حكايات وخلفيات سقوط الرياضة اليمنية في خليجي 20
بقلم/ فيصل مكرم
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 15 يوماً
الثلاثاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:17 م

عندما أخفق منتخبنا الوطني لكرة القدم في تقديم المستوى المقنع والنتائج الإيجابية في أول مشاركة له في بطولة كأس الخليج (خليجي 16) في الكويت قبل نحو ثمان سنوات وخرج من البطولة برصيد نقطة واحدة والمركز الأخير (ذيل القائمة) كنت أول من طالب رئيس الاتحاد العام لكرة القدم آنذاك محمد عبد اللاه القاضي بالرحيل هو وبقية أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد.. كنا حينها لا زلنا نعيش نشوة الإنجاز الكروي العالمي الذي حققه منتخب الناشئين بوصوله إلى نهائيات كأس العالم للناشئين في فنلندا ممثلاً لغرب آسيا وعرب القارة.

القاضي.. الأكوع

لم يرق لنا ذلك المستوى الهزيل للمنتخب في أول مشاركة خليجية له.. كنا ممتلئين بالغبطة بانضمام اليمن واعتقدنا بأن ما قدمه المنتخب سرق فرحتنا وأخفت أضواء انضمامنا، وقللنا من شأن "النقطة" الوحيدة و"الهدف" اليتيم كأن المنتخب اليمني صفع جمهوره بكلتي راحتيه وبالتالي كان على رئيس الاتحاد أن يدفع الثمن بحكم مسئوليته عن إعداد المنتخب لخوض مشاركته الخليجية الأولى،، ولم يكن أمامنا سوى رئيس وأعضاء الاتحاد لنصب عليهم جام غضبنا، وبالتالي فتح الوزير الأخ عبد الرحمن الأكوع النار بكثافة على اتحاد القاضي واعتبره حجر عثرة في طريق تقدم وتطور الرياضة عموماً وليس كرة القدم وحسب وطالبه بالاستقالة طوعاً أو الإقالة كرهاً، لأن الوزارة مولت الاتحاد بالإمكانيات والموازنات لإعداد المنتخب في أول مشاركة خليجية.

ورغم أن مستوى المنتخب الوطني في تالي بطولات الخليج لم يتغير إلى الأفضل – بعد رحيل القاضي ورفاقه – وإنما ازداد سوءاً في الأداء والنتائج رغم بقاء "النقطة" أمام رصيده في ذيل القائمة كأنها وصمة عار إلى أن يحين الأوان لإزالتها واستبدالها برقم أعلى، ومع ذلك لم يتعرض اتحاد كرة القدم بعد اتحاد القاضي لأي انتقادات مقارنة بتلك الحملة "المحمومة" الغاضبة التي تعرض لها، وكنت أول من دشنها قبل عودة المنتخب من الكويت رغم علاقة الصداقة التي تربطني بالقاضي – حيث كان هدفي إرساء قواعد جديدة تتمثل في تحديد المسئوليات وتحمل أعبائها بغض النظر عن حجم الأشخاص أو مكانتهم أو نفوذهم.

ثم جاء خليجي 17، وبعده خليجي 18، ورحل خليجي 19 ولا جديد على سجل المنتخب اليمني سوى "نقطة" في رصيده وأهداف بالجملة في مرماه وأداء هزيل بلا طعم ولا رائحة سوى المرارة ومذاق العلقم.

خيبة الأمل تتكرر!!

قلنا بأن "خليجي 20" هذه المرة على أرضنا وبين جمهورنا وستكون البطولة التي تشهد انطلاق منتخبنا اليمني الأحمر. الانطلاقة التي نرجوها ونتطلع إليها بين الكبار في المونديال الخليجي ثم خاب الرجاء وسفكت الأحلام على المستطيل الأخضر اليماني في عدن، وأبين ليخرج الجمهور المتعطش لمنتخب مشرف ومقنع أكثر ظمأً من ذي قبل وأشد مرارة.. ضاعت الآمال والأموال سدى، فقدنا النقطة اليتيمة واحتضنت شباك الأحمر تسعة أهداف وأحرزنا هدفاً كلفنا 6 مليارات وثلاثة ملايين إضافية صرفت كمكافأة رئاسية لمن أحرزه وبضعة ملايين أخرى تم توزيعها على اللاعبين والجهاز الفني والإداري على طريقة جبر الخواطر..!؟

غادر الأكوع، وجاء عباد، فماذا تغير؟!

