نحن ثورة شعب ولسنا حزبا سياسيا . هكذا كانت تردد حناجر الناشطين والشاخطين في الحراك . ولكن هاكرز المؤتمر استطاع أن يخترق سابقا نظام الحراك الخالي من جدار الحماية ، وأن يلج ثورة الشعب في إيرة السياسة ويخضعها لخيط أحكامها وحبال ألاعيبها . لقد زرع جناح ( صالح ) في صفوف الحراك كوادر من أعضاءه وقياداته الجنوبية . واستطاعوا إبعاد أصحاب المواقف الصادقة والنضال الجاد عن الصف الأمامي ليتصدروا القيادة , فتم لهم توجيه السير بما يخدم أهدافا بعيدة المدى لمكونهم الأم .
اليوم بدأ الحراك صاحب المطالب الوطنية السامية يأخذ في الإنحدار نحو التنازلات وبتوجيهات سياسية داخلية وخارجية . ولست هنا معيبا عليه هذا , ولكن عتبي أنه كان يزأر غاضبا على كل من كان يطالبه بتنازل بسيط سابقا , ويهدر مخاصما ضد من يحذره إلى خطورة وسائله وضرر وجود ميكروبات عفونة في جسده تسعى لإفساد دمه الوطني النقي . واليوم يقف الحراك أمام تساؤلات يثيرها أبناءه قبل غيرهم .
أين هو اليوم كثورة وطن بمليونياته الهادرة , من وجود الفساد والعمالة في قيادات حراكية وشخصيات جنوبية كان يشمخ بها ؟. أين الحراك الصادع بدك الفساد وتأسيس دولة العدل والمساواة , من وجود رموز فاسدة من النظام السابق على كرسي السلطة اليوم ؟ أين هو من تردي الخدمات وكثرة التقطعات وتفشي القتل والنهب ؟.
أين الحراك من مشروع لم الشمل ورص الصف الجنوبي بكافة أطيافه ؟, أين تطبيق مقولة الجنوب يسعنا جميعا ؟. لماذا أصبح يتسع لأبناء حزب المخلوع حكاما ومسئولين فيه بكل أريحية ؟, ولا يجد ركنا أمنا هادئا فيه أبن الإصلاح الجنوبي .
لماذا الصمت أمام كبائر الفساد والعمالة ؟ بينما كان يرعد معارضة ويمطر اعتصاما أمام صغائر حدثت حيث يتواجد المسئول الإصلاحي في حكومة مابعد ثورة فبراير . حقيقة الأمر , لقد كان الحراك مسيرا بقيادة غير مخلصة , وكان أبناءه يندفعون وراءها دون تفكر .
اليوم سحبت هذه الآيادي أظافرها وأبقت كفها تطبطب عليه كلما تحرك عضو منه معارضا ضد فعل لا إنساني أو محتجا على تصرف غير أخلاقي يقوم به أهل النهش واللطش الجنوبي في لحم الجنوب وخيراته . اليوم لا حجة لهم في الوضع المتهالك , فمن كانوا يحملونه تبعات الفساد لم يعد موجودا في المشهد , وخاصة تجمع الإصلاح والجندي الشمالي والموظف الدحباشي . كل ما هو في الجنوب اليوم كوادر جنوبية , قيادات حراكية ومؤتمرية تدير كل صغيرة وكبيرة في البلاد . اليوم من يبسط على الأرض والمباني , ومن ينهب المال العام ويفرض الجبايات ويقطع الطرقات ويحجز وسائل الخدمات , ومن بالقوة يطلب ثمن مواقفه الهشة ضد المعتدين , ومن يحيك المؤامرات ويصفي بعضه بعضا . كل ذلك وغيره جنوبي التنفيذ والمنشأ . الحراك الجماهيري مطالب اليوم بالعودة بقوة لتصحيح الأمور , وليثبت أنه تأسس لغاية سامية وهدف عظيم ولم يكن مجرد وسيلة استغلها عدو الوطن وقام بتوجيهها لدك خصومه .
إن ما يحدث اليوم في عدن ومحافظات الجنوب هو مخطط مرسوم , تنفذه أذرع أخطبوطية ترتبط بعقل واحد . شق منها يبني واخر يهدم , وطرف ينبع وطنية وأخر يقطر عصبية , هذا يفجر وذاك يستنكر . هم من أطلق ناقة البسوس , وهم من ساعد كليبا ليطغى على العباد , وهم من أطلق سهم جساس , وهم من عالج إدمان المهلهل لينطلق في حرب دموية فرقت وشتت وأهلكت ودمرت قلوبا وشعبا وأرواحا ووطنا . لقد بانت الحقيقة ولكن هناك من يخادع نفسه بغير ذلك , بينما سوط الواقع المرير يجلده كل يوم لعله يفيق من غفلته , قبل أن تقطع جهينة قول كل خطيب .