بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية بسبب موقف ترامب وهاريس من غزة.. الناخب المسلم أمام خيارين ''كلاهما مُر'' ترامب أم هاربس؟ شارك في توقع من سيفوز برئاسة أميركا بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن الانتخابات الأمريكية.. النتائج النهائية قد تستغرق أياماً للإعلان عنها وهذا ما يحتاجه المرشح من أصوات المجمع الإنتخابي ليصبح رئيساً جلسة لمجلس الأمن اليوم بشأن اليمن تناقش نظام العقوبات التي تنتهي منتصف هذا الشهر
قبيل مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي انتهى مطلع عام 2014 ارتفعت الأصوات في صنعاء للمطالبة بعدم قبول الحوثيين للمشاركة في المؤتمر، إلا إذا سلموا أسلحتهم، على أساس أن مؤتمر الحوار يُعقد بين قوى مدنية وأحزاب ومكونات سياسية، في حين أن الحوثيين لو يكونون – وليسوا حتى هذه اللحظة- حزباً سياسياً، لكن السفير الأمريكي لدى اليمن حينها جيرالد فايرستاين، ضغط باتجاه قبول مشاركة الحوثيين في الحوار مع احتفاظهم بأسلحتهم، وهو ما كان.
وقبيل المؤتمر كان البعض يطرح أن 36 مقعداً (خصصت للحوثيين)، من قوام مقاعد الحوار الوطني تعد عدداً كبيراً بالنسبة لجماعة مسلحة، كانت حينها محصورة في بعض مديريات صعدة وحرف سفيان، وليس لها تمثيل نيابي، وحتى عندما كانت ضمن حزب «الحق» كان لها عضوان فقط في البرلمان اليمني، الذي يزيد أعضاؤه على الثلاثمئة عضو. غير أن المنقذ تدخل، وكما ضغط فايرستاين لقبول الحوثيين في الحوار مع احتفاظهم بأسلحتهم، ضغط السفير بقبول عدد كبير من مقاعد الحوار للحوثيين، لتتاح لهم الفرصة فيما بعد للظهور بمظهر الجماعة المدنية، في وقت كانت مليشياتها تلتهم المدن والمديريات شمال صنعاء، حيث اتخذوا مؤتمر الحوار غطاء لتمددهم المليشاوي الذي استمر أثناء انعقاد الحوار، حين انفردوا بالقبائل التي كانت تناوئهم، وفتكوا بالمكونات السياسية والاجتماعية والدينية المخالفة، بدون تدخل من الدولة، حينها، حرصاً على بقائهم ضمن مكونات الحوار.
ومرة كنت أحاور زميلي في مؤتمر الحوار الوطني حسين العزي مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة الحوثي، عن حقيقة شعار «الموت لأمريكا»، فقال: «نحن نقصد «الموت الثقافي» لأمريكا، وليس قتل الأمريكيين»، ليتضح من كلامه أن «الموت الثقافي» للأمريكيين وأن «الموت الحقيقي» لليمنيين!
وفي يوليو 2012 أجريت حواراً مطولاً مع السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين، وأنقل هنا القطعة التالية من الحوار، حيث سألت السيد فايرستاين:
* في الشمال هناك الحوثيون الذين يرفعون شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل». هل تعتقد أنهم جادون في ذلك؟
– (ضاحكا).. جادون في قتلنا؟ لا أعتقد ذلك.
* لا تعتقد ذلك؟
– لا، لا أعتقد ذلك.
* هل تعتبرون الحوثيين إذن أعداءكم، لأنهم يقولون إنكم أعداؤهم؟
– لا، ونحن نقول إن الحوثيين لأسبابهم الخاصة يريدون أن يظهروا بمظهر، أو يتخذوا موقف من يعادي الولايات المتحدة، ونحن لم نكن مطلقا ضد الحوثيين، ولم نوافق مطلقا على أنهم يدعمون الإرهاب، ولم نشارك في أي من الأعمال العسكرية التي كانت ضدهم في السنوات الماضية، والسبب وراء ميلهم للقيام بحملة ضد الولايات المتحدة يعرفونه جيدا.
*لماذا في اعتقادك يرددون شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل» بما أنهم ليسوا جادين في تنفيذ الشعار؟
– أعتقد أنهم لسبب أو لآخر يرون أن الشعار يفيدهم في الحصول على الدعم… انتهى.