قبل نحو أربع سنوات جاءت حكومة جديدة وغادر عبد الرحمن الأكوع وزارة الشباب والرياضة واستبشرنا خيراً ليس لأن الأكوع ارتكب أخطاء ويتحمل مسئولية تدهور الرياضة في عهده وإنما استبشاراً بالتغيير عله يأتي بالأفضل ويجدد دوران الدم في شرايين الحركة الرياضية اليمنية المصابة بالتجلط والإحباط والقنوط، وجاء الوزير حمود عباد قادماً من وزارة الأوقاف التي وجد فيها ميداناً لعرض إمكانياته الخطابية المعروفة، فهي وزارة مسئولة عن ضبط منابر المساجد وإعداد الخطباء والمرشدين وتفويج الحجاج وبناء المساجد ودور العبادة والإشراف على المدارس والمعاهد الدينية بكل أطيافها المذهبية.

الأكوع نسي عهده ليبادر في عهد خلفه

ربما اعتقد الوزير عباد أنه ليس مطلوباً منه أن يحقق للرياضة ما لم يحقق سلفه مفضلاً الابتعاد عن إثارة حساسية سلف ليس مستعداً لأن يغفر لمن يحاول إنجاز ما لم يتحقق على يديه.. المهم أن الرياضة في اليمن بات يتحمل مسئوليتها وزير جديد يجيد الخطابة وموهوب في مقارعة منتقديه ومتمكن في الحديث عن المنجزات، والمعجزات بطلاقه دون اكتراث بعقول الآخرين ولا بتدقيقهم في حقيقتها، ورغم التزامه بقواعد تحمل المسئولية إلا أنه لا يبالي كثيراً بأي تحفظات عندما يتحدث عن جهوده والأعمال التي يقدمها وينجزها ولا يدخر في سبيلها الوقت لأسرته وشئونه الخاصة حباً في الرياضة وكرامة للقيادة السياسية التي وضعت فيه ثقتها.

مسؤولية الوزارة في تراجع الرياضة

ولأن الرياضة اليمنية ظهرت على حقيقتها "متخلفة" وغير مواكبه لطموحات جماهيرها العريضة من خلال ما قدمه المنتخب الوطني لكرة القدم في (خليجي20) على أرضه وبين جمهوره فإن الحديث عن مسئولية وزارة الشباب والرياضة وعلى رأسها الوزير عباد لا يعني مسئولية وزارته المباشرة عن نتائج المنتخب في ثلاث مباريات أو حتى عشر منافسات وإنما ينطلق من مسئولية الوزارة والوزير وإخفاقهما في إدارة الحركة الرياضية والإشراف على شئونها من ألفها إلى يائها، ذلك أن الوزارة هي الممول الرئيسي للأندية، والاتحادات وأنشطتهما السنوية بالمال والإمكانيات وهي الممول للبطولات والمسابقات الموسمية والدورية وهي الممول لإعداد المنتخبات الوطنية وتجهيزها لمختلف المشاركات والبطولات الإقليمية والدولية، حيث يفترض أن يكون الوزير وأركان وزارته قريبين جداً من القاعدة الرياضية المتمثلة في الأندية، والاتحادات وبرامج الأنشطة والفعاليات والمنافسات المحلية كجزء من مسئولياتهم في وضع الخطط والبرامج الموسمية، والإستراتيجية للنهوض بالرياضة وانتشال الأندية من واقع التخلف والعوز إلى حيث يمكنها القيام بدورها في تطوير الألعاب الرياضية وصقل مواهب الناشئين والشباب ورفع مستوى المسابقات والبطولات والفعاليات المحلية ورفد المنتخبات الوطنية بالمواهب والكفاءات الرياضية بالإضافة إلى تقديم الكوادر الرياضية المؤهلة والمجربة والمتخصصة للاتحادات الرياضية في مواسم انتخابها وإعادة تشكيلها.

