السعودية توجه ضربة موجعة لقوات الدعم السريع
ابوظبي تخطط لاستثمار 40 مليار دولار في إيطاليا
الكشف عن انطلاق أضخم مشروع قرآني عالمي في السعودية
الطائرات المسيرة واجزائها المهربة الى اليمن وأنباء عن سلسلة إمداد معقدة بين الحوثيين والصين
عاجل : تعرف على الدول التي أعلنت أول أيام شهر رمضان المبارك.. والدول التي ستصوم يوم الأحد
اليمن يعلن السبت أول أيام شهر رمضان المبارك
للمرة الأولى عالمياً.. دولة خليجيه ترصد هلال رمضان بطائرات درون
المنطقة العسكرية الثانية توجه تحذيرا شديد اللهجة لحلف قبائل حضرموت وتحركاته العسكرية
ماذا تصنع الطائرات الأمريكية المسيرة إم كيو-9 فوق مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .. وكيف خضعت الصواريخ الروسية للجيش اليمني السابق للتطوير على يد إيران ؟
أول تعليق من الحكومة اليمنية على دعوة السعودية لضم اليمن إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي ..
يطل عبدالملك الحوثي من شاشة قناته «المسيرة» على اليمنيين يعدهم بالنصر، يقول عبدالملك إن أمريكا والصهيونية العالمية ستهزم في اليمن. كانت عجوز من صنعاء القديمة تستمع إلى الحوثي وهو يتوعد أمريكا وإسرائيل بالرد، وتتساءل ببراءة: «ما هي أمريكا هذي، ما هي الصهيونية العالمية! يا عباد الله فهموني ما بيقول هذا الولد!».
وإلى اليوم لا عجوز صنعاء فهمت «القائد المعجزة»، ولا عبدالملك شبع من دماء الأمريكيين واليهود في عدن وتعز ومأرب وعمران والجوف والبيضاء وشبوة والضالع وحجة، وغيرها من المدن اليمنية التي احتلتها قوى «الاستكبار العالمي»، وجاء الحوثي لتحريرها. قرأت كثيراً عن الجماعات والفرق الدينية، تستهويني نشأة هذه الجماعات وتطورها ومآلاتها، بحثت في التوظيف السياسي للدين الذي تشتغل عليه هذه الجماعات، والأضرار الكارثية لذلك التوظيف على الدين والمجتمع والدولة. بالنسبة للحوثية، فقد تمثلت أول هزة حركت فضولي للقراءة في فكر وأداء هذه الحركة، تمثلت في كلمة قالها لي يحيى الحوثي قبل سنوات على قناة المستقلة، أثناء إحدى جولات الحروب الست العبثية، ضمن حوارات تلفزيونية مطولة، قال لي إنني «ناصبي» وإن الجيش اليمني آنذاك يقتل «أولاد رسول الله». لم أستوعب ما يقول، من أن الجيش اليمني في صعدة يقتل أولاد رسول الله الذين ماتوا في حياته، أما أن يقول يحيى الحوثي إن الإسلام «خرج من بيتنا»، فهذه صدمة فكرية، تمثل قمة العبث والهرطقة، إذ لم تخرج من بيت بدرالدين الحوثي إلا الحروب والفتن العنصرية والطائفية.
كان يحيى – وهو شقيق عبدالملك – يتحداني أن أنكر شيئاً من ذلك، كان واثقاً مما يقول، وكنت أشفق عليه من تلك الأفكار التي تلقفها عن أبيه في صغره، وصعب عليه التخلص منها. وفجأة لمع في ذهني بيت الشاعر الفيلسوف أبي العلاء المعري:
«هذا جناه أبي عليَّ وما جنيت على أحد.»
