|
مأرب برس تعيد نشر الحوار المباشر مع د. عبدالكريم الإرياني، المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الذي بثتة قناة الجزيرة مباشر نقلا عن «قناة الجزيرة»
> هل تريد أن تقول إن اليمن بعيدة عن اتخاذ قرار الفرد؟
- نعم.
> وهي خاضعة لما أشرت إليه؟
- نعم.
> قرار الرئيس بعدم الترشيح والتراجع عنه بعد ضغط الحزب لماذ أخذ القرار فيه منفردا وخضع لخيار الحزب؟
- لقد تفاجأنا حقيقة كلنا، وهو قرار شخصي وكان المؤتمر رافضا لذلك القرار من أول يوم، ولكن الجانب الشخصي في حياة كل منا لا يمكن أن يخضع لديكتاتورية الجماعة، وكان قرارا شخصيا ورغبة في الخلود للراحة ولكن المؤسسات الحزبية والشعب وحتى أحزاب المعارضة لم تكن مقتنعة بهذا القرار.
> من يحدد أن يكون القرار شخصيا أو يرجع للمؤسسة؟
- لقد أخطأت في فهم جوابي فأنا قلت إنه خضع لرأي الحزب الذي هو عضو فيه وذلك عبر عن إرادة شعبية أوسع، وبالتالي لم يخضع لرغبة المعارضة، إنما قلت إن المعارضة هي نفسها كانت غير مقتنعة بأن الرئيس يتخلى عن الحكم.
> هل هناك ما يسمى بالمؤسسات المعارضة ومراكز الأبحاث التي تخضع لها المعارضة وتوضع في إطار القرار السياسي لرئيس الدولة؟
- المعارضة موجودة وفي مجلس النواب تواجدها واضح وقوي وفي كل القضايا المعارضة تشارك في اتخاذ القرارات التي تمس اليمن، ومن حقها أن تختلف مع الحكومة، أما الجانب الفكري والدراسات ومراكزها وتحليل الأوضاع واتخاذ التوصية في قضية دولية أو إقليمية أو وطنية فأنا أعتقد أن اليمن فقيرة كفقر الوطن العربي بأسره.
> ما دور المراكز.. فهناك مركز أنشئ في أواخر التسعينات وهو تابع للمؤتمر الشعبي العام والذي انضم في 2005م ربما للوفاق وآخر تابع لمؤسسة الرئاسة ما هو دور هذه المراكز في إمداد صانع القرار في قراراته النهائية؟
- هذه أجهزة ولا أقول عنها مؤسسات ولكن لو قارنتها بروكن نستن يوشن أو كارينبي فهذه المؤسسات الضخمة التي تنتج نواة عميقة الأداء تبصر صانع القرار، ولا يوجد شيء بهذا المستوى في اليمن بل في الوطن العربي بأسره.
> هل يعود ذلك لضعف المستوى الفكري وضعف هذه المراكز والمؤسسات أم لعدم رغبة الحكام للاستماع لمثل هذه الدراسات؟
- لو كانت هناك تجربة ناجحة في هذا المجال لكان الحكام أكثر نجاحا وأكثر سعادة في الاستعانة بهذه المؤسسات، لكن إلى الآن لا توجد أي تجربة حتى نقول إن مؤسسة ما جاهزة بكل إمكاناتها ولا أحد يستعين بها.
> من يتحمل المسؤولية المراكز البحثية ومستواها أم الحكام والرؤساء؟
- أعتقد أن الإرادة السياسية في إيجاد هذه المؤسسات لا شك أن لها دورا كبيرا، ولذلك لا نلومها وأعتقد أنها بحاجة لإرادة سياسية.
