|
خرج الناس من واحة إيمانية تزودوا فيها بالتقوى وهي ثمرة الصيام والعبادات المختلفة ، وعليه سنبدأ صفحة جديدة في حياتنا المتبقية وهذا هو الأصل وهذا ما أتمناه لكل فرد في هذه الأمة وأكثر ما أتمنى أن تنعكس هذه الثمرة على قلوب المسئولين فتتحول إلى رحمة وتحنن على المواطنين ، فالحقيقة التي لا ينكرها إلا أعمى البصر والبصيرة أن هناك قساوة قلوب تعتري أغلب المسئولين ، صغارا وكبارا ،يلحظها المواطنون من خلال تعاملاتهم اليومية في الدوائر الحكومية ، برغم أن أغلب هؤلاء المسئولين صاموا رمضان وبعضهم اعتمروا وزار البيت الحرام ، وهم يفعلون ذلك تقريبا كل عام ، ولكن يبدو أن هذه العبادات كانت عبادات شكلية ، ولا خير في عبادات شكلية لا تثمر التقوى، التي تقي صاحبها غضب الله وعذاب جهنم، فقد ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدق ولكنها تؤذي جيرانها قال صلى الله عليه وسلم( هي في النار) إذا فصلاتها وصيامها وصدقتها لم تقها النار، لأنها لم تثمر الأخلاق والرحمة والشفقة لتتعامل بها مع الآخرين ، وأخشى على مسئولينا من أصحاب القلوب القاسية هذا المصير ،كما أخشى عليهم أن تصيبهم دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم القائل في الحديث الذي جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ أَمْر أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ , وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْر أُمَّتيْ شَيْئَاً فَرَفَقَ بِهِم فَارْفُقْ بِهِ ( واخشى عليهم من أن يحرموا كل خير يفعلوه، أو كل خير يريدوه، فقد جاء أيضا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح (من يُحرَم الرِفق يُحرَمَ الخيرَ كلّه) اذا استمروا في أذية عباد الله المواطنين ، من خلال تعقيد المعاملات ، تعقيدا تاما ولا تفك هذه العقد الا برشوة أو محسوبية ، وقد نجد هذه الظاهرة ، منتشرة في أغلب البلدان إلا أننا تفوقنا عليهم نحن في اليمن بالقسوة الحزبية ، نعم أقولها بكل مرارة ، إن القسوة الحزبية هي أشد أذية ورأس كل بلية في الدوائر الحكومية ، فبها كم من مدير أقيل ،وكم من مسؤول أزيل ، وكم من موظف في وظيفته عليل ، أحد المدرسين تم نقله منذ عشر سنين ليعمل في مدرسة تبعد عن قريته ما يقارب مائة كيلو متر ،مثله مثل المئات إذا لم نقل اللآلاف ، فحاول منذ ثلاث سنوات من خلال المعاملة أن يعود إلى قريته ليدرس بها فقد تعب ولم يعد له القدرة على تحمل هذا النفي القسري ، إلا انه لم يفلح والسبب أنه ليس من الحزب الحاكم ، فهو إصلاحي يجب أن لا يلبى له طلب ولو كان هذا الطلب قانوني وإنساني ، فجاءني هذا المدرس وطلب مني الوساطة ، فهو يعرف أني عضو برلمان وشخصية اعتبارية ، وان المسئولين الكرام، ينزلون الناس منازلهم كما قال عليه الصلاة والسلام ، خاصة عندما يشفعون شفاعة حسنة ليس فيها مخالفة شرعية ولا دستورية ولا قانونية ، فذهبت إلى رئيس المجلس المحلي فجزاه الله خيرا لم يردني بل وجه أمرا صريحا يتم إخلاء طرف فلان بن فلان إكراما للشيخ محمد الحزمي فاتصلت بالمدرس وبشرته بان مشكلته حلت وان الأمر صريح ، ففرح المسكين ،ضانا بأن الفرج قد أتى ،وألم المنفى قد ولى ، فأرسلت له الأمر ، واتضح بعد ذلك أن الأمر لا يكفي فهو بحاجة إلى تعزيز الوساطة بوساطة ، فتوسط بابن عم رئيس المجلس المحلي وهو الأخ مسؤول فرع المؤتمر وكذلك أخيه عضو مجلس النواب عن طريق أحد أقربائهم ولكن منذ شهر 6/2010م إلى اليوم لم يلبى طلب هذا المدرس المسكين والذي لا يطلب ترقية ولا منصب يزاحم بها المسؤولين الكرام ، حاش لله ، فهو يعرف قدر وضعه ، بل كل أمنيته ،أن يحصل على إخلاء طرف يعود به من منفاه القسري إلى قريته، ومع ذلك لم يصبني اليأس فما زال أملي أن يلبى هذا الطلب خاصة وقد التقيت أنا شخصيا بهذين المسؤولين الكبيرين ووعداني خيرا ،هذا مثال لما أصبنا به في هذا البلد ،والأمثلة كثيرة كثيرة ،ولا حل لها إلا بغرس مخافة الله ، اللهم أهدنا واهدي جميع المسئولين في بلادنا، واجعلهم على عبادك المواطنين بردا وسلاما .
في الجمعة 24 سبتمبر-أيلول 2010 08:58:19 م