رسائل عاجلة للرئيس.. بعيداً عن شغل الكواليس !
بقلم/ د.علي مهيوب العسلي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 25 يوماً
السبت 16 يونيو-حزيران 2012 05:32 م

في البداية نود أن نتقدم بالتهنئة القلبية للأخ الرئيس عبده ربه منصور هادي ومن خلاله لكافة أفراد وضباط قواتنا المسلحة واللجان الشعبية التي حررت شعبنا في محافظة أبين من قبضة من استلموها سواء كانوا القاعدة التي يعرفها العالم أو القاعدة المصنوعة كمنتج محلي خالص .إن ما جعلني اعتقد بهذا الاعتقاد هو ما شاهدناه جميعا من تصرفات هذه القاعدة في الفترة الماضية من ظهور شخوصها في مؤتمرات جماهيرية ،وهذا مخالف لما تنتهجه القاعدة منذ نشأتها ،تلا ذلك السيطرة على مساحة جغرافية وإعلان إمارتهم الإسلامية ،بل وممارسة الحكم لمدة لا تقل عن السنة من تاريخ النصر المؤزر ،إضافة إلى عمل مؤتمرات صحفية واستدعاء وسائل الإعلام لتغطية إطلاق الأسرى من الجنود الذين كانوا قد احتجزوهم ،كذلك الاتصال تلفونيا بوسائل إعلام محلية ،ومقابلات تلفزيونية ومحاولتهم بإعطاء صورة عن العدالة التي يطبقونها وتسفيه وسائل الإعلام المقابلة التي تعمد الإساءة لهم عبر نشر أخبار مفبركة تبالغ في قتلاهم وعن ممارستهم لذبح الجنود وخلافه !

المهم في الأمر أيها الأخ الرئيس أنكم قد توفر لديكم الإرادة الصلبة والاعتماد على إستراتيجية عسكرية مدروسة حققتم بموجبها النصر على القاعدة الذي كان غيركم يستخدمها فزاعة لتخويف الآخرين نتج عنها تشويه الإنسان اليمني في كل بقاع العالم ،وعليه بعد هذا النصر العظيم لابد من عمل لا يقل أهمية هو تكثيف العمل الدبلوماسي والإعلامي لتبيان الحقيقة الماثلة الآن وهو اندحار القاعدة ،والعمل قدر الإمكان التقليل من الصورة الذهنية التي رُسمت في كثير من الدول نتيجة للمبالغات المُتّعمدة في الفترة السابقة من دوائر النظام أوصلت كثير من قيادات دول العالم وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير أولوياتها في مكافحة الإرهاب والتي في الآونة الأخيرة اعتبرت أن اليمن يشكل تهديدا جديا لأمنها وللسلام العالمي ،فالحملة مهمة من اجل الحد من التدخلات السافرة إلي تستفز مشاعر الشعب اليمني والتي قد تؤدي إلى مشاكل جَمَّة قد لا توفر لكم الفرصة لخلق الاستقرار والتوجه باليمن نحو التنمية التي حُرم منها الشعب اليمني وبخاصة في الغالية آبين وهذا هو الملف الأول الذي أردت تنبيهكم وتذكيركم به ،لكي لا يَتّحول الانتصار الكبير الذي تحقق إلى ارتداد عليكم وعلى الشعب اليمني ، إذا لم تبادر فوراً دون إبطاء بالتوجيه والإشراف بإعادة الإعمار الفوري وإنزال الحكومة لمدة معينة لكي تدير مكاتبها هناك مباشرة التي تعطلت في الفترة الماضية والعمل على إعادة النازحين وتعويضهم عما لحق بهم والاستماع بإنصات لكل همومهم والمعالجة الفورية عما لحق بهم من أضرار مادية أو معنوية ، وهذا في اعتقادي هو الملف الثاني الذي يستحق أن تعطيه العناية التامة إن أردت أن تسير باتجاه تحقيق مطالب الناس . وحَذَارِ أن تنسيك فرحة النصر ، الإهمال وعدم الإسراع في تكليف الحكومة للنزول وبالتالي تتعقد مشاكل إخواننا هناك كما تعقدت مشاكل إخواننا في صعدة بسبب الإهمال من قبل العهد السابق وعدم إعمار المناطق المتضررة جراء الحروب الست، وكذلك الإهمال الذي مورس في قضية السيول بحضرموت عام 2006م ، وما جرى من دمار وتخريب أراضي وبيوت ومصالح تجارية وخدمية وتَشكّلت لجان وجُلبت المساعدات .. ولكن الناس هناك لا يزالون ساخطون ويطالبون بالتعويضات التي لم تصل إلى اغلبهم .الملف الثالث هو قرارك الأخير في تشكيل لجنة الاتصال من اجل التهيئة للحوار الوطني وأنا من ملاحظاتي فقط والمراقبة عن بعد نظراً لعدم توفر المعلومات الكافية التي تُعين في طرح القضية بأسلوب تحليلي قد يفيدك أو يفيد المعنيين الذين يتولون التهيئة للحوار الوطني ،فلقد حصل لغط كبير عند إصدارك القرار لمن سميتهم في تلك اللجنة مع حفظ الألقاب والاحترام للجميع ، حيث الجدل قد حصل بسبب استبعاد بعض القيادات من بعض الأحزاب والتي هي شريكة فاعلة في العملية السياسية التي سرتم جميعا في طريقها !