نجاح خليجي 20 لا يعني شهادة نجاح للوزير والوزارة والحاصل أن نجاح اليمن في تنظيم استضافة خليجي 20 في عدن / وأبين لا يعني بأي حال من الأحوال نجاح وزارة الشباب والرياضة في إدارة الرياضية اليمنية ولا يجوز أن يعتقد الأخ الوزير حمود عباد أن نجاح (خليجي 20) شهادة نجاح مستحقة له ولقيادات الوزارة تخرس ألسنة المنتقدين أو المطالبين بمحاسبة الوزارة أو إقالة الوزير ومسئولي الوزارة أو تدعو إلى ابتعادهم أو إبعادهم، وتعتبرهم مجرد (معتوهين) لا يفقهون شيئاً مما يعلمه الوزير عن الرياضة وشئونها.

عذراً أيها الوزير المفوه.. لقد خانك التعبير وخانك التقدير فما دمت في منصب الوزير وحاملاً حقيبة الرياضة الوزارية فأنت تتحمل المسئولية ومن يتحمل المسئولية يتوجب عليه أن يفتح صدره للنقد ولا يصف منتقديه "بالمعتوهين".

تصريحات الوزير لمنتقديه، وموقعه من صانع القرار عذراً أيها الوزير قد تكون موهوباً في الخطابة وقد تمتلك من الإمكانيات والشروط لتولي منصبك ما ليس لنا به علم ويعلمه صاحب القرار الذي أوكل إليك المهمة أو المسئولية، ونحن هنا لا نعترض وإنما نسأل إذا كنت تصف منتقديك بالمعتوهين فماذا سيكون وصفك إذا ما أقدم صاحب القرار على إبعادك من منصبك الوزاري بالإقالة أو التغيير؟؟ عفواً معالي الوزير اعتذر مرة أخرى إن كنت أخطأت في تقدير ما ذهبت إليه في وصف منتقديك رغم قناعتي المطلقة أنك بذلك أخطأت خطأً لا يخطئ بمثله وزراء أقل منك ذكاءً ودونك ثقافة.. ربما يا معالي الوزير لا زلت تعتقد بأن منتقديك معارضون مارقون على غرار ما يحدث بين أحزاب المعارضة، والحزب الحاكم أو أنهم أقل عقلاً وشأناً وتأثيراً (معتوهون) حيث يجرؤون على انتقاد وزير مختص على خلفية حدث كبير بمستوى خليجي 20 ترغب في مصادرة نجاحه.

هكذا نجح اليمن ولم تنجح الوزارة

عذراً معالي الوزير.. إن نجاح خليجي 20 في اليمن أكبر من أن تدعي وزارتك الكسيحة أو بعض مسئوليها الموظفين بالأجر الإضافي لدى بعض الاتحادات الرياضية الفضل في نجاحه.

إن نجاح خليجي 20 ثمنه كان باهظاً.. 120 مليار ريال من مواردنا وأقواتنا.. وقيادة سياسية وجدت نفسها أمام تحدٍ سياسي، وأمني، واستحقاق وطني.. ذلك النجاح ثمنه جهود كبيره، وأموال غزيرة، وتحديات خطيرة.. لم ينجح (خليجي 20) لأن وزير الشباب والرياضة زار دول الخليج وسلم دعوات المشاركة لنظرائه أو لأنك شرحت لهم الترتيبات الرياضية والأمنية لاستضافة البطولة.. أو لأنك نقلت إليهم ضمانات الحكومة والدولة اليمنية بنجاح (خليجي 20) وإقامة منافساتها في أجواء مثاليه وحضور جماهيري غير مسبوق وليس لأنك ظهرت على شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد مدافعاً عن حق اليمن في استضافة البطولة وتبديد المخاوف لدى الأشقاء في دول الخليج العربية والعراق وترد على المتخوفين والمشككين والموتورين.. وليس لأنك حللت في عدن لأيام أو أسابيع تتابع وتشرف على ترتيبات استضافة البطولة على حساب الوقت الذي تخصصه لأسرتك وشئونك الخاصة، ونسيت أو تناسيت ما قام به الأخ الرئيس ونائبه ورئيس الوزراء وحشد من زملائك الوزراء والمسؤولين في الحكومة من جهود في متابعة الترتيبات لاستضافة البطولة والمكوث لأسابيع في عدن لهذا الغرض.

