الميزان الذي سأضعه لآل البيت هو القرآن المبين معتمدًا على اللسان العربي والمنطق السليم.
1 - مفهوم الآل في القرآن المبين:
الآل في اللسان العربي
الآل أصلها من أول، وهي بمعنى المرجع، ومنا قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) وآل الرجل هم من يؤولون إليه، أو يؤول إليهم هو – اي من يتبعوه أو من يتبعهم هو، فالآل هم الأتباع.
فإن كانت كلمة الآل تحمل هذه المعاني فننظر إلى سياق الآية, فقد وردت هذه الكلمة في مواضع كثيرة في القرآن المبين وكلها جاءت بمعنى الأتباع.
(إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين)، (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، ففي هذه الآيتان جاء ذكر الآل مقرونا بالنبي لوط ومرة مقرونا بفرعون.
فأما قوله تعالى: (إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين) فإن دلالة هذه الآية تعود إلى الأتباع أي أتباع لوط فقد أنجاهم الله وجاء الاستثناء هنا لإمرته لكونها لا تدخل في آل لوط، رغم أنها زوجه ومن من أقربائه (إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين)، وكذلك الحال مع الآية الأخرى (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم) أي أتباعه وأعوانه، وعندما جاء ذكر العذاب ذكر فرعون وآله ولم يستثن زوجه رغم أنها من أقربائه (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)
2 - مفهوم أهل البيت في القرآن المبين:
فكلمة البيت عندما تأتي مقترنة بأهل تكون ال التعريف هنا للعهد، ومنه قولك: هذا من أهل المدينة فأهل البيت في القرآن المبين هم أهل القبلة لقوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا)، فالبيت هنا الكعبة والقبلة) (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) ويفهم هنا أن البيت مقصود به الكعبة.
فقوله تعالى: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) لا يفهم منه أن المقصود منه أهل بيت النبي إبراهيم, كما لا يفهم من قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا) أن المراد به هم أهل بيت رسول الله.
ويكون المعنى رحمة الله وبركاته عليكم أهل القبلة والكعبة, إنما يريد الله لذهب عنكم الرجس أهل الكعبة والقبلة.
3 – أكذوبة آل البيت لتحقق مصالح سياسية والتاريخ يعيد نفسه.
لا يكتمل إيمان المسلم إلا بالإيمان بآل البيت وإعطائهم حقهم – هذا عن أهل السنة.
لا يصح إيمان المسلم إلا بالإيمان بآل البيت وأحقيتهم بالخلافة – هذا عند الشيعة.
كانت البداية بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام كما حكت ذلك الروايات في التراث الإسلامي وكما جاء في السير والتأريخ, عندما كان يبايع ابوبكر بالخلافة فقد طلب العباس من علي أن ينتدب للخلافة أحدا من أقرباء النبي فرفض ذلك علي, ثم بعد موت ابوبكر وعمر وتولي الخلافة عثمان ابن عفان بوصية عمر ابن الخطاب ذهب نفر إلى علي يطلبون منه تولي الخلافة فرفضها وآثر تنفذ وصية عمر فاستمر الحال على ذلك حتى قتل عثمان فقبل علي الخلافة وفي خلافته ظهرت السبئية أتباع عبدالله بن سبأ اليهودي، وكانوا ضمن جيش علي ابن ابي طالب، وفي المقابل كان هناك تيار آخر هو معاوية ابن أبي سفيان الذي كان يقود ثورة ضد علي ابن أبي طالب، مطالبا القضاء على قتلة عثمان أو ترك الخلافة له.
وهنا مفترق الطريق انقسمت الأمة إلى فريقين: فريق علي ابن أبي طالب وما يحويه من المندسين والمغالين والمحبين, وفريق معاوية بما يحويه - أيضا - من المندسين والمغالين والمحبين.
ودارت حروب بين الفريقين، وفيها قُتل الكثير من المسلمين, حتى موت علي ابن طالب وتولي الخلافة ابنه الحسن الذي تنازل لمعاوية بالخلافة، وهنا بدأ مجرى التاريخ يختلف وبدأ عصر إسلامي جديد فيه قامت الدولة الأموية وفيه دُونت الأحاديث، وفيه الِّفت الكتب.
وفي وسط هذا التغير السيئ للإسلام وتحريف معالمه الأساسية ظهرت الشيعة بأكذوبة آل البيت لاستعادة حقوق مزعومة, صارت تنادي في الناس قتل الحسين وأُلفت حول هذا الكثير من المؤلفات التي تغالي بأقرباء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنهم أصحاب الحق، وأنهم أصحاب الخلافة وأهل العلم والكرامات وغير ذلك، مستغلين سذاجة بعض الناس وحداثتهم بالإسلام.
وفي المقابل كانت تدون الكتب للنيل من هذا المدعي للحق, فبدأت معركة السنة والشيعة، الكل يسعى لتحقيق مكاسب سياسية والاستيلاء على مقاليد الحكم والتوسع في البلاد, ومن يومها قتل الكثير والكثير من المسلمين, واستمر الحال هكذا قرابة 13 قرنا، وبدأ الناس يفيقون من تأثيرهم وبدأوا يعون أكاذيبهم وادعاءاتهم حتى وقع المحذور, فتاوى تتسابق ودماء تهدر كان السبق للشيعة عندما أفتوا بإباحة دماء السنة لم يكن أولها فتوى الخميني ولا آخرها فتوى الصدر حتى جاءت فتوى علماء السنة، وعلى رأسهم آل الشيخ وابن جبريل ومحمد حسان بوجوب قتل الشيعة، فبدأت الفتنة تكشر أنيابها فإذا كانت فتنة علي ومعاوية استمرت 13 قرنًا فكم يا ترى ستستمر فتنة فتاوى السنة والشيعة.