الخيانة.. الفاطميون بالأمس والمفطومون اليوم
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 4 سنوات و شهرين و 8 أيام
الإثنين 24 أغسطس-آب 2020 07:13 م


- بالأمس لم ينس الشيعةُ أنَّ صلاحَ الدين الأيوبي هو من دَكَّ دولتَهم الفاطمية في مصرَ ، ومَكَّنَ للسُنةِ من جديد ، لذلك حاولوا مراراً الفتكَ به كي يستعيدوا الحكمَ . ولنجاحِ مخططهم كاتبوا الفرنجَ مستعينين بهم لتحقيق تأمرهم التدميري الضالِ .
- واليوم يقوم المتلبسون زوراً بالسُنَّة ببناءِ دويلاتهم ، وترسيخِ نظامِهم ، وتثبيت حكمهم ، عبر خذلانِ أمتهم ، وخيانة دينِهم ، والفتك بالمسلمين ، وتفريق كلمتهم وتمزيق صفهم ، دون حاجة ملحةٍ لمكاتبة النصارى واليهود واللادينيين . فهم قد أصبحوا كيانا واحدا ومنظومة موحدة ، يخططون شرا ، وينسقون مكرا ، وينفذون قتلا وتدميرا . بل إنَّهم أشدُ خصومةً للإسلام من خصومه التقليديين ، وأنكأُ قهرا بالمسلمين من أعدائه المجرمين . لقد فاقوا الفاطميين تآمرا وخيانةً . وكيف لا يكونوا كذلك ، وهم لم يتموا الرضاعةَ الواقيةَ من فيروسِ الخيانة والوضاعةِ .
- بالأمس وفي سنة 569هـ ، اجتمع فاطميون على إقامة رجلٍ من أولاد العاضد – آخر خليفة فاطمي بمصر – وكاتبوا الفرنجَ ، ولكن أحدَهم وشى بهم إلى السلطان ، مقابل مال له ، فأُجيب إلى ذلك ، وأُحيط بهم .
- واليوم يعيدُ المفطومون الكَرَّةَ ، يبحثون عمن يكون له حضورٌ وشهرة ، أو نسب وحسبٌ ، فيسبغون عليه هالةً إعلاميةً ، تفخيما وطنيا وتعظيما قوميا ، ويصنعون منه رمزا قياديا ، وأملا شعبيا ، ويجمعون حوله من قد رتبوا أمورَهم معهم ، في واجهة سياسيةٍ جماهيريةٍ معلنةً ، ظاهرُها أنها تَقودُ للحرية ، وباطنُها أنها تُقَادُ للعبودية . وقريبا سيبيعُهم القائد ويتخلى عنهم الداعمُ في مقايضةٍ سياسية رخيصةٍ .
- بالأمس واصل الفاطميون سعيَهم للفتك بصلاح الدين وتحجيم دوره . عبر سلسلة من تمرد الولاة ، وبذلوا أموالاً جزيلةً لضم من يهوون هواهم ، فقتلوا عددا من أمراء صلاح الدين . ولم يتوان السلطان عن دحرهم في كل مرة ، ولكن ترتب على هذه المؤامراتِ أنِ استفحلَ خطرُ الفرنجةِ في الشام ، وكلما عزم صلاحُ الدين على التوجه إليهم ، كانت خيانةُ الشيعة بمصرَ أهمَ عائقٍ أمامه .
- واليوم يتكرر نمطُ هذه التمردات داخليا ، عبر تشكيل فرق عسكرية ومليشيات أمنية ، وبذل الأموال الطائلة في تدريبها وتوفير اسلحتها ودفع رواتبها ورغد عيشها .ثم تحريكهم هنا وهناك حسب المخطط ، لاثارة نوازع الفتن وتصفية الخصوم ، وفتح جبهات مضادة جانبية ، تشتيتا للقوات وللضغط على جهة محددة للتنازل والخضوع لهم ، أو لمنعهم من التقدم نحو العدو الأساس ، وإزالة كل عائق في درب مخطط تآمرهم الخبيث .
- بالأمس حين مات السلطانُ نورُ الدين محمود بن زنكي ، تضعضعت أركانُ الدولة في الشام وأُخيف سكانُها واختلف حكامُها . فتوجه لها صلاحُ الدين ، ودخل دمشقَ ، ثم نهض نحو حلب فورا . وهنا نزغ الشيطانُ الإنسيُ في خاطر ابن الملك نور الدين محمود على قتال صلاح الدين ، فأجابه أهلُ البلدِ ، وشرط عليه الروافضُ منهم أن يُعَاد الأذانُ بحي على خير العمل ، وأن يذكر أسماء الأئمة ال ( 12 ) بين يدي الجنائز ، وأن يكبروا على الجنازة خمسًا ، وغيرها من الشروط التي تخدم فكرهم الطائفي ، فأجيبوا إلى ذلك كله . ولكنهم عند المواجهة عجزوا ، ثم هُزِموا شر هزيمة .
- واليوم يستغل المفطومون أي تضعضع أو نزاع في أي بلد لهم فيه مطامع ومصالح ، فيبادرون للوصول إليه عبر غطاء سياسي أو عسكري ، أو عبر منظمات إنسانية وخيرية ، وهناك يبدأ تنفيذُ مخططهم ، بتجنيد وتشكيل وصقل كل ما يحتاجونه من التوابع البشرية ، سياسيا وعسكريا وإعلاميا وغيرها . ومن هنا يملون شروطَهم على الجهات الوطنية الأخرى ، وهي في مجملها شروطٌ تخدم رسالةَ فكرهم وأهدافَ مخططهم ، فإن أُجِيبت مطالبُهم ، وإلا حركوا القطعَ المجندةَ والأحجارَ المصقولة نحو التمرد والتمددِ ، والعنفِ والفتن . لقد كان حجمُ الخيانةِ ومخططُها عظيما وكبيرا ، ولكن اللهَ مَنَّ عليهم بالثبات والإقدام ومَكَّنَ لهم . تمكينٌ جاء بعد تضحيات ومواجهات حاسمة في الميدان لا في الديوان ، عسكريا وسياسيا وإعلاميا واقتصاديا واجتماعيا ، مواجهات لا تضعضع فيها ولا انهزام ، ولا تنازل ولا استسلام ، ولا بلاغات وثرثرة كلام .