الموقف الروسي من الحرب على غزة
بقلم/ سلطان مشعل
نشر منذ: سنة و 3 أسابيع و يوم واحد
الأحد 03 ديسمبر-كانون الأول 2023 06:25 م
  

قبل الشروع في الحكم على الموقف الروسي من حرب غزة الأخيرة فإنه لابد قبل ذلك من النظر إلى تاريخ روسيا ومواقفها من العرب والكيان الصهيوني على امتداد قرن من الزمن وزيادة لتتبع تلك المواقف والاستئناس بها للوصول إلى كنه الموقف الروسي الحالي تجاه حرب غزة والذي تكتنفه الضبابية ويوفر بيئة للتفسيرات والتأويلات المختلفة .

 لذلك فالتاريخ الروسي ومن خلال التموضعات التي مرت بها روسيا يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل رئيسة كما هو آت :

1- المرحلة الأولى : 

والتي يمتد تاريخها من مطلع القرن العشرين إلى نهاية الحرب العالمية الثانية والتي انتهت في العام 1950م

وتلك المرحلة تعتبر مرحلة التحالف الروسي مع الغرب والتي ولد أثنائها وعد بلفور في العام 1917م بتواطؤ وتنسيق غربي روسي وبمباركة الكنيسة بموسكو - في الوقت الذي كانت فيه الكنائس الغربية معترضة على ذلك المشروع - وقد تُوجت تلك المرحلة بقيام ما يسمى ب ( دولة إسرائيل ) على الأراضي الفلسطينية وكانت روسيا أول دولة بالعالم تعترف بتلك ( الدولة ) اللقيطة في العام 1949م 

2 - المرحلة الثانية :

 وهي مرحلة الحرب الباردة والممتدة بين العامين 1950م و 1990م وتعتبر تلك المرحلة مرحلة العداء والخصومة بين روسيا ممثلة بالاتحاد السوفياتي من جهة وبين الغرب عموما من جهة أخرى وقد شهدت هذه المرحلة خذلان الروس لحلفائهم العرب في جميع حروبهم ضد الكيان الصهيوني بداية من العدوان الثلاثي 1956م مرورا بحروب 1967م و1973م و 1982م يضاف لذلك خذلان الروس للقذافي أثناء تعرضه لضربات أمريكية في العام 1986م وتخليهم عن بغداد أثناء الحرب الإيرانية على العراق ما بين عامي 1980م و1988م .

3 - المرحلة الثالثة : 

 مرحلة التفكك والسقوط ووراثة روسيا للتركة السوفياتية وتلك المرحلة ممتدة من العام 1990م إلى يومنا هذا .

هذه المرحلة اتسمت ببيع الكرملين للموقف الروسي في مجلس الأمن وخاصة عندما تتعلق القرارات بالعرب والكيان الصهيوني كماحصل ذلك أثناء ضرب العراق وحصاره من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في تسعينيات القرن الماضي وتكرر ذلك في العام 2003م عندما قررت الولايات المتحدة وبريطانيا غزو العراق وتدميره واحتلاله 

 أما عندما أصبح الدور التدميري والاحتلالي على سورية في العام 2012م فقد كان التواطؤ أمريكيا غربيا مقابل غزو روسي لسورية لتحقيق نفس الأهداف التي سعت الولايات المتحدة لتحقيقها بغزوها للعراق .

ثم أتت طوفان الأقصى وما تلتها من حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل

والتي أتت في ذروة التصعيد والتوتر بين روسيا والغرب بخصوص أوكرانيا والتي كان مواتيا لروسيا استغلال تلك الفرصة الذهبية عسكريا وتحقيق أهدافها هناك نظرا لانشغال الغرب بالشرق الأوسط لكنها لم تفعل والذي حصل كان العكس تماما حيث خفٌضت روسيا أعمالها العسكرية بأوكرانيا ومن ثم بدا موقفها باردا وباهتا وضبابيا من حرب غزة ذلك الموقف تجلى في مجلس وفي تصريحات بوتين ووزير خارجيته وكذلك أثناء زيارة وفد من قيادة حماس إلى موسكو .

 الخلاصة :

 بالإشارة لماسبق فإنه لايمكننا القول بأن هنالك موقفا روسيا بالمعنى الأصح في الاتجاه الإيجابي مطلقا من حرب الإبادة الصهيوغربية التي تشن ضد الشعب الفلسطيني

وبصريح العبارة فإنه لا يمكن اعتبار تمتمات بوتين بموسكو ومناكفاته بمجلس الأمن لا يمكن اعتبارها موقفا روسيا إيجابيا البتة 

 وأنه من خلال تتبع المواقف الروسية تاريخيا تجاه العرب والكيان الصهيوني يمكن القول أن ثمة صفقات ومقايضات جرت وتجري تحت الطاولة بين الروس والأمريكان دفعت الروس للتراجع وعدم استغلال الظرف لصالحهم بأوكرانيا وبعدم تقديم موقف إيجابي وواضح لصالح العرب بخصوص ما يحدث من حرب إبادة يشنها الكيان الصهيوغربي على أهل فلسطين 

 بل وليس فضولا القول" أن حليمة قد عادت لعادتها القديمة" .