عذراً معالي الوزير فهذا واجبك وهذه مسئولياتك وهذا دورك باعتبارك وزيراً للرياضة ورئيساً للجنة تنظيم البطولة ولأنك مواطن يمني ولا يجوز تبطن مسئوليتك بالمن علينا وعلى بلدك.

اسمح لي معالي الوزير إن صارحتك بما أعتقد وأنت صديق عزيز.. فأنا أجزم تماماً بأن وزارتك الموقرة أكثر عجزاً من أن تستضيف بطولة خليجية لرياضة (المكفوفين) وذوي الاحتياجات الخاصة، ولو أن مهمة استضافة (خليجي 20) أوكلت إلى وزارتك لما تمت وإن تمت لما نجحت وإنما سيكون مردودها على اليمن على غرار ما حققه المنتخب الوطني من هزالة الأداء وضعف النتائج وسوء المنقلب.

وليس عيباً يا معالي الوزير أن تتواضع في تقبل أراء منتقديك من منطلق المسئولية الرسمية التي تفرض عليك تقبل الرأي الأخر دون ردعه أو قمعه إنما العيب إدعاء الكمال وانتقاص الآخرين.

وأسأل هنا الوزير عباد.. هل قرأت مبادرة سلفك وزير الدولة أمين العاصمة الأخ عبد الرحمن الأكوع للنهوض بالرياضة اليمنية التي نشرتها صحيفة "الرياضة" في عددها الأسبوع الماضي؟.

الوزير الأكوع نسي أنه كان وزيراً للرياضة ومسئولاً رفيعاً فيها لأكثر منة15 عاماً.. نسي أنه من غير اللائق أن يطلق هذه المبادرة في وجود زميل يدير الوزارة التي كان يديرها قبله.. ونسي أنه آخر من يحق له الحديث عن تطور الرياضة اليمنية التي تدهورت أثناء وجوده على أعلى هرم قيادتها وإدارة شئونها وكان عليه أن يؤدي دوره في تطويرها وتغيير واقعها المتردي.

الرياضة اليمنية بين فشل الخَلَف ومبادرات السَلَف نسي الوزير السلف كل ذلك وتذكر أنه أحق من غيره في إطلاق المبادرات لإنقاذ الرياضة من واقعها المرير الذي لم يكن أفضل حالاً حين كان هو وزيرها وحين غادرها تاركاً لخلفه مسئولية إكمال المشوار ويا له من مشوار !!!

أطلق الوزير السلف مبادرته لأنه ربما وصل إلى قناعة بأن الوزير الخلف فشل في الحفاظ على (انجازات) الوزير السلف.. ولأن الخلف لن يجرؤ على رد الصاع صاعين لسلفه ولاعتبارات غير خافية للعيان.. فهل يمكن للوزير عباد أن يصف سلفه "بالمعتوه" كما وصف منتقديه؟ أشك في ذلك.

ربما لدى الوزير الحالي حمود عباد قناعة بأنه ليس معنياً بتغيير حال الرياضة اليمنية الذي وجدها عليه خلال عهد سلفه غير أن هناك نقطة اختلاف بين الرجلين تصب في صالح الوزير الأكوع وتتمثل في أنه لم يكن ليقبل بقدوم هذا الحشد الهائل من الوكلاء والمسئولين التنفيذيين الدخلاء على الرياضة دون علمه أو دون طلب منه وعلى عكس الوزير عباد الذي يتقبل برحابة صدر التعيينات في مناصب الوظائف العليا في وزارته من خارج المؤسسة الرياضية بمجرد سماع القرارات في نشرة التاسعة مساءاً على الفضائية اليمنية.

ما أفسده الدهر لا تصلحه المبادرات!!

