قناة الجزيرة تقود حربا أخرى
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 25 يوماً
الأحد 04 يناير-كانون الثاني 2009 10:19 م
 
قناة الجزيرة تلك القناة الإخبارية التي تنطلق من دولة قطر ذات المساحة الجغرافية المتواضعة صنعت منها مكانا مرموقا في عيون العالم هي تستحق كل تحية وتقدير .

  أحداث غزة التي مازالت دمائها تسيل في كل شارع وبناية .. كانت الجزيرة فيها هي المنبر المشرف والموقف الحر الذي أثبتته هذه القناة طيلة ألأيام الماضية التي خاضت فيها حربا إعلامية مع كبرى وكالات الأنباء وقنواتها الإخبارية فكان الاحتراف المهني والتميز الإعلامي هو عنوان شهادة منحة الشارع العربي لهذه القناة التي أثبتت أنها أهل لذلك .

إذا كانت حماس تقود حربا عسكرية في مواجه إسرائيل , فإن قناة الجزيرة تخوضا حرباً لا تقل شراسة أمام الإعلام الغربي , وبعض الأنظمة العربية التي سعت الجزيرة لتجريدهم من كل فساتين الفسق والنفاق السياسي أمام شعوبهم التي ثارت في كل أصقاع الأرض .

لم تكن الدراسة التي أجرتها صحيفة ذي غارديان البريطانية أن قناة الجزيرة تتفوق على منافساتها من القنوات الفضائية العربية من حيث عدد مشاهديها الذين يتابعون التغطية المباشرة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة, وتبث صورا لا يمكن أن تجد طريقها عبر شاشات التلفزة الغربية.

ومع أنه من الصعوبة بمكان تحديد عدد المشاهدين بشكل دقيق، كما تقول الصحيفة، فإن الجزيرة تقول إنها تحظى بأكثر من 50 مليون مشاهد، ويرتفع هذا العدد في أزمات من هذا القبيل.

لقد فضحت أحداث غزة العديد من القنوات العربية سواء التي تتبع أنظمة عربية بعينها أم تدار من قبل رجال أعمال عرب عن التوجهات الخفية لتلك المنابر , بل وصل الأمر إلى أن أصبحت بعض القنوات العربية تصب في تغطيتها خلافا للمصالح الوطنية والقومية العربية ناهيك عن قضايا الدين والعقيدة .

لقد برهنت الجزيرة على أنها قناة حرة رغم كل ما قيل عهنا وسيقال في كل حدث أو متغير على الساحة العربية والعالمية التي تكون الجزيرة دائما صوتا مميزا وحرا ونابضا بالحيوية والإشراق.

لقد كان الإعلام هو أحد أهم ساحات الحرب التي حاولت إسرائيل أن تخوض تلك المعركة فيها مستندة إلى أعوان أخفيا وعملاء مندسون سواء على ترددات الفضاء أو ساحات مواقع الإنترنت .

لقد مثلت معركة الفرقان في غزة كما أطلقت عليها حركة المقاومة الإسلامية حماس أن تكون الغسيل الذي أزال عمليات التجميل المشوهة لبعض القنوات العربية التي خسرت عشرات الملايين من المشاهدين العرب وكانت قناة العربية تأتي في مقدمة من خسرت رصيدها المهني والشعبي على الساحة العربية وكل الناطقين بلغة الضاد وتحول أسمها من العربية إلى قناة العبرية وتلقت هجوما عنيفا من عدد من السياسيين العرب وعلماء الإسلام كان على رئسهم الشيخ حسن نصر الله والشيخ السعودي ناصر العمر وغيرهم آخرون تكشف المنديات العربية مدى الغيظ الذي يحملوه تجاه هذه القناة وصل بعضهم إلى حذفها نهائيا من قائمة المفضلة لديه .

لقد أثبت الإعلام العربي عبر مدرسة الجزيرة وغيرها من المنابر ألإعلامية سواء الصحافة المرئية أو المكتوبة " ورقية أو مواقع انترنت " أن الحرية الإعلامية هي الأصل في نجاح تلك الوسائل وأن نهاية أي وسيلة إعلامية هي في ارتباطها وتبعيتها لأي طرف كان .

أننا اليوم في أمس الحاجة في كل قطر عربي إلى إعلام حر على غرار قناة الجيزة يناقش فيه المستور ويفضح المخفي ويتكلم فيه من لا منبر له .

أن الديكتاتورية التي يمارسها زعماء العرب اليوم على أوطانهم تبدأ بالهيمنة الإعلامية التي تبث لعامة الناس ما يسبح به الحاكم فقط وتظل الحقائق وآهات الأمة والناس بعيدا عن متناول الأعلام الرسمي , وتظل عبارات ألإنجازات العملاقة ولفظ الفخامة والسيادة والمعالي مصطلحات متكررة تسأمها آذان العرب وتشتاق للحن جديد حر يعبر عن نبض الأمة لا معبرٍ عن فئة قلة قليلة من الناس .

إننا في اليمن وغيرها من بلدان العالم الثالث تحديدا نتطلع كثيرا للقوى الفاعلة في أن تتبنى مشاريع إعلامية ستكون مع قادم ألأيام عونا كبيرا لهم في عرض قضاياهم وبرامجهم التي يؤمنون بها .

ورغم وجود العديد من العراقيل التي تقف أمام قوى التغيير في العالم العربي للوصول إلى منابر إعلامية خاصة في المجال الفضائي , إلا أن الأمل سيكون ملازما للعديد من هواة التغيير لأن الأيام تمنح الكثير من التنازلات والتسهيلات في هذا المجال و في ظل الطفرة العلمية الهائلة التي يعيشها العالم والتي تجعل من امتلاك تلك الوسائل كل يوم أسهل من قبلة .