أجدها مناسبة عزيزة عليّ مع اقتراب الذكرى 77 لميلاد الشهيد عشيش في 22 من نوفمبر ، لأطرح بعض مما فاض به القلب من تداعيات ما بعد رحيله ، من فقد وحرمان ، ومعاناة سببها جحود أقرب الأصدقاء إليه ، وتجاهل الإعلام لدوره في مرحلة النضال والاستقلال وما بعد الاستقلال حتى استشهاده في حرب 86 الغاشمة.
لا يخفى علي كل من عاصر مرحلة الثورة والنضال والتحرر، من هو محمود عشيش، حياته النضالية ،استبساله ، واستشهاده في ساحة الشرف .. ويحضرني هنا قول "العزيزة سعاد العلس ريم البان" في وصف الوالد الشهيد
"هناك تاريخ لا يذبل ، لم يكن عشيش في ذاكرة الزمن مجرد صور أضحت في أرشيف السنين محض ذكرى, لكنه عمر من الجهاد تزهر صفحاته بالمواقف الموشومة بالعطاء والبذل , مواقف لم ترحل برحيله / رحمه الله , فقد كان سامقا في حياته ، شاهقا برحيله"
لكني في ذات الوقت أتساءل لماذا لم يراود كثير من الناس هذا السؤال..
ألم يكن الشهيد محمود عشيش من قيادات الصفوف الأولى في الجبهة القومية ،ومن ثم مرحلة ما بعد الاستقلال ؟.. وكيف تراجعت مناصبه القيادية ؟ وهو الذي أفنى حياته في خدمة الثورة والوطن إلى يوم سقوطه متقلدا منصب وزير الدولة لشؤون الوحدة اليمنية..
لماذا هذا التجاهل الإعلامي للشهيد محمود عشيش؟؟؟
لذلك سأختصر الجواب في جملة واحدة : محمود عشيش لم يتمترس وراء قبيلة ولا منطقة ولم يسعَ للمّ ذوي القربى والمنطقة من حوله فمن الطبيعي أن يُهضم حقه ويعتم تاريخه النضالي ..
أضف إلى ذلك، رفاقه - الذي حرص إلى آخر لحظة في حياته وعساكر المشنقة في انتظاره- على التواصل معهم وإنقاذهم من الموت... هم أيضا لم يذكروه بكلمة واحدة، ورأينا كل منهم يجتهد في تلميع نفسه وأبناء قبيلته.. لذلك لا غرابة أن يكون هذا أيضا حال الإعلامي اليوم ،إعلاميو اليوم الذين عزفوا عن قراءة التاريخ واتجهوا لإرضاء ذوي النفوذ السلطوية وموميات السياسة.
لم يعد الكاتب يكتب للحقيقة والأمانة التاريخية بقدر ما يكتب للعائد النفعي المادي أو لتمرير مصالح شخصية، أو لتحقيق انتشاء في نفسه حين يرى لهاث أبناء الشهداء خلفه ، كي ينتزعوا منه كلمة حق يفترض أن يمليها عليه الضمير المهني والإنساني .
ومع ذلك أقول نحن اليوم في عصر الشفافية والتواصل الاجتماعي وعجلة الأيام تسير إلى الأمام ، ولابد أن يأتي يوم ينتصر فيه التاريخ لمحمود عشيش ، وإن لم يسعدني الحظ لأن أكون حاضرة في ذلك اليوم .. فها أنا أقول كلمتي اليوم... وأمضي.