وفي هذا السياق كنت أتمنى على الأخ الوزير عبد الرحمن الأكوع أن يطلق مبادراته لجهة النهوض بالرياضة ويرعاها حين كان وزيراً في موقع الاختصاص والمسئولية لا أن يطلقها اليوم وكأنه الوصي عليها يدافع عن منجزات وانتصارات تحققت للرياضة في عهده وانهارت بعد مغادرته صحيح أن الأخ/ عبد الرحمن الأكوع يرأس اللجنة الأولمبية منذ كان وزيراً للشباب والرياضة وأعيد انتخابه مؤخراً لهذا المنصب وفق ترتيبات لا تزال مثيرة للجدل إلا أن اللجنة الأولمبية هي الأخرى لا تزال في حالة ركود وهي تعاني شرنقة التخبط بين ما يريده الوزير الخلف وما يهدف إليه الوزير السلف ولعلها تعيش أصعب مرحلة في تاريخها بعد أن وجدت نفسها بين سندان ومطرقة وزيرين خصوصاً في هذه المرحلة التي تخضع فيها الرياضة اليمنية لأكبر حملة تقييم ونقد على خلفية إخفاق المنتخب الوطني في خليجي 20 رغم هالة النجاح الذي حققه اليمن على صعيد تنظيم البطولة واستضافتها بصورة متميزة ذاع صيتها في الآفاق.

نفوذ الاتحاد فوق كل نفوذ!!

وبالعودة إلى بداية حديثنا اليوم فإن الاتحاد العام لكرة القدم هو المسؤول مسؤولية مباشرة عن إخفاق المنتخب الوطني في خليجي 20 وظهوره هزيلاً أداء ونتائج ودون المستوى الذي كنا نتطلع إليه، وعشمنا فيه مسؤولو الاتحاد وفي مقدمتهم رئيس الاتحاد أحمد العيسي الذي قال في تصريحات صحافية إبان البطولة، بأن الحكومة هي من صرفت على إعداد المنتخب لخليجي 20 بمبلغ يتجاوز ستة مليارات ريال بالعملة الصعبة.

ولأني أعرف العيسي وتربطني به صداقة جيدة منذ سنوات طويلة، فإني أشهد للرجل حبه للرياضة وحماسه في تقديم الدعم لعدد من الأندية والمنتخبات الوطنية من ماله الخاص قبل أن يتولى رئاسة الاتحاد، غير أن ذلك لا يعني تبرئة العيسي وطاقمه في قيادة الاتحاد من المسؤولية، خصوصاً وأن الفريق الذي يدير الاتحاد محسوب عليه بنسبة 100 في المئة هو من اختارهم وهو من وضعهم على لائحته الانتخابية قبل عدة أشهر، وهو من يعتمد عليهم بالمطلق في إدارة شؤون الاتحاد وتنفيذ المهام والمسؤوليات المنوطة به لجهة تطوير مستوى الكرة اليمنية وإعداد منتخباتنا الوطنية لخوض كل المنافسات والبطولات العربية، والقارية، والدولية.. كما أن العيسي يتمتع بنفوذ وعلاقات قوية ومؤثرة مع صناع القرار في الدولة وكل المسؤولين عن إدارة الحركة الرياضية في وزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية، بالإضافة إلى الشخصيات النافذة المؤثرة أو المساهمة في إدارة شؤون الرياضة من خارج مؤسساتها المختصة من خلف الكواليس.

مجرد موظفين لدى الاتحاد!!

كل تلك الأدوار وهذا النفوذ والتأثير لم يدخرها العيسي وتمكن من تسخيرها للحصول على مليارات الريالات من خزينة الدولة لصالح اتحاد الكرة ونشاطاته وإعداد منتخباته.. مليارات بالجملة لم يسبق لأي اتحاد رياضي أن حصل عليها من قبل، ناهيك عن أي اتحاد لكرة القدم في تاريخ الرياضة اليمنية.

