|
مأرب برس – أوسلو – خاص
لقد تأسست الأمم المتحدة على أنقاض الحروب العالمية، ولقد وضع إسمها ( الأمم المتحدة) الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين د. روزفلت، ولقد استخدم هذا الإسم للمرة الأولى في إعلان الأمم المتحدة الصادر في 1 كانون الثاني / يناير 1942 خلال الحرب العالمية الثانية، أي عندما أخذ ممثوا 26 أمة من حكوماتهم تعهدا بمواصلة القتال سويا ضد قوات المحور، وضمن ديباجة محترمة تمت كتابتها بشكل جماعي وبالتراضي في حينها ،أي أشترك بوضع ميثاقها ممثلوا 50 بلدا في اثناء مؤتمر الامم المتحدة المعني بالم نظمة الدولية الذي عقد في سان فرانسيسكو في الفترة من 25 نيسان/ ابريل الى 26 حزيران/ يونيو 1945 ولقد وقع الميثاق ممثلوا البلدان الخمسين يوم 26 حزيران/ يونيو 1945 ولقد وقعت بعد ذلك بولندا فأصبح العدد 51 دولة، وقد برز كيان الأمم المتحدة للوجود وبشكل رسمي في 24 تشرين الأول/ أكتوبر 1945 وأصبح هذا اليوم عيدا من كل عام، والهدف من إنشاء هذه المظلة العالمية هو تنظيم شؤون العالم، ومنع الحروب والصِدامات بين الدول والشعوب، ومنع كافة أنواع التمييز العنصري بأشكاله الشوفينية واللونية والإثنية والمناطقية والعرقية وغيرها، وكذلك منعا لظهور الديكتاتوريات العالمية التي تؤمن بالمشاريع الإمبراطورية على العالم هذا من جهة، أما من جهة أخرى جاءت كي تنظّم شؤون العالم وتقرّب الدول والشعوب بعضها من بعض من أجل إحلال التعاون والسلام والعمل الجماعي، وإشاعة مبدأ المساعدات بين الدول من أجل إحلال التأهيل والتنمية والإصلاح، ناهيك أنها تأسست من أجل حل النزاعات بين الدول والشعوب ، وهناك أهداف أخرى كثيرة وجميعها أهداف طيبة، ونتيجة ذلك مارست الأمم المتحدة دورا رياديا في كثير من دول العالم، وكان عملها يتناسب طرديا مع الأموال، فكلما كان هناك تمويلا كلما كان العمل كبيرا ومفيدا، أي كلما أوفت الدول الأعضاء بدفع الرسوم المترتبة عليها ( الإشتراكات) كلما كان للأمم المتحدة دورا أكبر ،ولكن هذا الموضوع لم يكن قانونا ملزما بل خضع لمزاج القادة والحكومات مع شديد الأسف.
وبالتالي تلكأ عمل الأمم المتحدة خصوصا عندما شرعت بعض الدول الكبرى في مسلسل الإبتزاز وأولها الولايات المتحدة، أي مارست الأخيرة سياسة الجزرة والعصا ضد الأمم المتحدة ،وحتى ضد الأعضاء فيها من أجل تمرير سياساتها وبسط هيمنتها، ولقد دارت حروب سرية (قانونية وإدارية ولوجستية وحتى سياسية) بين الولايات المتحدة من جهة والأمم المتحدة من جهة أخرى، ولكن الأمم المتحدة لم تستطع من الصمود لآخر المعركة ،فتم إختراقها والهيمنة عليها من قبل الولايات المتحدة، وبعدها تم الزحف الأميركي ليهيمن على مجلس الأمن، وإستمر الزحف فهيمنت الولايات المتحدة على معظم المنظمات العالمية ،وبالتالي تحولت الولايات المتحدة الى ديكتاتور بهيئة دولة، أي ذهب هتلر الشخص فجاء هتلر الدولة، وهذا يعني نسف جميع المبادىء التي من أجلها تأسست منظمة الأمم المتحدة كمظلة عالمية وإنقاذية للشعوب والدول وهي مبادىء مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945، ولقد لعب عنصر المال دورا كبيرا في سيطرة الولايات المتحدة على هذه المؤسسات الدولية المهمة ،والتي توقعتها الشعوب منظمات حامية لها ،ولو عدنا للوراء قليلا فسنرى هناك مسلسلا من المراوغات والإبتزازات الأميركية ضد الأمم المتحدة من خلال بدل الإشتراك المترتب على الولايات المتحدة أسوة ببقية اعضاء الأمم المتحدة الآخرين، فكانت واشنطن تتهرب و بتعمّد من دفع الرسوم ( الإشتراكات) المترتبة عليها كي تعرقل عمل الأمم المتحدة، ولقد نجحت بذلك حتى إستطاعت من فرض شروطها، ثم زحفت أكثر ففرضت رجالها ،ثم زحفت أكثر فهيمنت على منظمات فرعية في الأمم المتحدة وهي على أهمية كبيرة للعالم، وإستمر الزحف حتى وصل الحال للتدخل في نوعية وشخصية وخلفية وجنسية الأمين العام للأمم المتحدة ،وهو نوع بسيط من الإستهتار الأميركي والبلطجة الأميركية.
