القادم .. إختبار أخطر للمشترك
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الإثنين 02 مارس - آذار 2009 06:30 ص

مع تحفظي على المدة المتفق عليها بين السلطة والمشترك لتأجيل الإنتخابات وكذلك الشراكة في تحمل المسئولية الأخلاقية للتأجيل كظلم لحق بالمشترك, إلا أن عصافير كثيرة ضربها المشترك بحجر موقفه الثابت والمعبر عن تماسك أحزابه (قيادةً وقواعد) وحسن إدارته للأزمة منذ مابعد إنتخابات 2006.

فالشارع اليمني ومن خلال نماذج قليلة ومتنوعة سمعت رأيها في العاصمة, نجد أنهم يتوزعون مابين قلق من عدم وفاء الحاكم بالإتفاق كعاداته السابقة, وآخرين ليسوا مهتمين بالشأن الإنتخابي, وصنف يرون أن الخزينة العامة ستوفر الكثير مما تفقده في كل إنتخابات, والبعض يجدونها فرصة لترحيل مايرافق الإنتخابات من جهد وخسائر حتى في العلاقات الأسرية وفي إطار القرية والحي إن لم يكن البيت الواحد.

هذا وغيره الكثير من المبررات المطروحة ممن أستقبلوا الإتفاق بالتأييد والإرتياح, والذي يعود إلى أن السلطة أفرغت الديمقراطية والإنتخابات كواحدة من أهم أدواتها, من مضمونها الحقيقي ومعناها الطبيعي وأوصلت الناس إلى قناعة بعدم جدواها وأنها مجرد ديكور لخداع الداخل والخارج. فهم جميعاً يدركون حتى الأميين والبسطاء منهم أن لا أهمية لها مالم تعود على أبناء الشعب بالمصالح المختلفة, من حيث العدالة الإجتماعية والمواطنة المتساوية وإنطلاق التنمية المنشودة وتحقق مبدأ التداول السلمي للسلطة والحفاظ على المال العام من العبث والنهب وحماية حقوق الناس وحرياتهم وأن يعيش الجميع تحت مظلة الدستور والقانون.

صحيح أن المشترك قد تنازل للسلطة بشراكته معها في تحمل المسئولية أمام الشعب والخارج, رغم أنها من كابر وعاند للسير في غيها نحو اللحظة الحاسمة التي أعادتها إلى رشدها نتيجة للضغط الداخلي والخارجي, وليس من باب التوبة والحرص على الوطن ووحدته والديمقراطية ومضمونها الحقيقي والإنتخابات ونزاهتها.

وصحيح أيضاً أن مدة التأجيل لعامين طويلة بنظري والكثيرين وماكان المشترك راغباً بها بهذه الصورة ووافق عليها كأفضل الخيارات, لكن المشترك وجه بذلك وبالإتفاق عموماً رسائل كثيرة تستحق أن يتنبه لها قياداته ووسائله وخطابه الإعلامي وأعضائه وأنصاره وينبغي أن يعيها غالبية الشعب.

فحتى ليلة الإعلان عن الإتفاق ومسئولي السلطة على مختلف مستوياتهم يؤكدون سيرهم في الإنتخابات دون المشترك, بإعتبار أن الأخير مجرد مجموعات حزبية حاقدة لاتمثل الشعب ولاحضور حقيقي لها, وأيضاً فإن ذلك إعتراف بأن الإجراءات التي مضى بها الحاكم منذ إنقلاب أغسطس كانت غير شرعية منذ التصويت على قانون نافذ وتشكيل لجنة إنتخابات بعض أعضائها لم ترشحهم أحزابهم وأعلنوا رفضهم ذلك وعملية القيد والمراجعة لسجلات الناخبين و...و..إلخ.

رسائل المشترك وجهها للداخل والخارج مؤكدة حرصه الشديد على مصلحة الشعب والوطن وأهمية أن ترتكز شرعية النظام السياسي اليمني على إرادة شعبية وتوافق وطني, مع تأكيده على تشبثه بالديمقراطية كخيار وحيد لتحقيق ماينشده الشعب وتمسكه بالحوار ورفضه لماعدا ذلك من عنف وتطرف وإرهاب وإقصاء للآخر وتخوين وتكفير وكذلك خصومته مع المشاريع الصغيرة بغض النظر عن اللافتات التي تقع تحتها (مناطقية, مذهبية, طائفية, سلالية, قبلية, شللية, جغرافية).

لكن كل ذلك يفرض على المشترك عدم المداهنة مستقبلاً وكشف مايجري للرأي العام أول بأول, حينما يجد الطرف الآخر يحاول الإلتفاف على ماتم الإتفاق عليه أو يراوغ لعدم التنفيذ أو يتملص مما تم الإتفاق عليه, ومن المهم ولصالح المشترك والشعب والوطن أن تتوفر لدى قيادات المشترك الشفافية التامة في كل ما يتفقون عليه أو يختلفون بسببه مع الطرف الآخر أو حتى فيما بينهم.

لقد عمل الطرف الآخر على محاور عدة لفض تماسك المشترك وخلخلة كيانه والدس بين أحزابه من خلال الإتصالات والتسريبات الصحفية وتوسيع الهوة بين القيادات والقواعد وتشويه صورته ومطالبه امام الشعب والخارج, وأستخدم كل أساليب ووسائل الترغيب والترهيب لتحقيق مايصبو إليه من إنتخابات لاينتج عنها ولو الحد الأدنى ممايعبر عن إرادة الشعب.

ولولا غياب الشفافية عند قيادات المشترك وتحفظهم على تقديم المعلومات للصحفيين ووضع الناس أمام حقيقة مايجري بينهم والحاكم, ماكان تمكن من التأثير السلبي عليهم والذي أثمر التأجيل لعامين والشراكة معه في تحمل المسئولية, وما كانوا منحوه الفرصة ليمارس دوره المعتاد في التسريب الكاذب والتأثير السلبي على بعض الصحفيين وقياداتهم وقواعدهم وخلخلة صفوفهم نوعاً ما من فترة إلى أخرى.

فالشفافية ضرورة ووقاية على قيادات المشترك واجب الإلتزام بها مستقبلاً مثلما يتوجب عليهم خوض معارك أخرى تحقق الشفافية على مستوى وطني من خلال وجود قانون يمكن المواطنين من حقهم في الحصول على المعلومات وسهولة ويسر الإطلاع عليها وتداولها ونشرها, فلا فائدة ترجى من إنتخابات وقائمة نسبية ونظام إنتخابي مادام الحاكم مصراً على خنق الحريات وتقييدها وسلب الحقوق عبر قوانين وتشريعات ولوائح تنفيذية وآخرها قانون المعلومات ومالحقه من قانون بشأن الإتصالات يستهدف تقييد حرية التعبير والصحافة والحق في المعلومات, ويعلم الله ماذا تبقى في جعبته من مصائب؟.