ولم يقتصر دور ونفوذ أحمد العيسي على تسهيل حصول اتحاده على مليارات الريالات لتمويل نشاطه وبرامجه وتغطية إنفاق الاتحاد الباذخ على النثريات والمكافآت والعطايا، وإنما تمكن العيسي من تحويل معظم المسؤولين التنفيذيين في وزارة الشباب والرياضة إلى مجرد موظفين، إما متعاونين يغضون الطرف على صرفيات الاتحاد، وإما مشاركين في تسهيل حصول الاتحاد على كل ما يطلب، فيما البعض تم تعيينهم في لجان الاتحاد برواتب على شكل مكافآت في مقابل جهودهم في تسيير أعمال وأنشطة الاتحاد على مدار العام، وهنا تكمن الخطورة، فكيف يمكن لوزارة الشباب والرياضة أن تمارس دورها في الإشراف على اتحاد كرة القدم ومراقبة أوجه الإنفاق للمليارات التي تضخها من خزينة الدولة لتمويل نشاطاته ونفقاته.. هناك من يقول بأن اللجان التي تشكلها الوزارة لإعداد تقارير عن نشاطات الاتحاد وتقييمها بين حين وآخر، بالإضافة إلى التدقيق في أوجه الصرف والإنفاق وسلامة الإجراءات المالية، تحرص على إعداد تقاريرها تحت رعاية وإشراف رئيس الاتحاد وفريقه، ومن ثم يتوقف تقديمها على ضوء أخضر من قيادة الاتحاد.

فسروا لنا كيف عجزت 6 مليارات عن توفير ملابس المنتخب؟!

نحن هنا لا نطعن في ذمة رئيس الاتحاد –الذي حباه الله بالمال الوفير، باعتباره واحداً من أبرز رجال الأعمال الناجحين في البلد- ولا حتى أحد من أعضاء فريقه المخلص والمطيع.. غير أننا نسأل رئيس وأعضاء الاتحاد الموقرين تقديم تفسير لما قاله مدرب المنتخب الوطني الصربي ستريشكو في حوار مع صحيفة الرياضة الأسبوع الماضي، بأنه لم يحصل على ملابس واحتياجات لاعبي المنتخب إلا قبل أيام على انطلاق بطولة خليجي 20 في عدن.. وهنا أعود للتذكير بأن رئيس الاتحاد قال بأن إعداد المنتخب كلف خزينة الدولة نحو 6 مليارات ريال.. علماً بأن تكلفة شراء ملابس واحتياجات اللاعبين لا تكلف سوى بضعة ملايين من الريالات، وشكا المدرب الصربي بمرارة من سوء إدارة الاتحاد خلال فترة إعداد واستعداد المنتخب لخليجي 20، والتي سادها الانفلات وعدم السيطرة على معسكر المنتخب، وجعله مفتوحاً في عدن لكل من هب ودب، ناهيك عن تنقل المنتخب من فندق إلى آخر دون سابق ترتيب.

المدرب الصربي كشف المستور فأقالوه!!

وكشف المدرب الصربي (الذي أقاله الاتحاد الخميس الماضي) بأنه لم يتلق أي دعوة من قيادة الاتحاد للاستماع إلى ما لديه حول إخفاق المنتخب في خليجي 20، ولم يتم مناقشة تفاصيل ما جرى مع الجهاز الفني الذي يتولى رئاسته حتى موعد إجراء الحوار مع صحيفة "الرياضة"، حتى وجهة نظر الاتحاد حول بقائه من عدمها نفى علمه بها وقال: لم يحدثوني بشيء من هذا القبيل، ولم أتحدث إليهم بشيء مثله وما زلت منتظراً.

مسكين.. أربكوه بإحضار لاعبين مجنسين أفارقة لرفد خطوط المنتخب في الدفاع، والوسط، والهجوم، وحين أبلغوه بعد أن رتب تكتيكاته الكروية بأن اللجنة الفنية لبطولة خليجي 20 رفضت انضمام المجنسين، وزادوا في إرباكه حين اختاروا له البدلاء، وشعر بالإحباط حين أدرك بأن البدلاء غير مؤهلين لتنفيذ خطط اللعب التي أقرها، ووجد نفسه مضطراً لإبعاد اثنين من اللاعبين عن مقر إقامة المنتخب في عدن قبل أيام على انطلاق البطلة الخليجية لسوء سلوكهما.