ومن خلال هذه الهيمنة الأميركية إستطاعت الولايات المتحدة من إختراق معظم المنظمات العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة، أي المنظمات السياسية والقانونية والإنسانية والتنموية والإعلامية وغيرها، أي إستطاعت دس رجالها ونشر عيونها من أجل الأهداف الأميركية، أي تحولت كثير من المنظمات العالمية والتابعة للأمم المتحدة الى دوائر رديفة لعمل المخابرات الأميركية، ورديفة لعمل الدوائر الخاصة والتابعة لوزارة الخارجية الأميركية ووزراة الدفاع (البنتاغون)، وهذا لا يعني أن هناك تواطىء من الأمم المتحدة ،فلا نستطيع الجزم بهذا، ولكن من المؤكد أن هناك تقارير ومعلومات تصل الى المسؤولين عن صنع القرار في الأمم المتحدة حول هذه الخروقات والتجاوزات والتدخلات، ولكن لا تستطيع قيادة الأمم المتحدة من فعل أي شيء، فالسلطة للقوي ولصاحب النفوذ والأموال، ولهذا إستفادت الولايات المتحدة كثيرا من الإندساس في مكاتب وفروع ولجان الأمم المتحدة في دول العالم، علما أن هناك آلاف اللجان والمنظمات العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة، والقضية هنا ليست حديثة بل مورست في إفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، ولدينا مثال على ذلك ما حدث في العراق، ومن خلال اللجان التي كانت تفتش عن كذبة الرئيس الأميركي جورج بوش ورفيقه توني بلير وهي ( كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق) حيث ثبت وبالوثائق والتقارير والمقالات والشهادات الشخصية أن الهدف الأول كان للتجسس ولصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ،وعليكم مراجعة تصريحات رؤساء لجان التفتيش من السيد ( إيكيوس) وصولا الى السيد ( بليكس)، وكذلك عليكم مراجعة كتاب المفتش الدولي ( سكوت ريتر) لقد إستمرت هذه اللجان زمنا طويلا في عمليات التفتيش ( التجسس) علما أنها كانت تستلم مرتبات خيالية ومن خزائن العراق، بحيث كانت هناك رواتبا مخصصة حتى للكلاب، أما لو ذهبنا قليلا ونحو اللجان والمنظمات المرتبطة بمكتب المنسق التابع للأمم المتحدة والمشرف على برنامج ( النفط مقابل الغذاء) فسنجد أن هناك هيمنة كبيرة لأجهزة الولايات المتحدة، ناهيك أن هناك عمليات سطو وإحتيال على الأموال والخزائن والأسرار والآثار العراقية، ولكن الأخطر من هذا، فلقد كانت هذه اللجان مخترقة من قبل بعض الجواسيس الذين كانت مهمتهم تدمير الإقتصاد والبنية التحتية للبلد والشعب والتربة والزراعة والبيئة في العراق، فلقد كانت هناك مرتبات للكلاب أي لكل كلب راتبا قدره 1000 ( ألف دولار) وكذلك هناك راتبا للمدرب ( المروًض) الذي يقوم بتمرين الكلب والترفيه عنه علما إن لكل كلب كان هناك مروّض خاص ناهيك أن هناك برنامجا غذائيا لهذه الكلاب وكان يحتّم على العراقيين دفع المبالغ من أجل تأمين ذلك الغذاء اي ان جميع مرتباتهم كانت من اموال الشعب العراقي، وكانت هناك سيارات خاصة لنقل الكلاب ولقد تم شراؤها من الأموال العراقية، علما ان راتب الموظف العراقي في ذلك الوقت ما يعادل ( دولار ونصف) فقط شهريا ، ومقابل هذا كانت الأمم المتحدة تمنع العراق من إستيراد أقلام الرصاص الى المدارس في العراق بحجة أنها تستورد لأجل الإستخدام المزدوج !!!! ،فلقد لعبوا ما لعبوا في العراق وبمساعدة بعض السلطات العربية... لهذا يسرنا تدوين بعض الحقائق:
الحقيقة الأولى:
لقد تحدثت وسائل الأعلام العراقية بعد منتصف التسعينات من القرن المنصرم عن حادثة مريبة, (ثم قامت الأمم المتحدة بالتعتيم عليها) والحادثة هي أن السلطات العراقية أكتشفت في إحدى المقابر التي تقع في إحدى القرى الواقعة في شمال العراق، وكذلك في محافظة ديالى ( بعقوبة) صناديق على شكل ( توابيت) مدفونة في الأرض، وهي تحتوي على آلاف البيوض لأفاعي سامة من نوع ( الكوبرا) التي تنتشر في حالة تفقيسها بشكل كبير وغريب، ولقد لعبت الصدفة والعناية الآلهية دورا في إكتشاف هذا المخطط عندما أنتبه أحد الرعاة لمجموعة أجنبية كانت تعبث في أحدى المقابر ومعها صندوقا ( تابوت) تحاول دفنه مما سارع الى إخبار السلطات المحلية ، والتي بدورها أتصلت بالسلطات العليا فتم إلقاء القبض عليهم، وإعترفوا بأنهم دفنوا هذه الصناديق ( التوابيت) في بعض المقابر العراقية، وأهمها في ديالى وشمال العراق، ولقد ذكرت التقارير في حينها إن لو قدّر لهذا المخطط النجاح لكانت هناك كارثة إنسانية وبيئية في العراق، ولقد تبين أن من قام بدفن هذه الصنديق هم الخبراء المحسوبين على منظمات الأمم المتحدة ولقد أرسلت حينها السلطات العراقية مذكرة إحتجاج الى الأمين العام للأمم المتحدة حول هذه التصرفات والتجاوزات ولكن ذهبت الى أدراج النسيان.