أتمنى انك قد وفقت في امتصاص تداعياتها إذ لا يعقل أن تذهبوا للحوار مع أطراف قد تتقاطع مع توافقتم عليه وتستبعد القوى المتوافقة معكم وعلى نفس مساركم ، فإذا كانت هناك بعض القوى تريد أن تؤثر على قراركم أو من قوى دولية ارجوا صادقا أن تتلافاها ، لأن المقدمات الخاطئة بالضرورة تؤدي إلى نتائج خاطئة تؤثر في الحوار الوطني حكما!

إن ما جعلني أخاطبكم حول هذه القضية هو حرصي ورغبتي الخالصة بعد أن رئيت التوافق والرضا من اغلب الشعب اليمني ، بالرغم من أنني لم أكن ممن شارك في انتخابك بسبب عدم اقتناعي حتى هذه اللحظة بجدوى المبادرة الخليجية ،لأنها اعتبرت ما يجري في اليمن أزمة وأنا مازلت مقتنعاً أن ما يجري في اليمن ثورة بكل معنى الكلمة ،وكذلك كون المبادرة والياتها قد تجاهلت حق الشباب المتطلعين لبناء الدولة المدنية الحديثة لصالح قوى تقليدية أنت تعرفها ، والتي يبدوا أنها ستكرر نفس المشهد الذي حصل في مصر العربية وتوصل البلاد إلى انسداد في نهاية النفق ما لم تتنبه لمثل هذه الأمور وتحرص على إشراك الشباب الذين هم الثروة الحقيقية والطاقة التي لا تنضب والتي لا تحمل ارث الماضي وتعقيداته وإنما تفكر في المستقبل الواعد المزدهر!

لقد لاحظت أن لجنة الاتصال المعينة ليست شفافة بما تعمله مع الأطراف ولا تغذي الشعب اليمني أولا بأول بما تتوصل إليه .ويبدوا أن هناك مبالغ مالية مرصودة لعمل اللجنة الوزارية لفتح الحوار مع الشباب، فَعَمدت إلى طرح تصور لها لعملية النزول وتشكيل اللجان والسكرتاريات دون الاهتمام بقضية الحوار نفسه .يمكن فهم ذلك من خلال الورقة المسربة إلى الساحة تحت عنوان:(تصور لعمل اللجنة الوزارية لفتح الحوار مع الشباب) !