وفي ضوء ما سبق.. ألا يحق لنا أن نسأل رئيس الاتحاد وطاقمه المطيع: كيف تردون على ما قاله المدرب الذي أقلتموه وجعلتموه "كبش محرقة" لسقوط منتخبنا المذل في خليجي 20 على أرضنا وبين ظهرانينا؟.. وأين صرفت مليارات الريالات؟ وكيف أنفقت على إعداد المنتخب في حين لم يتم توفير ملابس وتجهيزات اللاعبين للتدريب والبطولة إلا قبل أيام على انطلاقها؟!.. ومن المسؤول عن الانفلات الإداري واتخاذ قرارات التجنيس والاستبدال والاستحضار والمفاجآت غير المنطقية قبل وأثناء خوض المنتخب مباريات خليجي 20؟ ثم من المسؤول عن أدائه الهزيل، ونتائجه المخزية، وافتقاد لاعبيه لأبجديات أداء المنتخبات الوطنية على أرضها وبين جماهيرها؟

مسؤولية الاتحاد وعجز الوزارة

بالطبع الاتحاد العام لكرة القدم -رئيساً وأعضاء مكتب تنفيذي ومتعاونين ومساندين- هم من يتحمل المسؤولية، ولكن من يحاسب ومن يقدر على التقييم واتخاذ القرارات، بالطبع وزارة الشباب والرياضة ممثلة بالأخ الوزير وبقية المسؤولين في الوزارة الموقرة.

غير أن الحاصل هنا أن الأخ الوزير حمود عباد أو أياً من قيادات الوزارة لم يجرؤوا على تحميل الاتحاد العام لكرة القدم مسؤولية الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبها الاتحاد، بحكم اختصاصه وتندرج على سلم مسؤولياته وواجباته.

مدير مكتب رئيساً لرابطة المشجعين!!

الوزير الذي نعت منتقديه بـ"المعتوهين" لم ينتقد الاتحاد، والمسؤولين "الجياد" مشايخ وكبار الأعيان والوجاهات الاجتماعية في مفاصل الوزارة بكل تأكيد لن يقدم أي منهم على ارتكاب المحظور بتوجيه الانتقاد أو مجرد لوم الاتحاد الموقر، فهم مدينون "بالجمايل" والمصالح، وأقل واحد منهم عين مدير مكتبه رئيساً لرابطة مشجعي المنتخب، ولم يره أحد على مدرجات الجماهير، ناهيك عن كونه يفتقد إلى أبسط المعلومات عن كرة القدم أو نجوم المنتخب التي يمتلكها واحد من أبسط المشجعين ممن ذرفوا الدموع حسرة على ما قدم منتخبهم، في حين كان "زعيم" المشجعين يتسلم المخصصات المالية المرصودة لرابطة جماهير المنتخب بعد خروج المنتخب الوطني من خليجي 20 في عدن يجر ذيل الهزائم ولاعبوه منكسو الرؤوس خجلاً من خيبة ملايين الجماهير المصدومة بهم، وبوصمة العار الذي ألحقوه بصفائح آمالنا العريضة بعد أن تحولت إلى شيء من الإحباط واليأس والخوف من المستقبل.

 

لن نصفق ولن نصمت

هل بات علينا أن نصفق للوزير والوزارة وأن ننحني رافعين القبعات لاتحاد الكرة، وأن نرفع أيدينا شكراً لله الذي وهب لنا وزيراً ينعتنا بالمعتوهين إن انتقدناه، ووزارة بلا إرادة ولا شعور بالمسؤولية، واتحاد لكرة القدم ينفق المليارات من أقواتنا على إحباطنا وحسرتنا وخيبة آمالنا؟!

وهل من المنطق في شيء أن يمر حدث رياضي إقليمي بمستوى خليجي 20 استضافه اليمن لأول مرة في تاريخه دون تقييم ودون تشخيص الأسباب والمعطيات التي كشف عنها هذا الحدث الكبير لجهة واقع الرياضة اليمنية، حين أفرزت منتخباً هزيلاً ونتائج مخزية، أو ندع الحدث يمر هكذا دون تقييم الأخطاء، والتجاوزات، والإنفاق المالي الباهظ الذي حدث على خلفية استضافة البطولة لمجرد أن اليمن نجح في استضافتها عكس كل التوقعات؟!

