بتليت الدولة اليمنية ومنذ نشأتها بالفقر والجهل وسوء إدارة المصادر الطبيعية للدولة وما صاحبه من تسلط عائلي وظلم اجتماعي تحت ذريعة السلطات الدينية ونسب الرسول الشريف، والقرآن الكريم يقول «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، ومارست أسر التسلط الكهنوتي في نظام شبيه بنظام ملالي إيران أسوأ أنواع التسلط الإداري الحكومي للإقليم وللشعب اليمني مما نتج عنه الاحتجاجات والثورات.
بما أن اليمن وشعبه معظمه من أصول قبلية فإن القبيلة تلعب دورا مؤثرا سابقا وحاليا، حيث تشكل القبيلة الدرع الحصين لأبنائها بدلاً من الدولة، كما أصبح لشيوخ القبائل دور مؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية والأمنية في الإقليم اليمني وخصوصا في الشطر الشمالي منه، ونتيجة للانقلابات العسكرية وتنازع النفوذ في المؤسسات العسكرية المدعومة بالخلفية القبلية والمناطقية أصبح كل رئيس في اليمن يحاول الدخول في الحياة العصرية عبر الملابس الحديثة والخطابات الرنانة وبعقلية متخلفة ترجع إلى القرن السابع عشر، وظهرت في اليمن الشمالي الأكثر سكانا من شقيقه الجنوبي بعد الثورات الهيمنة العائلية والقبلية على مقدرات الدولة والجيش والمحافظات.
حيث مارس الرئيس المخلوع علي صالح وخلال 34 سنة فن التلاعب بمقدرات الشعب اليمني وجعل اليمن مزيجا من الحزبية القبلية المناطقية القائمة على شراء الولاءات لبعض شيوخ القبائل وبعض الشخصيات النافذة في الحياة اليمنية، وأصبح المال وشراء الذمم هو قانون العلاقات المحلي الذي ينظم العلاقة بين الدولة والمحافظة والقبيلة، وها هي نتيجة أعمال علي صالح يحصدها اليمن الذي أصبح مرتعاً للفساد وتسلط الجهال ومكانا للفقر في معظم محافظاته إلى أن وصل معدل خط الفقر في الدولة اليمنية إلى 70% من تعداد السكان، وأصبح حمل السلاح بدلاً من القلم والكتاب شعارا للفخر والمباهاة، وأصبحت مقدرات الدولة والشعب اليمني منهوبة من فئة جاهلة محتكرة، وأصبحت الثروة في يد بعض العائلات المحدودة مما قاد اليمن إلى الفساد والفوضى والمحسوبية، فنشأت الثورة ضد علي صالح وقادها إخوان الشياطين في دعوات ظاهرها الرحمة وباطنها الاستبداد والتفرد بالسلطة والحزبية الضيقة، ونشأ صدام الثورتين بين الطامعين في السلطة والمعزولين منها، ونشأ الصراع بين فساد الماضي الذي يقوده علي صالح وتحالفه مع الحوثي عدو الماضي الطامح للسلطة تحت ذريعة الحق الإلهي المدعوم من إيران وبين فساد الثورة التي أفرزها الخريف العربي، فكانت النتيجة الفشل اليمني للمرة الثانية وتضرر الشعب اليمني وظهر الجنوب مطالبا بعودة دولته التي التهمتها وحدة علي صالح وسالم البيض، ودخل الإرهاب بوجهه القبيح، وتدخلت إيران كعادتها في المنطقة العربية لنشر مشروع الفوضى والفتنة الطائفية.
ما هو الحل مع اليمن وكيف ننتشله من مستنقع الفساد والطائفية والفتنة؟ تقوم دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً السعودية والإمارات بدور إنساني رائع لمساعدة الإنسان اليمني على النهوض من كبواته وغدر قياداته وفساد بعض أبنائه عبر المشاريع الإنسانية والدعم المالي وترميم البنية التحتية الاقتصادية ولكن الدور الرئيسي هو قيام أبناء اليمن بدورهم المطلوب وهو كسر احتكار السلطة ومحاربة الفساد وجعل القبيلة تحت راية الدولة والوطن.
نحن في الخليج العربي نتمنى أن نرى اليمن حراً عربياً مندمجاً مع دول مجلس التعاون الخليجي متوفراً لشعبه الوظائف والدخل المرتفع والتعليم المستمر والصحة الجيدة والاستقرار الأمني والسياسي ليكون عمقاً استراتيجياًلدول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التحديات المقبلة.