الأخطاء المشتركة بين القاعدة والسلطة
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 18 يوماً
الأحد 17 يناير-كانون الثاني 2010 04:47 م

إذا صح أن القاعدة في اليمن كانت وراء محاولة الهجوم على الطائرة الأمريكية فان هذا يعد عملا غير موفق من الناحية الشرعية والسؤال الذي يطرح نفسه هل عناصر القاعدة المختلفة بكل أطيافها تنطلق في أعمالها التي تقوم بها ضد خصومها من منطلق شرعي أم من منطلق الثأر فان كانت تسير وفق رؤى شرعية فمن الذي يفتي لها بجواز قتل الأبرياء من أطفال ونساء وهل فكر الذي أفتى بنسف الطائرة من اجل تحقيق هدف سياسي وليس نصرا للمسلمين كما يظن البعض هل فكر أن في الطائرة أطفالا ونساء ومسالمين ومسلمين وهل فكر بالمردود من مثل هذه العملية وعواقبها المترتبة على المسلمين في أمريكا وغيرها ؟ثم هل من يعتقد أن شعوب الدول المحاربة هي شعوب محاربة على ملة نظامها هل هذا المعتقد شرعي وما المستند والدليل الذي يستندون عليه؟ ومن المعلوم أن هناك الملايين من الأمريكيين والغربيين من لا يوافق على سياسية أمريكا وحكوماتهم تجاه المسلمين سواء في أفغانستان أو العراق أو في دعمها للكيان الصهيوني بل وهناك غربيين جاءوا وقطعوا ألاف الأميال تضامنا مع أهل غزة الذين يحصرهم النظام المصري قبل أن يحاصرهم اليهود ، يحملون معهم الدواء والغذاء وناموا من اجل ذلك في العراء ،وسالت دماؤهم في ارض مصر على يد قوات النظام المصري ، إننا جميعا نعرف كمسلمين ان للإسلام أخلاق حربية وهي مجموعة من القيم التي نلتزم بها كمسلمين في تعاملنا مع الخصم ، فإذا كانت أمريكا وحلفائها الغربيين والمتصهينيين يحاربوننا بلا أخلاق فهل نحاربهم بنفس الطريقة ؟ إن من يحتج بقوله تعالى \" وان اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم \" فهذا خاص كما أعلم بالمعتدي وليس الاعتداء بالمثل على المسالم الذي لا دخل له باعتداء المعتدي هذا إن كانت المسألة كما يقال مسألة جهاد ضد الأعداء أما إذا كانت المسألة أخذ ثأر وانتقام للنفس فهو إتباع للهوى بلا شك ولم يعد لله فيه نصيب والسؤال الذي يطرح ،هل يجوز أن ننتقم ممن لا دخل له بالاعتداء علينا والله عز وجل يقول \" ولا تزر وزارة وزرا أخرى\" ويقول\" كل نفس بما كسبت رهينة \" ؟ وهذا ينطبق أيضا على التفجيرات التي تستهدف الممتلكات والمنشآت داخل بلاد المسلمين ، ان الغضب لله يقتضي أن يكون في حدود ما حدده الله لا ما نحدده نحن ،إذا نحن بحاجة ممن يتبنى هذا الفكر الانتقامي أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان حتى لا يتسبب بهلاك الحرث والنسل وجر الويلات على المسلمين دون فائدة .

أما خطاء السلطة الواضح في هذه المسألة هو انسياقها بلا دراسة في الترويج خارجيا بنمو القاعدة في اليمن وذلك من خلال خطابها الأمني والسياسي كما حدث في السنوات الأخيرة في مناسبة وفي غير مناسبة، فجعلت من القاعدة وحشا تخوف بها الغرب مستعطفة إياه مقابل مساعدات مالية لم تفلح في إحداث تنمية متوقعة كما تزعم ، لتقع بعد ذلك في الفخ الذي نصبته لنفسها والذي جرها إلى مربع كرازاي وبرويز مشرف وزرداري ، مع فشلها بالتعامل الحكيم في حل قضايا الوطن من خلاف مع المعارضة إلى الأزمة السياسية والاقتصادية القائمة، إن النظام الذي ادخل نفسه في معمعة الحرب على ما يسمى بالإرهاب وقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه من تحاربهم من قتل للأبرياء مما يؤدي إلى عكس ما تريده السلطة من إضعاف القاعدة إضافة إلى أنه عبث بأمن المواطن والوطن وضرب للاقتصاد والاستثمار ، ان الوطن سيخسر الكثير الكثير من هذا المنزلق الخطير ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تعاون السلطة مع أمريكا جائز شرعا ؟ لا يقول بجوازه إلا مختل في عقله أو مختل في دينه ، وإلا فأين نحن من قوله تعالى \" يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم \" فهل يحتاج هذا إلى تأويل أو تفسير ؟ وقد أصدر العلماء بيانا شرعيا يوم الخميس الماضي 14/1/2010، وضح هذه المسألة ،والسؤال الثاني هل فكرت السلطة بعواقب ما أقدمت عليه ، وهل ستتحول أبين وشبوة والجوف ومأرب إلى وزيرستان اليمن؟ فنحن نعرف أن أمريكا والغرب لهم مطالب لا حدود لها ، وان المال الذي تمنحه للسلطة مقابل ذلك هو مال تدمير لا مال تعمير -كما يروج له- ، ان قبول الحكومة اليمنية بمؤتمر لندن دون دراسة ومعرفة أجندة ذلك المؤتمر يعد من الأخطاء القاتلة التي ستؤدي إلى تسليم قيادة البلاد إلى الغرب وفرض الوصاية على شعبنا اليمني، ان الحكومة بعد هذا المؤتمر ستتحول إلى جهة تنفيذية لقرارات غربية أمريكية ،وتطبيق ما يملى عليها بغض النظر عن صوابه من خطئه وحلاله من حرامه ، ان الحل الوحيد هو ما كانت بدأته السلطة بالحوار مع هذه العناصر حوارا فكريا شرعيا حوار يجمعهم مع علماء يثقون بهم وأنا على يقين أن هذا الحوار سيأتي أوكله مثمرا أمنا وأمان أما السير وراء الغرب بهذه الطريقة فهو يقود البلاد إلى حروب لا حدود لها ، فإذا كان الغرب بكل ثقله قد فشل في أفغانستان منذ أكثر من ثمان سنوات هل سينجح في بلادنا؟ هذا من المستحيل وما أظن ذلك إلا انتحارا بكل المقاييس.