الاصلاح هل يعتذر للمتقاعدين قبل أن يؤيد مطالبهم
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 17 سنة و 3 أيام
الأحد 28 أكتوبر-تشرين الأول 2007 01:29 م

مأرب برس - خاص

الخيط الناقص .. عن حوار بلا أهداف

ليس على اللقاء المشترك إذا أراد أن يكون جزءاً من حل المعضلة السياسية التي تمر بها اليمن حاليا أن يرتدي ثيابا لا تتناسب وقياسه ، كما لا يجب أن يرتدي سياسييه ثياب الرهبان للتدليس على حقيقة أن ما يدور في الساحة هو صراع سياسي بحت ،تحاول من خلاله جميع الاطراف الفاعلة والمؤثرة أو تلك التي تبحث لها عن دور سياسي أو موطء قدم في عملية الهيكلة السياسية التي تمر بها اليمن أو بالاصح الصراع على مابعد الفترة الرئاسية المقبلة ، وهو صراع بدأ مبكرا على مستوى النخب الحزبية ،وتأخر كثيرا على مستوى الشارع ، لم يكن المشترك يوما جزء من المشكلة التي حدثت في المحافظات الجنوبية، ليس لانها لم ترغب في ذلك بل لان قدراتها وإمكانياتها لم تصل بعد لهذه الدرجة من التنظيم والتماسك النظالي ،ومازال المشترك في طور التكوين الجنيني الذي لم تتضح ملامحة بقوة ، لتتخذ صورة محددة المعالم يسهل تمييزها ، كما أن أطراف اللقاء المشترك غير متساويه ، ولا تسير بخطى متزنة، نحو أهداف واضحة ،فالعشوائية والانتهازية ما زالت هي المتحكم الابرز في الاداء السياسي على الصعيد المحلي. - وذلك عيب تعاني من جميع الاطراف السياسية اليمنية- وقواعد المشترك ما زالت تجهل الكثير عن أداء القمة ،والتحالفات غير المرئية فيه، وبالتأكيد لا يوجد رضى كامل عن تلك الخلطة .

السياسات الاقصائية الرسمية الخاطئة تجاه المواطنين وقضاياهم وترحيلها باعتبارها ملفات تحت السيطرة تصلح لتكون فقرات في البرامج الانتخابية للحزب الحاكم ، أو لاحزاب الظل المعارضة ،دون ان تجد فرصة للخروج على شكل ممارسات عملية جعل تلك الممارسات تتفاقم لتتحول إلى مشكلة عويصة يصعب التعامل معها ، لان الحاكم ومؤسساته الموسمية لا تمتلك القدرة على قراءة ما بين السطور أو ما تحتها ، وتتعامل مع شكاوى وقضايا الناس بمنظور مزاجي فردي ، ربما لان العمل المؤسسي ما زال غائبا عن الادراك السياسي لاطراف اللعبة السياسية ، كما أن المراكز التي يفترض بها إستشعار الاخطار والظواهر التي تهدد إستقرار الحكم ما زالت مشغولة بمهام وقضايا إنتفت جدواها منذ فترة طويلة،هذا إن كان إستقرار الحكم كمؤسسة ينتفعون من خلالها تهمهم أصلا، غياب الرقابة المؤسسية والمجتمعية ، سمح لهوامير خارجة من جيب الحاكم أن تقوض ما بناه لفترات طويلة ،وغالبا ما تسقط الانظمة بعوامل التأكل والتقادم التي تأتي من داخلها ، وعندما يبدأ الحاكم بمحاولة التنصل من تاريخ ارتبط به لكن بشكل عشوائي غير مدروس كتعبير عن رغبته في الاستئثار بالسلطة دونما معارضة أو إنتقاد من داخل النظام ،تنعكس سريعا تلك الاثار على عافية المؤسسة الحاكمة وفي حال اليمن تبدو المؤسسية بعيدة عن المفهوم الحقيقي، ولغيابها تبدأ صراعات النخب التي تضيق يوميا ، وتسعى لاقصاء وعرقلة دخول لاعبين جدد لان الكعكة – وهي تعبير يمني خاص – تصغر وتتناقص وبالتالي لابد من خوض معارك شرسة حفاظا على تلك الكعكة.

