مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
(الشعب يريد) جملة اسمية مكوَّنَة من المبتدأ وهو "الشعب" والخبر "يريد" جملة فعلية تتألف من فعل مضارع "يريد" والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو" عائد على "الشعب". وكما يعلم كل الدارسين والملمين بأصول اللغة العربية وقواعد النحو، فإن الفعل (أراد، يريد) فعل متعدٍّ، أي أنه يقبل إضافة مفعول به. وبناء على ذلك، تمت إضافة مفاعيل كثيرة لهذا الفعل، وتنوعت وتعددت إرادات الشعب معبرين عن ذلك بشعارات كثيرة، و لعل أكثرها شهرة و شعبية: (الشعب يريد إسقاط النظام). إلا أن هناك شعارات أخرى مثل: (الشعب يريد محاكمة السفاح)، (الشعب يريد جيشاً يحمي الثورة)، (الشعب يريد تكوين مجلس انتقالي) و غيرها من المطالبات. و نجد أيضاً في الطرف المقابل للثورة الشعبية شعاراً آخر و هو (الشعب يريد علي عبد الله صالح)، و كان بإمكان مناصري الشرعية أن يعدلوا شعارهم ليكون على غرار شعار مناصري شرعية القذافي في ليبيا الذي هتفوا: (الشعب يريد معمر العقيد)، ليصير شعار النموذج اليمني (الشعب يريد الصالح المشير).
المطالبات، كما رأينا، كثيرة و متعددة، و من حق الجميع أن يعبر عن مطالبه خاصة في ظل الثورة الشبابية. وبالنظر إلى مجريات الأمور على الأرض الواقع، نجد أن ما تحقق من هذه المطالبات لا يمثل شيئاً يُذكَر من تطلعات و آمال الشعب الذي ضحى بالكثير في سبيلها. النظام لم يسقط إلى الآن و آخر الأنباء تشير إلى قرب عودة الرئيس و رئيس الوزراء و محافظ صنعاء و غيرهم ممن أصيبوا في هجوم مسجد دار الرئاسة، و قوات النظام لا تزال تسرح و تمرح بحرية في قتال و قمع من تريد من القبائل و المدن و المحافظات، و الجيش المنضوي تحت لواء الثورة لم يحرك ساكناً تجاه الجرائم المرتَكَبَة في تعز و نهم و أرحب و غيرها، و المجلس الانتقالي الذي شكله شباب الثورة بقيادة الثائرة الأستاذة توكل كرمان قوبِل بهجمة شرسة من أنصار الثورة قبل أعدائها، و المحاكمة المنتظَرَة في قضية مجزرة جمعة الكرامة قوبلت بالمقاطعة من قبل أولياء دم الضحايا لعدم جديتها في محاكمة مرتكبي تلك الجريمة.
بالرغم من أن الشعب، حتى هذه اللحظة، لم يتمكن من تحقيق مطالبه الكبرى و الأساسية من الثورة، إلا أن هناك مكاسب للثورة و الشعب لا نستطيع تجاهلها. خروج الشعب و اعتصامه في الساحات لنصف عام لهو ضربة قوية في وجه النظام الذي عجز عن إخراج مظاهرات مناصرة له و لو حتى بالمئات في بعض المحافظات كعدن و غيرها. إضافة إلى ذلك، فقد أماطت الثورة اللثام عن أعداء الشعب الحقيقيين من سلطة و معارضة الذين استخدموا المواطن كورقة لنيل مكاسب و أغراض سياسية أو حزبية أو مادية. لقد بات الشعب بفعل الثورة السلمية أكثر وعياً و إدراكاً لما يدور حوله من المؤامرات و الفتن، و أشد إصراراً على نيل حقوقه المشروعة.
ما مضى ذكره من المكاسب، مقارنة بما بذله الشعب و قدمه من تضحيات جسيمة في سبيل المطالب الكبرى، يُعَد نزراً يسيراً بل و ربما أقل من ذلك. و إن هذا لعمري أمر يدعو للحزن و الأسى. و إنني أرى من أهم أسباب ذلك هو عدم التخطيط و الإعداد الجيد لمطالب الشعب المرجوَّة من هذه الثورة. كان حرياً بشباب الثورة أن يجعلوا أهدافهم و مطالبهم محددة و منضبطة بالشروط الواجب توافرها في تحديد الأهداف و المطالب، و التي يجب أن تكون، كما يقول خبراء التنمية البشرية، محددة و قابلة للقياس و المتابعة و متوافق عليها و منطقية واقعية و ذات إطار زمني معروف. أدعو جميع القوى الثورية أولاً إلى التآلف و التعاضد أولاً و نبذ كل مظاهر الفرقة و الاختلاف، ثم إعادة النظر جدياً في ما مضى من عمر الثورة و ما وُضِعَ من المطالب و الأهداف، و ما تم تحقيقه على أرض الواقع حتى يتمكن الجميع من الوقوف على مكمن الخلل و إعادة صياغة أهداف الثورة و مطالبها بشكل جدي و منطقي لنجنب الوطن و البلاد مزالق الفوضى و الحروب و الفتن.
aaa208@maerskcrew.com