آخر الاخبار

التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة

هل تغرق اليمن في المستنقع الأميركي؟!
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الأحد 03 يناير-كانون الثاني 2010 07:15 م

أضحى من نافلة القول بأن السياسة الأميركية باتت تشكل ثقلاً وعبئاً عالميا كبيراً يصعب حمله أو احتماله ، ففي كل بلد تُدخِل أميركا أنفها فيه ، يتحول هذا البلد إلى حالة من الغليان الشديد والفساد والدمار والحروب اللامنتهية ، لعلّ من النماذج المقروءة لكل ذي عينين النموذج الصومالي والأفغاني والعراقي والإيراني، وأخيراً النموذج اليمني.

ما يهمنا في هذا المقام هو الحديث عن النموذج اليمني ، الذي برز فجأة على الساحة الدولية ، كبلد يأوي الإرهاب ويحتضن الإرهابيين ، رغم أنه معروف تاريخياً بأن الأرض اليمنية أرض طيبة والشعب اليمني شعب طيب وكريم ، رغم قوته وشراسته .

مما يؤكد أن الخلل ليس في الشعب اليمني الكريم ، وإنما في السياسة الأميركية الاستعمارية ، وفي من يلهثون وراء هذه السياسة ويجرون خلفها بلا وعي أو بصيرة .

إن السياسة الأميركية التي تقع تحت وطأة اللوبي الصهيوني ، هي التي جعلت من دولة باكستان تقف على كف عفريت ، وتتحول إلى بركة من الدم ، نتيجة استجابة حكومة زرداري للضغوط الأميركية ، لتصفية القيادات الوطنية الحية في الشعب الباكستاني ، وهو السيناريو ذاته الذي تريد أميركا تكراراه في اليمن ، لولا أنّ الوضع اليمني يعد أكثر تعقيداً وصعوبة من الوضع الباكستاني ، فاليمن عبارة عن مخزن للبارود ، وأي لعب بالنار يمكن أن يجعل من اليمن قنبلة يطال شرارها كل شيء ، وأول الدول التي ستتضرر، هي دول الخليج، والمصالح الأميركية في الجزيرة .

كما أنّ السلطة في اليمن بعد عهد ما يسمى ب\"الأغلبية الكاسحة\" وضمان عدم المساءلة والمراقبة والمحاسبة ، صار الدستور والقانون عبارة عن أهواء الحزب الحاكم ، وبعبارة أكثر مصداقية وصراحة ، صار الدستور والقانون هو شخص الحاكم، فهما وجهان لمسمى واحد .

على كل الأحوال والتقديرات فإن ارتماء الحكومة اليمنية في أحضان المشروع الأميركي مقابل حفنة من الدولارات يعد جرماً كبيراً ينذر بكوارث يصعب احتمالها ، سيما وأن الحكومة اليمنية تعيش أبأس أيامها وأصعبها وأنكدها، ولا يكاد ينام أحد المسئولين إلا على كوابيس الحوثيين والانفصاليين واللقاء المشترك، وباتت الدولة مغيبة بشكل كامل إلا على العاصمة صنعاء .

إنّ التعاون اليمني الأميركي لضرب المواطنين وإزهاق الأرواح البريئة ، والعبث بجماجم النساء والأطفال مقابل ما يسمى بمواجهة تنظيم القاعدة أو مقابل حفنة من الدولارات النجسة ، يجعل السلطة في اليمن تفقد شرعيتها ودستوريتها ، لدى شعبها وقواه الحية ، سيما وأن معظم الأحزاب اليمنية تعتبر السلطة الحالية في الأصل سلطة باغية جائرة استولت على الحكم بقوة التزوير الانتخابي ، وبالتالي فإنه في هذه الحالة لن يفرق المجتمع بين السلطة اليمنية والإدارة الأميركية ، سيما إذا ما التقت السياستان على قتل المواطن اليمني وإراقة دمه ، الذي يفترض أن تحميه السلطة وتدافع عنه ، فهذه أولى مهامها ، التي تخلت عنها بل وانتهكتها .

وهذا بعينه هو ما فسّر ذلك الحشد الجماهيري وراء تنظيم القاعدة بعد الضربة الظالمة وفي اليوم التالي منها مباشرة ، بالطبع ليس حباً في تنظيم القاعدة ، ولكن نكاية في السلطة العمياء ، التي لا تفرق بين مطلوبيها وبين الأبرياء من النساء والأطفال ، وربما يزداد الالتفاف الشعبي خلف كل مطلوب للسلطة أو منازع لها ، لذات السبب الآنف الذكر.

ونزعاً للفتيل ، وحقناً للدماء ، وحرصاً على العلاقة بين السلطة اليمنية وشعبها ، في هذا الوضع الحرج ، يجب ما يأتي:

1) على الحكومة اليمنية ألا تتبع القذة الأميركية ، فالسياسة الأميركية حالياً باتت أشبه بالغراب ، الذي قال عنه العرب قديماً : ومن يكن الغراب له دليلاً .. يمر به على جيف الكلاب.