وعودة للقاء اليوم بين الرئيس واللقاء المشترك،الذي يأتي بعد شد وجذب بين الطرفين ، ومعارك كلامية كانت الحياة السياسية في غنى عنها ،لاحتوائها على الكثير من السموم التي تضر ولا تنفع ،أهمية اللقاء هو أنه يتم مباشرة بين الفاعل الرئيسي في الساحة – الرئيس علي عبد الله صالح – وأحزاب اللقاء المشترك الباحث عن دور سياسي أكبر خلال المرحلة المقبلة ،إعتمادا على أخطاء الحزب الحاكم - الذي أثبتت الاحداث أنه ليس الحاكم بمؤسساته بل بأفراده- وتأتي دعوة صالح للقاء لتؤكد حقيقة أن الاحزاب التي رفضت لقاء الرئيس في رمضان ، تدرك أنها لن تنجح في إدارة أي حوار مع حزب الرئيس دون المرور ببوابة الرئاسة،وكنت اعتقد أن اللقاء المشترك كان مستعدا للذهاب للقاء الرئيس ولديه أجندة واضحة بدلا من أن يقول الناطق بإسم المشترك أنهم سيحملون للرئيس صالح هموم ومشاكل الشعب اليمني، وعلى ما في الامر من إستهبال واستخفاف بالناس الذين لم يعودوا يعولون كثيرا على تلك اللقاءات،بسبب عدم وضوح الرؤية وإنعدام الشفافيه لما يدور فيها من حوارات وإتفاقات،ولان عمومية ذلك التصريح يحمل إتهاما للرئيس صالح ويصوره على أنه رئيس موزمبيق الذي يجهل ما يدور من أحداث في اليمن، ويحتمل ذلك التصريح جهل الناطق الرسمي للمشترك بأن أحاديث الئيس صالح وقراراته خلال الشهرين الاخيرين تصب في ذلك الاتجاه ،وأن عددا من اللجان الفنية شكلت من داخل المؤسسة الحاكمة ،وحملت لاول مرة إتهامات صريحة وواضحة لشخوص بأسمائهم قريبين من الرئيس صالح .

وكان من الاجدى والانفع لو قال أن المشترك يملك رؤية لما يمكن أن يصبح بداية لخلق نوع من الثقة بين الطرفين وتبديد المخاوف،عبر صياغة أفكار تساعد الرئيس واللقاء المشترك ومن ثم اليمن على تخفيف حالة الاحتقان الشديدة التي يمر بها اليمن.

وذلك شيء لاتبرع فيه المعارضة لانها كما يقول الصبري ليست مهمتها إطفاء الحرائق ، وهو مفهوم جديد للمعارضة على نمط "شمشون الجبار" الذي هدم المعبد على الجميع.

ولا ارى ان توقيت الزيارات الميدانية التي قامت بها قيادات المشترك لمنصة ردفان،أو للجرحى في المستشفيات وأهالي الشهداء،رحمة الله عليهم ،لها صلة بالبراءة والنية الحسنة ، نظرا لتوقيتها الحساس قبل عقد اللقاء مع الرئيس بيوم واحد،وليس ذلك من الحصافة السياسية ،الا إذا كان المقصود وراء ذلك النشاط تسجيل الاهداف في مرمى السلطة في الوقت بدل الضايع،واستخدام قضايا الناس كورقة ضاغطة تبرز في اللقاء،مستغلة حالة السخط العام ضد السلطة.

وهي بذلك التوقيت لا تخدم الحوار الذي يستهدف تقديم النوايا الحسنة،ومع إفتراض حسن النية لماذا لم تقم قيادات المشترك بزيارة المنطقة بعد الاحداث مباشرة،أم ان هيئة المشترك فضلت أن تستغل فرصة وجودها في عدن للقاء الرئيس لزيارة المنطقة ،على طريقة "حج ولقاط مسابح".

قمة البؤس السياسي يصل عند محاولة اللقاء المشترك إستخدام مطالب المتقاعدين كورقة رابحة،خاصة عندما يحاول الاصلاح كحزب سياسي أسهم خلال تحالفة مع المؤتمر في عملية إقصاء كوادر الحزب الاشتراكي لاخذ مكانة في التحالف وبالتالي في أجهزة الدولة، واليوم الاصلاح قبل غيره مطالب بالاعتذار للمتقاعدين، وللحزب الاشتراكي حليف اليوم ،عدو الامس.

محاولة المعارضة ركوب موجة الاحداث في المحافظات الجنوبية،تفضحها تصريحات المشاريع الصغيرة ومهاجمتها من قبل قيادات الحزب الاشتراكي، خلط الاوراق ليس في مصلحة الجميع ،هناك أجندة خاصة للمتقاعدين تفوق بمراحل الاداء الحزبي الهزيل في اليمن،الذي ما زال يستخدم نفس الاليات القديمة سواء في السلطة والمعارضة،الشارع السياسي اليمني على الاقل في المحافظات الجنوبية طورا خطابا جديدا خاصا به ،وخلق استراتيجية وأليات من طراز غير مألوف جزئيا في الساحة اليمنية إكتسبت ملامح خاصة ليس مجال ذكرها هنا .

لقاء عدن ربما يعد الاول الذي تستضيفة مدينة عدن بين السلطة والمعارضة- منذ الوحدة اليمنية- ، نتمنى أن تسهم أجواء تلك المدينة المدنية في تخفيف حدة اللقاءات التي طالما تعثرت في صنعاء،وأن تسهم الاجواء الدافئة لعدن في إذابة الجليد بين الطرفين.