مبادرة الرئيس " خواطر رمضانيه : ( 1)
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 3 أيام
الخميس 27 سبتمبر-أيلول 2007 04:44 م

مأرب برس - خاص

تفاجأ الوسط السياسي بمبادرة قدمها الرئيس دون أية مقدمات أو تسريبات صحفية سابقة ، مما أصاب المعنيين بالأمر بحالة من الشلل الفكري وعدم المقدرة على ردة الفعل المتوقعة سواء كانت بالإيجاب أو بالسلب .

المبادرة هي من العيار الثقيل جدا وأيضا هي نوع من أنواع اللعب السهل الممتنع ألذي يجعل كل من يطلع على نقاطها يصاب بحالة من ألا حالة ، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى شيء من انعدام الثقة بين المعارضة والنظام الحاكم وتقريبا اليأس من التوصل إلى أي نقاط متفق عليها ، ودائما ما يُفرض الأمر الواقع الذي يذعن له الجميع في النهاية ، أنها أشبه بحالة قبول نتيجة الانتخابات الرئاسية بعد تلقي قادة أحزاب اللقاء المشترك مكالمات هاتفية مباشرة من الرئيس .

تقول المبادرة أن الرئيس يرغب في إنقاص مدة حكمة من سبع سنوات إلى خمسة سنوات وتقليص مدة مجلس النواب من ستة سنوات إلى أربعة سنوات مع تحول كامل من حكم مختلط إلى حكم رئاسي يصير الرئيس مباشرة هو رئيس الوزراء ألذي سيقود الحكومة ، ناهيك عن الكلام الآخر حول انتخاب مجلس الشوري وقيام حكم محلي حقيقي وأخيرا محاربة الفساد الذي يبدوا لنا وكأنه كالعنقاء والخل الوفي في هذا العالم شعار يرفعه المؤتمر ولا نرى له من أثر، لتبدوا لنا هذه الفكرة وكأنها ستغير شيء في طبيعة التحكم بالدولة ، وأيضا هي اتجاه معاكس تماما لما طرحته المعارضة كحل سياسي منطقي من وجهة نظرها .

وأنا هنا بدوري أتسأل حين يتم تطبيق تلك التعديلات ماذا سيجد من جديد على المستوى السياسي اليمني ، فهناك من يقول بأنه لو تولي الرئيس إدارة الحكومة فهو سيكون المسئول عنها وعن أيه إختلالات تحصل في الدولة ، وهذه محاولة بائسة للإيحاء بعدم مسئولية الرئيس عن كل تلك المآسي ألتي تعتصرنا كل يوم ووضع اللوم بحكومة مجور مثلا الذي وحتى الآن لا نعرف ماذا يفعل في هذه الدنيا !

وأيضا هل هذه التعديلات الدستورية تعني بأن الفترة الأخيرة الرئاسية ألتي ينفذها الآن الرئيس ستلغى ليحق له اعتبار نفسه دستوريا يتولى الرئاسة كأول مرة لتبقى له فترتين إضافة إلى هذه الفترة ، وفي نظري أرى أن هذه هي النقطة الأصل لكل هذه الضوضاء الغير مبررة ، لأن كل تعديل دستوري يقول الرئيس بأنها ولادة جديدة له في سدة الرئاسة ليعيد صياغة نفسه مرارا وتكرارا ، كما أنها ستمنع أية ملاحقة أو محاسبة من مجلس النواب الذي يلفظ الآن أنفاسه الأخيرة .

أنا فعلا محبط للغاية ، وأشعر أن كل من حولي يشاركني هذا الإحباط ، فالبلاد تئن تحت مستوى متردي اقتصاديا ، ومناطق كثيرة في اليمن تخرج كل يوم بمظاهرات صاخبة وتعود إلى منازلها محملة على التوابيت دون أن يتحرك هذا العالم ، بينما نجده ينتفض لما حدث لدولة مثل ميانمار ويعقد مجلس الأمن للنظر في أمرها .

أفهم جيدا موقف اللقاء المشترك الآن، وأعلم أنه واقع في حالة ارتباك شديدة، وأيضا أعلم أن أدواته الحالية للتحكم بمثل هذه التعديلات بالكاد تكون متوفرة ، لكن الأهم من ردة فعل المعارضة أو إصرار النظام الحاكم هو هل ثمة عائد مادي على المواطن العادي الذي يعيش في اليمن ، وما اهتمام هذا المواطن بمثل هذه الأمور أن كانت الدولة ستسير على نظام برلماني أو رئاسي أذا كانت الوجوه هي الوجوه والوضع سيبقى هو الوضع.

وأخيرا بالنسبة لي لا فرق بين نظام رئاسي أو برلماني أو مختلط فكلها تسميات بينما الحقيقة تقول بأن الرئيس هو من يتحكم بأدق التفاصيل ويمسك بزمام الأمور بشكل متقن ، وأن كل ما يقوم به من تعديلات من الظلم وصفها بخواطر رمضانية ، لأنها تنعكس على الوطن وتنعكس على شد قبضته على البلاد رويدا رويدا وأنه جاد جدا حين يضع مثل هذه التعديلات لأنها متعلقة برغبته التي لا تنتهي في الحكم والهيمنة .

وكل تعديلات دستورية وأنتم تبحثون عن وطن .

benziyazan@hotmail.com