إن الأميركان ينفذون مخططاً صهيونياً للسيطرة على العالم وإفساده وتخريبه ، عملاً بالخرافات التوراتية والإنجيلية ، وما دعاوى الإرهاب التي يزعمها الأميركان إلا الشماعة التي يعلقون عليها مبرراتهم الخسيسة للتدمير والتخريب ، وما حادثة محاولة تفجير الطائرة الأميركية مؤخراً على يد الشاب النيجيري ، إلا من هذا القبيل ، فالمحققون من المحللين السياسيين ينظرون إلى الحادثة على أنها أشبه بالأفلام الهندية التي لا يحسن مخرجوها السيناريو ولا الإخراج ، لأنه من المستحيل أن يتجاوز أي مسافر المطار تلو المطار وفي جعبته مسمار أو إبره ، فضلا عن المتفجرات والقنابل .

وهذا يجعلنا ندعوا وبصوت عال إلى التريث في استقبال الروايات الأميركية للأحداث والوقائع ، سيما وأننا نرى أنها في الأغلب الأعم لا تعدوا سوى ظنون وأوهام ، يذهب لأجلها شعوب ودول ، كالرواية الأميركية الشهيرة عن ما أسموه ب \"أسلحة الدمار الشامل\" العراقية!!!.

2) يلزم في الأوقات العصيبة والمحن المتتالية أن يكون ثمة شفافية واضحة بين الحكومة اليمنية وشعبها ، وصمت الحكومة اليمنية عن نفي أو إثبات خبر القصف الأميركي لمواطنين يمنيين آمنين في قراهم الطينية ، يؤكد صحة هذا الخبر ، أعني أن القصف أميركي، بمباركة يمنية ، لا العكس كما صورته وسائل الإعلام .

بيد أني أحسب أن الحكومة اليمنية في وضع لا تحسد عليه ، فنفي الخبر يعد كارثة بالنسبة لها، لأن معناه أنّ السلطة في اليمن تضرب شعبها وتقتله ، وأن الذي يحكم اليمن جنرال عسكري لا يرحم ، أشبه بلينين أو ستالين ، كما أن الاعتراف بالقصف الأميركي معناه أن لا حكومة مركزية في اليمن ذات سيادة ، أي لا دولة ولا سيادة ، سيما وأن هذه ليست المرة الوحيدة التي تنتهك فيها السيادة اليمنية، وإزاء هذان الخياران المران لزمت السلطة الصمت ، وهو يعد الخيار الأقذى والأشد كلفة لأنه لا معنى له إلا أن الحكومة الموقرة تتاجر بدماء شعبها وأنها تبيعه في سوق النخاسة الأميركي .

3) على النظام في اليمن سرعة تغيير مساره ، لأنّه كما يبدوا لكل بصير ، أن النظام في صدام مباشر مع شعبه ، ليس على صعيد محور واحد أو محافظة واحدة ، بل على كل المحاور والمستويات والمحافظات والأحزاب والمنظمات والقبائل ، بل في صدام مع نفسه وذاته .

ويلزم لهذا سرعة الاستجابة لدعوات أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) في الجلوس على مائدة الحوار الوطني الذي لا يستثني أحداً ، وإنا لننتظر بفارغ الصبر أن نرى الحاكم والمعارضة يجلسون لمناقشة قضاياهم والخروج باتفاق واحد لا يخلفه أحد ، لنزع فتيل فتنة عمياء لا يعلم مداها إلا الله عز وجل ، وفي ظني أن هذه بداية الانفراج لو حسنت النوايا وغلّب الجميع المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الضيقة .

4) ما يتعلق بمقاومة ومواجهة تنظيم القاعدة ، كما سبق وأن بينا أن ثمة تهويلا أميركيا كبيراً لهذا التنظيم ، لأغراض استعمارية ، والصواب أن يتم التعامل معه بعيداً عن الرؤية الأميركية ، ووفق الخصوصية الوطنية ووفق الدستور والقانون اليمني ، وحينها سينكشف الغطاء ويتضح الطريق ، وتسهل المعالجة ، وسنجد أن هذه الفئة أو العصابة ليست بذاك القدر من الخطورة والتهويل ، لأنها سوف تصبح عصابة في وجه دولة ونظام وشعب ودستور وقانون ، بخلاف ما تريده السلطة الآن من إضفاء نوع من المبررات لأعمال القاعدة من خلال مسلكها الأخير في الإبادة الجماعية والقتل والتخريب ، وبدعم أميركي لا وطني .

5) لا يجوز أن يغيب الحكماء والمصلحون في هذا الظرف العصيب من تاريخ اليمن المعاصر ، وعلى الوجاهات الإجتماعية والعلماء وحكماء السياسة اليمنية المبادرة لنزع الفتيل بين السلطة وباقي الفصائل اليمنية ، سواء كانوا أحزاباً أو منظمات أو حراكا أو حوثيين ، من خلال الضغط على السلطة لإعلان مصالحة وطنية ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لا حزبية ، تتولى التهيئة لانتخابات حرة ونزيهة ، لا تتجاوز ستة أشهر .

أحسب أن هذه الحلول هي المخرج الأكثر أمناً للوضع اليمني ، وبدون هذا فليس من خيار أمام الحكومة اليمنية إلا أن تخوض إلى أذنيها في المستنقع الأميركي ، وأن يستمر مسلسل الدم على الساحة اليمنية ، وإلى لا نهاية ، أو إلى نهاية لا يعلم مداها إلا الله .

والله تعالى من وراء القصد ، والحمد لله رب العالمين ،،

Moafa12@hotmail.com