آخر الاخبار

رمضان في مناطق الحوثي .. من أجواء روحانية إلى موسم للقمع الطائفي والتلقين السياسي.. شوارع تعج بالمتسولين وأزقة تمتلئ بالجواسيس العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران اللجنة العليا للحج تؤكد على استكمال إجراءات السداد وتحويل المبالغ لضمان جاهزية الموسم مقاومة قبيلة أرحب تدعو المجلس الرئاسي إلى اتخاذ قرار الحسم وتمويل معركة الخلاص وتعلن.جاهزيتها العالية لرفد الجبهات بكافة سبل الدعم وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه حنين اليمنيين يتجدد كل رمضان للراحل يحيى علاو وبرنامج ''فرسان الميدان'' عاجل: الدفاع الأمريكية تعلن مقتل عشرات القادة الحوثيين بينهم عسكريين وتكشف حصيلة ''الموجة الأولى'' من ضرباتها وعدد الأهداف التي قصفتها الرئيس اليمني يدعو المجتمع الدولي لمعاقبة الحوثيين كما فعلت أمريكا ويتحدث عن السبيل الوحيد لإنهاء التهديدات الإرهـ.ابية ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة ويحملها مسؤولية هجمات الحوثيين عاجل: أمريكا تكشف متى ستتوقف ضرباتها ضد الحوثيين

لماذا يتفاءل التونسيون ويتشاءم المصريون؟
بقلم/ ياسر ابو هلالة
نشر منذ: 5 سنوات و 3 أسابيع و 4 أيام
الخميس 20 فبراير-شباط 2020 05:26 م
 

في عز الأزمة السياسية في تونس، إذ تفشل للمرة الثانية محاولات تشكيل الحكومة، وتستعد البلاد لانتخابات مبكرة، إذا استمر الوضع كذلك، جاءت نتائج المسح الذي أجراه مركز زغبي الأميركي للأبحاث لتظهر تفاؤلاً مفاجئاً للتونسيين في السنوات الخمس المقبلة، وتقويماً إيجابياً للسنوات المنصرمة، على الرغم مما شهدته من تجاذب سياسي وتراجع اقتصادي. وهو ما يعكس نضجاً في فهم المخاض التاريخي الذي شهدته بلادهم، وتحملاً لآلامه، واستبشاراً بمآله. وهو ما عبّر عنه التونسيون بشكل عملي في الانتخابات الرئاسية والنيابية. وهذا يحمل رسالة، تتجاوز حدود تونس إلى العالم العربي، فأهل الربيع العربي فرحون بحالهم مستبشرون بمستقبلهم، على خلاف أهل الثورة المضادة في مصر الذين أظهرت الأرقام حزناً على حالهم وتشاؤماً بمآلهم. أظهر الاستطلاع نتائج معكوسة بين مصر وتونس. يرى 20% في مصر أن حال بلادهم سيصبح أفضل في السنوات الخمس المقبلة، مقابل 40% يرونه سيسوء أكثر، وهو عكس تونس، إذ يرى نحو النصف (50%) أن حالها سيكون أفضل مقابل أن نصفهم يرونها أسوأ. وكذلك أجابت الأكثرية في مصر أو نحو 50%، أن أحوال بلدهم لا يرونها أفضل مما كانت عليه قبل خمس سنوات، على عكس التوانسة الذين ترى أكثريتهم أن بلدهم أفضل حالاً.

شاهدت ذلك في آخر زيارة لتونس، فشباب الثورة اكتهلوا أمام تحدّيات الدولة، ونضجوا في مواجهة الواقع. الثورة بالنسبة إليهم ذاكرة جميلة تؤنس وحشة الواقع، وهي لا تحمل حلولاً سحرية، غير أنهم راضون بما حقّقوا، لا خوف ولا قمع، يغيرون الرؤساء والحكومات، مثل أي بلد متقدّم. يتعثر نتنياهو في تشكيل الحكومة، هل هزمت دولة الاحتلال؟ أبو مازن ثابت ولا يتغير ولا يتعثر، فهل انتصر؟ تونس مثل أي بلد طبيعي تعبّر عن انقساماتها بصناديق الاقتراع، وتتوافق بناءً على حوارات وصفقات وليس إملاءات. غير الطبيعي هو العالم العربي!

تعكس مسوحات الرأي العام والاستطلاعات مؤشراتٍ وانطباعاتٍ لا وقائع وحقائق. وفي النهاية "الانطباع أهم من الحقيقة"، مع أن الحقيقة مهمة أيضاً. ومؤسسة زغبي ذات صدقية ومكانة في هذا المجال، وأرقامها في استطلاعها الجديد مفيدة في فهم العالم العربي، عموماً. وهي تعكس واقعاً عربياً على رداءته يفهم الأحداث بشكل عقلاني واقعي. واللافت أن الاستطلاعات، سواء من جهات أكاديمية أو مسيسة، وحتى الصهيوني منها، تقرّ ضمناً، حتى اليوم، بوجود عالم عربي، على الرغم من انهيار نظامه الرسمي، والفوضى والانقسام على مستوى شعبي.

تتشاءم مصر، لأنها، في العقد الأخير، جرّت العالم العربي إلى الخلف، بعد أن دفعته تونس، البلد الصغير الفقير، إلى الأمام. من بلدٍ قائد إلى بلدٍ تابع يمد يد السؤال إلى السعودية والإمارات ويستجدي دعم نتنياهو وترامب، مقدّماً كل التنازلات عن ثوابته القومية والوطنية. لم يبدأ التنازل في صفقة ترامب نتنياهو لإنهاء القضية الفلسطينية، سبقته تنازلات للسعودية في جزيرتي تيران وصنافير، ولإثيوبيا في سد النهضة. في المقابل، تحولت بندقية للإيجار، تستخدمها الإمارات والسعودية في ليبيا وغيرها. وفي ظل انهيار اقتصادي واجتماعي يتواصل القمع السياسي بسادية غير مسبوقة، من قتل الرئيس المنتخب في المحكمة، إلى اختفاء المئات واعتقال أي معارض مهما خفت صوته وكان انتماؤه، حتى ممن أيّدوا عبد الفتاح السيسي وعادَوا الإخوان المسلمين. وضاق الإعلام بغير المطبّلين.

تتفاءل تونس، فالبلد الفقير الصغير لم يثر حتى يصبح بثراء الإمارات. والتونسي يعلم أن بلده محدود الموارد المادية، ولن تتضاعف لأنه قدم للدنيا "الربيع العربي". ويدرك أيضاً أن كلفة الحرية والكرامة لا تنتهي بالشهداء الذين سقطوا بقناصة بن علي، بل هي كلفةٌ يوميةٌ من خلال استهداف الثورة المضادة للبلد الصغير، الكبير بمواقفه وتحوّله التاريخي. لكنه ظل قابضاً على جمر الكرامة والحرية، وهو يرى ما حل بالمصري الذي تضاعف فقره بالثورة المضادّة، وخسر ما حصل عليه من حرية وكرامة بعد ثورة يناير.