آخر الاخبار

تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية

شركاء التأمر على اليمن
بقلم/ يحيى الحاجبي
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 28 يوماً
الجمعة 05 فبراير-شباط 2010 07:29 م

المتابع لمجريات حرب صعدة وتصريحات المجرم عبد الملك الحوثى يمكنه التنبؤ ‏بسير المعارك من ناحية وكذلك باسلوب القتال الذى تتبعه هذه العصابة وخيوط اللعبة ‏كاملة.

نحن نعلم أن حرب صعدة السادسة بدات منذ ما يقارب السبعة اشهر، وكان الجميع ‏يجمع أن هذه الحرب سوف لن تطول على الشهر على أكبر تقدير نظرا لجدية ‏الحكومة وذلك بدخولها الحرب بكافة التجهيزات بما فيه الطيران، خاصة بعد الهجوم ‏الكاسح والواضح مع بدايات أيام الحرب الأولى. الا أن الرئيس على عبدالله صالح ‏وبعد اسبوعين من الحرب أعلنها صراحة أنه مستعد أن يقاتل الحوثيين حتى الى 6 ‏سنوات، نعم بعد اسبوعين فقط أدرك الرئيس بدهائه وعمق رؤيته لمجريات الأمور ‏وخبرته العسكرية أن الحرب ليست قصيرة وليست أسابيع او شهرا واحد كما كان ‏يتوقع وذلك بسرعة قرائته لطريقة الحرب الذى يشنها الحوثيون من جهة وحجم ‏المؤامرة على اليمن من قوى داخلية وخارجية راهنت على أنه يمكن للرئيس أن ‏يرضخ بعد مرور شهر او شهرين على القتال دون احراز النصر.‏

الجميع راهن على الوقت وعنصر المفاجاة فى هذه الحرب. فالحوثى راهن على ‏عامل الوقت لأنه لم يكن يتوقع أن تصر الحكومة على النقاط الست وتواصل الحرب ‏الى اكثر من شهرين على أكثر تقدير، والمعارضة اليمنية ايضا راهنت على اللعب ‏بورقة الحوثى فقط فى اول شهرين من الحرب ولذلك شهدنا توقفا شبه تام لاعمال ‏الحراك فى الجنوب وكذلك اعمال القاعدة. هذا التوقف فى أعمال الحراك والقاعدة ‏كان ملفت رغم أن المنطق يقول كان يجب على هؤلاء القوى (الحراك والقاعدة) ‏تصعيد اعمال الشغب والاحتجاجات وضربات القاعدة مستغلة إنشغال الحكومة ‏بحرب صعدة.‏

إن توقف قوى الحراك والقاعدة وسكوت المعارضة فى اول الحرب يوجهنا الى أن ‏هناك تنسيق كبير بين هذه القوى. مثل هذا التنسيق لا يقدر على فعله غير قوى اللقاء ‏المشترك فى رسالة واضحة الى القيادة السياسية مفادها سوف نتركك للحوثى فقط ‏لنرى ماذا ستفعل وهل ستقدر على الحزم والى أى مدى يمكنك التحمل. فالمعارضة ‏فى اول أيام الحرب لم تكن ترد الانهيار للدولة لأنها كارثة للجميع، وكانت تريد ‏الجلوس مع الحكومة وأخذ التنازلات منها وتقاسم السلطة فقط وهى تعرض اول ‏ورقة لها وهى الحوثى. هذا لا يعنى أن المعارضة هى سبب نشات الحوثى كحركة ‏ولكن هناك تنسيق واضح مع الحوثى مع حسابات خاطئة للمعارضة أن الهدف ‏المشترك مع الحوثى هو إسقاط النظام مع إمكانية الإعتراف لاحقا بالحوثى بحزب ‏يشبه حزب الله مقابل خدمته الجليلة للمعارضة فى اسقاط النظام.‏

ومع إطلاق الحكومة لشروطها الستة نجد أن الحوثى يطلق ما يسميه مبادرة لوقف ‏إطلاق النار دون شروط مسبقة فى إستهزاء واضح بقرار اللجنة الأمنية وكأنه يقول ‏للحكومة أنتم المعتدين وعليكم وقف إطلاق النار التى بدأتموها.

