طيف الرفاعي , برعم تفتح منذ عامين , قمر في ليلة تمامه , ضحكة تذهب غم المهموم , وبراءة تزيل كدر المغموم . بنت مديرية جردان , طفلة تماثل عسله شفاء , وتسبق ماءه صفاء , وتفوق نسيمه نقاء . يوم الاثنين11/7/2016 , في أيام عيد وفرح لبست أحلى ثيابها , أصلحت خصلة شعرها لتبدو في قمة جمالها . وبكل سعادة طفولية أخذت تشارك أهلها في عرس جماعي لأبناء مديريتها . ولكن هناك نفوسا لا تحتمل الخير والسلام , وتغرس الشر والإجرام , تسارع لوأد الفرحة , واغتيال البراءة . في غمضة عين خطفت يد الحرام الطفلة الصغيرة . وذهب كل قريب وغريب , وكل مخاصم وحبيب يبحثون عنها , وبعد 10 أيام عجاف , وُجِدت " طيف " مقتولة .
يا أيها المجرم الجبان .. إن كان الدافع خصومة خاصة أو تنازعا عاما , وبلغ حجم حقك فيها أعلى مستواه , فذلك لا يبيح لك مطلقا أن تجعل من ذلك الوجه البريء وسيلة لشفاء غيظك وحقدك . يا أيها القاتل الحقير .. كيف طاوعتك نفسك على خطفها ؟ , هل أغمضت عينك حين قتلتها ؟ . ويحك ! كيف ستنظر إلى وجهك في المرأة كل يوم ؟ , ويلك ! بأي وجه ستلقى رب الناس غدا ؟ . لقد ماتت فيك كل ذرة من الإنسانية والرجولة .
وقبل " طيف " كم أطفال كانوا محل انتقام الخصوم , ولحق بهم الأذى , قتلا وخطفا وتعذيبا , لأسباب مختلفة . قبلية , سياسية , تجارية , ثارات وانتقامات وتصفية حسابات , وغيرها من حجج العنف اللا أخلاقي ولا إنساني . وبعيدا عن الخلافات السياسية , والمشاكل القبلية , والنزاعات المختلفة , لماذا لا تجتمع الأمة لتأخذ عهدا على نفسها . أن لا يكون الطفل محل هذه الأفعال الشنيعة , وأن لا يمس له بدن ولا تروع له نفس في أي خصومة أو مقاضاة . ومن يفعل ذلك فليس له ولاية ولا حماية ولا رعاية , حتى ينال القصاص العادل . هكذا يجب أن يكون الناس جميعا في مواجهة قضايا المصالح الخاصة والعامة , وما يترتب عليها من حفظ وحماية للكليات الخمس . لا يكفي أن نتأثر ساعات ونتعاطف أياما , بل يجب أن يكون لنا موقف فعلي حاسم صادق تجاه هذه الظاهرة وغيرها من أعمال التخريب القبيحة , كي يتحقق لنا مجتمع متكاتف , ينطلق أبناءه بكل قوة لمحو كل شر وضر , دون النظر إلى وجه هذا ونسب ذاك . فهل من مجيب ؟.
ـ صبرا واحتسابا آل الرفاعي . لا تجعلوا اليأس يسيطر عليكم , قاوموا هواجس النفس وهمزات الشيطان , رددوا : " إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون , لا حول ولا قوة إلا بالله , حسبنا الله ونعم الوكيل " . ولينتقم الله من كل ظالم معتد أثيم .
طيف أحبها المولى , ومن حبه لها حفظها عنده في الدرجات العُلا , فاجتهدوا ـ صبرا وطاعة ـ على أن تلحقوا بها , فهي تنتظركم بشوق لتأخذوا بيدها نحو الفردوس الأعلى .