المهمة الصعبة ل (صخر الوجيه) في المالية
بقلم/ وليد احمد ابلان
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يوم واحد
السبت 17 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:11 م

ورود أسماء شخصيات مثل صخر الوجيه ، وسعد الدين بن طالب وآخرين ممن ضمتهم قائمة التشكيل الوزاري الأخير ، ربما هو من جعل الحكومة الجديدة تحظى بقبول ورضا السواد الأعظم من الناس في الشارع اليمني الذي استبشر خيرا وتفاؤل كثيرا بصلاح البلاد على أيديهم في المرحلة الجديدة لليمن .

اختيار الأستاذ صخر الوجيه لقيادة وزارة المالية ، اثأر ارتياحا شعبيا واسعا ، للسمعة الطيبة التي يتمتع بها ولموافقة الوطنية الشجاعة والمسئولة ، ولنزاهته ونظافة يده ، وصحوة ضميره ، ولما يتحلى به من صفات وأخلاق تبعث الأمل الكبير بإصلاح أهم وزارة سيادية في الدولة ، إذا أصلحت أصلح بها كل شيء في الحكومة بنسبة كبيرة .

لكن حدة التفاؤل بنجاح هذا الوزير يجب إلا يجعلنا نقفز فوق الواقع ونركب موجة الأحلام والأمنيات ، لنتخيل بان لدينا وزير خارق يمتلك عصى سحرية قادرة على إصلاح كل شيء وتحقيق كل ما نتمناه بغمضة عين ، متجاهلين واقعنا وكل ما حولنا من فساد ومشاكل وتعقيدات تعترض طريقه ، وتستدعي له الهموم وقلة الراحة وهدوء البال وحريق الأعصاب ، فلا يمكن ان ننسى أو نتناسى تسلمه لوزارة المالية ، والبلاد تمر بأزمة مالية خانقة ، وان خزانة الدولة فارغة ، والانهيار الاقتصادي للبلاد متوقع بشكل كبير ، وبان العمل في ظل هذه الظروف الصعبة يعد مجازفة كبيرة ، سيما وان هناك الكثير من الفساد و المشاكل المتراكمة في الوزارة منذ أعوام ، وعليه الشروع في حلها ومعالجتها وعدم ترحيلها ، ضمانا لخلق بيئة نقية وصالحة للعمل تساعده على معالجة القضايا الكبيرة والمتعلقة باقتصاد البلد ونفقات الدولة بشكل سليم ، وتكون بديلة لبيئة الفساد الذي أصبح ثقافة ومعيار للعمل ، سيما في السنوات الأخيرة التي مورس فيها الفساد باحتراف وبشكل منظم ودروس ومشرعن في الكثير من الأحيان .

امام الوزير الجديد مهام جسيمة تتعلق باقتصاد البلاد ونفقات الدولة وتوفير مرتبات موظفي الدولة وافراد الجيش وهي مهمة صعبة جدا في هذه المرحلة والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ، ولن يكون الحل بإتباع سياسة التقشف وترشيد الإنفاق وإيقاف المشاريع ومنع شراء السيارات والأثاث وتقليص النفقات غير الضرورية ، واستجداء الدعم الإقليمي والدولي ، هو الحل المناسب للخروج من هذه الأزمة المالية الحادة، إذا لم يكون هنالك إرادة حقيقية وخطوات فعلية في تنمية موارد الدولة والبحث عن مصادر إيراديه بديلة للنفط الذي سينضب لا محالة ، وكذلك إيجاد آلية مناسبة لتحصيل إيرادات الدولة المستحقة فعلا من الضرائب والجمارك ، وغيرها ، إلى جانب العمل على إيجاد آلية مناسبة لتحصيل إيرادات النفط بشكل عام وضمان توريدها إلى خزينة الدولة بدون أي استقطاعات أو عمولات من أي جهة كانت .

كل هذا يتطلب جهدا ووقتا طويلا ووضعا سياسيا جديدا لليمن ، وفي ظل التغيير الحقيقي الذي بدأت تشهده اليمن ، كثمرة من ثمار الثورة و الضغط الشعبي القوى الذي فرض عملية التغيير سلميا ، لا شك بان الوقت قد حان للشروع في عملية تنمية موارد الدولة دون الاعتماد على موارد النفط الذي يشكل نسبة 80% تقريبا من إيرادات الدولة ، وهذه المهمة ليست مهمة وزارة المالية وحدها وانما مهمة الحكومة وجميع وزارتها .

اما ما ينتظر من الوزير الوجيه فعله داخل الوزارة ، فهو القضاء على الفساد واقتلاع كل المفسدين ، والقيام بعملية تصحيحية داخل الوزارة ، لخلق بيئة نقية وصالحة للعمل ، وعليه ان يبدأ بغربلة مكتب الوزير بشكل كامل، ويحسن في اختيار مستشاريه ، ومدير مكتبه ونائبه ومدراء الإدارات والموظفين واستبعاد العناصر الفاسدة ، بما يضمن تخليص الوزارة من عقدة تسلط مكتب الوزير ، ويحد من سلطة ونفوذ مدير عام مكتب الوزير ، ومدير عام السكرتارية ( منصب مستحدث ) ويضمن عدم تدخلهم في اعمال وصلاحيات قطاعات وإدارات الوزارة ، إلى جانب إلغاء الإدارات العامة والإدارات المستحدثة في مكتب الوزير والتي تم تفصيلها على مقاس أشخاص وإعادتها إلى سيرتها الأولى، إدارات تابعة للإدارة العامة لمكتب الوزير . كما يجب ان يخضع أداء قيادات الوزارة للمراقبة والتقييم ، بحيث يتم استبعاد القيادات الفاسدة .

