قدر لعدن أن تكون ساحة لتصفية حسابات الخصوم ، وقدر لأهلها دفع ثمن هذا الصراع ، و لم يكتف المتصارعون بأقصاء أهلها ، وﻻبالإستئثار بخيراتها ، بل أنهم ذهبوا إلى ماهو أبعد من ذلك حين مزجوا قهرهم لأهلها بنظرة الدونية واﻻستحقار ، فتعامل معها الراحلون والقادمون في كل المراحل منذ 1967م وحتى اليوم وفقا لوهم أقنعوا به أنفسهم ( عدن أرض بلا شعب ) وكأن عدن نبتا شيطانيا له نهاية وليس له بداية .
أكل المتصارعون الأخضر واليابس ، وأهلها يتضورون جوعا ، والمحزن الذي تتفطر له القلوب أن عمليات الإقصاء والتهميش والنهب تتم تحت شعارات ثورية ووطنية ، إبتداء من شعار ﻻصوت يعلو فوق صوت الحزب ، مرورا بشعار الله والوطن والثورة ، وإنتهاء بشعار التحرير واﻻستقلال واستعادة الدولة .
الشمال والجنوب حكم عدن ، ولم تحكم عدن حتى نفسها ، فسيف القهر كان مسلطا ، وأبواق الكذب مستمرة في بث السموم ، فيد القهر تولت الإقصاء ، ولسان الكذب أقنع الجميع أن أبناء عدن ليسوا أهلا للحكم وﻻ للإدارة .
يذهب محافظ ويأتي أخر ، يأتي مدير ويذهب أخر ، تفرس في وجوههم ، وتأمل لكنة السنتهم ، واقرأ سيرهم الذاتية ، فلن تجد في قسمات وجهه بساطة العدني ، ولن تسمع من في حديثة لكنة عدن ، و لن تجد مكتوبا في شهادة ميلادة عدن ، بل لن تجدوه مكتوبا حتى في بطاقته الشخصية التي استخرجها قبل تعيينه بأيام فقط ، اعد النظر كرتين في سيرته الذاتية فلن تجد شيئا يدل على أهليته ، بل ستجده فقيرا من المؤهلات العلمية ، و نظافة ليد ، و رجاحة العقل .
حكم عدن من أبناء الشمال والجنوب ، ورغم اختلاف مناطقهم ، ومشاربهم ، ووﻻئتهم إﻻ أنهم جميعا كانوا يديرونها بسياسة واحدة هي سياسة (الاستغفال واﻻستهبال ) وظلت سياسة اﻻستغفال واﻻستهبال قاسما مشتركا بين كل الذين مروا على حكم عدن من المتقدمين والمتأخرين .
فإذا كنت من الذين لم يقرأوا عن سياسة اﻻستغفال واﻻستهبال ، فأعتقد جازما أنك تلمس نتائج هذه السياسة بكل حواسك ، ولن أجد أبلغ من مثال الكهرباء ، فعدن تغرق في الظلام ، بسبب أزمة المشتقات النفطية ، و قرأ الجميع بيان الناطق الرسمي للسلطة المحلية حين قال : عدن ستغرق في الظلام بسبب احتكار تاجر لأستيراد النفط ، فأراد الناطق الحصيف استغفالنا واستهبالنا كالعادة ، حين أراد أن يبرر لمثلث اﻻستغفال واﻻستهبال السطلة المحلية ، ومؤسسة الكهرباء ، وشركة النفط ، و ﻻيراد من هذا البيان التوضيح للمواطنين ولكن المراد منه هو التبرير للقائمين على مثلث الفساد والتعذيب وإليك البيان والتفصيل :
1- قال الناطق الحصيف للسطة المحلية يوم أمس أن عدن ستغرق في الظلام بسبب احتكار تاجر واحد لاستيراد هذه المادة ، ونسي أن عاقل سوق القات أو السمك يمارس عمله وفقا لنظام متبع ، ولوائح ملزمة تنظم العملية ، وﻻيستلم بائع القات أو السمك المفرش إﻻ بعقد يلزم البائع بما هو له أو عليه ، وكذا عاقل السوق ، فالسؤال هنا هل استلم العيسي المناقصة وفقا لاتفاقية مبرمة بين شركة عرب جلف ومؤسسة شركة النفط ، كما يفعل عاقل سوق القات أو السمك مع مستأجر المفرش؟؟؟ أم أن المسألة كانت بين الطرفين ثقة أو قبيلة ؟؟؟ فإذا كان الإتفاق على طريقة عاقل سوق القات أو السمك ، فعلى شركة النفط أن تخرج على الناس بالوثائق الرسمية التي تبين إخلال العيسي بالإتفاق ، ومن ثم يحال الملف للجهات المعنية وهي بدورها ستقوم بفسخ العقد لإخلال أحد أطرافه بمضمون اﻻتفاق ، لكن لجؤ المؤسسة لأعمال ملتوية يجعل الجميع يشك في تعاملات المؤسسة نفسها .
