عندما يطالب الحوثي بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني
بقلم/ د. فضل الهيج
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 8 أيام
الإثنين 08 سبتمبر-أيلول 2014 01:28 م

لقد دعت المبادرة الخليجية إلى مؤتمر حوار وطني شامل ، هذا المؤتمر كان هدف كل الترتيبات المعلنة في المبادرة الخليجية نفسها ونتائجه هي بوابة العبور إلى يمن جديد

لم يكن مؤتمر الحوار هو الأول بين فرقاء العمل السياسي في اليمن بل سبقه في عهد الرئيس السابق العديد من مؤتمرات وجلسات الحوار الوطني كلها كانت تؤدي إلى نتائج مقبولة لحل الأزمات لكن تبقى هذه النتائج فقط على الورق الذي كتبت عليه

لكن الجديد في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بعد الثورة أو قل بعد الخروج الشعبي الكبير من اجل التغيير ، الجديد أن المؤتمر (الحل السحري في المبادرة الخليجية ) وافق علية مجلس الأمن والتزم بتنفيذ مخرجاته

هذا الإشراف الدولي جعل مخرجات الحوار أكثر شمولاً و أعمق في تناول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحقوق الإنسان

وخرج بوثيقة للتعايش السلمي . لكن من يقنع المتحاورين بهذا التعايش ؟

إن روح الإقصاء تتقمص الجميع بل الحقيقة أن الجميع يتقمصها خصوصاً و أن مجتمعاً موزعاً مناطقياً وعرقياً وطائفياً هو الذي يتحاور قادته في هذا المؤتمر

وإذا نظرنا إلى الحوار على أنه فعل سياسي وليس حضاري وهذا ما كان عليه الفرقاء فأمر الصراع و الاستحواذ هو الذي كان سائداً

لكن المشكلة الأكبر عندما تكون هذه الروح الإقصائية مشكلة غربية بامتياز أيضاً لان الغرب يتعامل معنا بمبدأ صراع الحضارات الذي ينتهجه مع الأخر وخصوصاً عندما يكون هذا الأخر إسلامي

هنا يكون الحوار حلبة ملاكمة حقيقية ويكون تأثير الطرف الأقوى في مخرجات الحوار أكبر ومكتسباته في الواقع أكثر

لهذا بدا الوضع اليوم بعد إنهاء مؤتمر الحوار الوطني أكثر تعقيداً وأكثر تجزؤ وإن هذه الحالة سوف تستمر بوتيرة أعلى , مالم تكن المبادئ الحاكمة والمصلحة الوطنية هي التي تضبط أداء الجميع خصوصاً الأطراف الداخلية ويكون المجتمع الإقليمي والدولي على مسافة واحدة من الجميع وإن كان هذا الأمر غريباً على سلوكه المشؤم

ولهذا نرى أن تنفيذ مخرجات الحوار لا يتم بالحوار وإنما بالحرب وأصبحت الميلشيات المسلحة هي من تطالب بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبتواطؤ ورضا أطراف داخلية وخارجية هذه السياسة المؤلمة بدأ التفكير فيها منذ وضع اليمن تحت البند السابع لكن إن يتم تطبيق هذا البند بأيدي اليمنيين أنفسهم فهو الامر الغريب لكنه قطعاً سيقلل الخسارة على المجتمع الدولي ويتحمل المجتمع اليمني كل الخسارة

لذا على العقلاء بيان حجم هذه الخسارة على اليمن بجد دون تهريج أو فلسفة واستدعاء الحكمة اليمانية إن كانت هذه الحكمة ما زالت موجودة لأنها بعد الله هي القادرة على إخراج اليمنيين من هذا المأزق الذي وضعتنا فيه الدول الإقليمية والأجنبية نعم الحكمة اليمانية هي من يجب إستدعائها لحل مشكلة اليمن إذا كنا فعلا لا نريد سوريا أو عراق جديد في اليمن

إن أطالت أمد الأزمة في اليمن هدف خارجي يمهد لهم بلوغ الأهداف المتوسطة والبعيدة أما أهدافهم القريبة فهي واقعة فعلاً

لقد أكد العاهل الأردني وهو القريب من المطابخ السياسية والاستخباراتية الأجنبية أن الأزمة في سوريا والعراق سوف تطول فهل سيكون الوضع في اليمن كذلك ؟!

هل اليمن هي الدولة الثالثة بعد سوريا والعراق التي ستحل بها الكارثة ؟خصوصاً و أن اليمن تتشابه معهما في وجود تنوع طائفي وهو أقوى أسباب الصراع في العراق وسوريا

الكل في اليمن سيخسر لكن الحوثي الذي يطالب بتنفيذ مخرجات الحوار بأسلوب الحرب هو اكبر الخاسرين على المدى المتوسط والبعيد فهو لا يملك فكر متماسك ولا قاعدة علمية وإنما تجمع غوغاء ودعم خارجي لكن الآخرين يعتمدون على الداخل فقط وخصوصاً الإصلاح ويعاديه الخارج وهذه نقطة قوته المستقبلية لأنه سيكون طليعة التحرر والاستقلال

نعود لمخرجات الحوار ونتسأل هل المأزق الذي ساقتنا إليه المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن سيجعل اليمنيين يتوافقون فعلاً على وثيقة الحوار الوطني و هي الوثيقة الوحيدة المطروحة الآن ؟

يمكن ذلك إذا كانت المبادئ الحاكمة لكل ما ورد في وثيقة الحوار الوطني هي الثوابت ( الشريعة ، الجمهورية ، الوحدة ) والمصلحة الوطنية وان يفسر بالحوار المختلف فيه بما لا يخرج عن هذه الثوابت والمصلحة الوطنية عندئذ يمكن أن يسير اليمن نحو النور إما تنفيذ مخرجات الحوار من خلال الحروب فلا احد يمكن له أن يتحكم في المستقبل أو يتنبأ به خصوصا من الأطراف الداخلية .