لا تزال ضحكة فايرستاين المجلجلة ترن في أذني، حيث قالت ضحكته- بتفصيل- ما أشار إليه – بإجمال- في حواره. ضحكة فايرستاين قالت الذي لم يقله لسانه، قالت إن الحوثي يضحك عليكم أنتم بهذا الشعار، الحوثي يوظفه للاستهلاك المحلي، وخداع البسطاء، وهذا كل ما في الأمر. وقبل ذلك بسنوات، وأثناء الحروب الست، كانت واشنطن تعطي نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح أسلحة نوعية لمحاربة الإرهاب، وتشترط عليه عدم إدخالها في الصراع ضد الحوثيين في صعدة، وتفرض عليه تخصيصها للحرب على تنظيم «القاعدة»، على الرغم من هتاف الحوثي كل يوم «الموت لأمريكا».
وقبل أيام أدرجت واشنطن أسماء خصوم للحوثيين، على رأسهم الشيخ السلفي عبده فارع (أبوالعباس)، أحد زعماء المقاومة في تعز، ضمن قوائم داعمي الإرهاب، لكن حوثياً واحداً ليس على هذه القائمة حتى الآن. وقبل ذلك ضغط وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري لكي تصاغ خطة مخالفة تماماً للمرجعيات الدولية بخصوص الصراع في اليمن، وقامت الخطة على أساس تشكيل حكومة أمر واقع في صنعاء، بين الشرعية والانقلاب، مع عدم انسحاب الحوثي من المدن، وعدم تسليم السلاح، إلا في مراحل مقبلة بإشراف الحكومة التي سيكون الحوثي جزءاً منها، والتي لن تجرده من سلاحه بالتأكيد.
وبالمناسبة، عندما التقى جون كيري وفد الحوثيين في مسقط في نوفمبر 2016، أكد الوفد للوزير الأمريكي ما قاله حسين العزي، من أن الموت المقصود في شعار الحوثيين هو «الموت الثقافي» وحسب، واعتذر الوفد عن الشعار، أو عن إساءة تفسيره، حسب تسريبات جلسات الحوار. أما قبل سنوات فقد كان يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة يعلنها صراحة أن شعار «الموت لأمريكا» مجرد «كلام، فلا أمريكا ماتت ولا إسرائيل». أمريكا- إذن- هي التي جعلت الحوثي بهذا الحجم، وسلاح محاربة الإرهاب الذي سلمته واشنطن لنظام صالح وصل إلى أيدي الحوثيين بعد اجتياحهم صنعاء، وهم اليوم يقتلون به أبناء اليمن.
الحوثيون- بهذه الوضعية- يخدمون واشنطن التي تريد أن تظل المنطقة مشتعلة بإبقاء الجماعات المسلحة والمليشيات تشاغل الأنظمة والدول، لكي تظل هذه المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الذي يساعد في بيع سلاح الشركات الأمريكية، ولكن ليس بالقدر الذي يهدد مصالح واشنطن. حتى إن كانت الرياض حليفة لواشنطن، فإن أمريكا يسرها أن يكون الحوثي قوة على الحدود السعودية لتظل الرياض في حالة من عدم الاستقرار الذي يضمن استمرار إبرام عقود التسلح.
الحوثيون يرفعون الشعار الإيراني «الموت لأمريكا»، وهم يعرفون انهم يقدمون الخدمات الكبرى لواشنطن، تماماً مثل مموليهم في طهران الذين رفعوا الشعار ذاته مع يقينهم بأن أمريكا لن تستهدفهم، ليس لأن إيران قوية، تستطيع مواجهة أي هجوم أمريكي، ولكن لأن أمريكا تحتاج إلى فزاعة طهران في الخليج العربي، للأهداف نفسها، أعني أهداف عدم الاستقرار التي تشعل صفقات السلاح في المنطقة. وبعبارة أخرى: تريد أمريكا أن تكون إيران ووكلاؤها أقوياء بالقدر الذي يهدد مصالح العرب، على ألا تتعاظم قوتها لتهدد مصالح واشنطن. وهذه هي المعادلة الحقيقية التي تحكم علاقات واشنطن وطهران.
الخلاصة: لقد تعرضت شعوب المنطقة لأكبر خدعة في تاريخها المعاصر من قبل الإيرانيين ووكلائهم الذين أوهموا الشعوب بأن عداءهم لأمريكا وإسرائيل، في حين أن عداءهم الحقيقي للعرب دولاً وشعوباً.