غربوا

القاتلون نبوغ الشعب ترضية

للمعتدين وما أجدتهم القرب

لهم شموخ المثنى ظاهراً ولهم

هوى إلى ( بابك الخرمي ) ينتسب

فمتى نتحضر في التعامل مع مواطنينا ومتى نحفظ للناس كرامتهم وآدميتهم ؟؟ وصدق المصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال ( من أفزع مؤمنا فكأنما قتله ) .. وما حدث لهذه الأسرة هو في ذمة ولي الأمر شخصيا وعليه التوجيه برد الاعتبار العلني لهذه الأسرة المكلومة في سمعتها وذلك أدنى حقوقها عليه وعلى الوطن وعلينا جميعا .