من أجل الحصول على صك الوطنية وولاء الانتماء يطالبنا البعض بمغادرة قصر الإصلاح وترك دربه وفراق منهاجه , وسرعة التحول لمنزل غيره .. ولا يهمهم كثيرا تبيان ماهية هذا المنزل الآخر ونوعية سكانه , هدفهم فقط خروجنا من تجمع الإصلاح اليمني الشمالي .. هكذا يخاطبوننا , وكأننا أجساد بلا روح ولا قلوب , وأبدان بلا عقول ولا إرادة .
الأمر ـ أيها الأحبة ـ ليس متعلقا بعنوان ولافتة , ولا بألقاب ورتب , ولا برجال وأموال , ولا بحسب ونسب , ولا بمصالح ومراكز , ولا بعصبية ومناطق .. كل هذا وغيره لم يكن يوما دافعا لنا للسير في ركب تجمعنا , ولم يكن معياراً لحبنا أو كرهنا له , ولم يكن مقياسا لبقاءنا أو خروجنا منه .. الأمر عندنا أسمى وأكبر مما هو عندكم وفوق ما تظنون .. الأمر عندنا إيمان عميق برسالتنا وفكرنا , وثقة كاملة بمنهاجنا ومبادئنا , وعمل متواصل بوسائلنا وأهدافنا , وفهم دقيق بطريقنا وقدراتنا , وإخلاص صادق لأصولنا وبيعتنا , وحب ثابت لإخواننا وممن حولنا , وفخر متواضع بتاريخنا ومنجزاتنا , وطاعة متعبدة لغايتنا وقدوتنا , وسعي متجدد لسبيلنا وأسمى آمانينا .. ولتعلموا أننا في شمال أو جنوب , في وحدة أو إنفصال , في يسر أو عسر , في ظل لافتة سياسية أو بدونها , سنظل دائما دعاة خير وهدى , ومنبع حب وإخاء , وشركاء تنمية وبناء , وأهل بر ووفاء , ورواد سلام وعطاء , نتعبد بذلك الله وحده ولا نخشى سواه .
وكغيره من كيانات الوطن ورجاله لم يقصر الإصلاح في واجبه تجاه دينه وشعبه ووطنه وأمته , جهاداً وبناء ومواطنة .. وتعرض لانتقام الحوثي والمخلوع أكثر من غيره , في بيوته ومقراته ومؤسساته وفي رجاله سجنا وقتلا .. وربما يبقى مخطط الإبتلاء المرسوم مستمراً تجاهه لما بعد مرحلة الحوثي والمخلوع .
فعلى ماذا كل هذا البغض والإقصاء لنا ؟ ولمصلحة من هذا الهجوم الظالم علينا ؟ ألم يآن للرجال العاقلة الحكيمة في بنيانكم أن تبين لكم الحق وتوضح لكم الصورة الصحيحة ـ لا المزيفة ـ عما يدور في البلاد وما يراد بها .. الإخوان تحت أي مسمى وفوق أي تراب ليسوا عدوكم اللدود , ولكن من يدير الدفة نحو الشحناء هو خصمكم الفاجر الغادر .
وأثق أن رجال المبدأ وهامات الحق وقلوب الصدق في كل مكون سياسي وجماهيري وتجمع وطني يفهمون ذلك ولن يطول صمتهم تجاه ما يجري من قلب للحقائق وتزوير للمواقف , وتمجيد وقبول للفاسدين السابقين الخونة على حساب شرفاء الوطن من كل توجه وكيان .
وأثق أن ما نحن عليه من الخير والسكينة والفهم والطمأنينة لم ولن يفهمه مطلقا نشطاء الترحال المستمر من حي سياسي إلى مخيم جماهيري , ولن يدركه أبدا مناضلو التجوال السريع من فنادق المصالح إلى شقق المنافع , وحتما لن يرضى به لنا قادة الانتقال المفاجئ من أضواء المنصات إلى بهرجة القنوات .
فلكل هذا الصنف وأتباعهم : كفوا عنا دعواكم الباطلة وعداءكم الصارخ لنا ظلما وبهتانا , ولا تقذفونا بما ليس فينا ولا تتهمونا بما لا يليق بنا . ولئن لم تقفوا مع أنفسكم في مراجعة صادقة لكل ممارسات التشويه والإقصاء والتخوين , فلتشتروا لأنفسكم مرايا ولتنظروا بتجرد وتمعن فيها , عندها سيتبين لكم .. من هم أقبح منهجا وأخزى سبيلا .