الا أن رد الرئيس على هذا الإستخفاف الوضح لجماعة الحوثى بهيبة الدولة جعل ‏الرئيس يعلنها صراحة أن على الحوثيين (ومن يراهن عليهم) الإستعداد لحرب ‏طويلة مدتها سنين حتى 6 سنوات، وكأنه يقول للمراهنين فى الداخل (المعارضة) ‏والخارج (إيران) "إن ما تراهنون عليه من عامل الزمن ها هو يسقط "، تصريحات ‏الرئيس هذه جعلت الجميع يعيد حساباته فالرجل أعلنها حرب طويلة الى ان يعيد هيبة ‏الدولة وهو مصر على سحق كل من يهدد أمن اليمن وأمن الوحدة. ولهذا نجد أن ‏اصوات المعارضة بدات تتعالى وتدعوا الى إيقاف الحرب فى محاولة مكشوفة لإنقاذ ‏الحوثى كورقة ضغط لصالحها، كما أن صحف المعارضة بدأت تكتب وكأنها صحفا ‏تابعة لعبد الملك الحوثى وليس للقاء المشترك (المفترض ان يكون الوجه الثانى ‏للسلطة). بل أن بعض المتحدثين باسم المعارضة لم يتوانوا عن إتهام السلطة بكونها ‏مسؤلة عن كل المشاكل فى اليمن، واتهموها أمام العالم بأنها ترتكب جرائم حرم، ‏وأكيد تذكرون الصبرى كيف كان يلوك الكلام وتذكرون بعدها التصريحات النارية ‏للشيخ حميد الاحمر على قنوات الجزيرة فى اتهام السلطة بأنها هى من تدعم ‏الحوثيين فى إطار تصفية حسابات داخل السلطة وبهدف زعزعة ثقة الجيش بقيادته. ‏مثل هذه الإتهامات تصب مباشرة فى صالح الحوثى وليس فى صالح الوطن ‏فزعزعة ثقة الجيش بقيادته تعنى هزيمته نفسيا ومن ثم واقعيا وانتصار الحوثى، فأين ‏هذه التصريحات التى تؤدى الى انتصار الحوثى من حب الوطن. لأنه لايمكن لمن ‏يحب الوطن (الجمهورية) أن يحب عدو الوطن الحوثى (الإمامية).‏

وبعد مرور شهرين من الحرب، ومع اصرار القيادة اليمنية على مواصلة المشوار ‏حتى النهاية، تجد المعارضة نفسها تلعب بالورقتين الأخريتين فقد شهدنا تصاعدا ‏لأعمال الحراك تزامنا مع تصعيد فى عمليات القاعدة، وهنا ينتقل دعم الحوثى من ‏مجرد دعم سياسى واعلامى الى دعم مادى فى تشتيت جهود الحكومة وتركيزها ‏على صعدة، بل ظهر ما يعرف بحراك الهضاب الوسطى وظهرت إقتراحات ‏الفيدرالية وتقسيم البلاد الى مخاليف والدعوات المناطقية والإنفصالية فى محاولة ‏خبيثة الى إضعاف النظام وإيهام المواطن اليمنى أن سياسات الحكومة ستؤدى الى ‏تفتيت اليمن، وتقول للمواطن أن الرئيس ليس من يحمى الوحدة بل هو سببا للتفرقة. ‏كما أن المعارضة بدأت بدعوات الخارج العربى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر ‏الاسلامى والجمعيات الاوروبية والامريكية للتدخل والتحقيق فى ما تكذب به ‏المعارضة من انه إنتهاك لحقوق الانسان والحريات الصحفية وممارسة جرائم حرب ‏فى صعدة وفى الجنوب. ‏

دخلت السعودية الحرب بشكل مباشر لسببين، السبب الأول والرئيسى هو الإعتداء ‏الحوثى على اراضيها. أما السبب الثانى فهو إحتمالية وجود علاقة بين التمرد ‏الحوثى وتنظيم القاعدة وذلك بعد المحاولة الفاشلة لتنظيم القاعدة لإغتيال الأمير ‏محمد بن نائف. اقول دخلت السعودية الحرب وزاد التنسيق الأمنى والعسكرى مع ‏الحكومة اليمنية مما أفقد المعارضة قوة ما تسميه أوراق ضغط على الحكومة فقد ‏بدأت دول الخليج بالتضيق على القوى الممولة للإنفصاليين واصبحت تدعم اليمن فى ‏مواجهة الحوثى والقاعدة بشكل أكبر، اى ان دول الخليج أدركت أن الحكومة اليمنية ‏هى الضامن الوحيد لأمن واستقرار ووحدة اليمن وبالتالى إستقرار الخليج. ولم تُخفى ‏المعارضة إمتعاضها من التدخل السعودى فى حرب صعدة لأنها قوت الحكومة ‏اليمنية، وبدأت صحف المعارضة تروج لما يقوله الحوثى أنه إعتداء سعودى على ‏الأراضى اليمنية، فى ضغط وقح وابتزاز ليس لحكومة اليمن فقط بل للسعودية، ومع ‏إصرار الحكومتين السعودية واليمنية على موقفهما وتفهم الشعبين الشقيقين لطبيعة ‏العلاقة الأخوية بين السعودية واليمن سقطت ورقة ما تسميه المعارضة "إعتداء ‏سعودى على اليمن".‏