السيد الرئيس أحببت أن أوصل إليك استياء الكثير من الثوار من اجل أن تتدخل وتعمل معالجة حاسمة للاستخفاف الذي يمارس ضد الثوار في الميادين وإعطاء الامتيازات للأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية والتي في تصوري ليست معنية بالتهيئة للحوار لأنها قد وافقت مسبقا على المبادرة ،وإنما يفترض الحوار مع من يخالف أو له وجهة نظر من المبادرة والياتها التنفيذية لكي يصل الجميع إلى ما يمكن تسميته بالتوافق الوطني العام .لقد نشر إعلانا يحدد الموعد النهائي لمن يرغب في المشاركة في التهيئة للحوار بفارق زمني فقط ثلاثة أيام مع تحديد شروط مُعيبة على الشباب فقط ، بينما الأحزاب والحركات المسلحة وأصحاب المشاريع الضيقة لا شروط عليهم، فلماذا هذا التحامل على شباب الثورة سؤال اطرحه تحت عنايتكم؟!!

كان الواجب على اللجنة بعد تعيينها وكذلك اللجنة الوزارية المكلفة بحسب المبادرة الخليجية أن تطلب من الشباب أن يختاروا من يمثلهم وبالطريقة التي يرونها للتهيئة للحوار في محاور واضحة محددة لكي يسهم الشباب في تقديم رؤية ربما قد تكون هي الحل لما عجزوا عن تحقيقه منذ عام 1990م !

كذلك ما جعلني أثير مثل هذه النقطة من الضيق المتصاعد من قبل الكثير من شباب الثورة وأخشى ما أخشاه أن تولد لجنة الاتصالات واللجنة الوزارية ردود فعل قد تؤدي إلى خلافات وانشقاقات وربما حروب إذا لم تعالج القضايا بالصبر وبالمرونة وليس بالاستفزاز والمحاباة والاشتراطات فقط على الثوار وعدم وجود أية شروط على الآخرين، بل التأكيد من الدكتور عبد الكريم الارياني رئيس لجنة الاتصال في تصريح له انه لا شروط ولا سقف للحور فلماذا يمارس على الثوار مثل هذه الشروط ؟ ؛ بينما لا مانع عند هذه اللجنة العتيدة أن يمثل من يحمل السلاح أو من استولى على سلاح الدولة ولم يعيده بعد!

لقد أطلت في هذه الفقرة والسبب في ذلك محاولة لفت انتباهك عن الوضع من أنه ليس بالشيء البسيط وإنما هناك تعقيدات وغموض في مسالة الحوار الوطني فالكل يتحدث عن أهمية الحوار الوطني ولا ندري على ماذا سيتحاورون؟ ومن يحق لهم الحوار ؟ ولا نعرف هل المبادرة والياتها التنفيذية قد شخصت مصفوفة المشكلات وحددت أطرافها؟ ؛ إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يتم التحاور مع أطراف المشكلة أولا والوصول معهم إلى اتفاق على حل لتلك المشكلات ،ومن ثم تقوم اللجنة بإبرازها في مصفوفة تسمى مصفوفة الحلول ثم يتم عرضها على كافة المكونان والأطياف السياسية والفئات المختلفة ،ومن ثم تختار لجنة الخبراء من ماية شخصية تتولى صياغتها في شكلها النهائي ثم تتحول إلى عقد اجتماعي يستفتى عليه من الشعب حتى يصبح ملزما للجميع !

أيها الرئيس هناك سؤال مهم نتمنى أن تجيب عليه لان التسريبات تأخذ مكانها في الانتشار وبخاصة عندما تتقاطع مصالح البعض فهل هناك حقيقة تقسيم ادوار للدول في مسائل تتعلق بنظام الحكم والنظام الانتخابي والقضية الجنوبية وصعدة والعدالة الانتقالية والدستور...الخ ؟! أي بمعنى أن الدولة العلانية معنية مثلا بهيكلة الجيش ودولة كذا معنية بصياغة الدستور ودولة كذا معنية بالقضية الجنوبية ...إن كان ذلك موجودا فيما يسمى بملحقات المبادرة فلماذا لا يصارح الشعب بذلك!