الحقيقة الثانية:
وهي جلب الآفة الثانية وهي ( الفأر النرويجي) الذي أنتشر في العراق بشكل كبير ، وكان يقضي على المزارع الشاسعة و التابعة للدولة ، بحيث ان هذا الفأر يقوم بقضم واتلاف جذور المحاصيل من الحنطة والشعير، والهدف هو ضرب الإقتصاد الوطني في العراق، وكان هذا الحيوان يتكاثر بطريقة عجيبة، بحيث وصل لحدائق المنازل في العراق، ولقد أنتشر بشكل كبير في مزارعه الحنطة والشعير العائدة للدولة.
الحقيقة الثالثة:
تهريب نبات غريب يُطلق عليه ( عشبة النيل ) نحو العراق، بحيث ينتشر هذا النبات بشكل غريب وعجيب وسريع ولا يمكن السيطرة عليه، ومهمته غلق الممرات والمبازل المائية، بحيث يكوّن هذا النبات مستعمرات متشابكة تقوم بغلق جميع المنافذ المائية إضافة لخنق المحاصيل الزراعية نتيجة نموه غير الطبيعي، ولقد إنتشرت في محافظات الفرات الأوسط والجنوب في العراق، ولقد كتبت عنه في حينها الصحافة العراقية ،ولقد تم إلقاء القبض على بعض الجواسيس الذين قاموا بالمهمة القذرة.
الحقيقة الرابعة:
الحرب الدبلوماسية والسياسية داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، ومنها الإصرار الدائم على التحكم بتوقيتات ومواعيد القاء كلمات الأعضاء للأمم المتحدة عند انعقاد اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا في نيويورك والأصرار على أن تكون كلمة ممثل وفد إسرائيل قبل ممثل وفد العراق مباشرة ، ولقد حاول العراق كثيرا من خلال مذكرات في ان يقترح او يحدد التوقيت المناسب له لألقاء كلمته فلم يفلح، فلقد كانت هناك حرب دبلوماسية وسياسية قذرة ضد العراق، أما القضية الأخرى فهي اللعبة المزدوجة داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة وبترتيب أميركي، بحيث لم تُناقش القضايا الخاصة بالعراق وأهمها الحالة بين العراق والأمم المتحدة وهي تسمية إقترحها وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول والتي كانت تناقش كل 60 يوما، فلم تناقش هذه الأمور إلا عندما يكون مجلس الأمن برئاسة الولايات المتحدة ،وعليكم مراجعة الإرشيف.
نكتفي بهذا القدر والهدف كي يعرف المواطن العراقي والعربي حقيقة مجلس الأمن ،وحقيقة مكاتب الأمم المتحدة العاملة في دولنا العربية والإسلامية، وتحت شعارات إنسانية وسياسية ودبلوماسية وإقتصادية وتعليمية وتنموية وإعلامية وغيرها، فنستطيع الجزم أنها مخترقة تماما ولصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لهذا نحذر الدول العربية وخصوصا الدول التي هي مغلقة نوعا ما بوجه التجسس والتغلغل الأميركيين خصوصا بعد تحريك ملف اللاجئين العراقيين في هذه الدول ومن قبل الولايات المتحدة ،علما أن كارثة التهجير الإجباري بحق العراقيين رعتها ولا زالت ترعاها قوات الإحتلال والمليشيات وخلايا الموت التابعة لعملاء الإحتلال في العراق... ولكن هذا لا يعني أن مكاتب الأمم المتحدة غير مفيدة ،ولا يعني أن الأمم المتحدة مؤسسة أميركية بحته، ولا يعني أن هذه المكاتب خالية من الشرفاء وأصحاب الضمائر الحيّة والإنسانية والذين يعملون من أجل الإنسانية وإحلال الحق والسلام.
كاتب ومحلل سياسي
مركز الشرق للبحوث والمعلومات
7/3/2007
في الأربعاء 07 مارس - آذار 2007 07:26:30 م