بالطبع لا يمكن أن يمر هذا الحدث مرور الكرام دون محاسبة المقصرين، والمنتفعين، والفاسدين، ممن جعلوا من الحدث الخليجي الكبير فرصة لتوزيع المصالح وغنيمة يتقاسمونها فيما بينهم ثم يتقدمون الصفوف ملوحين في وجوهنا بشارات النصر والتفوق والنجاح.. بكل تأكيد لن يمر هذا الحدث ولا بد من تقييمه تقييماً شاملاً وشفافاً.. ولا بد أن يكون نجاح اليمن في تنظيم المونديال الخليجي منطلقاً لإعادة ترتيب المؤسسات الرياضية وفي مقدمتها وزارة الشباب والرياضية، وإصلاح الاختلالات وكف أيدي العابثين والفاسدين، وإبعاد الدخلاء على الرياضة ممن لهم بصمات سوداء على تدهور حالها وتراجع مستواها وغياب دورها وتهميش رسالتها الإنسانية والرياضية والوطنية، ولم يتحقق للرياضة على أيديهم سوى خيبة الآمال في كل نشاطاتها ومشاركاتها الداخلية، والخارجية، ولم يثمر وجودهم على واجهة المسؤولية في هذا المجال سوى استبعاد الكوادر الرياضية وتغييب الكفاءات الخبيرة والمجربة عن ميدانها ليخلو لأمثال هؤلاء المجال لمزيد من العبث والإخفاقات، والفساد، وارتكاب الأخطاء دون حسيب ورقيب.

آمالنا بيد الرئيس

ونحن هنا نعلق آمالاً عريضة على الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في تصويب مسار الحركة الرياضية اليمنية وإعادة الاعتبار لهذا القطاع الشبابي الحيوي الهام من خلال إعادة هيكلة وزارة الشباب والرياضة وإحداث تغيير في مفاصلها ومسؤولياتها، بما يمكنها من القيام بدورها في النهوض بالرياضة اليمنية لتواكب العصر وتلبي طموحات الجماهير، وتعيد لنا الأمل في مستقبل أفضل.. ولقد وجه الرئيس بعمل خطة لتطوير الرياضة اليمنية، ولكن من يعد الخطة ومن ينفذها في ظل وجود كل هذا الفساد في الجسد الرياضي المتهالك.

وفي هذا السياق أود التأكيد هنا بأن ما ذهبت إليه في الحديث عن واقع الرياضة اليمنية الأسبوع الماضي وفي مقال هذا الأسبوع إنما ينطلق من الحق في التعبير عن هموم الجماهير الرياضية العريضة في هذا البلد ومن مشاعر القلق الذي ينتابها على مستقبل هذا القطاع الحيوي الذي يعني الغالبية الكاسحة من الشباب ومن الأجيال الرياضية السابقة والقادمة.. كما أن الحديث المباشر عن الوزير عباد والوزير الأكوع ينطلق من طبيعة مسؤوليتهما الرسمية ومن الحق نفسه الذي جعل الوزير عباد ينعت منتقديه "بالمعتوهين" ودفع بالوزير الأكوع إلى إطلاق مبادرة لإصلاح حال الرياضة وتشخيص معاناتها وإخفاقاتها واقتراح خطوات لتغيير هذا الحال في عناوين صحافية عريضة.

وبالتالي منحت نفس الحق في الإدلاء بدلوي من منطلق واجبي المهني كصحافي تدرج على سلم هذه المهنة من ملاعب وميادين الرياضة منذ نحو ربع قرن وربطتني بها علاقة أزلية مشبوبة بالقلق حيناً وبالزهو حيناً وبالعاطفة أحياناً كثيرة.

دعوة مفتوحة!!

وحيث أعتقد بأنه ليس من حق الفاشلين أن يوهمونا بمنجزات ونجاحات حققوها أو أن من حقهم وحدهم تصويب الأخطاء التي ارتكبت بحق الرياضة على أيديهم فإنني أوجه دعوة مفتوحة لكل القيادات الرياضية والشخصيات القريبة أو المحسوبة على الرياضية اليمنية أو الغيورة عليها إلى الإدلاء برأيهم وطرح وجهة نظرهم بكل شجاعة وشفافية ونعدهم بأننا على استعداد كامل لنشرها على صفحات جريدة "الغد" لتكون في متناول الجميع انطلاقاً من إيماننا المطلق بحق التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر دون إسفاف أو تعريض.

fmukaram@gmail.com