ومن جديد يتقدم الحوثى بمبادرة للإنسحاب من ارضى السعودية وسقط رهان الحوثى ‏ومن يدعمه (إيران) على إمكانية قبول تدخل إيرانى للصلح بين الأطراف. الجدير ‏ذكره هنا أن المعارضة اليمنية لعبت دور الجناح الإعلامى لعبد الملك الحوثى ‏فأصبحت تصور مبادرات الحوثى الغوغائية على انها دعوات سلام صادقة، ‏واصبحت تصف الرفض اليمنى لهذه المبادرات الغوغائية على أنه تعنت، الى أن ‏جاء مؤتمر لندن فوضع النقاط على الحروف، وادرك الجميع (حوثى وقاعدة ‏وحراك) أن المجتمع الدولى يعرف الحقيقة وأن مصلحته هو يمن موحد مستقر، ‏وسقطت ورقة المعارضة الأخيرة وهى التشويه الإعلامى فى إظهار حكومة الرئيس ‏على انها حكومة فاشلة وأنها ليست مؤهلة للخروج باليمن وازماته وأنها شريك غير ‏موثوق به فى محاربة الإرهاب. بمعنى اخر فشلت المعارضة فى إظهار نفسها كمنقذ ‏لليمن من ازماته.‏

وبعد هذه الرؤية الواضحة للمجتمع الدولى لما يدور فى اليمن نأتى الى مبادرة ‏الحوثى الأخيرة فى القبول بالشروط الستة للحكومة، لنقيم مدى صدقها وواقعيتها ‏والنسأل الأن عن مدى جدية هذه المبادرة وهل الحرب قاربت على الإنتهاء؟

يقول د. فائد اليوسفى الكاتب والمفكر والمحلل السياسى المعروف "إن مبادرة الحوثى هى مبادرة وقحة ‏والاجدر بنا أن لا نسميها مبادرة لأنها لم تأت بجديد فمجرد قبول الشروط الستة دون ‏البدء بتنفيذها يعتبر نوع من التهريج ولكن هذه المرة لم تات مبادرة الحوثى لكسب ‏الوقت مثل باقى المرات ولكنها مبادرة الغريق، فجماعة الحوثى استخدمت اسلوب ‏حزب الله فى ادارة المعركة ففى اول الحرب كانت تقاتل بالسلاح المعهود وبعد ذلك ‏استخدمت الاسلحة الثقيلة واخيرا استخدمت صورايخ الكاتيوشا لتظهر وكأنها قوية ‏وان الحكومة فشلت فى تجفيف الدعم العسكرى لحركتهم وتعطى شعورا بالإحباط ‏للجيش بأنه لايمكن محاصرتها وأن رهان الحصار لن يجدى مع حركة الحوثى وان ‏الحوثى يحاور لكن من مصدر قوة، ولذلك نرى لهجة الخطاب مليئة بالوقاحة ورفع ‏الصوت حيث ما يزال يكلم السعودية وكأنه دولة بحد ذاته بل انه يتوعد إذا لم تقبل ‏شروطه، ولو كان الحوثى جادا فى قبول الشروط ، فعليه اولا الإعتراف بخطاءه ‏وعليه التحدث وكأنه مواطن وليس دولة لان هذا هو جوهر المشكلة. إن الإعتراف ‏بهذه الحقيقة (حقيقة أنه ليس دولة) هى ما تقوله الشروط الستة". كما يضيف الدكتور ‏اليوسفي "أن هذه الجماعات عندما تكثر المبادرات فهى تضع فى حساباتها هامش من ‏الوقت لايقل عن شهر او شهرين بالكثير لتعلن الإستسلام الكامل، قبل نفاذ مخزونها ‏من الأسلحة، فهى تريد تحويل الهزيمة المحتومة الى هزيمة مشروطة وتحفظ ماء ‏الوجه". ‏