في شمال أو جنوب هناك فئة مسيرة أو مشفرة , متأثرة أو متآمرة , من قام منهم أو جلس قال الإصلاح هو سبب تردي الأوضاع . ومن حك رأسه عاجزا قال الإصلاح هم سبب ظلم الجنوب . ومن تأفف فاشلا قال الإصلاح هم سبب أزمة الوقود والكهرباء والغلاء . ومن زمجر منافقا قال الإصلاح هم سبب تفلت الأمن والقانون . ومن خنع مُستعبدا قال الإصلاح هم .. وهم .. سبب كل آفة ! حتى حمى الضنك أنا متأكد أن لهم يدا في انتشارها !.
كلام مثل هذا نسمعه ونقرأه بكثرة وينشره العوام سريعا . ومن كثرة ترديده فقد مصداقيته . وأحببت أن أبين ماوصلت له هذه الظاهرة من الرفض , وذلك بحكايا من أشباهها بنوع من الفكاهة الهادفة . لعل الرسالة تصل إلى الطباخ فيعلم أن طبخته أضحت نتنة ونتائجها عكسية . علما أنني أتحدث عن ظاهرة عامة منتشرة , لا عن أشخاص أو مكونات .
ـ واحد بنشرت سيارته , وأخذ يغير الكفر وهو يردد كله منهم .. كله منهم !. ومر به صاحب له , فقال سلامات !. فرد غاضبا . كله منهم . فقال صاحبه : ومن هم !. فقال : ومن غيرهم .. أصحاب الإصلاح .! ـ حرام عليك أيش دخلهم . ـ عادك تقول لي أيش دخلهم !! شفنا باأكرهك وباأدخلك معاهم خانة ال هااااه !. هيا شف أيش اللي قرح التاير , مسمار صُلب . قل لي من غيرهم صُلب ومساميرهم مثلهم صُلب . كن أفهم , ولا تخليناش أكرهك ! إنتهى الفلم . بااااي .
ـ واحد ليلة الجمعة حب يعمل الواجب , يغسل ويغتسل . بس اللياقة ماكانتش في المستوى . وأخذ يفكر كيف يطلع من الإحراج , فقال لنفسه مافيش غيرهم , قد كل شي يركب عليهم . فقال للمسكينة : كله من صاحب البوفية الإصلاحي اللي تحت . أكيد عمل لي حاجة في الليم اللي شربته عنده بعد العشِاء . بكره باأرويه شغله أبو لحية برتقالي . فأعطته الزوجة ظهرها ولسان حالها يقول بحسرة : بلا هلس .. لا تحملش عجزك الإصلاحي .. أنت اللي بندقك كردااحي .
ـ شاب من بعد العصر يجلب ( يصيد ) سمكا . وقضى وقتا دون نجاح . وأقبل رجل وجلس قريبا منه يراقبه بتمعن . ثم قال له : اليوم شف مالك صيد هنا !. فقال الشاب : ليش تقول كذا ؟ قال : أصلا شفت واحد إصلاحي يتوضأ العصر من هنا , وأكيد خمج البحر ! والسمك هرب تحت !. لملم الشاب وتر صيده وحمل كيس عدته وغادر المكان . وبعد لحظات أخرج الرجل من كيس بجواره عدته الخاصة , وأخذ في صيد السمك . ومع أول سمكة صادها ابتسم بخبث قائلا : مليان ناس تصدق المستحيل , أهم شي يكون فيه ذم للإصلاح . ياجماعة الخير .. حد بعقله يصدق إن البحر يتخمج .
ـ جلست جارتان قرب المغرب على فناء بيت أحدهما . فقالت صاحبة البيت : ـ أووف شفتي على حر والكهرباء مافيش . فقالت الجارة : ـ كله منهم شفطوا الهواء وخلو حياتنا ظلمة . ـ وكمان الغاز والوقود معدوم . ـ منهم لله سرقوا كل شيء . ـ ورصاص وقوارح ومافيش أمان . ـ وعادهم يقولوا إنهم مطاوعة . فقالت صاحبة البيت : من هم ذولاء اللي وانتِ من أول تحشكي لهم كل مصيبة ؟. قالت الجارة : هم ومن في غيرهم !. أصحاب الإصلاح , حزب الأوساخ على ما يقولوا أصحابنا . ـ بس ذولاء مش ماسكين البلاد . كيف نعلق الحبل برقبتهم وهم مالهمش دخل . ـ أقول لك هم السبب ياهبلا .. معاهم خلايا راقدة . فقالت صاحبة البيت ساخرة : كل ذا وهي راقدة .! كيف لو قامت .! الكلام ذا مش داخل دماغي . معانا عقل وسمع وبصر . ليش الظلم . وهم مش ملائكة ولهم أخطاء وقصور , لكن مش كل حاجة إلى ظهورهم . قالت الجارة : أيوووه شكلك اليوم إصلاحية !. ـ لا ياحبيبتي , بس كل شي وله حدود , أصحابنا زيدوا بها حبتين , على الطلعة والنزلة الإصلاح .. الإصلاح . وتشتي الصراحة .. ياخوفي تطلع الخلايا من بابنا وداخل . فقالت جارتها وهي تنصرف : على كيفك ! أما أنا من صدق .. أي حاجة عليهم تكيفني تمام التمام !. خاطرك يا خووونجية .