> لماذا لم تنفذ الوعود التي طرحها الرئيس في برنامجه الانتخابي للمواطنين؟
- حقيقة سأصدم السائلين جميعا في أنني كنت طرفا في الجرعات التي أنقذت الاقتصاد اليمني من الانهيار الكامل، ولولاها لكان خمسة آلاف ريال يمني مقابل الدولار، هذه الدراسات كانت من مؤسسات دولية وإن تأخر الإجراءات كان سيجعل عام 1997م يصبح فيه سعر الخمسة آلاف ريال يمني دولارا واحدا، فهذه الجرعات ليست كما يقولون بلاء على اليمن بل انقذت اليمن من الانهيار الاقتصادي الكامل، واليمن من أقل دول العالم نموا وبذلك لا ننكر وجود الفقر ومستوى معيشة منخفض جدا وأن دخل الفرد متدن (500 دولار) والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة وأي حكومة حالية أو مستقبلية أو رئيس لا يستطيع أن يتعامل إلا بما أمامه وبين يديه.
أما ما يخص الوعود فالانتخابات لم تمر عليها سنة وليس هناك عصا سحرية لنملأ بطون الناس بالغذاء الدسم بين عشية وضحاها، ولكن برنامج الرئيس الانتخابي هو محل تنفيذ، ونتيجة الانتخابات والتقارير حول أنها انتخابات ديمقراطية هذه النتيجة هي التي اتاحت لليمن ما يزيد عن ستة مليار دولار من الدعم لتنمية وتطوير اليمن وإخراجه من دائرة الدول الأقل نموا، ولا نريد أن نتحدث كثيرا عن قضية الحوثي لكن القول إن المؤسسة العسكرية هي التي حاربت الشعب أو إن الحكومة هي التي حاربت الحوثي فهذا قول فيه تجنٍّ كبير فلا توجد دولة في الدنيا تحارب شعبها وتفتعل الأحداث.
> هل بالفعل الحديث عن المؤسسات الفاعلة المساندة للحكم في الوطن العربي هي المؤسسات العسكرية والأمنية وهذا أمر واقع لحد ما؟
- لكل بلد مؤسساته العسكرية والأمنية وأنا أتحدث عن اليمن، وهذه المؤسسات لها دورها في الجانب الأمني العسكري وليست صانعة قرار.
> بماذا تفسر كل هذه المواجهات التي تصل للحروب في اليمن خلال العقود الثلاثة الماضية؟ ألا يمثل ذلك حسما عسكريا للخلافات في اليمن؟
- اليمن تعرض لمشاكل عديدة ولديه إرث ثقيل من النظام السياسي السابق، وعمر الثورة يزيد عن 45 سنة وعمر الوحدة 17 عاما، فاليمن بإرثه التاريخي يدخل في الصراعات ولو قارنا الصراعات في الماضي لوجدنا أنها مضاعفة عما هي عليه. وليست الدولة من يشعل الحرب، والآخرين الذين يشعلونها ويحملون السلاح بوجه الدولة لا بد للدولة أن تفرض سيادتها وكونهم يدعون أن عليهم ظلماً فأمامهم المشاركة السياسية وفي اليمن 20 حزبا فلماذا يرفع السلاح؟
> لمن يتوجه صانع القرار السياسي .. البعض يراه للمنتفعين أو لخدمة أطراف أخرى أو للأمم المتحدة؟
- ليس للولايات المتحدة دور في اتخاذ القرار السياسي ومن يقول ذلك فإنه مخطئ أو متجنٍّ، إن القرار السياسي ليس صنع فرد وأنا أتكلم عن اليمن ومن تكلم عن ضرورة وجود دستور يحدد فترة الرئاسة، فالدستور الحالي يحدد ذلك بفترتين. قضايا الغلاء والفقر نحن نعترف أن اليمن دولة من أقل الدول نموا وليست هناك عصا سحرية غير التنمية، والتنمية بحاجة إلى الاستقرار ودعم خارجي ومشاركة المجتمع اليمني وكل ذلك جار في كل مشاريع التنمية.
> هل للحزب سياسة تلزمه وللحكومة أم أن هناك استفادة لبعض الأشخاص؟
- ولتفترضي أن هناك مراكز قوى ومنتفعين وصانعي قرار لمصلحتهم الشخصية وأنا أؤكد أن هذا الموضوع ليس بالمؤتمر الشعبي العام، فالمؤتمر حزب من عامة الناس وليس جميع تجار اليمن أعضاء فيه وليست المؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع الخاص تحت إمرة المؤتمر، والمؤتمر يقدم خدمة سياسية للمجتمع اليمني في إطار النظام التعددي الموجود في اليمن، والمؤتمر أحد الأحزاب في الساحة اليمنية هو اليوم في الحكم وغدا خارج الحكم ليس في ذلك غضاضة على الإطلاق.
