توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية بسبب موقف ترامب وهاريس من غزة.. الناخب المسلم أمام خيارين ''كلاهما مُر'' ترامب أم هاربس؟ شارك في توقع من سيفوز برئاسة أميركا عاجل: بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن الانتخابات الأمريكية.. النتائج النهائية قد تستغرق أياماً للإعلان عنها وهذا ما يحتاجه المرشح من أصوات المجمع الإنتخابي ليصبح رئيساً جلسة لمجلس الأمن اليوم بشأن اليمن تناقش نظام العقوبات التي تنتهي منتصف هذا الشهر اسماء الأحزاب والمكونات السياسية في التكتل السياسي الجديد برئاسة بن دغر وموعد الإشهار تعرف على أول قمر اصطناعي خشبي في العالم تُطلقه اليابان إلى الفضاء قرارات حوثية جديدة على محال الإنترنت في صنعاء إعلان نتيجة أول اقتراع في انتخابات الرئاسة الأميركية
في منتصف القرن الماضي (القرن العشرين) أشعل شابٌ في العشرينات من عمره ثورة الشعب التونسي ضد المستعمر بإطلاق قصيدة شعرية ألهبت الحماس في نفوس المجاهدين ليس في تونس فحسب بل وفي جميع أرجاء الوطن العربي الكبير الذي كان يرزح تحت الاستعمار الثلاثي البغيض (البريطاني ، الفرنسي ، الإيطالي).
كان ذلك الشاب هو الشاعر "أبو القاسم الشابي" وكانت أبرز أبيات القصيدة الحماسية تقول :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد للظلم أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
وكما سجل التاريخ للشابي سيسجل التأريخ أيضاً أن شاباً بسيطاً في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ممن اكتوى بسياط الدكتاتورية قد أشعل ثورة الشعب التونسي ضد الاستبداد والدكتاتورية والفساد والتوريث والاستئثار بإشعال النار في جسده احتجاجاً على الظلم والفساد والبطالة والفقر أمام الجماهير التي لفها الصمت ، فحطم بهذا الصنيع حاجز الخوف الذي حال دون التغيير ، فهبت الجماهير هبة رجل واحد في كل مدن تونس وقراها ترفع شعاراً واحداً وتهتف هتافاً واحداً حتى تحقق للشعب التونسي ما أراد في أقل من شهر منذ بدء الثورة المجيدة التي قدمت أكثر من ستين شهيداً من أبناء الشعب التونسي ، هؤلاء الشهداء العظام الذين يجب على الشعب التونسي في مرحلته الجديدة أن يضع لكل شهيدٍ منهم نصباً تذكارياً بجوار النصب التذكاري لأبي القاسم الشابي رحمه الله ، وأن يضع عربة خضار الشاب (محمد البوعزيزي) في واجهة المتحف الوطني باعتبارها أداة الثورة التونسية الحديثة .
لقد أثبت الشعب التونسي خطأ الاعتقاد بسلبية الجماهير العربية ، وقد أصبح ترديد هذا الاعتقاد سلبية بحد ذاته.
عندما بدأت الثورة التونسية خرج البائد (بن علي) محذراً يقول إنها أعمال تخريب تحركها أصابع خارجية ، فأخرج لشعبه العصا وأطلق يد الأمن والجيش ليقتلوا ويسفكوا الدماء .. ولكن الثورة استمرت غير آبهة بتصريحات (بن علي) ولا عصاه الغليظة .
بعدها أقال (بن علي) وزير داخليتة ، وشكل لجنة لدراسة الأوضاع الاجتماعية التي أدت إلى اندلاع ثورة الجماهير التونسية، وأقال اثنين من أقرب مستشاريه .. ولكن الثورة استمرت غير مقتنعةٍ بهذه الإجراءات الشكلية.
بعدها خرج (بن علي) في خطاب تأريخي أمام مجلسي النواب والمستشارين ليعلن صراحة أنه كان ضحية لمغالطات من حوله ، وتعهد بعدم الترشح لولاية جديدة عام 2014م ، وأن لا رئاسة مدى الحياة ، وأعلن عن تشكيل لجنة خاصة مستقلة للتحقيق في الفساد ، وأعلن في خطابه متودداً ومستعطفاً (لقد فهمتكم) ، ولكنه كان غبياً بما يكفي لعدم فهم مطالب الجماهير الثائرة .. لكن هذا الخطاب المتباكي لم ينطل على الجماهير الثائرة فاستمرت في ثورتها وهيجانها حتى أطاحت بالدكتاتور بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة من الخطاب الاستعطافي .
وهاهو الطاغية وزمرته وأسرته يفرون إلى خارج تونس بعد قبضة حديدية استمرت ثلاثة وعشرين عاماً صودرت فيها الحريات وكممت فيها الأفواه ، واعتدي فيها على الأعراض ، واستؤثر فيها بالسلطة ، ونهبت فيها الثروة .
إنها حقاً ثورة القرن ، التي بدأت في تونس وستنتهي بإسقاط معاقل أخرى للاستبداد والدكتاتورية في مصر والجزائر واليمن وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان التي تتحفز فيها الجماهير لهبة مماثلة لهبة الشعب التونسي .
وإنها رسالة إلى كل الطغاة : لن تستمروا ، فارحلوا طواعيةً .. قبل تُرحّلوا قسراً تحت أقدام شعوبكم المطحونة !!
فشكراً للشعب التونسي العظيم الذي أعاد الأمل إلى نفوس الأمة العربية بإمكانية التغيير .. شكراً لهذا الشعب الذي أثبت أن الحرية ليست مجرد استجداءٍ أو مطالبة .. بل تنتزع بالقوة انتزاعاً (وللحرية الحمراء بابٌ .... بكل يدٍ مضرجةٍ يُدقُ) .
ورحم الله أبا القاسم الشابي الذي لا زالت أبياته الحماسية يتردد صداها على مدى الزمان.
وغفر الله لذلك الشاب (محمد البوعزيزي) الذي أشعل ثورة القرن ضد الاستبداد والظلم والدكتاتورية .