مصر تعلن خسارتها 6 مليارات دولار جراء هجمات الحوثيين ضد السفن تحذير البنك الدولي من انزلاق اليمن نحو أزمة إنسانية واقتصادية حادة تقرير أممي يكشف تعزيز قوة الحوثيين نتيجة دعم غير مسبوق تقرير أممي يؤكد تمرد الانتقالي عسكرياً على الشرعية مأرب تحتشد تضامناً مع غزة وتنديدا باستمرار حرب الإبادة الاسرائيلية مباحثات يمنية سعوديه بخصوص إجراءات سير تأشيرات العمرة اجراءات حكومية رادعة ضد محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة حشود هادرة بمحافظة تعز تنديدا بجرائم الابادة والتهجير بقطاع غزة الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي
كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ازداد عدد الجمهوريين الذين يعبّرون علنا عن أنهم، ليس فقط، لن يصوّتوا للرئيس ترامب في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني بل سيختارون المرشح الديمقراطي جو بايدن.
كل واحد من هؤلاء، ومنهم رؤساء ووزراء سابقون، وبعضهم عمل مع الرئيس ترامب نفسه، قدم تبريره الخاص لهذا الخيار، لكن ما أجمع عليه جميعهم هو أن الولايات المتحدة لم يعد بمقدورها تحمل أربع سنوات من حكم رئيس لم يثر أحد قبله ما أثاره من لغط داخلي وخارجي. هذا يصفه بأنه «بلا برنامج» وهذا يقول إنه يشكل «خطرا» على البلاد واستقرارها وهذا يقول إنه «عنصر تقسيم» للمجتمع فيما ذهب بعضهم حد الشعور بـ«الخجل» لأنه صوّت له في انتخابات 2016.
لا فائدة في الاغراق في سرد أسماء هؤلاء ومكانتهم على صعيد ولاياتهم أو على الصعيد الفيدرالي، وما وزنهم الفعلي في الرأي العام الأمريكي أو في نوايا التصويت، فهذا شأن أمريكي معقد لا يهم حقيقة إلا من يعيش هناك وتتأثر حياته اليومية ببقاء ترامب أو قدوم بايدن. ما يهمنا نحن كعرب شيء آخر مختلف تماما.
أمران لا بد من التمييز بينهما من الآن بالنسبة لنا: أهمية ذهاب ترامب شيء، والتفاؤل بقدوم بايدن شيء آخر مختلف تماما.
الأكيد أن لا رئيس أمريكيا «نجح» في إهانة العرب واستفزازهم أكثر من ترامب، وما من رئيس غيره أبدى هذا القدر من الاستخفاف بهم، بل وبأقرب الحلفاء من قادتهم، فهو لم يبد تجاههم الحد الأدنى من الاحترام حين تعمّد إهانتهم وتسخيفهم في أكثر من مناسبة، غير مراع بالمرة حتى لصورتهم المهزوزة أصلا أمام شعوبهم بعد أن قدموا له كل غال ونفيس. أما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فما من رئيس ذهب في عدائه لها ما ذهب إليه ترامب. لقد تجاوز حتى «قواعد» هذا العداء التقليدي والمتعارف عليه رغم تعاقب الرؤساء، جمهورييهم وديمقراطييهم على حد سواء.
أما في ما يخص بايدن فلا بد من عقلنة أي استبشار باحتمال قدومه ومن استحضار، وما بالعهد من قدم، ما أثاره قدوم باراك أوباما مطلع 2009 من تمنيات مبالغ فيها اتضح لاحقا أنها مجرد أوهام خاصة في ضوء ما أطلقه هو نفسه في خطابه الشهير بجامعة القاهرة في يونيو/ حزيران 2009 أي بعد أشهر قليلة من وصوله إلى البيت الأبيض. ورغم مؤشرات الود الذي أبداها بايدن تجاه المسلمين في بلاده وتجاه بقية الأعراق الأخرى، الذين ازدراهم ترامب أكثر من مرة، فإن ذلك لا يخرج عن السياسات المعهودة من الديمقراطيين تجاه التعدد العرقي والديني في بلادهم على عكس ما عرف عن الجمهوريين، وخاصة في السنوات الماضية، من تصاعد في النبرة العنصرية وإعلاء لشأن العرق الأبيض وتفوقه.
ترامب «شطح» بعيدا عن نواميس السياسة الأمريكية وخطوطها الكبرى العريضة التي نادرا ما تتغير بشكل درامي، وكل ما سيفعله بايدن لن يتعدى، في الغالب، إعادة هذه السياسة إلى موقعها الأصلي، خاصة وأن مكانة أمريكا في العالم قد تضررت بشكل كبير.
وقد استشهد بعض السياسيين الأمريكيين بالتصويت الأخير في مجلس الأمن الدولي للإشارة إلى ما باتت عليه واشنطن من عزلة حين لم يصوت إلى جانبها لصالح تمديد حظر الأسلحة على إيران سوى جمهورية الدومينيكان!!
ترامب أدخل السياسة الأمريكية في «مطبّات» لم تعهدها من قبل، بهذه الفجاجة الفاقعة على الأقل، حتى أن بعضهم لم يتردد في الإشارة إلى الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن الذي كان يُعيّر بـ «الجهل» و «الرعونة» على أنه بات «حكيما» و«رصينا» مقارنة بترامب. تجلى ذلك في أكثر من ملف، ما يهمنا منها تحديدا هو إسقاطه لأي رابط، مهما كان واهنا، بين تسوية القضية الفلسطينية وأي مرجعية للقرارات الدولية، وكذلك ابتزازه للدول الخليجية بإذلال لم يسبق له مثيل، فضلا عن دفعه الأخير لمسار التطبيع بين بعض هذه الدول وإسرائيل في مسعى واضح ومفضوح للكسب الانتخابي على حساب أي شيء.
وبعد أن كانت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تسطّرها أجهزة وشخصيات على دراية عميقة بملفات المنطقة المعقدة، أصبح صهره جيرالد كوشنار، محدودُ الاطلاع والكفاءة بشهادة كل من عرفه عن قرب، هو من يحدد ويقرر مصير شعوب بأكملها مع عدد قليل من غلاة المتعصبين المؤدلجين مثل السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان الذي هو على يمين نتياهو نفسه.
لا شك أن مغادرة ترامب للبيت الأبيض ستترك «أيتاما» في منطقتنا قد لا يصمدون كثيرا من بعده، ولكن ما يهم أكثر هو أن هذه المغادرة ستعطي متنفسا معينا لمعالجة عديد الملفات بعيدا عن المزاجية والتقلب ووهم تسيير العالم بتغريدات على «تويتر» كما ستكون متنفسا لأمريكا نفسها لإعادة ترتيبات أوراقها الداخلية والدولية بأكثر رصانة وعقلانية. أما إذا أعيد انتخاب ترامب فلن يزداد السوء الحالي إلا سوءاً على سوء…