> قال معهد كارنفيي إن هناك مجموعة مصالح تستفيد لحد بعيد في اليمن وعلى الرئيس لو أراد تحقيق تقدم في المسيرة السياسية والإصلاح السياسي أن يتعامل مع هذه المجموعة أولا ويقضي على الفساد.. بماذا تفسره؟
- الفساد مشكلة مستشرية في الوطن العربي وفي اليمن، وبالتعاون مع المنظمات الدولية والمؤسسات المتخصصة بما فيها منظمة الشفافية العالمية فهناك برامج تعد وتنفذ لمعالجة الفساد وهناك قرار بأن تشكل لجنة عبر مجلس النواب لمكافحة الفساد والتصدي له، والفساد موجود ولكن ليست الدولة ساكتة عليه، أما ما يقولونه حول معلومات حصلوا عليها من هنا وهناك فذلك شأنهم، ومحاربة الفساد هدف رئيسي في برنامج الرئيس الانتخابي وفي برنامج الحكومة الحالية.
> لماذا تقول هذا شأنهم وعندما يشاد بكم بالتجربة اليمنية تستشهدون بهذه القرارات والدراسات التي تصدر؟
- أولا: كارنيفي قال شيئين: إن في اليمن فسادا، وأنا رديت لك نعم هناك فساد وهناك عمل جاد من أجل محاربته.
أما كونه يقول إن هناك جماعة منتفعة حول الرئيس هي التي تصنع كل القرارات فأنا أختلف معه في هذا وليس كل شيء يقولونه صحيحا.
الكلام حول انتهاء الفساد وقول الرئيس ذلك هذا كلام غير منطقي، فالرئيس يناشد بمحاربة الفساد من الجميع كل يوم وبرنامج الرئيس محل تنفيذ ولكن في عشرة أشهر أرى أنا أن المجتمع يتعامل مع دولة وليس مع قرار سياسي مكتوب على الورق ويصبح نافذا، ونؤكد مرة أخرى أن برنامج الرئيس محل تنفيذ وخطط وبرامج تعد لتنفيذه والتجربة الديمقراطية لليمن هي التي أتاحت لليمن ما يزيد عن 6 مليار دولار من المانحين لتطوير اليمن ولو كانت اليمن دولة غنية لا فقر فيها ولا جوع ولا عناء لما جاء المجتمع الدولي ليساعدها، ونحن نقر أن هناك نسبة عالية من الفقر ومن البطالة وانخفاض مستوى الدخل الذي لا يتجاوز 500 دولار وهو أدنى المستويات في العالم، والاخوة المتحدثون يظنون أن هذا الموضوع يمكن حله بين عشية وضحاها.
> متى يمكن حل هذا الموضوع خاصة وأنتم ملزمون بفترة معينة لتأهيل اليمن لدول مجلس التعاون الخليجي؟
- نحن نقوم باجتماعات متتالية مع مجلس التعاون والدول المانحة ولا يوجد تقاعس لا في هذا الأمر ولا في السعي للتنمية أو الحصول على الدعم.
> قضية الشمال والجنوب التي يضعها البعض وخاصة في مسألة الحقوق؟
- قضية الشمال والجنوب للأسف من رواسب الماضي ومازالت في أذهان الناس، والذين يقولون هذا الكلام يقولون ما يحلو لهم، ولكن أنا أقول إن العلاقة بين الدولة والسلطة والفرد أصبحت محكومة في اليمن بشيئين الانتخابات الديمقراطية وتشكيل المجالس المحلية، وينتخب المحافظون ومديرو المديريات من أبناء المحافظات، وسيكونون من أبناء المحافظة نفسها وهو دور السلطة المحلية، وبالتالي القول إن شمالا يسطو على الجنوب أو الجنوب يستولي على مقدرات الشمال كلام في غير محله، ولكن من حقهم أن يقولوا، أما في المستقبل القريب فحتى مديرو المديريات وقوات الشرطة وإدارة التربية وإدارة الصحة كلها ستكون تحت سلطة محلية، فالسلطة المحلية هي وسيلة كي يحكم الناس أنفسهم دون أن يضطروا للقول إنهم محكومون من الشمال أو الجنوب.
