تختلف توكل كرمان مع أغلب ساسة ومثقفي الجمهورية في النظر لجذر وثمرة المشكلة؛ في اليمن لأصل وفرع المأساة..
تعتبر صالح الأخطر؛ والحوثي مقبولا للمستقبل، وهذه نظرة كارثية قامت بتسويقها (عن حب لليمن واليمنيين) ولكن دون تمعن في آثار ذلك على المستوى السياسي الحاضر والمستقبل، وما دفعها معاصرتها لجرائم المخلوع ومناهضتها لها وربما تأثرها بمساق دولي غير بريئ ونهج حقوقي موهوم يدعي تحصين الأقليات، دون التركيز في ممارسات الدول الراعية لمثل هذه الفكرة وعدم سماح أي دولة في العالم لأية أقلية أن تهدد كيان الدولة بأي شكل، كما تعمل الفكرة العنصرية التي تحمل رايتها اليوم جماعة الحوثي ولا ندري أية أيدٍ خبيثة ستبلى بها اليمن مستقبلاً إن لم تكن هذه المعركة حاسمة وحازمة في إنهاء هذه الخرافة المعششة طويلاً في تاريخ اليمنين والمنطقة!
......
لم يعد هنالك خلاف أصلا في أن صالح قد غد المجرم (اللحظي والآني) عدو الشعب والجمهورية، الذي ارتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية؛ وجرائم الحرب ضد اليمنيين، وهذا الموقع والتصنيف لما يصنعه أصبح ثابتا بتوافق واتفاق المكونات الوطنية ودول الإقليم والعالم، وعلى هذا فهو خارج أي حساب أو تسوية ويبدو متفقاً على إغلاق صفحته تماما إلا من أصوات خافتة لم تعد مؤثرة أبدا ..
هو الأضعف، حتى ولو كان المخطط لحرب الفترة الماضية والموقد لأوارها؛ بأبناء منظومة عسكرية وأمنية اصطنعها واختطفها مع سلاحها .. وهذا جزء من الصورة لا يخفى ...
الفكرة العنصرية للسلطة.. الجذر الحقيقي والجاني التاريخي!
الأدهى والأكثر جناية ودموية وعنفا هي الفكرة العنصرية للسلطة، وممثليها اليوم هم جماعة الحوثي - غبار التاريخ- كما يصفهم أديب السياسين وسياسي الأدباء الثائر خالد الرويشان، وهم الذين يقارعون ويناورون في اليمن ويستبيحون عرض ودماء وممتلكات اليمنيين بوهم وأسطورة سلطوية ذات جذر لاهوتي، مغلفة بالدين.
هذه المليشيات اليوم تجهز نفسها لما بعد انتهاء المعركة .. تجهز نفسها لعودة (الكرة) بعد عشرة أو عشرين أو ثلاثين عاما، بعد أن أيقنت بذهاب فرصتها اليوم؛ وصمودها فقط هو لترتيب (الاختفاء الآمن) الذي تريد تنفيذه خلال مرحلة إنهاء انقلابها وفي السياق مؤشرات ثلاثة :
1- عبث بالهوية، لحفر خرافتها في الذاكرة؛ ولتستمر مفاعيلها خلال فترة الاختفاء .. وعلى هذا لاحظنا آلة تثقيف واسعة مصاحبة وعبث منظم بالمناهج الدراسية والتي ستبقى آثارها حتى مع إلغاء (الظاهر منها) بعد إنهاء الانقلاب.
2- تجميع وكنز الثروات ونهب الأراضي وتحطيم المناوئين ماليا للحفاظ على وقود بقاء سطوتها السياسية كوسيلة تمتهنها كل جماعات الكيد والجريمة المنظمة في العالم وعبر التاريخ، وهو فعلها المستدام في ذاكرة اليمنيين.
3- تحالفات سياسية واقتصادية إقليمية ودولية تدافع عنها وتحافظ عليها لإعاقة مرور اليمنيين نحو المستقبل تحت مبرر كونها جماعة سياسية أو أقلية دينية أو غيرها من الصور التي تتفنن فيها دول الشر لتمريرها وتجد للأسف صدى لدى بعض النخب ..
المعركة اليوم حاسمة وصالح بالتأكيد خارج المعادلة المستقبلية لليمن ولكن الأهم إخراج الفكرة العنصرية من المشهد بمحاكمات عادلة وقوانين ضامنة واستئصال بؤرة إرهاب مستقبلية في المنطقة كلها، وعلى هذا يستوجب أن تتوحد رؤيتنا لنساعد أنفسنا على المرور الآمن للمستقبل.