أما إذا لم تكن هذه التسريبات حقيقية وأنا اعتقد ذلك فلابد في هذه الحالة الارتكاز على الثوار في الساحات الذين هم أداة التغيير الحقيقي وبالتالي أيها الرئيس عليك التوجه إليهم بخطاب من شخصك الكريم تؤكد فيه انك تمتلك الإرادة والعزم بتحقيق أهداف ثورتهم كما أكدت وامتلكت الإرادة العزم على محاربة القاعدة عند ذلك فان الثوار في اعتقادي سيجدون ضالتهم من النفق الذي وضعهم فيه الأحزاب وسيجدون الطريقة المناسبة للالتقاء بك والحوار معك حول مختلف المطالب والأهداف والأولويات وسيكونون معك وبك لتحقيق ما تتوصلون إليه دون إقحامهم في مشاريع ومشاكل ليسوا أصلا طرفا فيها إلا ما يتعلق بتضحياتهم وشهدائهم وجرحاهم ومعتقليهم فمقدرتك بعد أن انتخبوك اكبر على معالجة تلك المشاكل!

فاعترافك بثورتهم كفيل بحل تلك المعضلات ، وستتوجهون جميعا لبناء اليمن الجديد ومن ورائكم الشعب اليمني ،وكلي ثقة انك لو فعلت ذلك فانك ستتوصل مع أبنائك إلى تفاهمات يتمخض عنها قناعتك بإقالة كل القيادات التي ترى أنها معيقة والتي لازالت لا تخلق الثقة بينك وبين شباب الثورة وستكون أنجزت أهم حوار وطني دون عناء ودون تدخل من القوى السياسية التي تريد استخدام شبابنا الأطهار في تحقيق مآرب ضيقة لا تمت للمصلحة العليا للوطن بصلة ،إذ لاحظنا في الآونة الأخيرة بعض التصرفات التي تعقد المشهد ولا توفر الانفراج من لجنة الاتصالات التي عينتها والتي نعرف ما تمثل من أحزاب وما تحمل من مشاريع تخلط فيها الصحيح بالخطأ، وتمزج بين الضحية والجلاد فيما يسمى حوارا وطنيا فأي عاقل يقبل ذلك ! ويقيني انك لا تقبل ذلك على الإطلاق! !

كل ما أوردته بدافع الحرص والمساهمة في ما أعتقد في العهد الجديد والذي أتوقع فيه من سيادتكم الانفتاح على كل الأفكار والاستفادة منها قدر الإمكان .أعود للتأكيد على الاهتمام بالغالية آبين وتكليف الحكومة بالبقاء هناك حتى يشعر الجميع أن اليوم غير الأمس وان القرار يجد من ينفذه حيث الجميع في خدمة الشعب، ثم إقناع الجميع بضرورة الاعتراف الصريح بالثورة ،وان ما قاموا به الثوار قد أوصل البلاد إلى التفكير الحقيقي بالدولة اليمنية الحديثة بعد إزالة كل من يعرقل ذلك وهو متوفر لديك أيها الأخ الرئيس بعد صدور القرار الأخير من مجلس الأمن فما لم تعمله في الشهور السابقة هو متاح لك في هذه اللحظة فإذا بقيت بنفس الروح الذي كنت عليه فيما سبق تكون قد أحرمت اليمن الجديد دولة مدنية قائمة على العدل والمواطنة المتساوية ،وتكون قد فرطت بتضحيات شهداء القوات المسلحة والثوار في الساحات ، بعد ذلك يرتب من قبل مكتبك موعد للقاء بمن يمثلهم الشباب باختيارهم وبخاصة المستقلين المظلومين حقا في ظل استفراد الأحزاب في الاستفادة من فعل الثوار في التوظيف السياسي فلا تظلمهم كما ظلموا في توصيل رؤيتهم وشرحها فو الله أنهم يمتلكون رؤىً ناضجة تفوق عشرات المرات مما تمتلكه الأحزاب .

وفقكم الله وسدد في الإيفاء بما تعهدتم به للشعب طريقكم والله المستعان هو حسبنا ونعم الوكيل....