> حول دور مستشار الرئيس ومدى الاعتماد عليه في اتخاذ القرار هل يحل محل المؤسسات ومراكز الأبحاث؟
- مستشار الرئيس جزء من منظومة، ولدى الرئيس أكثر من مستشار، لكن المنظومة الدستورية التشريعية هي الأساس في اتخاذ القرار، رئيس الدولة لا يستطيع أن يتخذ قرارات معينة إلا بالعودة إلى هذه المؤسسات، بينما في العلاقات الثنائية والدولية مستشارو الرئيس يلعبون دورهم في استشارة الرئيس لهم وهذا ما يحدث في العالم كله وليس في اليمن شيء شاذ فالعالم كله يسير بهذ الطريقة.
> حول تحديد السياسة الخارجية في الملف الخارجي ومدى تملك الرئيس القرار فيها؟
- رئيس الدولة في أي دولة في العالم هو الذي يرعى السياسة الخارجية، لكنه لا يتخذ القرارات إلا بالتشاور مع الجهات التي يجب أن يتشاور معها، أما قضايا المغتربين فاليمن ترعاهم وتقدم لهم الخدمة لكن ليس من حقها أن تتدخل في شؤون الدول التي يقيمون فيها وعند تعرض أي مغترب لأي أذى فإن وزارة الخارجية تتدخل كما تتدخل وزارة خارجية فرنسا وبريطانيا، لكن حل مشكلة المغترب في ماذا، فهم يقيمون في دولة ضيوفا عليها يعيشون معها وفي ظل نظامها وقوانينها فهل يجب علينا أن نطالب الدول أن تغير قوانينها ونظامها لكي يرتاح المغتربون.
> حول أحداث صعدة وغياب الأيديولوجية المحددة وأنماط التلاعب في الاتجاهات الدينية والفكرية والسياسية؟
- من حق البعض أن يقول ذلك، وأقول أنا من يرفع السلاح في وجه الدولة لا يمكن أن (تبوس) الدولة يده، والدولة تتعامل مع التمرد كتمرد ومع المطالبة الشرعية كمطالبة شرعية، ولكن أن يتحول التمرد إلى شرعي والشرعية إلى مصطنعة للتمرد فهذا الكلام يحلو للبعض أن يقولوه، وللعلم فإن الصحافة اليمنية حرة ولو قرأناها لوجدنا فيها الكثير من هذا الحديث.
> القرار السياسي ودور الإرياني وهل انتهت حرب صعدة؟
- هذه الأحداث هي نار مشتعلة لا يمكن أن تنطفئ بسرعة، ولا شك أنها ستأخذ وقتاً، ولكن في صعدة اليوم لجنة مشكلة من أحزاب ناشطة وفاعلة في مجلس النواب ومجلس الشورى والمؤتمر الشعبي اقلية في هذه اللجنة حتى لا يقال إن المؤتمر مسيطر عليها، وهناك اتصالات متواصلة ولها أربعة أو ثلاثة أيام ولا يمكن الوصول لحل نهائي بين عشية وضحاها، ولكن النوايا هي التي ستحكم والنوايا لدى القيادة اليمنية متوفرة توفرا كاملا وإلا لما أرسلت أحزاب المعارضة ليكونوا المحاور لهؤلاء الذين تمردوا.
وعن حقيقة قول المستشار للرئيس ما يحب أن يسمعه قال: أقسم لك بالله إن هذا ليس حقيقيا لي أو لغيري، اللغة العربية عودتنا على ألا نثق فيها والأمة والواقع العربي هو الذي جنى عليها.
في الإثنين 25 يونيو-حزيران 2007 07:37:51 ص