اما ما يخص العمل الرقابي والتفتيش المالي فهناك كساد كبير وخمول فضيع في هذا الجانب ، جراء التدخل السافر في صلاحيات الإدارة العامة للرقابة والتفتيش المالي ، وممارسة كل الضغوطات عليها ، لإحباط دورها ونسف تقاريرها وتبديد توصياتها ونتائجها والتحفظ عليها في الأرشيف ، وإلغاء بعض التقارير نهائيا ، وإخضاع بعض التقارير للتعديل والحذف للعديد من المخالفات والنتائج والتوصيات ؟!!!! ، والوزير الجديد مطالب بتفعيل الدور الرقابي والتفتيش المالي ، وإعادة فتح الملفات والتقارير المحفوظة و الإبلاغ عنها الجهات المختصة ، كون التجاوزات والمخالفات لا تسقط بالتقادم .

اما ما يخص إعداد الموازنة العامة للدولة فهناك اختلالات كبيرة في هذا الجانب ، كون عملية الرصد في الموازنة تتم بدون معايير أو أسس سليمة ، تفي باحتياجات الجهات الضرورية ، ولكن المعايير المستخدمة في هذا الأمر الوساطات والصداقات والوجاهة ، وهناك الكثير من الجهات رصد لها ميزانية ضخمة ، وجهات أخرى ترصد لها ميزانية ضعيفة وغير منطقية في الكثير من الأحيان ، بفعل ذلك .

اما عن آلاف السيارات المسترجعة من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والشركات النفطية والمشاريع الإنمائية والخدمية المختلفة ، والتي تم صرفها بموجب توجيهات الوزير السابق ، وبنظر مدير عام السكرتارية ومدير إدارة السكرتارية بمكتب الوزير ، وغالب الظن ان الكثير من تلك السيارات لم تسجل أو تقيد في سجلات الوزارة ، وصرفت العديد منها لموظفين ومسئولين في جهات حكومية مختلفة و لأشخاص غير موظفين ومتقاعدين من الأصدقاء والأقارب ، كذلك صرف لبعض موظفي الوزارة استحوذ المقربين منهم على احدث وأضخم السيارات ، والوزير الجديد مطالب بفتح تحقيق في هذا الموضوع بما يضمن استعادة ألاف السيارات المصروفة بشكل مخالف للنظام والقانون .

وفيما يتعلق بالأصول الثابتة المملوكة للدولة ، فيجب مراجعة ما تم بيعه عبر وزارة المالية ، وذلك لانعدام الشفافية في هذا الجانب ، وفي مقدمة ذلك مراجعة ، بيع ( الشركة العقارية الكويتية ) هل كانت عملية البيع قانونية وبالسعر المناسب والمستحق فعلا للدولة؟! ، والاطلاع على كيفية توزيع العمولة التي حصلت عليها وزارة المالية ويقال بأنها قانونية ؟!! ،والتي تقدر بأكثر من 77 مليون ريال .ومراجعة عمليات بيع الأصول الأخرى نظرا لانعدام الشفافية في هذا الجانب والتكتم الشديد في مثل هذه المواضيع.

اما تصفية العهد المالية الكبيرة ذات المبالغ الضخمة المصروفة عبر الحسابات المركزية فالشفافية منعدمة في ذلك أيضا ، الأمر الذي يجعل الشكوك تحوم حول الكيفية التي تم تصفيتها من قبل إدارة الحسابات المركزية ، ويتطلب هذا الأمر القيام بمراجعة شاملة للعهد التي تم تصفيتها ، وإفساح المجال امام الرقابة والتفتيش المالي لمراجعة تصفيات العهد وإجراءات الصرف ، فمن غير المعقول ان يتم صرف مبلغ 450 ()الف دولار من الاعتمادات المركزية لتأثيث الصالة الرياضية المغلقة بمحافظة اب ، وهذه الصالة أساسا مؤثثة أثاث كامل منذ أكثر من خمس سنوات ؟!!!! .

اما ما يتعلق بجانب إيرادات النفط والغاز هناك قصور كبير في تحصيل إيرادات الدولة الفعلية في هذا الجانب ويتطلب الأمر إيجاد آلية جديدة لضمان التحصيل الفعلي لعائدات النفط والغاز ، وإشراك وزارة المالية إلى جانب وزارة النفط في عمليات محاسبة الشركات النفطية المحلية والأجنبية ، وفق آلية مدروسة وترتيبات محاسبية مناسبة ، ولو اضطر الأمر تقديم مشروع قرار بذلك لمجلس الوزراء للموافقة علية .

اما ما يخص الحافز الشهري الخاص بالوزارة فهو بحاجة ماسة إلى إعادة غربلة وتصفية وتسكين أيضا ، وذلك لوجود أشخاص غير موظفين في الوزارة مدرجين في كشوفات الحافز الشهري ، وكذلك إعادة تسكين الموظفين في المستوى الذي يستحقونه في الحافز ، وكذلك غربلة الحافز الضريبي والنفطي وصرفه لموظفي الوزارة كافة ، كونه يصرف لموظفين محددين ولأشخاص من خارج الوزارة غير معروفين ؟!!!!.

وختاما أتمنى للوزير صخر الوجيه النجاح في مهامه وفي القضاء على الفساد واقتلاع المفسدين نصره لهذا الشعب المظلوم .