هذه جناية الحوثي الأب على صغاره وعلى اليمنيين جميعاً، هذه ثمار التربية على المظلومية والحقد والثأر التاريخي من النواصب «الذين قتلوا الحسين وأخذوا حق آل البيت». كنت أتساءل: ما الفرق بين التوظيف الحوثي لمأساة الحسين، والتوظيف الإسرائيلي للهولوكوست؟ كنت مرة في نقاش حول أفكار أحد الأئمة الزيديين الذي يعد مرجعاً للحركة الحوثية، وهو الإمام عبدالله بن حمزة، وكان الحديث عن بطشه وجوره وعنصريته وشذوذه الفكري، وكان من بين المتحاورين الدكتور زيد الفضيل، وهو كاتب سعودي من أصل يمني. وعلى الرغم من أن عبدالله بن حمزة ميت من منذ مئات السنين، إلا أن الدكتور الفضيل هدد برفع دعوى قضائية عليّ بتهم التشهير بـ»جده عبدالله بن حمزة»، الذي مات قبل مئات السنين، والذي قال الفضيل إنه يمت إليه بنسب. تساءلت لفترة طويلة كيف يمكن لرجل يحمل شهادة عليا أن يفكر بهذه الطريقة، أن يدرج النقاش حول أحداث من الماضي، وشخصية تاريخية عامة، أن يدرجه ضمن دائرة الأمور الخاصة، كيف يمكن أن ننظر للتاريخ من زاوية قوانين الأحوال الشخصية، وشجرة النسب العائلي!
أما حديث يحيى الحوثي السابق، فكنت حينها أتلقاه بدهشة عجوز من صنعاء أثناء استماعها لأخيه عبدالملك وهو يتحدث عن هزيمة الأمريكيين والصهيونية العالمية في اليمن.
تذكرت ذلك الشريط المخزون في الذاكرة منذ سنوات وأنا أقرأ بلاغاً – أرسل إليَّ قبل يومين – مقدماً ضدي إلى النائب العام بالتهم «الجسام العظام»، المتمثلة بالإضرار «باستقلال الجمهورية اليمنية ووحدتها وسلامة أراضيها»، حسب نص البلاغ. تصورت نفسي في قفص الاتهام الحوثي والقاضي يقرأ عليّ «حكم الإعدام» المنصوص عليه في القانون اليمني كعقوبة على تلك التهم «الجسام العظام»، لمجرد أنني وقفت بالرأي فقط ضد جنون هذه الحركة الطائفية والعنصرية التي أضرت بالفعل بأمن وسلامة واستقلال ووحدة الجمهورية اليمنية، ثم ألقت بالتهمة على العبد الفقير إلى الله وعلى غيره من المطلوبين لتلك العدالة الظالمة.
لا يوجد منطق وراء هذه الحركة الغيبية، لا الأفكار واقعية ولا الأداء السياسي.عبدالملك وجماعته يفهمون الأمور بالمقلوب. وجدوا أنفسهم فجأة رجال دولة، وهم الذين لم يغادروا طفولتهم الفكرية والسياسية، سلمت لهم صنعاء بكل فتونها وجمالها، وتصرفوا بها بدهشة طفل أهديت له لعبة جديدة، لم يجرب اللعب بها من قبل. فغر عبدالملك فمه وقد سلمت له صنعاء، ووجد نفسه فجأة أمام امرأة متمدنة جميلة، شغفت قلبه، لكنه لا يدري كيف يتصرف معها.
الحوثيون صغار بكل معنى الكلمة، لكنهم لم يكونوا ليلعبوا دور الكبار لو أن الكبار في اليمن قاموا بأدوارهم على الوجه المطلوب. لكننا في ما يبدو في زمن الصغار، الذين أتوا ليملأوا دور الكبار بعد أن أتاح الكبار لهم الفرصة، وذهبوا بعيداً ليلعبوا أدوار الصغار.
نعم. إنه زمن الصــــغار، زمن عبدالملك الحوثي، الذي قال له أبوه إن اليمن ميراث أجداده، فتصرف فيه تصرف طفل اشترى له أبوه لعبة جديدة، لا يعرف كيف يتصرف معها، أو ريفي يتصرف بسذاجة أمام امرأة جميلة متمدنة، وجد نفسه فجأة وصدفة معها، فأساء التقدير والقول والفعل.
لك الله يا صنعاء…
يا يمن…
يا لعبة الصغار…