2- اسمع ليلا ونهارا من شركة النفط أنشودة العيسي أخل بالاتفاقية ، في الوقت الذي سمعنا ورأينا ، قرار رئيس الجمهورية الذي ينص على تغيير مدير شركة النفط ، وقرأنا ورأينا بعيوننا تعميم وزارة النفط والمالية ، وتعميده من نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ، للبنك المركزي بعدم اعتماد توقيع عبدالسلام حميد كمدير لشركة النفط عدن ، ومع ذلك ﻻيزال يمارس عمله ، فكيف استطيع الإقتناع بدعواه أنها قانونية ، إذا لم يلتزم هو نفسه بالقانون .
3- فرضت شركة النفط زيادة مبلغ 700ريال في كل دبة والقرار ﻻيزال ساريا لليوم دون وجه قانوني ، ودون معرفة أين تذهب هذه الأموال ، فالمبلغ مهول ويشيب له الرأس وسأثبت لك ذلك حسابيا رغم ضعفي في الحساب :
إذا فرضنا جدﻻ أن الكمية التي تبيعها شركة النفط يوميا بالدبة (100000) مائة ألف دبة مثال فقط وإﻻ الكمية أضعاف مضاعفة ، اضرب مائة ألف في 700ريال سيكون ناتج ضرب هذه العملية 70000000سبعون مليون يوميا ، اضرب سبعون مليون في شهر 30 يوما سيكون جملة المبلغ المحصل من هذه الكمية فقط في الشهر الواحد2100000000 أثنان مليار ومائة مليون شهريا ، اضرب أثنان مليار ومائة مليون مضروبا 8 أشهر ناتج إجمالي المبلغ المحصل خلال 8 أشهر 16800000000 ستة عشر مليار وثمان مائة مليون ، طبعا المبلغ الحقيقي أضعاف مضاعفة لأن الكمية المباعة أضعاف مضاعفة .
4- يقول الناطق الحصيف ومعه شركة النفط ، أن عدن ستغرق في الظلام بسبب عدم توفر الوقود ، فهل كانت عدن تنعم بالنور حين توفر المشتقات النفطية ؟؟؟؟ لماذا تصرون على استغفالنا واستهبالنا ؟؟؟
على سكان عدن أن يعلنوها ثورة ضد سياسة اﻻستغفال واﻻستهبال ، لعودة النظام والقانون إلى مؤسسات الدولة ، ومن أراد أن يبين الحقيقة من الجهات الرسمية أو المتعامله معها فعليه عرض وثائق رسمية للجهات المختصة ولرأي العام ، فالصادق ﻻيحلف ، والواثق من نفسه ﻻيحتاج للتبرير، أما أن تظل عدن رهينة لصراع النفوذ، وأهلها ضحية للدعاية والدعاية المضادة ، فهذا يعني رضاء أهلها واقتناعكهم باستمرار سياسة اﻻستغفال واﻻستهبال .